وهْجُ نار
“اسألوا عن حبايبكم، مش كل الناس موجودة بكرة” !
نشرت
قبل 4 دقائقفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
قد لا يعرف بعض أبناء جيل “حوماني” ومثيلاتها من أغاني الثوار الاشاوس الذين فتحوا مكّة والحجاز وأرض نجد وشرّدوا التتار والوندال…أقول قد لا يعرف جهابذة الفنّ السوقي الذي نسمعه اليوم الفنان علاء عبد الخالق، وقد لا يعرفون حتى رفيق دربه الذي بكاه طويلا حميد الشاعري…

الفنان علاء عبد الخالق توفي منذ أسبوع تاركا وراءه حزنا ولوعة في قلوب كل من عرفوه وعاشروه وعرفوا فنّه وإن لم يكن في حجم العباقرة الذين سبقوه…علاء عبد الخالق ترك وصية قبل وفاته بسنتين تقريبا على حسابه الخاص فايسبوك يقول فيها: “اسألوا عن حبايبكم، مش كل الناس موجودة بكرة “…نعم هكذا كتب علاء وكأني به أدرك انه لن يكون قريبا من الموجودين “بكرة” وان موعد مغادرته لن يطول انتظاره كثيرا…وجاء “بكرة” ومات علاء…
تعالوا لنلتقي مرّة واحدة في ما نفكّر وما نقول وما نضمر…تعالوا لمرّة واحدة نتّفق في كلمة وجب قولها قبل فوات الأوان…هل نحن شعب يتواصل…يسأل عن بعضه البعض…ويحنّ إلى رؤية بعضه البعض…؟؟ لا وألف ألف لا…هل نحن ذلك الشعب صاحب “وينك” و”شنية أحوالك” و”هالغيبة” و”امتى تطلّ” و”توحشناك” و”ربي يخليك لي يا غالي”…لا سادتي نحن اليوم من الخوارج أولئك الذين خرجوا عن اخلاق دينهم وأمتهم وأهلهم وأجدادهم…نحن شعب دينه الحقد والحسد وإضمار السوء…نحن شعب لا نعترف بنهاية المطاف…بالمغادرة…بلقاء الربّ…بالحساب…
تعالوا نقول حقيقة غفلنا عن قولها خوفا من بعضنا البعض…هربا من كلام هذا وتنمّر الآخر ووشاية هذا وهاتف الآخر وعلاقة هذا بابن شقيق صاحب السلطة، والجالس على كرسي الحكم…وصديق الآمر الناهي وصاحب الظلم المتناهي…هل نحن شعب واحد حقّا كما يقول دستورنا الحالي ومن سبقه من دساتير البلاد؟ لا…نحن أكثر شعوب العرب تشتتا وانقساما رغم وحدة مذهبنا…نحن الشعب الذي يقول في بعضه البعض ما لم يقله اليهود في محمّد عليه الصلاة والسلام، حتى وإن كان بعضنا يعاني سكرات الموت الأخيرة…
ولحظة سماعنا بوفاته ننزع عنه جبّة الوسخ والقذارة التي أغرقناه فيها طوال حياته بما أشعناه عنه وفيه وكتبناه عنه، واتهمناه به، لنجعل منه هكذا بين آخر ثواني الحياة ولحظة الموت الرجل الطيب والانسان الذي ترك اثرا لن يمّحي، ونقرأ عليه سورة الفاتحة ألف مرّة ومرّة مع فاصل موسيقي راقص، ونبكي طويلا امام قبره ونحضن اطفاله ونحن نصرخ وجعا على فراقه وعيننا الحولاء “الوسخة” تنظر رغبة لأرملته التي لا تزال فارعة الطول وممشوقة القوام، وقد نصبح شعراء بعد موته فنقول فيه ما قاله أبو نواس في الخمرة…ولا تستغربوا بعضنا إن شربوا كاس نبيذ على نخب موته…
