وهْجُ نار
غدا سنركب ظهور الحمير…لكن ماذا لو ارتفع سعر العلف؟!
نشرت
قبل 5 أشهرفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
علينا أن نعي اليوم جميعا أننا في خلاصة الأمر شعب واحد، يطمح الى بناء دولة قوية مستقلة ذات سيادة، دولة عادلة ويحكمها عادل لا يستبد بالرأي ولا بالقرار ولا بالخيار…دولة يتساوى فيها الجميع من العالم للأجير، ومن المواطن إلى الوزير… دولة ديمقراطية تحقق وتلبي طموحات كل الشعب في أن ينعم بحياة آمنة كريمة لا فساد فيها ولا عمالة ولا خيانة ولا استبداد حاكم أو مسؤول…أين نحن اليوم من كل هذا؟

هل حققنا شيئا من طموحات الشعب وما يريده ويتمناه؟ لا شيء مما كان يتمناه الشعب حققه … ولا شيء حققه له حاكمه الجديد ولا من سبقه أو تحقّق له…لا شيء…فأكبر معضلاتنا اليوم وأكبر مشكلاتنا هي من أين نأكل وماذا نأكل وهل لنا من الأكل ما يكفي كل هذا الشعب ليبقى على قيد الحياة…؟
هذا الشعب لم يعد يهتمّ لإنجاز أو لبعث مشروع رائد يشغّل الآلاف، أو لنجاح علمي يهزّ الدنيا من أحد أبناء هذا الوطن المنكوب، أو شراكة اقتصادية تملأ خزائن البلاد وتغنيه عن التسوّل من المنظمات والدول والمؤسسات المانحة، أو لبطولة في كرة القدم أو لزواج فمن يتزوجون صيفا يتركون زوجاتهم شتاء ولا نهتمّ لشوط في كرة المضرب أبدعت فيه أنس جابر…هذا الشعب أصبح عاجزا عن العمل فالكسل أصبح شعار الشعب منذ 14 جانفي…منذ أصبح “العزري أقوى من سيدو” ومنذ أصبح الاتحاد شريكا في الحكم بالثلثين…
أعظم همّوم هذا الشعب اليوم هو كيف يهرب بعضه من جحيم البلاد وبطش ظروفها… وللبعض الآخر ممن لم يعد يهمهم أمر مستقبلهم بعد أن عجزوا عن توفير مستقبل أفضل لأبنائهم…أقول أعظم هموم هؤلاء كيف يبقون على قيد الحياة، وليبقوا كذلك عليهم أن يأكلوا فمن أين سيأكلون وكم سيدفعون مقابل أكلهم وكيف سيحصلون على بعض السكر والزيت ورغيف من الخبز فقد وزنه الحقيقي بسبب سوء التغذية، فحتى رغيفنا يعاني من هبوط حاد في الوزن وانسداد في الشرايين وسوء تغذية في مكوناته…
دولتنا أبقاها الله لا تبحث اليوم عن استثمارات ولا كيف تصنع الثروة لأجيالنا القادمة…ولا كيف توفرّ مواطن شغل للهاربين من “حرقة” البطالة إلى “حرقة” الموت غرقا في المتوسط…همّها الوحيد، كيف تسدّ رمق هذا الشعب الذي بدأ بعضه يشعر بوجع في بطنه من الجوع…حتى لا يخرج عليها ماسكا بطنه بيد وحجر باليد الأخرى مطالبا بحقّه في الأكل والماء…فالجوع هو سبب أكثر من ستين بالمائة من الثورات والانقلابات التي وقعت خلال القرن الماضي… مشكلتنا اليوم هي أن بطوننا أصبحت شغلنا الشاغل فنسينا فلذات أكبادنا التي هربت من جحيم بطالة واحباط ويأس نحن اشعلنا ناره بأحقادنا…وكراهيتنا التي زرعناها يمنة ويسرة وشمالا وجنوبا…وكأني بحكامنا تعمّدوا أن يجعلوا من بطون الشعب أكبر همّه عوض أن يبحث عن أمور قد تنغّص على الحكام حياتهم…فالشعب اليوم عوّض الديمقراطية بالرغيف ونسي أن توفير الرغيف للشعب هو مكوّن من مكونات الديمقراطية…وكأني بشعار الشعب اليوم أصبح “أحكم واعمل اللي تحب …فقط اعطيني ناكل”…
