تابعنا على

ثقافيا

انفجار ميناء بيروت … عصف بالثقافة أيضا

«المورد» و «آفاق» ومبادرات أخرى لتضميد الجراح

نشرت

في

خراب بيروت بعد التفجير

الخسارة الثقافية في بيروت، أصعب وأكبر من أن تحصر في أرقام وأعداد. فقد أودى الانفجار الهائل الذي ضرب العاصمة اللبنانية بعديد من المؤسسات الثقافية، وجعلها خارج الخدمة، وشل بعضها الآخر، بينما أصيب جزء ثالث بأضرار جسيمة، وتحتاج وقتاً لإعادة تأهيلها.


عملية مسح الخسائر في هذه المؤسسات لا تزال في مراحلها الأولى، وتحتاج ما لا يقل عن عشرة أيام أخرى لتشكيل فكرة أولية واضحة. الوقت اليوم لرفع الركام، ولملمة الزجاج، والتأكد من صلاحية المباني، وأنها غير آيلة للسقوط؛ خصوصاً أن عدداً لا يستهان به من أصحاب المهن الإبداعية، اختاروا أبنية قديمة أو تراثية كأمكنة لهم. أحياء الجميزة، ومار مخايل، والكرنتينا، التي تعرضت بشكل كبير للخراب، هي موئل غالبية الغاليريات (أروقة الفنون). هذا الاختيار جاء في الأصل مقصوداً من قبل الفنانين وأصحاب الغاليريات، لاعتبارهم أنها من المناطق التي لا تزال تحافظ على أصالتها.
ما حدث في الرابع من أوت (آب)، قلب المشهد البيروتي في لمح البصر. لحظة واحدة، حصل خلالها ما يعادل سنوات من حرب ضروس. كل المرافق الثقافية طالها الدمار، من متاحف، إلى معارض فنون تشكيلية، ومسارح، وكذلك مكتبات خاصة و مكتبات عمومية، دور نشر، جمعيات، مؤسسات، مطابع، مبانٍ تراثية، لوحات فنية اندثرت، منحوتات تحولت إلى حطام…. لا يوجد مجال ثقافي واحد إلا وهو في حداد، على خسارة مادية أو إصابة أحد أعضائه، أو رحيل زميل في المهنة

الأضرار هائلة في المباني التراثية التي بينها قصور تعود إلى الفترتين العثمانية والفرنسية. يصل عدد المتضرر من هذه العمارات التي صنعت خصوصية بيروت إلى 600 مبنى، ويقدر عدد المهدد منها بالسقوط – بحسب اليونيسكو – بحوالي 60 تحتاج تدحلا عاجلا… من بين المباني التراثية الاستثنائية الأهمية «قصر سرسق» الذي صار بعد آخر ترميم أجمل متاحف العاصمة اللبنانية، لكنه تدمر جزئياً، ومن بين مفقوداته أعمال فنية، منها ما تلف، وبينها ما يحتاج ترميماً.
مسارح عديدة أصيبت هي الأخرى…. الأولوية اليوم لرفع الركام ونفض الغبار، ليتم التمكن من تحديد بقية الأضرار في معدات الصوت والضوء، و تجهيزات كثيرة، وكلها باتت تكلف غالياً. فمن مسرح «مونو» إلى «دوار الشمس» إلى «الجميزة» الذي كان من بين الأكثر تضرراً؛ حيث نشر القيمون عليه صوراً تظهر مدى الخراب الذي حل به. ليس بعيداً عن موقع الانفجار «مسرح زقاق» التجريبي الذي كان يحاول الاستمرار والتجديد بأقل الميزانيات، معتمداً على طاقاته الشابة، بقيت أضراره محدودة، لحسن الحظ

ولم يرحم الأذى مقر «المؤسسة العربية للصورة» التي تأسست عام 1997، وكانت حريصة باستمرار على جعل أرشيفها مفتوحاً من خلال المعارض والمنشورات، والتعاون مع المؤسسات الإبداعية. ويحوي المركز مجموعة من أكثر من 600 ألف صورة يعود أقدمها إلى منتصف القرن التاسع عشر، ويصل أرشيفها حتى يومنا هذا. ومن حسن الحظ أن الأرشيف لم يصب بأذى، بفضل توظيب محكم حمى الموجودات من التناثر والضياع، وهذا من الأخبار القليلة المفرحة. من الصعب جداً حصر الخسارة الثقافية بحسب إدارة «مؤسسة المورد» التي تشير إلى أنه إضافة إلى عناوين المؤسسات والمراكز والغاليريات والمسارح المعروفة، هناك عدد كبير من الفنانين والمبدعين الذين يشتغلون من منازلهم؛ خصوصاً أولئك العاملين في المجال السمعي البصري مثلاً، والذين لا بدّ أنهم فقدوا معدات غالية الثمن، كذلك الموسيقيون الذين خسروا آلاتهم، والرسامون الذين يعملون في بيوتهم، وتلفت أعمالهم ومن المستحيل تعويضها. عليك أن تفكر في عدد المكتبات الخاصة في المنازل المهدمة، وأنت تحصي كم من المكتبات العامة التابعة لبلدية بيروت وحدها، نسفها عصف الانفجار وأطاح بكتبها وواجهاتها الزجاجية. كذلك هناك المكتبات الصغيرة الكثيرة التي بدأت تجمع بين عملها وتقديم المصنوعات التقليدية، القائمة على المزج بين الأصالة والتحديث في التصميمات
و تجدر الإشارة إلى أن الأضرار تشمل أيضاً «مشاريع الأعمال الفنية، بمختلف أنواعها، وهي كثيرة و كان يفترض أن تنجز وتأجلت بسبب الكارثة أو دفنت إلى الأبد، هذه أيضاً خسارة لكنها غير منظورة؛ لأنها ليست مادية»