ما أكذبنا وما اقذر ما نفعله …هكذا نحن ولأنه يعرف أن كل العرب سواسية في أحقادهم وما يضمرون… أراد علاء عبد الخالق أن يترك وصيّة لنا جميعا، فهو يعلم أن كل العرب يكرهون كل العرب وأن أمّة العرب يتمنون الشرّ لكل العرب…وأن أمة العرب هي امة الحقد والحسد…علاء قال “اسألوا عن حبايبكم، مش كل الناس موجودة بكرة” وكان أول من غابوا صباح “بكرة”…
نحن في تونس ذاكرتنا قصيرة إلى ابعد حد…بورقيبة مات رحمه الله ولم نتعّظ…ولم نسأل عن “حبايبنا” كما أوصانا علاء… لكن بورقيبة ترك من بكاه طويلا وخلّد ذكراه…مزالي مات رحمه الله ولم نقرأ الدرس…ولم نسأل عن “حبايبنا” كما أوصانا علاء… لكن مزالي أيضا ترك من بكاه وخلّد البعض من ذكراه…بن علي مات رحمه الله ولم نتعّظ…ولم نسأل عن “حبايبنا” كما أوصانا علاء…لكن بن علي أيضا ترك من بكاه ومن يذكره إلى يومنا هذا وخلّد ذكراه…أتدرون ان بعض هذا الشعب اليوم يتمنى الموت لبعضه الآخر…أتدرون اليوم ان بعضنا يتمنى ذبح البعض الآخر من الوريد إلى الوريد…أتدرون لماذا؟ لا شيء بيننا…فقط حقدنا على بعضنا البعض… وحقدنا لماذا يا ترى؟؟ لا شيء غير “السياسة” عليها اللعنة…
فالسياسة هي العاهرة التي أغوت كل الإخوة وراودتهم فانقلبوا على بعضهم البعض…هي التي اغوتنا وأغرتنا بالكرسي…الكرسي الذي يتآكل كل ما كثر وطال ظلم الجالسين عليه…لا شيء غير الكرسي عليه اللعنة…لا شيء غير المصالح الضيقة عليها اللعنة…أي نعم عليهم جميعا اللعنة…ونحن أيضا نستحق كل لعنة…فنحن اللعنة التي اصابتنا…فهل سنجد نحن غدا من يبكينا حين نفارق…ونحن الذين لم نجد اليوم ونحن على قيد الحياة من يسأل عنّا…ألسنا للبعض حبايب؟ ألسنا للبعض الآخر أقارب…ألسنا للبعض الآخر أصدقاء وطلاب مآرب…
لنعترف ونقًلْ إننا سنرحل غدا… أو بعد غد… أو بعد بعد يوم آخر …نعم سنرحل جميعا… سواء كنّا من الأغنياء او أصحاب الجاه أو من المتسولين…أو حتى الملوك والسلاطين… والرؤساء والأمراء وعباد الله الصالحين…لكن لماذا لم نتوقّف عن الحقد…رغم علمنا بالمغادرة وبالوداع القريب لا يزال بعضنا يؤذي بعضنا…ولا يزال بعضنا يظلم بعضنا…لن يشفع لنا مالنا…وجاهنا…وحاشيتنا…وعسسنا…وجلادنا…وقد لا نجد من يبكينا وينزل دمعة لأجلنا…
سادتي …أو “حبايبنا” كما كتبها علاء عبد الخالق…أتعلمون أن رحلة المغادرة ستكون فردية مهما عرفت من أصدقاء ومهما جالست من أصحاب سلطة وجاه…مهما ازدحم حولك الناس…غدا ستقف وحيدا أمام الخالق…هل تعلم بكل ذلك…؟؟ إن كنت تعلم فلم ظلمت…ولم وشيت…ولم أخطأت في حق الناس…ولم شمتّ… ولم أغضبت…ولم اعتديت…ولم اتهمت زورا…ولم شهدت زورا…ولم أبكيت…ولم أحبطت…ولم خذلت…ولم أوجعت؟؟؟