هذه البلاد هي اليوم ضحية حقدنا وكراهيتنا لبعضنا البعض…وضحية الفتنة التي جاء بها “التتار والوندال” و”جنكيز خان” من اليسار واليمين وحتى من سكان الدار الذين لم يضعوا حجرا واحدا في هذا البناء الذي بدأ يتآكل من ثقل الأحقاد… المشكلة هنا، والكارثة التي بدأت تحوم حول هذه البلاد هي أن نسبة كبيرة من هذا الشعب وكأني بهم قبلوا بما يجري فأصبح عندهم تفكيك الدولة ومؤسساتها أمرا واقعا يتعاملون معه بكل عقل انتقامي ووعي ثأري وتفكير حقدي… وهنا يكمن الخطر فمن الطبيعي أن يؤدي وعيهم، وما يقومون به فرديا وجماعيا الى تحقيق أهداف التفكيك…فلا غرابة إذن إن ازداد الأمر سوءا رغم تعنتنا وتمسكنا بأننا أتينا ما يجب اتيانه…ولا غرابة إن غابت العديد من المواد الحياتية الأساسية والضرورية…ولا غرابة إن أغلقت نصف المؤسسات الصناعية ومعامل البلاد أبوابها فكل هذا الخراب لا يضيرهم في شيء…ولا غرابة أيضا ان يغلق اتحاد الشغل في وجه الشعب المسحوق والمغلوب على أمره خيمته التي كثيرا ما تفاخرت قياداته الحالية والسابقة بأنها خيمة الوطن، فقيادات الاتحاد باعت الخيمة إلى من قايضها ثمنا ينقذها من تبعات الخراب الذي كانت شريكا بأكثر من النصف فيه، خلال عشرية كان فيها الاتحاد حاكما بأمره يعلم حتى متى يدخل بعض الوزراء بيوت راحتهم ومتى يداعبون زوجاتهم قبل الولوج إلى غرف نومهم…
لا تستغربوا إن ازداد الوضع سوءا وإن تسارعت وتيرة تمزيق هذه البلاد وشعبها…فعوض أن يختار الجميع النهج الإصلاحي العقلاني بعيدا عن الانتقام وتصفية الحسابات خوفا على كراسيهم، وعوض ان ينخرط الجميع في محاولات الإصلاح بنبذ الأحقاد وتغليب المصلحة العليا للوطن والشعب، اختاروا القبول بالأمر الواقع لأنه يُرضي أحقادهم ورغبتهم الجامحة في الانتقام والثأر… وعلينا أن نعي قبل فوات الأوان وقبل أن نشعر جميعنا بوجع في بطوننا من الجوع القادم كرصاصة خارجة لتوّها من كاتم صوت مجهول الهويّة…أقول علينا ولا خيار أمامنا إلا الوقوف في وجه السياسات الخاطئة التي تهدف إلى تفكيك الدولة ومؤسساتها، وليس أمامنا غير خطاب وطني جديد جامع يوحد الجميع نحو هدف واحد …الوطن ولا غير الوطن…وطن يتعايش فيه الجميع ويتصالح ماضيه مع حاضره لضمان مستقبل أجمل وأفضل لأجياله القادمة…فتوريث الحقد وتغليب الفتنة سيفكّك أوصال هذه البلاد التي مات بُناتها من أجل أن تكون أفضل وأجمل لأبنائها وبناتها…
