وهْجُ نار
حكمة مهاتير محمد… و”فشّان العجالي” في بلادنا !
نشرت
قبل دقيقتينفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
أظنّ أن أغلب القراء العرب يعرفون قصّة الزعيم الماليزي مهاتير محمد وما أتاه في حفل تخرّج مدارس “كوبانج باسو” في ماليزيا سنة 1974، ولمن لم يقرأ القصّة أرويها لكم بإيجاز فنحن نعيشها بشكل آخر في هذا البلد الموجوع...

حلّ مهاتير محمد ضيفا على حفل تخرّج مدارس كوبانج باسو في ماليزيا، وأثناء الحفل طلب إلقاء كلمة بالمناسبة فوقف مخاطبا المدرسين وقال “سادتي أريدكم أن تشاركوا جميعا في لعبة الحفاظ على البالون، وستكون من نصيب الفائز منكم جائزة قيّمة” استغرب الحضور من طلب مهاتير وسألوه عن هذه اللعبة وما الهدف منها… قاطعهم الرجل قائلا وهو يوزّع بالونات ملوّنة على كل المدرسين المشاركين في اللعبة “على كل مدرّس منكم نفخ بالونه ثم ربطه بأسفل رجله، ومن يحافظ منكم على بالونه سليما سيكسب الجائزة. سأعطيكم من الوقت دقيقة واحدة”. نفخ جميع المشاركين من المدرسين بالوناتهم وربطوها بأسفل أرجلهم وحينها أعلن مهاتير محمد بدء اللعبة…انقضّ المشاركون على بعضهم البعض يركلون أسفل أرجلهم بهدف تفجير بالونات بعضهم البعض… ونجحوا في تفجير بالوناتهم جميعا ولا أحد منهم حافظ على بالونه سليما…
ضحك مهاتير محمد ونظر إليهم ساخرا وحازما ومستغربا في نفس الوقت وقال “لم أطلب منكم أن تهاجموا بعضكم البعض ولا أن تركلوا بعضكم البعض وتفجروا بالونات بعضكم البعض بل طلبت من جميعكم فقط الحفاظ على بالوناتكم سليمة…جميعكم اخترتم السوء لبعضكم البعض ولا أحد منكم فكّر في مصلحة الجميع بالحفاظ على جميع البالونات… ألا يمكن الحفاظ على بالوناتكم دون تفجير بالونات الآخرين ؟؟ وكأن الحفاظ على بالونكم يمرّ حتما عبر تفجير بالون غيركم، ألم يكن من الأجدر ان تقفوا في اماكنكم جميعا وتحافظوا على بالوناتكم سليمة جميعا؟؟ لماذا أسأتم التفكير واخترتم الحلّ الأسوأ الذي أساء لكم جميعا… لا أحد منكم اليوم نجح في الحفاظ على بالونه، فماذا كسبتم بتفجير بالون الآخر؟؟ هل حافظتم بذلك على بالونكم؟؟ لا…خربتم كل شيء…كل شيء”…
ونحن في تونس ماذا فعلنا…أظنّ اننا لعبنا جميعا لعبة “فشّان العجالي” لبعضنا البعض…فجميعنا انطلقنا ليلة الخامس عشر من جانفي 2011 ومباشرة بعد ان علمنا بسفر بن علي لأداء مناسك الحجّ والعمرة، في حملة “فشّان عجالي” بعضنا البعض ولم نترك “عجلة” واحدة من عجلاتنا وعجلات الدولة والوطن سليمة…فخرجت الاعتصامات تجوب المدن والقرى وتغلق المؤسسات ومواقع الإنتاج …فلم يعتصموا بحبل الله جميعا كما وجب أن يفعلوا بل اعتصموا بحبل بعضهم ضدّ بعضهم البعض …فخرّبوا كل شيء اعترض سبيلهم…نسينا العاطلين والمعطلين وغيرهم ممن صرخوا طويلا بشعارات كانوا ينتظرون جني ثمارها…فخرج عليهم مغول العصر وتتاره وموظفو الدولة وجميع القطاعات يطالبون بالزيادات وتسوية الوضعيات وتنفيذ مرسوم العفو التشريعي العام…فخيّرت كل الحكومات الحفاظ على مواقعها بالانصياع لمطالب ما أقرّته “ماكينة” ساحة محمد علي التي أرادت بما أتته أن تفرض نفسها وصيّة على الدولة والشعب والوطن مفاخرة طويلا وبصوت عال أنها هي حاضنة الحراك ومن يسمونها “ثورة” وانقضّت على المؤسسات تطرد القائمين عليها بدعوى أنها موالية للمنظومة القديمة فضاعت كل الكفاءات في غياهب “التفقديات” التي تلعب دور “الثلاجات” المؤسساتية تحت شعار “ديقاج يا خمّاج”…وجاءت حكومة الباجي الأولى بعد ليلة بكى فيها محمد الغنوشي خوفا على البلاد والعباد…