لماذا نبحث دائما عن أخطاء بعضنا البعض ونحن من أخطأ أكثر…لمَاذا لمْ نلتمس الأعذار لبعضنا ونحن من يطلب التماس الأعذار؟ لماذا نصرّ إلى يومنا هذا أن البقاء للأقوى فنأتي ما يفعله الأقوياء والجبابرة…أليس البقاء الحقيقي للألطف…للأحنّ… للخيّر… لمن هو أحسن عملا وأجمل أثرا…أليس البقاء لمن صنع خيرا ولم يحقد ولم يفتن ولم يكذب…؟ أليس البقاء لمن يملك مشاعر الإنسانية ويعامل الناس بها…أليس البقاء لمن يبتسم في وجه الناس ويخدم الناس ويرأف بحال الناس …لماذا إذن البقاء للأقوى وجميعنا مغادرون؟ فمن يا ترى سيبقى في ذاكرة الناس وقلوبهم…الظالم أم المظلوم…الكاذب أو الصادق…الجلاد أو الضحية…الخائن أم الوفي؟؟
لماذا حين نمتلك القدرة على فعل الخير لا نفعل الخير…؟؟ ولماذا حين يعطينا الله القدرة على نفع الناس، لا ننفعهم؟؟ ولماذا حين يمكننا من إعادة الأمل وابعاد اليأس والإحسان للناس لا نبادر بفعل ذلك؟؟ في الخلاصة…نحن شعب لا يريد أن يترك أثرا جميلا…ولا يريد ان يسعد من يحب ولو كان بابتسامة…نحن شعب لا يؤمن بالعطاء…بالودّ…ولا يؤمن حتى بالمنع عند الحاجة…فالمنع عطاء أيضا…فستر عيوب الناس واسرارهم عطاء…وكفّ اللسان عن الناس عطاء…وكتمان الغضب عن الناس عطاء…أتدرون ما قاله الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه؟ قال: إِنّ القُلوبَ إذا تنافر ودُّها شِبْهُ الزُجَاجَة ِ كسْرُها لا يُشْعَبُ…يا هؤلاء؟؟؟ “الدنيا فيها الموت…الدنيا فيها الموت”…
تصفح أيضا

تونس اليوم ومنذ 14 جانفي 2011 تئن تحت وطأة ثقل أجسام أغلب ساستها ومن اختاروهم شركاء معهم في الحكم …فوضع بلادنا ليس في حاجة إلى إعلامي ومحلّل جهبذ وقارئ فذّ وعقل نادر لقراءة ما وصلنا إليه من خلل وانكسار...

تونس اليوم كذلك الملاكم الذي يتهاوى وهو يتلقى اللكمات والضربات دون انقطاع…هذا حالنا اليوم مع من خرجوا علينا تحت عنوان قادة المرحلة وأصحاب البدائل…تونس اليوم تئن…وتترنح…وتتمايل وجعا مما فعله بها ساستها…وبدائلهم الغريبة العجيبة منذ أن جعلوا من سكير حرق نفسه رمزا لمستقبل شباب البلاد …ساستنا الذين صدموا بواقع حكم لم يألفوه ولم يتصوروه بتلك الصعوبة هم سبب مصائبها…هؤلاء وببساطة لم يأتونا ببدائل ولا هم يحزنون…هؤلاء وببساطة تصرفوا مع شؤون البلاد كغنيمة تم الاستحواذ عليها ووجب الاستئثار بأكبر جزء منها قبل فوات الأوان…وقبل أن يخسروا كراسيهم في أول استحقاق انتخابي…
فهؤلاء الذين يعتبرهم بعضنا ساسة لا علاقة لهم بالسياسة ولا هم لها وبها يفقهون…هم أقرب إلى الانتهازيين…بل هم كذلك وأكثر…هؤلاء فقدوا أدنى درجات الحياء والخجل…وسيخجل من ذكرهم التاريخ… هؤلاء لم يعرفوا معاناة الشعب… ولم يعيشوا ولو بعضا من آلام أفراد هذا الشعب… لا يمكن بأي حال اعتبار هؤلاء من الساسة والقادة …فهؤلاء أقرب إلى “المجموعات” التي تتفق على أهداف تعمل على تحقيقها بكل الطرق، دون أدنى خجل ودون أدنى رادع من ضمير قد يغرق في سبات عميق…هؤلاء لا همّ لهم غير ما يمكن أن يستحوذوا عليه من غنائم …ولا همّ لهم غير الوصول إلى كراسي الحكم لـــ”شرعنة” ما يفعلون….