أظنّ أنه من العقل ان يقول المواطن اليوم كلمته حماية لهذا البلد وهذه الدولة من التفكّك حتى لا يقع اتهامه مستقبلا بالصمت السلبي المدمّر…على المواطن الواعي بمصلحة هذه البلاد أن يفكّر بعقل واع ومنطقي وليس بعقل الجاهل المتملّق المتسوّل للمناصب والكراسي والحاقد على كل خصومه، فسكوت المواطن اليوم لن يفيد البلاد في شيء بل سنحصد بسببه اللعنة من ولأبنائنا وأجيال المستقبل…وليعلم الجميع أن الوضع البائس الذي تمر به البلاد اليوم هو نتاج ثقافة الأوهام وعقلية الإلهاء التي تعيشها الطبقة الحاكمة، ومن يحيطون بها…وعلى حكامنا اليوم أن يدركوا جيدا أن تعاطي شؤون الحكم لا يكون بالتقاتل السياسي والحقد والتخوين…ولا بالاستماع إلى من يكيدون لهذه البلاد ويضمرون لها شرا…والحال أنهم اغرقوا مسامعنا بخطاب التسامح والتعايش والمحبة ودولة القانون وحكم الضمير وعدل عمر…
أرأيتم إلى اين أوصلتنا احقادنا…إلى اين أوصلنا غرورنا وتعنتنا وخوفنا من الجلوس حول طاولة واحدة… طاولة الوطن…نحن اليوم في مفترق طرق خطير…فمع كل صباح نفتقد مادة من المواد الحياتية المعيشية الأساسية…وكل مساء نسمع بفقدان مادّة أخرى…فما رأيكم حين تلتقون بأكثر من متسولة تطلب ثمن كراس أو ثمن كتاب لابنها …هذا ما نعيشه اليوم في أغلب جهات البلاد…أصبح التسوّل مناسباتيا … ما رأيكم في من يتسوّل لشراء بعض الدواء…ما رأيكم في من باع سيارته لأنه لم يعد قادرا على تحمّل مصاريفها …ما رأيكم في من باع منزله لينقذ ابنه من البقاء في وطن أصبح يؤلمه…يقتله…يدمّره؟ ما رأيكم؟ هل سيضطروننا إلى الاقتصاد والتقشّف في كل شيء حتى يسعدوا هم بالحكم ويهنأ بالهم…حتى لا ننغّص عليهم حياتهم في قصور الحكم بالمطالب…
لا غرابة غدا إن خرجوا علينا بومضات اشهارية تدعو إلى الترشيد في استهلاك الماء الصالح للشراب حسب زعمهم لأسباب صحيّة …ولا غرابة إن جاؤوا بطبيب مختصّ في امراض الكلى ينصحنا بالترشيد في استهلاك الماء خوفا على ما تبقى من كلانا…كما لا غرابة في أن يخرج علينا أحدهم ليروي لنا قصصا طويلة عن خطورة السكر وكل المواد الأساسية المفقودة على الصحة وينصحنا ليس بترشيد استهلاكها بل بالاستغناء عنها وتعويضها بمواد أخرى متوفرة…ماذا لو حذف الدعم كاملا عن المحروقات…هل سنعود لنركب الدواب؟ هل سنضطرّ إلى تحسين علاقاتنا بالحمير ونحن الذين أهنّاها طويلا وارهقناها بما حملناه على ظهورها من متاع ومن أثقال… وما قُلناه عنها… ومن شبهناهم بها؟ ماذا لو أصبحت الحمير هي وسائل نقلنا لعملنا وقضاء شؤوننا…ماذا لو أصبح الحمار هو الناقل الرسمي الوحيد للموظفين والعملة إلى مقرّات عملهم…ماذا لو وصلت متأخرا عن موعد خروج الحمار رقم 28 من محطتنا…هل سأطلب من أحد الركاب أن يتحرّك قليلا إلى الوراء حتى أجد مكانا معهم على ظهر الحمار…فماذا لو قال لي “وخّر وخّر ظهر البهيم وفى…شوف البهيم اللي بعدو…”…فهل ستُصبح تونس البلاد التي نصف سكانها من الحمير…والنصف الثاني أصدقاء وأصحاب الحمير… خلاصة قولي… فماذا لو ارتفع سعر العلف…؟؟؟ “وخّر وخّر ظهر البهيم وفى…”…
تصفح أيضا
وهْجُ نار
حتى لا نغنّي غدا … “حبّ ايه اللي انت جاي تقول عليه” !