أقول جاءت حكومة قائد السبسي بعد أن أخرجوه من أرشيف البلاد ليحكم في العباد فــ”فشّوا لها” كل عجلاتها…وذهب كل ما تركه بن علي من أموال في خزينة الدولة لدفع الزيادات وإرضاء الخارجين عن الدولة والقانون والمعتصمين بأبواب المؤسسات ومواقع الإنتاج لتنتفخ كتلة الأجور إلى ضعفي ما كانت عليه قبل ليلة سفر بن علي رحمه الله…ثم جاءت حكومات النهضة لترضي الغاضبين من أتباعها بانتدابهم وتسوية وضعياتهم حتى سنّ التقاعد…وكالعادة لا أحد من الاتحاد والحكومة والأحزاب فكّر في العاطلين عن العمل وفي المعوزين وفي المهمشين وفي الفقراء والمساكين…جميعهم وإرضاء للغاضبين من المعتصمين والمضربين والمعطلّين لآليات الإنتاج والمغلقين لمواقع الإنتاج دفعوا بالتي هي أحسن زيادات في الأجور وتسويات في الوضعيات وهدايا ثمينة عبر خطط وظيفية دون موجب ودون مقاييس شعارهم في ذلك “اعطهم ألف درهم يا علي”…وقبله كان الشعار “أعطهم ألف دينار يا حمادي”…
فوقعت استمالة اغلب موظفي الدولة من القطاعات الهامة إلى الحكام الجدد الخارجين من السجون للجلوس على كراسي الحكم وخنقت كل مفاصل الدولة والحكم وتحوّلت من الكفاءات إلى من أعلنوا البيعة والولاء للحكام الجدد خوفا على مصيرهم ومستقبلهم المهني…جميعهم لم يقرؤوا حسابا للدولة وللشعب وللوطن…جميعهم “فشّوا عجالي جميعهم”…ثم جاءت حكومة اعتصام الرحيل…حكومة المهدي جمعة لتنال نصيبها من الإضرابات والاعتصامات طبعا ليس بحبل الله لكن بخراب البلاد وتجويع العباد…وغلق مواقع الإنتاج…ومفاوضات الزيادة في الأجور…والتسميات بالمئات…هكذا أيضا نسينا مرّة أخرى العاطلين…والمهمشين والفقراء والمساكين…نسينا الوطن…والشعب والدولة التي تئن…
ثم جاءت الانتخابات الأولى والحكم التوافقي…فبدأ “فشّان العجالي” عبر مجلس لا دور له غير “الفشّان” و”الهزّان والنفضان” فلم تسلم أية حكومة من حكومتي تلك العهدة من “فشّان العجالي” ومن الخروج عن النصّ النقابي…فتجاوز عدد الإضرابات مئات الآلاف…وذبحت الدولة من الوريد إلى الوريد …واصبح ساكن ساحة محمد علي الحاكم بأمره وسلطان زمانه…فلا احد يمكنه تحريك حجر واحد من دار الباي أو من غيرها من مؤسسات الدولة دون تأشيرة ساكن ساحة محمد علي…وكالعادة لا أحد فكّر في من ينتظرون جني ثمار ما فعلوه حين جابوا البلاد طولا وعرضا يصرخون “شغل …حرية …كرامة وطنية” فلم يجنوا غير الإحباط والياس …والموت غرقا في المتوسط…
تواصل أمر “فشّان عجالي” كل الحكومات التي تداولت على “نفخ عجالي البلاد” بعد انتخابات 2019…إلى حدود مساء يوم 25 جويلية 2021 حين استفاق الشعب على حدث غريب يحدث لأول مرّة في تونس، عجلة دار الباي بالقصبة “مفشوشة” ومرمية جانبا ولا أحد يعلم اين هي…وعجلة “قصر الباي بباردو” مفشوشة ومرمية أمام الباب الخارجي دون حراك… ثم تواصلت الحملة الواسعة لــ”فشّان عجالي” مكونات كل المشهد السياسي الذي سبق 25 جويلية 2021…ولم تبق غير عجلة واحدة يقول البعض أنها من فئة عجلات الـــTubeless …لكن هل فكرتم في الوطن وكيف سيعبر إلى المستقبل…؟؟ فهل يمكن للوطن أن يعبر بعجلة واحدة طريقا مزروعة بالأشواك في زمن صعب كهذا الذي يعيشه كل العالم بعد وباء الكورونا وبعد حرب روسيا وربيبتها أوكرانيا…أم أن جميعكم تفكّرون في النوعية الجديدة التي ستنتجها ميشلان خلال الأشهر الأخيرة لسنة 2024 والتي يسمونهاMICHELIN Uptis وهي من الإطارات غير القابلة للثقب…والمستعملة لتقنية الـــAirless…ألا يكفينا “فشّان” …ألم يحن وقت “نفخان” في روح وطن موجوع يتألم…
تصفح أيضا
وهْجُ نار
تعالوا نُعِدْ كتابة الفصل الأخير … من الرواية التي نعيش !