لا بد من الاعتراف أننا نحن ولا أحد غيرنا يتحمل مسؤولية ما وصلت إليه البلاد…فباختيارنا لهم وتصديقنا لوعودهم ساهمنا دون أن نقصد في هذا الخراب الذي شهدته البلاد….وساعدنا هؤلاء على “الاستحواذ” على مقدّرات البلاد سياسيا واقتصاديا بصمتنا على من أصبح شريكا بأكثر من النصف في حكم البلاد، يفعل ما يريد متى يريد وكما يريد ولم نتفطّن أنه هو سبب ما حلّ بالبلاد والعباد …لذلك فنحن اليوم في حاجة أكيدة إلى الوعي الكامل بأهمية المرحلة وخطورتها والحرص على اختيار الأقدر في عملية تأثيث المرحلة القادمة…نحن في حاجة إلى وعي مجرّد من العواطف الحزبية والعقائدية والإيديولوجية والمنظماتية…والأهمّ وعي أعمق وأقدر على قراءة ما يجب الإتيان به في مرحلة قد تكون الأخطر في تاريخ تونس…فنحن وأعي ما أقول… نحن ودون أن نقصد، ساهمنا في “صنع” خراب الأمس الذي يؤلمنا اليوم وقد يؤلمنا غدا إن واصلنا التعويل على من كانوا جزءا من الخراب بعنوان الشراكة الكاملة في الحكم…
وهْجُ نار
في يوم العيد… تعالوا نذبح الحقد من الوريد إلى الوريد !
نشرت
قبل أسبوعينفي
27 يونيو 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
أعلمنا مفتي الديار التونسية جازاه الله عنّا ألف خير، أننا سنحتفل غدا بعيد الاضحى…والعيد في مفهومه الشامل هو فرح والتقاء الجميع بالجميع…وسعادة الجميع مع الجميع…وضحك الجميع في وجه الجميع…وقد يحتضن الجميع الجميع في بعض البلدان والمجاميع…فهل نحن غدا سنكون كذلك… وسنسعد بالعيد…وسنفرح بالعيد…فهل يكفي أن نذبح خروفا لنسعد بالعيد؟ أم هل يكفي ان يقول مولانا مفتي الديار إنه العيد لنسعد بالعيد...