نشرت
قبل أسبوع واحدفي
14 فبراير 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
يحتفل اليوم العالم بكل لغاته بعيد الحبّ…وسيخرج علينا بعضهم ليصرخ في وجوهنا عن أي عيد تتحدثون وبأي حبّ تحتفلون؟ وهنا وجب أن أقول …نعم بأي حبّ نحتفل؟ وبعض شعوب العالم يعيشون المأساة… يعيشون الوجع… يعيشون اليتم…

عن أي حبّ نتحدّث وبعضنا يأكل خُبزه من حاويات المزابل…وبعضنا يقطن القصور التي ألقت بفضلاتها في حاويات تلك المزابل…عن أي حبّ نتحدّث وبعضنا يموت تحت القصف…وبعضنا الآخر يموت تحت الأنقاض والركام…وبعضنا الآخر يموت جوعا…وبعضنا الآخر يموت غرقا…وبعضنا الآخر يبيع المساعدات التي كانت في طريقها لمن مات جوعا…
عن أي حبّ نتحدّث ومنسوب الحقد في هذا الوطن فاق الناتج الوطني الخام…عن أي حبّ نتحدّث ونحن اليوم ملل وطوائف…عن أي حبّ نتحدّث ونحن اليوم نكره بعضنا البعض…عن أي حبّ نتحدث وحكومتنا لا تحبنا…ورئيسنا يحقد علينا…عن أي حبّ نتحدّث والشعب لا يحب الشعب…عن أي حبّ نتحدّث وساكن قرطاج يهدّدنا كل يوم بالويل والثبور…عن أي حبّ نتحدّث وساكن قرطاج يتهمنا كل خطاب بالفساد والاحتكار…عن أي حبّ نتحدّث وبعضنا يسجن بلا سبب…عن أي حبّ نتحدّث وبعضنا يتهّم بعضنا بالعجب وبلا سبب…
عن أي حبّ نتحدّث وساكن قرطاج لم ينجز إنجازا واحدا مما وعد…عن أي حبّ نتحدث وساكن قرطاج لا يهتمّ بما نريد، رغم أنه رفع شعار الشعب يريد…فهل ما يأتيه منذ جلوسه على عرش قرطاج هو ما نريد؟ ألسنا نحن شعبه أم شعبه هو فقط من هو يريد؟ أيريد ساكن قرطاج أن نحبه…ولا يحبنا؟ أيريد حبّا من طرف واحد؟ ألا يعلم ان ذلك الحبّ لن يعمّر طويلا؟
لن نحبه …إن لم يحبنا…ولن نكون معه …إن لم يكن معنا…نحن لا نريد فقط خطبا ناسفة…ولا وعودا…ولا خطبا ملغومة…وإنجازا موءودا…ولا دساتير تكتب في الغرف المظلمة…نحن نريد عدلا…وكرامة…وانجاز وعود موعودة…نحن لا نريد صفوفا بالآلاف للفوز بعلبة حليب…ولا انتظارا بالساعات للعودة برطل من السكر…ولا عودة بخفي حنين دون زيت معلب…نحن لا نريد ميزا بين الناس…ولا ظلما لبعض الناس…ولا اقصاء للكثير من الناس…
نحن لن نحبك إن ظلمت بعضنا…ولن نحبك إن أقصيت بعضنا…ولن نحبك إن اتهمت بعضنا دون اثبات…خطبك الناسفة لن تشبعنا…وخطبنا الملغومة لن تروينا…وصراخك في وجوهنا لن يغنينا…أَعْدل سنحبك…اِرحم سنحبك…أنْجزْ سنحبك…وَحِّدْ سنحبك…صَالِحْ سنحبك…اِجمَع سنحبك…انْسَ سنحبك…ألم تر كيف فعل مانديلا…ألم تسمع كيف فعلت رواندا…دون ذلك سنغني جميعا…” حبّ ايه…اللي انت جاي تقول عليه” ….
