تابعنا على

ثقافيا

الأبنودي… كواليس الحب ومفارقات الزواج والحياة

زوجته الإعلامية نهال كمال تستعيد ذكرياتها معه

نشرت

في

الأبنودي

ذات مرة قال أحد الصحافيين منفعلاً لمحمود درويش: أنت أكبر شاعر بالوطن العربي. فرد درويش بهدوء قائلاً: «لا يجوز أن تقول هذا وفي مصر شاعر اسمه عبد الرحمن الأبنودي!».
كان الشاعر الفلسطيني الأشهر موضوعياً ومنصفاً، فالأبنودي الذي رحل عن عالمنا منذ خمس سنوات لا يزال يشكل إحدى الأيقونات الشعرية في العالم العربي، رغم أن كتاباته اتخذت من العامية المصرية المطعمة بروح الجنوب فضاء دائماً. وتعد الأغنيات التي كتبها لكوكبة من أشهر فناني عصره حية في الوجدان المصري والعربي.
ويكشف كتاب «ساكن في سواد النني» الصادر في القاهرة عن دار «ريشة» على لسان الإعلامية نهال كمال، الزوجة الثانية للأبنودي، عن كثير من الأسرار غير المعروفة في مسيرته، تتمثل في كواليس الحب والزواج والمرض والسفر، وعلاقاته بمشاهير عصره

تحكي نهال عن ملابسات اللقاء الأول بينها وبين الأبنودي الذي اشتهر بلقب «الخال» بينما كان يلقب نفسه بـ«شاعر الحفاة والعراة»، فتشير إلى أنها ذهبت على مضض إلى أمسية الأبنودي الأولى حين دعتها ابنة خالتها لحضور أمسية شعرية له في المركز الثقافي الفرنسي بالإسكندرية، وكانت حينذاك طالبة بالسنة الأولى بكلية التجارة بجامعة الإسكندرية. تقول نهال: ترددت في قبول الدعوة لأنني كنت أنتمي في تلك الفترة للغة العربية الفصحى حد التعصب، فقد كنت «عقادية» المذهب، نسبة للكاتب عباس محمود العقاد، وكنت مأخوذة بعبقرياته وكتاباته ومؤلفاته في شتى فروع المعرفة، ولكن في النهاية قبلت على مضض أن أذهب؛ خصوصاً أني كنت أقرأ لصلاح جاهين وفؤاد حداد، ولكن من منظور «عقادي»، وهو أن العامية لا ترقى لمستوى الفصحى. وتضيف: «أعتقد أن سبباً آخر جعلني أذهب، وهو دافع الفضول، لكي أرى شاعر العامية الذي أعرف اسمه من خلال أغنياته ذات الطابع الشعبي التي لاقت نجاحاً كبيراً في ذلك الوقت، وكانت تستوقفني كلماته الجديدة؛ خصوصاً أغنيات محمد رشدي، مثل (قمر إسكندراني)».

وتسترجع نهال كمال ذلك اليوم الذي أعلنت فيه فكرة الزواج من الأبنودي، مشيرة إلى أن الأمر تسبب في صدمة لأهلها، وقوبل الموضوع برفض شديد، فأسرتها كانت تنتظر مستقبلاً لها سينسفه ارتباطها بالأبنودي. وكانت لهم تحفظات كثيرة، منها أن هذا الزواج لن يكتب له النجاح بأي حال من الأحوال، ربما لفارق السن الكبير بينهما، وربما لأنه مطلق. بعد مناقشات استغرقت وقتاً وجهداً مضنياً لإقناعهم رضخوا للأمر، وطلبوا التعرف عليه أولاً قبل إطلاق أي أحكام مسبقة.
وتلفت إلى أن زواجهما شكَّل تحدياً كبيراً لها؛ خصوصاً على المستوى المهني؛ لأنه كان يكتب قصائد «مشاغبة» تصنف ضمن شعر المعارضة، بينما كانت هي مذيعة في التلفزيون الرسمي للبلاد؛ لكن الأمر مر من دون مشكلات.