نشرت
قبل أسبوع واحدفي
26 سبتمبر 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
السؤال الذي وجب أن نطرحه جميعا على أنفسنا بعد ما غرقنا في وحل قد يصعب الخروج منه لو بقينا على حالنا هذه من التشظّي والحقد، والرغبة الجامحة في الانتقام من التاريخ لإعادة كتابته بصياغة مغايرة، تنصفنا وتجرّم غيرنا ممن سبقونا…

السؤال، ماذا فعلنا بأنفسنا حتى نقع حيث وقعنا؟ هل نحن على وعي تام بما وقع ويقع لهذا الشعب وهذه البلاد؟ لا أظنّ أبدا أننا واعون بما يقع معنا، فما وقع معنا سنة 2011 من محاكم شعبية وفايسبوكية يعاد اليوم ومنذ سنتين وأكثر مع تبادل للأدوار فقط، ودخول عناصر جديدة لمشهد يتفكّك ويتشظّى يوميا…فاليوم تتوسع الهوّة بين أفراد هذا الشعب وتُهتك الأعراض وتُسفك الدماء دون أن تسيل من أجساد أصحابها، ويموت البعض بالتقسيط الموجع دون أن نعلم أنه مات، ويفقد البعض عقله عن غير وعي منه ورغما عن أنفه وأنف من خلّفوه كما يقال…هكذا هو مشهدنا اليوم… فكل يوم يمرّ دون أن ننجز صالحا واحدا ينفع الناس تزيد وطأة قبضة الوجع والمأساة وتُخنق الكلمات في أفواه أصحابها… وتطعن الحرية والعدالة من خلف…
تعيش البلاد اليوم مرحلة انفرط عقدها… فكل الأرقام في ارتفاع مخيف… البطالة… الفقر… الأمية… الأسعار… التضخم… المديونية… الحقد… والرغبة الجامحة في الانتقام من بعضنا البعض… نحن في حقيقة الأمر نعيش عملا دراميا خلناه رومانسيا فانقلب إلى تراجيديا قد يموت فيها بعضنا وهو يشاهد الفصل الأخير وقد يموت بعضنا الآخر غرقا في المتوسط وهو يحاول الهروب من محرقة الحقد والانتقام وقد يتكفل أبطال الفصل الأخير بدفن من يمكن دفنه من هذا الشعب في مقبرة الأغبياء والمغفلين… فالانخفاض الوحيد الذي تعيشه البلاد اليوم هو في معدل الوطنية فالجميع يريد مغادرة البلاد… والجميع يريد ان ينجو بنفسه من حضور فصل لم يكن موجودا في النصّ الأصلي لهذا العمل الدرامي الذي تعيشه البلاد…
ألا يمكن أن نحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا التاريخ؟ ألا يمكن ان ندرك ولو بعد تأخير أننا اخطأنا الطريق وأننا قادرون على إصلاح ما يجب إصلاحه؟ أيجب أن نثأر من التاريخ كل ما جاءنا حاضر آخر… أيمكن بناء مستقبل أفضل وأجمل لأبنائنا دون الثأر من بعضنا البعض…؟؟
أتعلمون لماذا بعد أن ابتلانا الله بأناس لا يحملون في رؤوسهم أية فكرة عن الدولة… ولا عن مؤسسات الدولة… ولا كيف تدار شؤون الدولة… أعود لأقول أتعلمون بعد كل ذلك لماذا أخطأنا الطريق وسلكنا طريقا وعرة أوقعتنا في وحل مؤلم ونفق مظلم، لأننا وبكل بساطة لم نستمع إلى خطاب العقل والمنطق والحكمة واكتفينا بسماع من امتلأت صدورهم حقدا ومن خسروا كل معاركهم ولم ينجحوا في إيجاد موقع تحت الشمس وخرجوا اليوم بهدف تصفية حساباتهم… هؤلاء هم من أوقعونا في الخطأ وحوّلوا الدراما الرومانسية التي انتظرناها وصفقنا لها ظنّا انه في ختامها سيتزوج الأبطال، إلى تراجيديا قد يموت في ختامها الجمهور… فمن يوم صفقنا طويلا للفصل الأخير من العمل الذي خلناه دراميا رومانسيا وسعدنا به، لم نسمع كلمة واحدة يُخاطَب بها الشعب أو بعضه عن واجباته وحقوقه وانتظاراته وأوجاعه ومستقبله وما ينقصه… وكيف يصلحُ حاله…
لم نسمع خطابا واحدا يجمع شتات هذا الشعب الموجوع ممن أفقدوه نكهة العيش في هذا الوطن …فخطاب اليوم حوّلوا وجهته إلى حيث يحقّق البعض مآربه… فبعضهم يريد التخلّص من خصومه… وبعضهم الآخر يريد التقرّب عبر أحقاده من السلطة عساه يجد مكانا لم ينجح في الحصول عليه سابقا… وبعضهم الآخر يرى في هذا الفصل الأخير حبل نجاته من العيش في الظلّ … هكذا هي بلادنا اليوم… الكلّ يكيد للكل … وجميعهم يكيدون للوطن وهم لا يأبهون… فكل ما نحن فيه اليوم سببه تحويل وجهة خطابنا من خطاب جامع إلى خطاب يهدّد بالويل والثبور وعظائم الأمور… والخاسر الأكبر هو هذا الوطن الجريح…