وهْجُ نار
لا أعرف إن كان الوقت قد فات … الوطن يغرق ولا أحد مدّ له حبل النجاة
رسالة إلى صانع التغيير الثاني…
نشرت
قبل 3 أسابيعفي
31 يناير 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
أتدري يا سيادة الرئيس ماذا يعني أن تكون نتائج أول انتخابات تشريعية في عهدتك بهذا الضعف؟ يعني بكل بساطة أنك فقدت كل رصيدك الذي حصلت عليه في انتخابات 2019…

فقدت شرعيتك التي كنت بها تفاخر، ويعني أيضا أنها كشفت الحقيقة التي لا تريد سماعها، حقيقة أنك لم تكن تحصل على ذلك الرصيد في الدور الثاني من انتخابات 2019 لو لم يتوحّد المشهد السياسي كاملا ليقطع الطريق أمام خصمك، ليس حبّا فيك، أو ثقة في ما قد تأتيه، بل خوفا من تبعات انتخاب خصمك المتهم بشبهة الفساد…فأنت إذن من اختار توقيت الانتخابات… وتوقيت تبعات نتائجها…
أنت أيضا يا سيادة الرئيس من يتحمّل تبعات هذه النتائج الضعيفة جدا…فهل من المنطق أن تختار موعدا لانتخابات “تأسيسية” وأنت لم تنجح في منجز واحد منذ وصلت إلى الحكم…أتدري أيضا أنك أنت من أختار إقصاء كل من مدّوا لك يد العون في انتخابات 2019، فهل تنتظر منهم أن يدعموك ويغرقوا صناديق الاقتراع بأصواتهم من أجلك، وأنت من أخرجهم من المشهد واقصاهم وهدّدهم بالويل والثبور دون أي اثبات أو دليل واحد يؤكّد ما تتهمهم به في كل خطاب وكل خروج إعلامي للشعب…
خلاصة ما تعيشه البلاد يا سيادة الرئيس، هو أنك أنت من اختار تحمّل تبعات كل سياساتك بمفردك بعد أن أبعدت كل شركائك في الحكم…وأقصيتهم… وأكاد أجزم أن الانتخابات التشريعية التي مرّت أول أمس هي الفصل الأول من “ردّة فعل” الأحزاب مما فعلته بهم…ومن “ردّة فعل” الشعب مما يعانيه منذ انفرادك بحكم البلاد…فأنت إذن من اختار “نهايته” السياسية متى تكون وكيف ستكون…وأنت أيضا من صنع ممن كانوا معه شركاء أعداء له…أتعلم يا سيادة الرئيس أن من يصنع الأعداء لن ينجح ابدا في صناعة الأصدقاء…وهنا وجب أن تعلم أمرا أعلم جيّدا أنك لا تقبله ولا تريد سماعه، ولا تهتم أصلا لسماعه…
هذا الأمر يهمّ كل من اجتمعوا حولك بعد أن أبعدت كل من أوصلوك إلى حيث أنت…هذا الأمر يا سيادة الرئيس هو أن جميعهم كذبوا ويكذبون عليك…جميعهم خدعوك ويخدعونك بالتصفيق والتمجيد…والثناء…فمن رفضوا اليوم الذهاب إلى صناديق الاقتراع هم في الحقيقة والخلاصة يرفضون مسارك…ويقولون لك “كفى”…وسيكبر عددهم مع الأيام…ومن يوهمونك بأن نسبة الإقبال الأضعف في تاريخ تونس والعالم كافية وزيادة لإبقائك حيث أنت، يخدعونك حفاظا على مواقعهم ومصالحهم…فلا تستغرب إن وجدت نفسك في قادم الأيام وحيدا…دون من هم حولك اليوم…فجميعهم سينفضّون من حولك يوم يعلمون أن البلاد غرقت وسيغرقون معها…سيقفزون من المركب ويتركونك وحيدا بعد أن خدعوك…واغرقوك بالثناء والتمجيد…سيهربون بجلدهم خوفا من تقاسم تبعات الفشل والسقوط معك…سيتركونك وحيدا أمام مسؤولياتك وتبعات فشلك…