وأضف إلى كل ما سبق الخسائر التي لحقت بغاليريات الفن العديدة، مثل غاليري «صفير-زملر» وغاليري «تانيت» و«أجيال» و«جنين ربيز»، والمبنى الذي يضم «مؤسسة رمزي وسعيدة دلول للفنون» ويضم أكثر من أربعة آلاف عمل لنحو 400 فنان من مختلف الدول العربية، وكذلك ضياع المجموعة الخاصة لنائلة كتانة نتيجة تدمير منزلها. هذا ما عرف حتى اللحظة، بينما لا يزال كثيرون منشغلين بلملمة جراحهم، ولا وقت لديهم للتحدث عن اللوحات والكتب والمخطوطات، والنوتات والأفلام والقطع الأثرية التي ذهبت هباء الريح.
ومن المفارقات الأليمة أن مؤسستَي «المورد الثقافي» و«الصندوق العربي للثقافة والفنون» (آفاق) اللتين كانتا في طليعة من فكروا في مساندة القطاع الثقافي اللبناني عندما تلقى ضربة بسبب وباء «كورونا»، وبدأتا العمل قبل أشهر لتوفير تمويل خارجي، ومساعدة الفنانين على التشبيك والتعاون للنهوض رغم الجائحة، وجدتا نفسيهما ضحايا للانفجار. فهذه المؤسسات التي تعنى بالتمويل ضُربت هي الأخرى. وإذا كانت مؤسسة «المورد الثقافي» بقيت أضرارها محدودة، فإن «آفاق» كانت أكثر تضرراً، وكذلك مؤسسة «اتجاهات»».

هذا لم يمنع «المورد» و«آفاق» من إطلاق حملة تبرعات بعد كارثة الانفجار، من خلال بيان يوضح أن التبرعات ستذهب كاملة لدعم المؤسسات والمساحات الثقافية والفنية المتضررة، وذلك بناءً على تحديد الحاجات الملحة، وفي مقدمها إعادة البناء، وتسديد إيجار أماكن مؤقتة في حال التضرر الكامل. كما ستعمل المؤسستان على نقل وإيواء المجموعات الثمينة من صور، وأفلام، وأرشيف موسيقي، وغيرها، والاهتمام بإصلاح البنى التحتية للمباني ذات الوظائف الثقافية، وتعويض الكومبيوترات التي تدمر عدد كبير منها. كما سيتم الاهتمام بإيجاد مساحات عمل أو سكن لفنانين فقدوا أماكنهم، أو تعويضهم إذا خسروا معداتهم، وذلك بالإعلان عن منصة إلكترونية يتم التبرع من خلالها:

وانطلقت منذ وقوع الكارثة عشرات المبادرات الخيرية الثقافية التي شارك فيها كتاب وفنانون، كل يسهم بعرض نتاجه، وإطلاق مبادرته، ليعين على إعادة بناء ما تهدم من نسيج الحياة الإبداعية في بيروت.
وأعلنت بدورها دار «كريستيز» للمزادات عن نيتها تنظيم مزاد خيري تحت عنوان «كُلنا بيروت – الفن لبيروت: مزاد خيري» سيعود ريعه لإعادة إحياء المشهد الثقافي. وسيعقد هذا المزاد عبر الإنترنت في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) وحتى النصف الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. سيضم المزاد ما يقارب 40 إلى 50 قطعة تشمل أعمالاً فنية ومجوهرات وساعات وتصاميم عالمية.
الأنشطة الثقافية في بيروت مشلولة، وهو ما لم يحدث حتى خلال سنوات الحرب الطويلة الدامية. هذه المرة الضربة عضوية والطعنة في القلب، والمآسي أصبحت تراكمية، من انهيار اقتصادي، إلى وباء، ومن ثم زلزال النار.

الشجاعة وحدها لم تعد تكفي، والناشطون في المجال الثقافي يبذلون جهداً كبيراً لتضميد الجراح.

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثقافيا

عبد النور حسن يتألّق في مصر

نشرت

في

من منصف كريمي

يتصدر حاليا المطرب الجزائري عبد النور حسن المشهد الفني بمصر الشقيقة وذلك من خلال تعامله مع كبار الملحنيين المصريين الذين لحنوا لوردة الجزائرية وجورج وسوف وعمرو ذياب كالملحن بكري و الملحن الاسطورة حسن دنيا الذي يتمنى كبار المطربين التعامل مع ألحانه على حد تعبير المخرج المسرحي فؤاد روايسية في أحد تصريحانه الإذاعية السابقة .