هكذا أيضا عشنا السنوات الأولى بعد جانفي 2011 …ظلمنا كثيرا من الناس… وأوجعنا الكثير أيضا… سجن المئات… وقطعت أرزاق الآلاف … وهرب الكثير من محرقة الانتقام والثأر… ثم يوم اكتشفنا الحقيقة (التي أغمضنا أعيننا عنها حين ارتفع منسوب الحقد عند بعضهم) خرج بعضنا يريد الاعتذار ممن ظلموا… وممن ماتوا وهم يعانون وجع ووطأة الظلم… ممن سنعتذر يا ترى؟ من الذين شوهناهم وخلقنا الأكاذيب عنهم وعن حياتهم؟ أم من الذين هتكنا اعراضهم وتسببنا لهم في وجع لا يمكن بأية حال أن يشفوا منه… ممن يا ترى؟ ممن لم نسمح لهم بحضور جنازة والدهم أم ممن؟ ممن سجنّاهم ظلما لأن بعض الوشاة أرادوا ذلك تصفية لحساب قديم أم ماذا؟ ممن جوعناهم بعد ان حكمنا عليهم بالطرد من عملهم دون دليل واحد يثبت إدانتهم؟ أم من الذين ماتوا كمدا وحسرة مما عاشوه؟ هل سيعيد الاعتذار الحياة لمن ماتوا؟ هل سيجمّع الاعتذار العائلات التي شتت شملها ظلما وعدوانا؟ هل سيعيد الاعتذار احترام الأبناء لآبائهم الذي قيل فيهم ما لم يقله مالك في “السلتيا”؟ ألم يحن الوقت لخروج فارس المصالحة من بين أنقاض هذا الوطن الذي يئن رغم انكار البعض بأننا في أسوأ حال؟
ذات جانفي 1984 خرج علينا الزعيم بورقيبة رحمه الله بكلمته الشهيرة “نرجعوا وين كنّا” فانطفأت نار الحقد إلى حين… اليوم لا أقول قولة الزعيم… لكن أقول تعالوا نعمل معا ونتصالح من أجل هذا الوطن… تعالوا ندفن فاس الحرب كما يقول الهنود الحمر في بلاد العم سام… تعالوا ننتصر للعدل… تعالوا نكسر حلقة الثأر والانتقام والأحقاد… فإن لم نفعل فالأحقاد ستلاحق أجيالنا القادمة … ولن يسعدوا بحياتهم أبدا لأننا اورثناهم الأحقاد…
كلنا قرأنا قصة كسرى ملك الفرس الذي أرسل رسولاً لمقابلة خليفة المسلمين حينها عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وقد ظل رسول كسرى ماشياً في المدينة سائلا عن مكان قصر الخليفة، ولكن الناس دلوه على بيت شديد التواضع، حتى أنه كان أدنى من بيوت أفقر فقراء المسلمين في ذلك الوقت… وقد وجد رسول كسرى عمر بن الخطاب نائما تحت ظل شجرة مرتدياً ملابس بسيطة وقديمة، فاندهش أيما اندهاش وقال “أهذا هو البطل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الذي يرتعد لسماع اسمه أقوى وأعظم الملوك… أهو كذلك ينام على جنبه في الطريق في أمان دون حرس ودون أن ينتابه الخوف من مؤامرات أو أعداء؟؟؟”… بعدها قال رسول كسرى قولته الشهيرة “حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر“… تعالوا نحكم بالعدل… فنأمن على أنفسنا وننام كما نام عمر…
في الأخير لن أقول ما قاله الزعيم فبعضنا يصاب بالغثيان بمجرّد سماعها لكن سأقول فقط تعالوا “نرجعوا” لوقت كنّا فيه أحبابا… تعالوا إلى زمن لا حقد فيه… ولا ثأر ولا انتقام ولا حساب… فمن الفارس الذي سيرفع صوته ويقولها عاليا… ليصبح زعيم المصالحة… تعالوا نعيد كتابة الفصل الأخير من الرواية ليصبح رومانسيا… فالتراجيديا لا تليق بهذا الشعب… فبعضنا يفتقد الوطن… وبعضنا يفتقده الوطن… تعالوا…
وهْجُ نار
بين صوت العقل… وأصوات الحقد… من هو أصلح للبلد…؟؟
نشرت
قبل أسبوعينفي
19 سبتمبر 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashلليوم الثاني على التوالي يعترضني أمر غريب ومريب…الأول رجل في ريعان شبابه يتحدث مع نفسه…كنت أظنّ أنه يضع سماعة في أذنيه ويتحدث بالهاتف لكن تأكدت من الأمر ولم يكن كذلك…والثاني كهل في الخمسين يتحدث أيضا لنفسه ويصرخ في وجه نفسه…