سيادة الرئيس، ما الذي تريده بالضبط من وجودك حيث انت هناك في قصر قرطاج وعلى كرسي الرئاسة؟ ألم تقل إنك تريد خيرا بالبلاد والعباد؟ فاين هذا الخير؟ ألم تقل إنك جئتنا عادلا؟ فأين هذا العدل؟ ألم تقل إنك جئت موحّدا؟ فاين هذا التوحيد؟ ما الذي تريده من هذه الدولة التي تقودها وما تعريفك لها يا سيادة الرئيس؟ فأنا كغيري ممن عاشوا في هذه البلاد منذ ولادتهم يفتقدون اليوم ومنذ مجيئك لمن كانوا يعرفونها دولة سابقا، ننظر حولنا ولا نجد تلك الدولة التي نعرفها …تلك التي أحببناها …تلك التي عملنا بها ولها ومعها، اين الوطن الذي أقسمنا بان نخدمه ونصونه ولا نخونه؟ لم نعد نرى شيئا مما كنّا نعرفه عن الوطن والدولة…ونخاف غدا، ألا يعني لنا الوطن شيئا…
أتدري يا سيادة الرئيس أن الشعب ومنذ مجيئك إلى كرسي قرطاج تمزقه التفرقة السياسية والأيديولوجية، وتتقاذفه الأحقاد والكراهية، واليوم توسعت التفرقة لتصبح قبلية وجهوية…أتدري أن هذا الشعب اصابته لعنة الحقد وتغلغلت في صدره فأصبح يبحث عن الهروب بجلده من وطن لم يعد وطنه ولا حتى شبحا من ذلك الوطن الذي عاش فيه قبل مجيئك…رغم ما كان فيه… وما عاشه من خيبات…
أعترف أني لست من الذين يغرقون كثيرا في التشاؤم…ولا أزال أحتفظ ببعض الأمل بأن الحل قد يكون دونك…كما قد يكون معك أيضا، لو…لو مددت يدك للجميع…حتى من كنت معهم شريكا في الحكم…في الفشل…في أسباب ما نحن فيه…فأنت أيضا ساهمت بنصيبك في ما نحن فيه…ساهمت في وجعنا…في احباطنا…في بعض ما نحن فيه…مدّ يدك لمن كانوا معك ذات يوم فزت فيه يا سيادة الرئيس…مدّ يدك للجميع دون إقصاء لأحد إلا لمن أجرموا…مدّ يدك لمن يقول لك أخطأت يوم تخطئ …لمن يقول لك اصبت يوم تصيب…مدّ يدك للشعب…كل الشعب أيها الرئيس… قبل ان يأتي يوم، سيأتي لا محالة، لن تجد فيه ورقة تحمل اسمك في صناديق الاقتراع…أتدري يا سيادة الرئيس أن الجائع والمحبط واليائس والمظلوم لا يذهبون إلى مكاتب الاقتراع…فهذه المكاتب لا تستهويهم…وبطونهم خاوية وفلذات أكبادهم يموتون كل يوم يأسا وإحباطا وغرقا… لا اعرف يا سيادة الرئيس ان كان الوقت قد فات… فالوطن يغرق ولا أحد مدّ له حبل النجاة…
وهْجُ نار
غدًا ذكرى ثورة الرجال…ثورة لم يكن فيها الدجّال والنذل والمحتال…
نشرت
قبل شهر واحدفي
17 يناير 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
أتساءل ونحن نحتفل غدا بالعيد الأصلي لثورة أخرجت المستعمر…بِعيد من ماتوا وهم يدافعون عن ارض هذا الوطن وحرية شعب هذا الوطن…بعيد ثورة أعلنها بورقيبة ورفاقه على مستعمر وصف عهده عالي المقام بــ”الحماية”…

أتساءل كيف لمعارضة “عالي المقام” أمير البلاد أن تنجح وهي بهذه الحال…فالكل يكره الكل…والكلّ يظلم الكلّ…فرّقتهم المصالح والأطماع…شتتتهم الأكاذيب والترهات والشعارات الجوفاء…خطابهم شبيه بخطاب عالي المقام …خطابهم ليس أكثر من شيطنة للماضي فماضي البلاد أصبح كالحمار القصير…الكل يريد الركوب…فيكفي أن تشيطن أحد الأشخاص الذين كانوا في المنظومة القديمة حتى يصفّق لك الجميع اعجابا، وأعني بالقديمة منظومة بن علي رحمه الله…فأغلب أشباه رجال المعارضة يولون أهميّة أكبر لسبّ ما مضى وشتمه أكثر من أي برنامج آخر في خطابهم السياسي، والحال أنهم يعانون من حقد حاضرهم ما لم يعانوه من تاريخهم الذي يشتمون….فكل المنابر التلفزية ومنذ اثنتي عشرة سنة موجّهة فقط لشيطنة الماضي ونعته بالخراب والحال أنهم من الذين تعلّموا ودرسوا وكبروا وعملوا وتدرّجوا وكسبوا المال بين كل ذلك الخراب….