السعادة والفرح هما لقاء…وبهجة تغمر كل الاسر والعائلات…بهجة لا تستثني غائبا…ولا مريضا…ولا قريبا ولا بعيدا…بهجة نذكر فيها من ماتوا منّا ومن تركونا…نذكر خصالهم …نذكر أفعالهم…وندعو لهم بالرحمة والمغفرة…فهل العيد مجرّد ذبح خروف والاستمتاع بلحمه كما يعيش اغلبنا، أم هو التقاء الحاضر بالغائب وعودة لمشاعر الحبّ والمودة والرحمة لمنازل قد تغيب عنها السعادة وقد يهجرها الفرح لأشهر أو حتى أعوام.؟؟؟ وهل العيد مجرّد خطبة صلاة نستمع فيها إلى ما ينصحنا به الإمام ثم نخرج لا نلقى التحية على جارنا أو حتى على أحد افراد عائلتنا، أم هو تحابب وإخاء ومودّة وإبادة شاملة لمشاعر الحقد والكراهية؟؟
شخصيا أعتبر الأعياد أعياد حبّ فالعيد فرحة…والفرحة حبّ…والعيد فرصة لا تعاد ليجمعنا الحب جميعا…فعيد دون حبّ لا يمكن اعتباره عيدا…فالحبّ هو الذي يجمعنا…فلولا حبّنا لبعضنا البعض وشوقنا لبعضنا البعض لما اجتمعنا في اعيادنا نسعد معا ونفرح سويا، لذلك فكل أعيادنا هي حبّ ودونه لا شيء، هي فقط مراسم وطقوس…أنا لست مع الذين يجعلون يوما خاصا للحب يسمونه عيد الحبّ…فالحياة لا تستقيم دون حبّ فحين يغيب الحبّ تحضر الأحقاد والضغائن والكراهية…وهذا ما نعيشه اليوم ومنذ سنوات خلت…فكيف تسمون غدا عيدا وبعضنا يحقد على بعضنا…وبعضنا يتربّص ببعضنا، وبعضنا يسيء لبعضنا…وبعضنا لا يريد خيرا لبعضنا، وبعضنا يتآمر على بعضنا، وبعضنا يقطع الطريق امام بعضنا، وبعضنا يجتثّ بعضنا، وبعضنا يلفّق التهم لبعضنا، وبعضنا يعرقل عمل بعضنا؟
اسأل كيف يكون غدنا عيدا وبعضنا فقد بعضه بحرا هاربا من وطن لم يجد له مكانا فيه…؟ كيف يكون غدنا عيدا وبعضنا من فقره لن يذبح لأبنائه خروفا …وبعضنا الآخر يغلق باب منزله حتى لا يعلم الجيران انه لم ولن يذبح لقلّة ذات يده؟ كيف يكون غدنا عيدا وبعضنا أطرد من عمله فقط لأنه يختلف سياسيا مع المنظومة الحاكمة؟ كيف يكون غدنا عيدا وبعضنا لا يمكنه العودة إلى وطنه فقط لأنه اغضب بعض من هم حول “السلطان” والسلطان لا يعلم…؟ كيف يكون غدنا عيدا وبعضهم أحيلوا على التقاعد الوجوبي وهو في عزّ حماسهم للعمل وخدمة الوطن وأهل الوطن؟ كيف يكون غدنا عيدا وبعض مؤسساتنا تتعامل مع موظفيها بشعار “العزري اقوى من سيدو”؟ كيف يكون غدنا عيدا والحقد يملأ صدورنا…كيف؟ كيف يكون غدنا عيدا وأغلب شبابنا ينتظر ما وعدناهم به من شغل وكرامة؟ كيف يكون غدنا عيدا وجيوب أغلب سكان الوطن قاحلة لا مال فيها ولا غذاء…ولا حتى دواء؟