هكذا أعاد القدر المشهد أمامي مرتين وفي يومين مختلفين وكأنه يقول لي هنا تكمن المأساة…هنا موطن الوجع…فما هذا الذي يحدث في تونس…وما الذي يعيشه هذا الشعب؟؟ هل نالت منّا الأزمة إلى هذا الحدّ وأصبحنا نتنقّل من مأساة إلى مأساة؟ ومن معاناة إلى أخرى؟ هل هو قدر هذا الشعب منذ 2011 أم ماذا؟ هل قدر هذا الشعب أن يغرق إلى هذا الحدّ على يد أبنائه وأهله؟ ما الذي يحدث في البلاد يا من تحكمون البلاد؟ هل أنتم على بينة مما يجري ومن معاناة ومأساة اغلب هذا الشعب أم لا تعلمون؟ إن كنتم على بينة فاين حلولكم التي وعدتم؟ وإن كنتم لا تعلمون فتلك مصيبة أكبر…وهنا وجب أن اسأل، هل من غادروا البلاد هربا بحرا لا يأبهون بما قد يقع لهم هربوا من هذا المصير الذي شاهدته مرتين في يومين مختلفين؟ هل هرب شباب البلاد وكهولها بحثا عن النجاة بأنفسهم من العته والجنون؟ ما الذي فعلوه بهذه الأرض الطيبة حتى يهجرها أهلها ويخيروا الموت غرقا على البقاء فريسة لليأس والإحباط والجنون فيها؟
هل أنجز كل من تداولوا على حكم هذه القطعة من الأرض ما وعدوا به شعبها المغلوب على أمره؟ هل نجحت بدائلهم التي لطالما صرخوا بها وتفاخروا في إخراج البلاد من الوحل الذي أوقعوها فيه؟ والسؤال الأهم والأخطر هل كنّا حقّا بالسوء الذي يجبرنا على هدم كل البناء الذي عانينا وعانى أهلنا وأجدادنا الكثير لبنائه وتشييده؟ ألم يكن الإصلاح حلاّ يقينا كل هذا الخراب؟ ماذا كسبنا؟ ماذا حققنا أكثر مما تمّ تحقيقه من طرف كل من حكموا البلاد قبلنا؟ هل أنجزنا منجزا واحدا يغفر لنا فشلنا في إخراج البلاد من مأساتها وتسكين أوجاعها؟ لا شيء…غير ارتفاع كل النسب الموجعة…نسبة الحقد فاقت نسبة الكريات الحمراء في دم الانسان…نسبة الفقر…نسبة البطالة…نسبة الأمية…نسبة مرضي العقل…نسبة الجرائم…نسبة مرضى السكري…نسبة العاجزين عن الحركة…نسبة العجز…نسبة التضخم…نسبة الخراب…نسبة الهاربين من جحيم المأساة والإحباط واليأس… نسبة الفشل في كل القطاعات…نسبة التداين الداخلي والخارجي…
كانوا يقولون ويفاخرون بأن دهر الوجع قاب قوسين أو أقل من الزوال…فإذا بدهر أكثر وجعا من الذي كان يدق الباب ويدخل دون استئذان…هل نحن حقّا واعون بما نحن فيه ام غلب وطغى تصفيق البعض على صراخ ووجع الأغلبية؟ اين نحن من ذلك الشعب المتآزر والمتضامن والمتحاب نسبيا؟ هل حقّا هذا ما نريده بهذه البلاد وشعبها أم هو الهروب إلى الأمام خوفا من تبعات ما فشلنا في تحقيقه؟
بلادنا مرّت بكل الحالات والأوجاع والنجاحات والأزمات، ولم تتوقف على جماعة أو دولة أو قبيلة…مرّت بالفقر المدقع…وعرفت الغنى الفاحش والقوّة والاستبداد…وعاشت الوجع والأمراض والأوبئة…وعاش شعبها المجاعة في العديد من الأزمنة والعهود…بلادنا تداول على حكمها الكثير من الأجناس والهويات والأعراق والدول…وعرفت الكثير من الديانات…وسكنها من أهلها وغير أهلها…وغزاها الكثير من جيوش العالم ومن شعوب المتوسط وغيرهم من شعوب العالم…لكنها لم تمرّ بما نحن فيه اليوم…فاليوم التقى عليها ثلاثي الخراب…الحقد والفقر والجفاف فكانوا العنوان الأبرز للسنوات العجاف…فالحقد هو اشدّ الأوبئة خطرا على الشعوب…فهل يعي اليوم من يحكم هذه البلاد أن الحقد هو أخطر مكونات الخراب على البلاد والعباد؟
على من يحكم البلاد اليوم أن يستمع أيضا إلى صوت العقل…الصوت الذي لا يبحث عن مكان تحت شمس السلطة والحكم بل يبحث عن إخراج البلاد مما هي فيه…فإخراج البلاد لا يكون أبدا بنشر الأحقاد…بل بمحاربتها…ولا يكون بالقطيعة بين الماضي والحاضر والمستقبل…الشعب محبط…وغلبه اليأس والخوف…الخوف من مصير لا احد يعلمه…والخوف من أن يأخذه الحقد إلى ما لا يريده ويتمناه…فالخطأ الذي وقعنا فيه اليوم هو أننا أردنا استعادة الدولة بنشر الحقد والتخلّص من كل الماضي ونسينا ان جميعنا من الماضي وأغلبنا من الحاضر وفلذات أكبادنا هي المستقبل…فاليوم لم يعد يجمع بين التونسيين غير نشيدهم الرسمي والعلم أحيانا…فشباب البلاد هرب بحرا بحثا عن وطن آخر وعلم آخر ونشيد رسمي لا يحفظه…وبعض كهولنا ومن فرط احباطهم وكآبتهم سلكوا نفس الطريق فغامروا بحرا بحثا عن حضن يسكّن أوجاعهم…فمن بقي بهذه البلاد يحميها ويسكن أوجاعها وينهي مأساتها…من؟؟
هل بهذه الحالة المعقّدة من الانقسام سنصلح حال البلاد…والعباد…وعلينا أن نختار بين صوت العقل…وأصوات الحقد…من هو أصلح للبلد…؟؟
وهْجُ نار
الله يهلكك يا ولد السكرانة…الله يهلكك !