عادات متناقضة

وتشير نهال كمال إلى أن التناقض كان عنوان زواجهما منذ اللحظة الأولى، فهي كانت تستيقظ مبكراً على عكس الأبنودي الذي يبدأ يومه عصراً وينتهي فجراً، وإذا استلزم الأمر أن يتوجه إلى بعض الأماكن صباحاً لإنجاز مصلحة ما يبقى مستيقظاً ولا ينام إلا بعد رجوعه. أما بالنسبة لاستقبال الضيوف، إذا استمرت الزيارة لوقت متأخر، يعتذر قائلاً: «معلهش فزوجتي مثل سندريلا، لازم تنام قبل الساعة 12». هكذا كان يرفع عنها الحرج بدبلوماسية.
اختلاف مواعيد النوم والاستيقاظ كان مشكلة بسيطة بالنسبة للمشكلة الكبرى وهي التدخين، فقد تربت نهال في بيت لا يعرف التدخين؛ بينما كان الأبنودي مدخناً شرهاً، وصل في آخر الأمر قبل أزمة مرضه الأولى إلى تدخين خمس علب سجائر في اليوم الواحد، وهو معدل مخيف كان لا بد من أن يؤدي إلى النتيجة الحتمية وهي الانهيار المفاجئ،

وقد تجسد هذا في أزمة صحية شديدة استدعت مكوثه 16 يوماً في غرفة الرعاية المركزة بمستشفى قصر العيني الفرنسي بالقاهرة، وكشفت عن مدى شعبيته وجماهيريته في الأوساط الثقافية والسياسية والإعلامية والفنية.

مع محمود درويش

وتتطرق الكاتبة للصداقة التي جمعت زوجها مع الشاعر محمود درويش، قائلة إنها لم تكن نادرة فقط؛ بل كانت استثنائية، فقد ارتبط الاثنان على المستوى الإنساني وعلى مستوى الأفكار والرؤى والقيم والمبادئ. وكانت القضية الفلسطينية همهما القومي الأكبر، والتي اختصها الأبنودي بديوان ملحمي كامل، سماه (الموت على الأسفلت)

وكان الأبنودي قد روى لزوجته ملابسات تعارفه بدرويش في الستينات، حين أتى من روسيا إلى القاهرة لأول مرة، وقد كان يسمع أشعاره عبر إذاعة صوت العرب، فأخذ رقم تليفونه من صديق مشترك بروسيا، واتصل به حين وصوله للقاهرة قائلاً: «أنا محمود درويش»
تشكك عبد الرحمن في الصوت، فبادره متسائلاً: «محمود درويش الشاعر؟» فرد: «أيوة، وأحب أن أراك وأرى القاهرة معك»، وقاما بجولة في القاهرة القديمة، وكانت في صحبتهما الكاتبة صافيناز كاظم.
واستمرت صداقة الشاعرين على فترات متقطعة، ولكنها امتدت من خلال الاتصالات الهاتفية إلى أن دعي درويش إلى أمسية شعرية في معرض القاهرة الدولي للكتاب في أواخر التسعينات. انتهز الأبنودي وجوده فدعاه للعشاء مع مجموعة من الأصدقاء والشعراء الفلسطينيين، وكذلك الفنان عزت العلايلي والفنان محمد رشدي، وكانت هذه المرة الأولى منذ زواجهما التي يقوم فيها بدعوة هذا العدد من الضيوف.
وتشير صاحبة المذكرات إلى أنه في تلك الليلة تحولت الأمسية لمناقشات سياسية حادة، وحدث خلاف في وجهات النظر، فأحس الأبنودي بالتوتر، فعالج الأمر سريعاً قائلاً للفنان محمد رشدي: سمّعنا أغنية (عدوية) يا رشديǃ.

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثقافيا

وفاة الفنان صلاح السعدني… وداعا سليمان غانم!

نشرت

في

توفي اليوم الجمعة الفنان المصري صلاح السعدني. وأعلن نقيب الممثلين المصريين أشرف زكي وفاة الفنان القدير عن عمر ناهز 81 عاما، حسبما ذكرت وسائل إعلام رسمية مصرية.

وابتعد السعدني عن الساحة الفنية خلال السنوات القليلة الماضية.

وُلد صلاح الدين عثمان إبراهيم السعدني عام 1943، وهو الشقيق الأصغر للكاتب الساخر الراحل محمود السعدني.

قدم في بداياته أدوارا صغيرة على المسرح وواكب انطلاق التلفزيون في مصر فشارك في مسلسلات (الضحية) و(الرحيل) و(لا تطفئ الشمس) و(القاهرة والناس) واستمر لاحقا في تقديم المسلسلات التي شكلت الجزء الأبرز من رصيده الفني.