تعالوا لنعيد الحبّ في ولأعيادنا…تعالوا ندخل الحبّ كل منازل والبيوت…تعالوا نشعل نور الحبّ في منازل يسودها ظلام الحقد والكراهية…تعالوا نؤكّد للجميع أننا في تونس قادرون على الحبّ …قادرون على العطاء…والحبّ عطاء…والعطاء حبّ…تعالوا لنقول للجميع اننا لسنا أصناما من الصلصال…وان مشاعرنا لا تزال حيّة رغم حجم الأحقاد الذي غزا البلاد…وسكن صدور العباد…تعالوا…نجمع الجميع حول الجميع…حتى السجناء…كيف لا؟ أتدرون أن حاكم ولاية من ولايات بلاد العمّ سام أبقاه الله ذخرا للفقراء والمساكين والايتام، أقول حاكم ولاية من ولايات العمّ سام زوج الماما أمريكا قرر في أحد الأعياد ان يحتفل كل السجناء وعددهم حينها اكثر من أربعين الف سجين من جميع أصناف السجناء …أعود لأقول قرر أن يحتفلوا بأحد الأعياد في منازلهم مع عائلاتهم…يسعدون مع أطفالهم…يفرحون مع زوجاتهم…يلعبون الورق مع جيرانهم ورفاقهم…فقط بسوار الكتروني في أرجلهم يرافقهم أينما ذهبوا حتى غرف نومهم هو يمارسون بعض طقوس الحبّ خلسة…ولم تسجل حالة هروب او خروج عن النظام إلا في اربع حالات تمّ تطويقها بسرعة…أليس هذا حلاّ للجميع ليسعد الجميع…أهم أكثر منّا إنسانية؟ أهم أكثر منّا ايمانا بصلة الرحم؟ فلم هم يفعلون ونحن لا؟
تعالوا نعود كما ولدنا أبرياء…بمناسبة عيد يجمعنا…تعالوا نجعل كل الناس سعداء…وتعالوا نذبح الحقد من الوريد إلى الوريد…ونقول الحبّ أكبر …الحبّ أكبر…ونسعد بالعيد…
وهْجُ نار
رسالة إلى خائن وناكر معروف…
نشرت
قبل 3 أسابيعفي
20 يونيو 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
جاءني أحد أصدقاء الجزء الأول من العهد الذي يسمونه بائدا (اظنّ ان عهدهم هو البائد عكس ما يزعمون) واقصد عهد بورقيبة رحمه الله …أتاني هذا الصديق في حالة تشبه وضع البلاد مع صندوق النكد الدولي والمنظمات المانحة ومؤسسات التصنيف…التقيته في حالة تشبه دولة مطالبة بإصلاحات موجعة للخروج من أزمتها ولا قدرة لها على ذلك خوفا من تبعات ذلك…صاحبي هذا مطالب أيضا بالقيام بإصلاحات موجعة في تسيير شؤون بيته وآل بيته ماديا واجتماعيا، وكأني به لم يفلح…

هذا الصديق جاءني شاكيا باكيا من ظروفه المادية ومن نكران جميل مرتبه له وقطعه لصلة الرحم بينهما…بدأ صديقي في سرد مأساته التي يعيشها كأغلب الناس في زماننا…نسيت ان أقول ان صديقي يعمل موظفا بشركة كان متوسط الدخل قبل 14 جانفي واصبح مصنفا بــــ“C” وهي درجة تعني أن مخاطر التخلف عن السداد عالية للغاية منذ سنتين وأكثر تقريبا… يقول صديقي: “عيد الأضحى على الأبواب…فواتير الكهرباء والماء غير الصالح للشراب والهاتف والأنترنت وبعض الديون المتخلّدة ليس طبعا من صندوق النكد الدولي لكن من صندوق نكد الدنيا كلها تنتظر خلف الباب…والمرتّب الظالم …لا يقبل البقاء شهرا كاملا بصحبتي فيتركني قبل حتى انتصاف الشهر دون حتى وداع ودون اعلام مسبق ودون قبلة وحضن وعناق…ودون ترك رسالة اعتذار تحت الباب…