نشرت
قبل 3 أسابيعفي
12 سبتمبر 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashكعادتي حين أعود في ساعة متأخرة من الليل إلى المنزل يحوّل وجهتي أحد أصدقاء السوء من الذين عاشرتهم أيام شبابي…

هذه المرّة اعترض سبيلي التوهامي ولد السكرانة أحد رفاق جلسات السوء سابقا والصديق المقرّب لفوزي الغبّار الذي حوّل وجهتي عديد المرّات من واقعنا الموبوء إلى واقع وهمي تختاره لنا لفافة زطلة، سألت التوهامي أين فوزي يا هذا؟ فأجاب حرق بحرا بحثا عن وطن آخر يحتضنه ولا يموت فيه جوعا…قلت: هل حرق حقّا؟ قال: نعم …ووصل إلى وطنه الجديد سالما…قلت: الحمد لله، رقم آخر ينضاف إلى عدد الناجين من الإحباط واليأس والبطالة وسهرات السوء…نظر إلي التوهامي وقال: ابق هنا ولا تغادر لتُكمل معي السهرة لن أتركك قبل أن تشاركني “‘ڨعمورة” هذه السيجارة المحشوة زهوا وطربا وأحلاما تأخذك بعيدا عن هذه الأرض…قلت: لا لن أعيد ما فعله معي فوزي الغبّار أتركني يا توهامي أنا متعب وأريد أن أنام باكرا الليلة…
صرخ وأقسم برأس أمه “السكرانة” وهي احدى مقدسات التوهامي بعد الله وليفربول وكاترين دينيف وصالح الفرزيط و أتان “بهيمة” عمّ بلقاسم…لم أجد مهربا من الانصياع لرغبة التوهامي ولم انتظر طويلا لأجد نفسي في شارع 25 جويلية عفوا شارع الجمهورية في ليلة شديدة السواد والظلمة…ليلة مخيفة لا نور فيها غير ضوء خافت لا يكاد يُرى خلف احد أعمدة جسر الجمهورية…اقتربت من النور لأعرف ما هو ومن هم حوله فرأيت ويا غرابة ما رأيت، رغيف كبير من نوع الخبز الذي كنّا نعرفه أيام بورقيبة رحمه الله ورغيف آخر اقل حجما منه يشبه كثيرا ما كنّا نعرفه أيام حكم بن علي رحمه الله ورُغَيْفٍ صغير لا يكاد يُرى كالذي أصبح يباع اليوم في مخابزنا ..ثلاثتهم يجلسون على بقايا قطع من الآجرّ حول نار موقدة في بعض الألواح المتروكة من بقايا أحد أبواب منازل الزمن الجميل القديمة هنا وهناك…
يا لغرابة الأمر…جلسة في شارع الجمهورية بين ثلاثة أرغفة من ثلاثة عهود…والأغرب ان ثلاثتهم يتحدثون…ويتناقشون…ويتهامسون…يا لهول ما أعيش في هذه الليلة التوهامية نسبة إلى التوهامي ولد السكرانة…قلت في خاطري عمّ يتحدثون يا ترى؟ هل ثمة امر جلل يتحدثون عنه هنا في مكان كهذا يثير الريبة؟ اقتربت أكثر من مكان جلوسهم وجلست خلف العمود الذي يجلسون تحته من الجانب الآخر وكان هذا ما استمعت إليه من “خبزة بورقيبية” وأخرى “نوفمبرية” وأخرى “لا شرقية لا غربية” طولها شبر …
الخبزة البورقيبية (وهي تنظر للخبزة “الشبر” بعين ساخرة مستهزئة): توّة انت خبزة…ههههه منين جاية…شكون صنعك… ما تقوليش انت تونسية…يكب سعدك شبيك وليتي هكّه ناقصة تغذية…شبيك يا همّ وليتي كي الجرانة؟؟
تقاطعها “الخبزة النوفمبرية” ضاحكة: شفت اوخيتي…وتقول تونسية…لا يا للّة في تونس ما خليناش خبز هكّه أحنا من قبل بكروشنا ولاباس علينا…الخبزة تشبّع عيلة كاملة يا حسرة عليك…برّي عدّي على روحك انت كي هاك المريضة بالسلّ…يعطك كيّة…
الخبزة شبر: حرام عليكم…ما تراعوش ظروفنا…يخي انتم مرّيتو باللي مرينا بيه انا…نسيتوا اللي جات “ثورة” عام 2011 وكملت علينا الحكومات الكل اللي حكمت وما عرفتش تسيّر البلاد…ما سمعتوش اش عمل الاتحاد في البلاد تي ماهو ولى شريك في الحكم وعمل بشرعو في البلاد فقرنا وفرض شروطو كيف ما حبّ وكان يدخل في خشمو في كل شيء…يخي ما سمعتوش بالكورونا…ما سمعتوش بصندوق النقد الدولي ما حبش يعطينا الفلوس (برّي الله يهلكك يا كريستينا جورجيفا خليتينا للضحضاح) نسيتو هذا الكل…ومنين اوخيتي باش نجيبو القمح من أوكرانيا والا من روسيا وهما يتحاربوا عندهم عامين…ومنين باش ندفعوا حقو كان شريناه…علاه موش حرام عليكم ما تراعوش ظروفنا…رانا نعانوا في الخل…أنا مثلا صنعوني بكمشة صغيرة مالقمح ما تشبعش دجاجة وبرشة خميرة باش ننتفخ…ونبان سمينة…ورغم هذا والله ما نجيش قدمة في ايد واحد مسكين جيعان عنده جمعة ما كلاش…