واستمر نجاحه التلفزيوني في حقبتي السبعينات والثمانينات بمسلسلات (أم العروسة) و(قطار منتصف الليل) و(أبنائي الأعزاء.. شكرا) و(الزوجة أول من يعلم)، لكن يظل مسلسل (ليالي الحلمية) بأجزائه المتتالية للمؤلف أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبدالحافظ هو أيقونة مشواره الفني، حيث قدم فيه دور “العمدة سليمان غانم” ليطلق عليه النقاد لاحقا لقب “عمدة الدراما المصرية”.

أكمل القراءة

ثقافيا

بيت الحكمة… احتفاء بعدد من الإصدارات وتنظيم أنشطة فكرية متنوّعة

نشرت

في

من منصف كريمي

يعيش المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” بقرطاج في الفترة الاخيرة على ايقاع عدد من الانشطة ذات الطابع الفكري من خلال عدد من الندوات وسلسلة حوارات ثقافية واحتفاء بعدد من الاصدارات لتتوّج هذه الانشطة بتنظيمه هذا السبت 20 أفريل، يوما تكريميّا للمجمعي والشاعر منصف الوهايبي بمناسبة فوزه بجائزة الشارقة لنقد الشعر وجائزة الشيخ زايد للكتاب.

وفي إطار الأنشطة المشتركة التي تنظّمها الأقسام العلميّة للمجمع على امتداد الموسم الأكاديمي بالتعاون مع الهياكل والمؤسّسات المماثلة والأكاديميات والمعاهد، يعقد قسم الدّراسات الإسلاميّة بالمجمع بالاشتراك مع قسم أصول الدين بالمعهد العالي للحضارة الإسلاميّة والمعهد العالي للعلوم الإسلاميّة بالقيروان وجامعة” أبي القاسم سعد اللّه” وقسم التاريخ بجامعة “عبد الحميد مهري” بقسنطينة الجزائرية ندوة دوليّة بعنوان “مركزيّة القيروان في ترسيم الأشعريّة بالمغرب الإسلامي” وذلك يومي 23 و25 أفريل بمقرّ جامعة الزيتونة.

جدير بالذكر أن قسم العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بالمجمع استضاف الكاتبة فوزية الحشايشي لمناقشة ما ورد في كتابها Humanisme moderne; Nouvelle orientation pour un avenir meilleur الصادر سنة 2022 حيث افتتح اللقاء رئيس القسم الدكتور عبد الحميد هنيّة بتقديم حول مسيرة الكاتبة بوصفها باحثة متخصّصة في اللغة والحضارة الالمانيّة،

أكمل القراءة

ثقافيا

المنستير… النسخة الثانية من مهرجان “Monastir plays jazz”

نشرت

في

من منصف كريمي

بعد نجاحه في تنظيم الدورة الاولى من تظاهرة “المنستير للجاز” ينظّم المعهد العمومي للموسيقى والرقص بالمنستير بمقرّه وبالشراكة مع المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالجهة وبدعم من ادارة الموسيقى والرقص وتحت اشراف وزارة الشؤون الثقافية، فعاليات النسخة الثانية من تظاهرة “المنستير تلعب الجاز” وذلك من 27 أفريل الى 1 ماي القادم.

يفتتح هذا المهرجان بعرض لعلياء سلامي بعنوان”the flat five quintet feat” ليكون الموعد يوم 28 أفريل مع عرض “alchimie” لرفيق الغربي ثم يكون اللقاء يوم 30 أفريل مع عرض”asyme’trie” لسليم عبيد فالاختتام يوم 1 ماي المقبل بعرض”fy beli” لوحيد بجاوي.

ويندرج تنظيم هذا المهرجان حسب الاستاذ سامي الزهاني مدير المعهد العمومي للموسيقى والرقص بالمنستير المنظّم له، في إطار التأسيس لتظاهرات موسيقية جديدة بولاية المنستير وبما يتماهى مع دور المعهد في التكوين على مختلف الألوان الموسيقية وحرصا على ترسيخ ثقافة التسامح و تثمين الحراك السياحي والثقافي بالجهة استعدادا للموسم الصيفي وتقريبا لهذا اللون الموسيقي من محبّيه بالولاية.

أكمل القراءة

صن نار