“مرتبي كجميع مرتبات (الزواولة) خائن ومتآمر ولا يحترم (العشرة) ولا (الماء والملح)…مرتبي نسي كل ما فعلته من أجله…ومن أجل أن ينتفخ ويصل مستويات ما كان يحلم أن يصلها لولا تعبي ومعاناتي وتضحياتي…مرتبي نسي كل الأمراض التي أعانيها بسببه ومن أجله…مرتبي نسي أني عانيته صغيرا وتابعت نموّه حتى أصبح أكبر منّي…وكأني به متزوّج من أربع فلو لم يكن كذلك لماذا يقسم الشهر بين جيبي وبعض الجيوب الأخرى …فمن عانى من أجله؟…ومن سهر الليالي يخدم الوطن والأهل والبلاد ليستكرش هو ويكبر وينتفخ…؟”
سألته: “وماذا تريد مني وأنت تعلم أن حالي لا يختلف كثيرا عنك يا صديقي؟” … قال: “جئتك فقط لتكتب لي رسالة شكوى إلى الخائن وناكر المعروف مرتبي، أنت تعلم أنى أعاني من نقص حاد في النظر ولست قادرا على مسك القلم وكتابة الرسائل” … ضحكت وقلت “رسالة إلى مرتبك؟؟؟ أتظنّ أن مرتّبك سيكترث لحالك وسيقرأ رسالتك وسيرأف بحالك يا (منجوه) كفاك هراء؟” … نظر حوله ثم قال: “أكتب ما سأمليه عليك وافعل ذلك من أجلي أنا صديقك ألست كذلك؟”… قلت: “بلى هات ما عندك يا مجنون”… وبدأ في سرد رسالته فقال: “إلى الطاغية وخائن الأمانة مرتبي عليه اللعنة…” … قاطعته ضاحكا: ” الطاغية …أأصبح مرتبك في نظرك طاغية؟؟”… قال: أكتب ولا تقاطعني حتى أكمل رسالتي ولن أطيل عليك اطمئن … وعاد إلى الإملاء:
“إلى الطاغية وخائن الأمانة مرتبي عليه اللعنة…
أما بعد،
لقد احتضنتك ورعيتك حتى كبرت، وأصبحت قادرا على توفير كل مستلزماتي عيشي وعيش عائلتي، تواعدنا بالوفاء وعدم نكران الجميل وأقسمنا ألا نفترق حتى الموت…فماذا فعلت؟ وكيف تخون الودّ وتهجر جيبي إلى جيوب أخرى…ثم كيف أصبحت بهذا البخل ألم تكن ملازما جيبي حتى آخر الشهر فكيف اليوم تخونني وتهرب إلى جيوب أخرى لم تعان من أجلك ولم تحفظ ودّك…يوم كنت طفلا وقبل الفطام…أأصبحت من اللئام…؟؟ أهكذا تواعدنا؟ أهكذا تخون الأمانة؟ تخيّل أيها الطاغية أنه مكتوب على الظرف حين استلمك “مدّة الصلاحية عشرة أيام بعد فتحه ليس أكثر”… فأين تذهب بقيّة أيام الشهر يا طاغية العصر…؟؟ أهكذا تواعدنا؟ أتعلم أنك تذبحني كل شهر من الوريد إلى الوريد…أين كلامك المعسول وجلستك الرائعة في جيبي وفي جيوب أبنائي قبل 14 جانفي أنسيت تلك الأيام؟…لم تكن في تلك الأيام ضخما وكبيرا ومنتفخا كما أنت اليوم لكنك كنت قادرا على ما لا تقدر عليه اليوم ببطنك المتدلي ومؤخرتك التي تتدحرج خلفك كأنها عربة قطار عائد من الغرب الأمريكي أيام ابراهام لنكولن وبوفالو بيل…؟
أنسيت؟ أنسيت كيف كنت تسمح لي بمبلغ بسيط يوم السبت لشراء كل مستلزمات أسبوع كامل من الخضر والغلال، وأضيف عليه مبلغا آخر لحم ضان ودجاج وأحيانا سمك “القاروص” لكامل الأسبوع؟ أنسيت يا طاغية العصر…أين حبّك وودّك…وايامك الجميلة يا سفّاح؟؟ أتدري أني لم أقدر على شراء كبش عيد هذه السنة لأحفادي يا ابن …يا ابن جيبي…استغفر الله فأنت لست ابن حرام فأنا لا آكل المال الحرام …قل لي اين تذهب بعد العشرة الأوائل من كل شهر…؟ اين تقضي العشرة الأواخر من كل شهر…واين تنام وسط أيام الشهر…يا سفاح العصر…ستقول لي لماذا تلومني ولا تلوم الأسعار التي أصبحت من نار؟ وسأقول لك…