الخبزة البورقيبية: شوف يا سيدي ولات تحكي في السياسة هالخبزة الشبر…وهي كي الوزفة …تي كي انتوما عايشين الأزمة علاش لاهين كان تسبوا فينا…لهيتوا في اصلاح حال البلاد اش لازكم علينا…يخي موش نهار كامل انتم تسبوا في القدم وفي التاريخ…ونهار كامل تجبدوا في دوسيات فارغة عندها عشرات السنين….ما زال كان حنبعل وعليسة ما جبدتوهمش في ملفاتكم…بالكش احنا شادينلكم ايديكم عالخدمة والانجاز والتنفيذ والإصلاح…اشنوة توّه وليتوا عندكم مشاكل وهي اللي منعتكم من الحفاظ على مستوى المعيشة اللي كان، وهي اللي منعتكم من تحسين الأحوال المعيشية للمواطن العادي…تي ماهو اعترفوا اللي انتم فشلتم في تسيير دواليب الدولة وان الشيء صعب عليكم…خبزة ما تفوتش مائة غرام وتقلي خبزة…حليل أمها…
الخبزة النوفمبرية: أوخيتي ما اصح رقعتها تناقش فيك… طولها شبر وتناقش فيك…علاش ما تقولش على المواد الغذائية المفقودة…علاش ما تحكيش على زيت الحاكم…وينو…وعلى الفارينة وينها…وعلى السكر وين غبر…يخي احنا كنّا نعرفوا الصفّ بالطريقة هذه قبل…الصفّ كنا نشدوه في الدخول للستاد…في السينما…في المهرجانات…موش قدام الكوشة…مالفجر…يخي أحنا قبل كنّا نشترطوا كل واحد 3 وألا 5 خبزات بــوشبر ما يشبعوش قطوس؟
الخبزة البورقيبية: بربي يا عشيرتي فكرهم اللي عهدكم انتوما خليتولهم كل شيء…حتى مشاريعكم ومخططاتكم وبرامجكم ولتوه ما كملوهمش…يخي نسيتو الطريق السيارة امتى كانت مبرمجة الانتهاء منها…نسيتو والا نفكركم…تي تكلم يا همّ وفكرهم…وتوّه منرفزة كي قلنالها شبيك كي الوزفة لا تشبع عصفور…توّه هذه خبزة في تونس بلاد القمح…يا رسول الله…تي مادامكم ما عملتوا حتى انجاز وحتى مشروع على الأقل وكلوا الشعب وكلوه علاش تخلوه هكّه يشدّ الصف على الخبز…على الزيت…على السكر….على دبابز الغاز…على النقل…على كل شيء…شنوّة هذا…توّة هذه خبزة يشدّ عليها راجل بطولو وطنطولو الصفّ…
الخبزة شبر: (وهي تبكي …) شبيكم هكّه عليّ اش عملتلكم…يخي نسيتوا انتو اش صارلكم عام 84 موش صارت ثورة الخبز…وماتوا فيها برررررشة ناس…نسيتو…
تقاطعها الخبزة البورقيبية: أه أه من فضلك حدّك حدّ المسقّي…هذيكة ما كانتش نقص في الخبز والا التنقيص من وزنو…كانت مشكلة دعم …لا أكثر ولا اقل…وقتها الحكاية الكل عملها سي زكريا بن مصطفى الله يرحمو كي قال الخبز يتلوح في الزبل…والحمد لله بورقيبة تدخل وقال “نرجعوا وين كنّا” ورجعنا لاباس…والناس الكل تاكل في الخبز والخبز الطليان يا دين الزكش…موش خبزة شبر ما تشبعش قطوس…
الخبزة النوفمبرية شادة كرشها تضحك: اعطيها على راسها عشيري وخوي الغالي اعطيها …قاتلك ثورة الخبز…تي تعرف شنوة خلالهم بن علي في الكاسة…خليني ساكتة…تي فيبالك لتوة قاعدين يعيشوا على مشاريع بن علي ومخططاتو الاستراتيجية…تي بربي ما نزيدوش عليها مسكينة تعال نفكروا في حلّ ترجع بصحتها لاباس وتشبع عيلة…شنوة رايك ندخلوها للانعاش وتعدي ايامات حتى تشدّ صحتها…
الخبزة البورقيبية: لا لا موش هكه ترجع الأمور باهية…قبل كل شيء يلزمنا نعرفوا اشنوة المشكل الحقيقي…الخبزة هذه حالتها تخوف…ووصلت لمرحلة ما يلزمش نسكتوا عليها يلزمنا نعالجوها معالجة جماعية…المعالجة ما تكونش براي واحد وقرار واحد…لا المعالجة تكون من طرف الجميع…افهموني أنا أكبر منكم ونعرف اش معناها الخبزة الوطنية…
الخبزة شبر: هاهو العقل والمنطق أختي الكبيرة الغالية…فسريلي كيفاه نسترجع صحتي ولياقتي ونولي نشبّع عيلة كيف ما كنت انت في السبعينات والثمانينات في عهد بورقيبة والهادي نويرة الله يرحمهم الكل…
الخبزة النوفمبرية: ايه والله بالحق فسرلنا كيفاه ترجع الأمور باهية ويرجع الشعب ياكل الخبز من غير صفّ عشيري…
الخبزة البورقيبية: عام 2011 صارت انتفاضة (أنا نسميها) على الحريات والتشغيل وما صارتش على الخبز…واليوم عندنا مشكل كبير اللي هو أن كل الأمور حابسة واقفة …البلاد واقفة ما صار حتى انجاز وحتى تقدّم في أي اتجاه…احنا اليوم ما حاجتناش بثورة خبز ولا بانتفاضة خبز حاجتنا بإصلاح أوضاع البلاد بشكل سلمي وبالحفاظ على الوحدة الوطنية كما تعودنا على ذلك…
( هنا تقف الخبزة النوفمبرية وتقول هاهو الصحيح ينصر دينك يا عشيرتي…وتردد الله واحد الله واحد بورقيبة ما زيو حدّ..)