مجرّد رؤية أحد المسؤولين من الذين كانوا قبل 14 جانفي يجلسون على الكراسي يتقيأ البعض أو يصاب بمغص بأمعائه وكأنه شاهد لتوّه إبليس…والحال أنه كان يحاول جاهدا أن يفوز برضاه ولم يصل إلى مبتغاه….أتساءل لماذا تنسى معارضتنا الأشياء الجميلة ولا تذكّر غير السيء من الأحداث…لماذا لا تتوحّد وتنسى حقدها على الماضي…لماذا لا تتوحّد ضدّ حاضر اساء للبلاد والعباد…حاضر لم يستثن أحدا من ساسة البلاد…هل كانت البلاد كلها خرابا كما يزعمون…إن كانت كلها خرابا فلم بأرقامها ارقامهم يقارنون؟ أين كان هؤلاء إذن …أليسوا من أبناء هذا الخراب؟
أتساءل لماذا نوظّف الماضي حسب أجنداتنا فحين يجب الثناء على بورقيبة أو بن علي لغايات انتخابية نصيح ونصرخ بأعلى أصواتنا مترحمين عليهما، وحين نكون في جهة اخرى من الجهات التي قد تكون عانت من ظلم الزعيم نسبّ الزعيم إرضاء لأبناء تلك الجهة ومراودة لأصواتهم…أتساءل لماذا كل هذه الحرب على القديم؟ أأصبح فشلهم في تحقيق مثل ما تحقّق في الماضي مرضا؟ أأصبحت عقدة حاضرنا ماضينا؟ فهل حاضرنا اليوم أفضل من ماضينا…؟؟ لماذا نعيد كتابة المأساة مرّة أخرى؟ ماذا ينتظرون من الشعب؟ هل ينتظرون ان يخرج داعما لهم ومناديا بهم حكاما على البلاد وهم على نفس الأحقاد؟ كيف يريدون محاربة الحقد الذي يكتوون به من منظومة عالي المقام بمواصلة حقدهم على القديم ومن سبقهم في حكم البلاد؟ أسألهم جميعا…وبعضهم يرى في نفسه أنه المدافع الوحيد عن هذا الشعب والحال أنه سبب أوجاعه…أسألهم…ماذا فعلتم لهذا الشعب…ماذا حققتم لهذا الشعب…ماذا فعلتم لطالب الشغل الذي ينتظر موردا ينقذ به عائلته من الضياع والجوع…ماذا فعلتم لفقير ينتظر مساعدة تخرجه من الضيق الذي خنق أنفاسه….