أعرف وأعلم ارتفاع الأسعار، لكن أنسيت أنك أصبحت أضعاف أضعاف ما كنت عليه أيام كنّا سعداء يا كبير الطغاة…أتنكر أن حسين العباسي وبعده الطبوبي وقبلهما جراد رحمه الله نفخوا في جسدك وصنعوا منك فرعونا عملاقا جبّارا طاغية…لا يقدر على المكوث في جيبي يوما واحدا…عليك اللعنة…نفخوا فيك ونسوا أن ينفخوا في قدرتك الشرائية…نفخوا فيك وتركوك تعاني من هشاشة العظام وفقر الدم…نفخوا فيك وغدروا بمن وعدوهم بالتشغيل فأصابتنا لعنة العاطلين والمعطلين الذين استبشروا خيرا بما حدث…أتعلم أنت يا أبا دينار انك اكلت مالا حراما… أكلت مال الايتام والمساكين…المخدوعين…فكيف تقبل بأن تنتفخ إلى ذلك الحدّ على حساب من وعدوهم بالتشغيل والعيش الكريم…يا لئيم…واليوم تغدر بجيوبنا وتهجرها وتغيب ولا نعلم أين تغيب وتذهب يا طاغية…والخوف كل الخوف أن تغيب لأشهر أو لسنوات…وتعتبرنا من الأموات…
في الأخير…عليك اللعنة… “
نظرت إلى صديقي وقلت وأنا أكاد أنفجر من الضحك “هل انتهت الرسالة إلى مرتبك (المغبون) يا مجنون؟؟؟” … قال “نعم وما رأيك؟” قلت: رسالة مجنون إلى مرتّب مطحون…ثم نظرت إليه ضاحكا وأضفت “أتدري بماذا سيردّ عليك مرتبّك إن قرأ رسالتك هذه حقّا؟؟” … قال “بماذا؟؟” … قلت “سيغني لك ما غنته نبيهة كراولي…
“انت اللي جفيت وجبدت روحك مني
طريق السلامه وخاطري متهني
انت اللي جفيت وخاب فيا ظنك
وخسرتني ماعاد نقرب منك
لا جريت لا حاولت نسأل عنك
عن خاطرك ما تهيب دمعه مني…”
قام منتفضا…وقال عليك اللعنة أنت ومرتبي…وغادر …

“اسألوا عن حبايبكم، مش كل الناس موجودة بكرة” !

لابدّ من ترشيد المواقف

قصيدة الأمّـة

اشتية… حكومة الاحتلال الحالية الأكثر إجراما وسنذهب لنموذج جنوب أفريقيا

كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة باختراق مجالها الجوي … وتحذّرها من تكرار ذلك
استطلاع

صن نار
- تدوينـ ... ـارقبل 12 ساعة
لابدّ من ترشيد المواقف
- شعريارقبل 12 ساعة
قصيدة الأمّـة
- صن نارقبل 12 ساعة
اشتية… حكومة الاحتلال الحالية الأكثر إجراما وسنذهب لنموذج جنوب أفريقيا
- صن نارقبل 12 ساعة
كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة باختراق مجالها الجوي … وتحذّرها من تكرار ذلك
- صن نارقبل 12 ساعة
خيمتا حزب الله … تعيدان الجدل حول مناطق لبنانية محتلّة
- صن نارقبل 12 ساعة
إيران ترفض البيان الروسي الخليجي حور الجزر الثلاث
- اجتماعياقبل 12 ساعة
تأزّم الوضع بالابتدائي … اتحاد الشغل في اجتماع طارئ
- جلـ ... منارقبل 13 ساعة
الشعب على الحديدة