وتتدخل الخبزة البورقيبية لتسكتها وتقول لها (يزي بلا طحين)…
تواصل الخبزة البورقيبية حديثها لتقول: أحنا اليوم في حاجة لتشريك الجميع في اصلاح الأوضاع…وما عندناش خيار آخر…يلزمنا مصالحة شاملة ترجع الأمور لنصابها…حاجتنا بالحرية…والخبز…والزوز هما اللي يتسماو ديمقراطية…الخبز من دون حرية ماهوش خبز والحرية من غير خبز ما هيش حرية…ضيعنا سنين في التخلويض …ويجيك في الأخير واحد يقلك احنا حاجتنا بدكتاتور عادل…لا سيدي ما ثماش دكتاتور عادل…أولا ما يلزمناش نبيعوا الأوهام للشعب من خلال كلام لا يعني شيئا…ثانيا ما يلزمناش نتلهاو بالماضي…يلزمنا ناخذوا عبرة من الماضي…الماضي فات…أحنا في حاضر أسوأ مالماضي اللي قاعدين نحاسبوا فيه…ايجاو نحسنوا حاضرنا وبعد يعمل الله…
(هنا تقاطعه الخبزة شبر وتقول: لكن اوخيتي الغالية ثمة فساد قبل… نسكتوا عليه…)
وتصرخ الخبزة البورقيبية في وجه الخبزة شبر وتقول لها “لا تقاطعيني” وتضيف: الفساد الحقيقي هو ان نغطي على الفشل في اصلاح الحاضر بالعودة على فساد الماضي…اشنوة باش ينفعني محاسبة الماضي وانا ما أنجزت شيء في الحاضر…يعني يحق للي يجي بعدي باش يحاسبني أيضا على اني لم اف باي من وعودي ولم أنجز منجزا واحدا…يعني الماضي بفساده سيصبح أفضل من الحاضر الذي لم ينجز إنجازا واحدا غير الوعود الوهمية…أما موضوع الحريات فهو أمر ما فيهش لعب…لا شيء يعوّض غياب الحريات…فالخبز هو بنفسه يكون طعمه مرّا في ظلّ غياب الحريات… خلاصة قولي الحرية والخبز والتنمية حقوق طبيعية للشعوب وهذه ليست مضطرّة للاختيار بينها…واللي يضحي بحريته اليوم مستحيل يلقى خبزه غدوة…ايجاو نتفقوا الناس الكل على مخرج مللي احنا فيه…مخرج يخلي بلادنا ديمة بخير…
الخبزة النوفمبرية: عشيرتي أنا تعبت نكملوا حديثنا غدوة …خلي نرقد شوية بربي…
الخبزة بوشبر: والله حتى أنا تعبت وجاني النوم وجيعانة انجم نرقد بحذاكم نخاف نرقد وحدي…
الخبزة البورقيبية: ايجا بيناتنا تو نرقدوا هنا بجنب العرصة هذه ايجا في الوسط ما تخافش..يا فرززو…ههههه
الخبزة النوفمبرية: ما اقواك عشيرتي فرززو…ملا اسم لقيتهولها…خبزة بوشبر…
قلت في خاطري بعد ان استمعت إلى كل ما دار بينهم، لم لا أنام أيضا هنا في انتظار أن يكملوا حديثهم لأعرف اين يريدون الذهاب بالبلاد…ونمت خلف “العرصة” التي ناموا بجانبها من الجهة الأخرى…استفقت صباحا على صوت الخبزة البورقيبية وهي تقول: يا نوفمبرية تي ويني الخبزة بوشبر…؟؟ ألقيت نظرة أبحث عن الخبزة النوفمبرية وجدتها تبتسم وتغني “أحن إلى خبز امي… وقهوة أمي…” …هنا صرخت الخبزة البورقيبية مرّة أخرى في وجه الخبزة النوفمبرية وقالت: قتلك ويني الخبزة بوشبر…تكلم…نظرت في اتجاه الخبزة النوفمبرية وعلامات الرعب بادية على وجهها وهي تقول بصوت خافت: عشيرتي والله البارح جعت كليتها…
في هذه اللحظة بالذات شعرت بوخز في جنبي الايسر: “قوم بابا قوم…وقت فطور… صباح توّه”…نظرت يمنة ويسرة…لم أر خبزا ولا احدا ممن كنت معهم فصرخت “الله يهلكك يا ولد السكرانة…الله يهلكك”…

حكمة مهاتير محمد… و”فشّان العجالي” في بلادنا !

انطلاق الموسم الثاني من برنامج “قعدة” مع مادلين طبر

طقس اليـوم … عودة الصيـف والاصطيـــاف !

8 أخبار لا تروق لعامّة التونسيين…

الاحتلال يجبر عائلة فلسطينية على هدم سكناها
استطلاع

صن نار
- ثقافياقبل 17 ساعة
انطلاق الموسم الثاني من برنامج “قعدة” مع مادلين طبر
- صن نارقبل 18 ساعة
طقس اليـوم … عودة الصيـف والاصطيـــاف !
- جور نارقبل يوم واحد
8 أخبار لا تروق لعامّة التونسيين…
- صن نارقبل يومين
الاحتلال يجبر عائلة فلسطينية على هدم سكناها
- صن نارقبل يومين
حزب رافض لدعم أوكرانيا … يفوز في انتخابات سلوفاكيا
- صن نارقبل يومين
الخارجية الأمريكية تتهم الصين باختراق العالم … والصين تصف أمريكا بـ “امبراطورية الكذب” !
- صن نارقبل يومين
هجوم إرهابي على إقليم الأمن بعاصمة تركيا
- رياضياقبل يومين
وديا … فوز قوافل قفصة على نجم المتلوي