ماذا فعلتم ليائس قرر الانتحار غرقا هربا من جنتكم الموعودة والتي لم ير منها غير الجوع والعطش والتشرّد….ماذا فعلتم لجهات مهمّشة انتظرت وعودكم ولم تأت…ماذا فعلتم لفقير لم يجد مالا ليداوي زوجته التي تموت يوميا….ماذا فعلتم لمشرّد لم يجد موردا يكفيه بناء بيت صغير يسكن فيه…ماذا فعلتم لمن ظلمتموهم بعد 14 جانفي وشردتم عائلاتهم حقدا وطغيانا…ماذا فعلتم لطالب مات أهله وتركوه عاطلا بشهادة لن تشبعه من جوع…ماذا فعلتم من أجل مئات الآلاف من العاطلين من الذين حلموا بمستقبل أفضل في ظلّ وعودكم الكاذبة….ماذا فعلتم لمن خسر شغله لأن بعضكم اعتصم أمام مورد رزقه يمنعه من الدخول…ماذا فعلتم وبعضكم يغلق مواقع العمل حقدا وبهتانا…ماذا فعلتم…وماذا حققتم من آلاف الوعود…وآلاف الشعارات التي رفعتموها…ماذا فعلتم وأنتم تطردون المستثمر الذي جاءكم راغبا في مساعدتكم…ماذا فعلتم وأنتم تعطّلون كل مفاصل العمل والشغل لتحقيق مصالحكم ومصالح عائلاتكم ومن بايعوكم على خراب البلاد…ماذا فعلتم وبعض الشعب ينام ليلته دون أن يسعد بلقمة بعد جوع أيام وأسابيع…ماذا فعلتم وبعض الشعب يموت كمدا وحسرة على رزق ضاع بسبب ما فعلتموه بالبلاد…ماذا فعلتم؟
خلاصة كلامي، وكلامي موجّه لمن حكموا خلال العشرية الأولى من عهد الخديعة وهم من يعارضون اليوم عالي المقام، وموجّه أيضا لمن يحكمنا اليوم بحجة تصحيح المسار والحال أنه حاد بالمسار عن المسار، وأخذ البلاد والعباد إلى حيث لا أمل في إصلاح حالها، فنحن اليوم نغرق في الوحل ولا خلاص لنا ومن يحكمنا يحقد على نصف شعبه، ويتهم النصف الآخر بالفساد والاحتكار ويهدّد الجميع بالويل والثبور… وليعلموا جميعا سلطة ومعارضة، هذا الشعب لا تهمه حروبكم إن لم تكن في صالحه وتخرجه مما هو فيه…ولا يهمه من يحكم…ولا يهمه من الوزير…ومن المدير…ومن السفير….الشعب يريد لقمة….وشغلا…وأمنا….واستقرارا فقده منذ جاء بعضكم كاذبا…رافعا لشعارات مات أهلها…
ماذا فعلتم….وبعض الشعب يموت كل يوم….وأنتم تفاخرون بما لم تنجزوه….ماذا فعلتم….لم تفعلوا شيئا…فقط وزعتم الإحباط…واليأس….في وطن كان أجمل قبل مجيئكم….وقبل خروجكم عليه بشعارات كاذبة…ألا تخجلون مما فعلتم…ومما أتيتم…لوطن كان أفضل …لا استثني أحدا…
الحركة الدبلوماسية … قريبا

رجاء بن سلامة تُعزل من إدارة دار الكتب

سيدي علي بن عون … امراة تقدم على الانتحار شنقا

أنس جابر تتراجع إلى المرتبة الرابعة

إصدارات: في “مستودع الخنازير” لمحمّد الحباشة … سرد لعبثية الحياة
استطلاع

صن نار
- تونسيّاقبل 4 ساعات
الحركة الدبلوماسية … قريبا
- ثقافياقبل 11 ساعة
رجاء بن سلامة تُعزل من إدارة دار الكتب
- اجتماعياقبل 15 ساعة
سيدي علي بن عون … امراة تقدم على الانتحار شنقا
- رياضياقبل 16 ساعة
أنس جابر تتراجع إلى المرتبة الرابعة
- ثقافياقبل يوم واحد
إصدارات: في “مستودع الخنازير” لمحمّد الحباشة … سرد لعبثية الحياة
- جور نارقبل يوم واحد
ملاحظات نقديّة … على هامش تغيير النظام التأديبي المدرسي
- اجتماعياقبل يوم واحد
بن عون … بضاعة مهرّبة في منزل مهجور
- ثقافياقبل يومين
وفاة الفنانة ريم الحمروني