وقد حل عبد النور حسن بمصر بعد رحلة عمر بدأها من الجزائر وتونس ثم سوريا ولبنان ليستقر بين باريس ومصر بعد ان خطط واستعد جيدا ليدخل عالم الكبار .

ويشار الى ان عبد النور أنتج أغنيته “ضربة حظ ” عن كلمات محمد قاسم والحان محمد عمر وتوزيع باسم منير. كما أنتج أغنية جديدة بعنوان “مافيش حاجة ببلاش “عن كلمات محمد القصاص والحان حسن دنيا وتوزيع باسم منير اما المفاجأة الكبيرة التي ينتظرها عشاق هذا الفنان ومتتبعيه في الوطن العربي فهي الاغنية الثنائية (دويتو) مع النجم المصري احمد عامر لتلتقي النجوم في اغنية “خلصنا فلوسنا ” عن كلمات محمد جويلي والحان وليد الحسيني وتوزيع حمادة الحسيني .

أكمل القراءة

ثقافيا

الحكواتي هشام الدرويش يشارك في مهرجان دولي لفن الحكاية

نشرت

في

من منصف كريمي

إثر حضوره المميز في المهرجان الدولي المسرحي للحكواتي بلبنان تلقى الحكواتي الفنان والباحث التونسي في علوم التراث والمختص في التراث الشفوي هشام درويش، دعوة رسمية للمشاركة في فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الدولي لفن الحكاية بمراكش من 12 إلى 19 فيفري الجاري .

واذ يعتبر مهرجان فن الحكاية بمراكش أحد أهم المهرجانات العربية في مجال التراث الشفوي بالرغم من حداثة نشأته فقد استطاع ان يحقق قفزة عملاقة في مجال اشعاعه الدولي بقيادة الحكواتي الانكليزي John Rho رئيس الرابطة الدولية للحكواتيين بالشراكة مع جمعية فن الحكاية والابداع بمراكش برئاسة زهير الخزناوي. ويشارك في هذا للمهرجان ثمانون حكواتي وحكواتية من 30 بلد من القارات الخمس.

وتتمثل مساهمة الفنان هشام درويش في بحثه حول التراث الشفوي وذلك من خلال جانبين أساسيين وهما فني أولا بتقديم عرض حكواتي بعنوان “حكايات درويش” وهي قصص من التراث العالمي اعاد صياغتها بأسلوبه التونسي المتميز لتبسيط وتبليغ العبر والقيم الكونية. كما يقدّم درويش محاضرة فكرية وفنية فرجوية حول “دور الاعلام الافتراضي في تثمين الحكاية والتراث الشفوي”.

يذكر ان هشام درويش وهو حاليا اطار من اطارات وزارة الشؤون الثقافية ومدرّس لمادة “الحكاية” لفائدة طلبة السنة الثانية ماجستير بحث وساطة فنية والطفولة بالمعهد العالي لاطارات الطفولة قرطاج درمش. وقد أصدر وعبر دار النشر “نقوش عربية”، سلسة بعنوان”حكايات درويش للاطفال” وهي نصوص تعطي دربة للاطفال بطريقة المطالعة النشيطة ،على النطق الصحيح للحروف وعلى تكوين شخصية مستقيمة وبكل ثقة في النفس وتقوية لملكة الانتاج الكتابي لدى الطفل.

أكمل القراءة

ثقافيا

قريبا انطلاق مهرجان جربة كونكت

نشرت

في

متابعة جورج ماهر

تنطلق خلال أيام بجزيرة الاحلام جربة فعاليات “مهرجان جربة كونكت Dejerba connect ” الذي يحتوي على مجموعة من الفعاليات والمهرجانات في وقت واحد منها * مهرجان السياحة البديلة الذي يهدف إلى إبراز تنوع المنتوج السياحي وذلك بعدم الاقتصار فقط على سياحة الشواطئ أو السياحة الصحراوية وإبراز الطاقات التي تختزنها الجمهورية التونسية على غرار السياحة البيئية والسياحة العلاجية والسياحة الثقافية. * مهرجان جربة الدولي للشطرنج الذي يعد أكبر حدث شطرنجي في أفريقيا والوطن العربي بمشاركة 300 لاعب ولاعبة من العديد من البلاد العربية والإفريقية. * بطوله جربة الدولية للكرة الحديدية بمشاركة 150 لاعبا عربىا واجنبىا. * رالي جربة الدولي للدراجات النارية بمشاركة 100 متسابق من العديد من البلاد العربية والاجنبية . * مهرجان جربة الدولي للموسيقى بمشاركة العديد من الفرق الموسيقية من بلاد عربيه وغيرها.

وفي هذا السياق يتحدث السيد شكرى السعيدي المدير العام لهذه التظاهرة قائلا ان مهرجان جربة كونكت هو عبارة عن 5 مهرجانات في مهرجان واحد واضاف أيضا أن هناك العديد من المفاجآت والفعاليات الأخرى سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق

أكمل القراءة

صن نار