جور نار
ماذا عن الوضع السياسي بالبلاد ؟
نشرت
قبل سنتينفي

على إثر استقالة رئيس الحكومة السابق كضربة “دستورية” نقلت ـ في نظام برلماني ـ صلاحية تعيين حكومة بديلة من قصر باردو إلى قصر قرطاج … و قطعت الطريق أمام مثول الفخفاخ أمام مجلس النواب و ما كان سيتلوه من مساءلة و لائحة لوم فإقالة … و ذلك ما كان مبرمجا في خطة حركة النهضة و كتلتها و حلفائها … على إثر هذا، اعتلى هشام المشيشي سدة رئاسة الحكومة مسنودا بأغلبية مريحة متوجسة من فرضية حل البرلمان و انتخابات مبكرة “غير مضمونة” لبعض الأحزاب و الجهات … في طيف يبدأ بـ “نهضة” أغلبية و ينتهي ببعض الأحزاب أو الكتل الأخرى، مرورا بزمرة النواب الوصوليين الذين تحركهم دوافع شخصية و انتهازية تباع و تشترى …

ورث المشيشي عن حكومة سلفه وضعا اقتصاديا و اجتماعيا مترديا جدا على شاكلة ما ورثه الفخفاخ عن الحكومة التي سبقته … و زاد انتشار وباء الكورونا بكامل البلاد مصاعب إضافية في ظل قطاع صحة يشهد ترديا متناميا بسبب إهمال الحكومات المتعاقبة بعد 2011 … إذ اختلت الخدمات الصحية و انكشف فقرنا المدقع تجهيزات و مبان و أدوية و موارد بشرية و حوكمة … في غياب برامج إصلاح لقطاع لم يطرأ عليه إصلاح و لا دعم، بل تدهورت حالته بعد ارتخاء العمل الوقائي و ترهّل الخطوط الأمامية خاصة على المستويين المحلي و الجهوي … و لولا الجهود و التضحيات التي يقدمها عموم أعوان الصحة، لرأينا بشكل أفدح نتائج ضرب القطاع العمومي و تغوّل القطاع الخاص على حسابه. …
حاول المشيشي طرح برنامج حكومته … رغم أن الملاحظين اعتبرو أنه لا يتجاوز صبغة عامة و سطحية و لا يرتقي إلى مستوى برنامج حكومي.. و مما زاد بلة أن رئيس الحكومة تورط في إثارة احتقان حاد متعلق بمشروع سحب القانون 116 لفسح المجال أمام مشروعين آخرين يهدفان إلى ضرب الإعلام و الإدارة في مقتل … و الأخطر أن جل المراقبين وضعوا ذلك في خانة ” مقايضة” بين رئيس الحكومة الجديد و حركة النهضة و حليفيها ائتلاف الكرامة و قلب تونس … و يتم بمقتضى هذه الصفقات المتتالية تمتيع الحكومة بحزام سياسي يغنيها عن وصاية الرئيس سعيّد و تقلباته و إهاناته … مقابل تمرير تشريعات قد تقضي على آخر بقايا الدولة المدنية في تونس …
الأجنحة المتكسّرة
و إذا قمنا بقراءة عاجلة للساحة الوطنية اثر انهيار بعض الأحزاب مثل “نداء تونس” و تفكك أوصال “الجبهة الشعبية” لاحقا، سندرك مدى اتساع رقعة الفراغ السياسي على هذه الساحة … و هذا ما أدى حتميا إلى ظهور فسيفساء من الأحزاب و الكتل التي تريدها المافيا الاقتصادية و السياسية بطريقة أو بأخرى … و قد أفسح ذلك المجال للغة مناكفة و بلطجة و عنف لا ترتقي إلى مكانة مجلس النواب أو انتظارات التونسيين منه…. تربعت هذه الأحزاب وسط البرلمان، في غياب شبه كلي للقوى التقدمية ؤ بالتحديد للجبهة الشعبية إثر اتقسامها بسبب البيروقراطية السائدة و النرجسية و اجترار خطاب إيديولوجي مستهلك… و سواء لدى المكونات التي كانت في الجبهة أو سواها من التيارات التقدمية، فقد فشل جميعها الآن في تحصيل شعبية يستحقها اليسار تتويجا لتضحياته التاريخية و نضالاته … و ما عليه اليوم إثر هذه الكبوة إلا أن يلم شتاته و يطوّر مناهج عمله و خطابه السياسي و يلتحم أكثر بالطبقات الشعبية …
انكمش اليسار على مستوى حضوره تحت قبة مجلس النواب فأدى ذلك إلى فرض خارطة أحادية جامدة و تسليم مقادير أعلى سلطة في البلاد إلى تيارات لم تخدم البلاد و من غير المتوقع أن تخدم سوى مصالحها … و قد رأينا أن هذه الأحزاب هي امتداد للوبيات تتشبث بالسلطة و تتقاسمها منذ عشر سنوات و لم تتغير فيها إلا بعض الأسماء و التكتيكات … ..و يحدث أحيانا أن يقع تنافر أو تلاسن أو تمثيل دور الخصومة بين كتلة و كتلة، أو بين قصر و قصر، أو بين رئاسة و رئاسة … و لكن الحصيلة في النهاية واحدة، و عقلية الغنيمة هي الغالبة، و الباقي من ذلك كثير من الجعجعة اللفظية و معارك البلاتوهات التلفزية، توهم بالحركة في حين أن البلاد واقفة … و إن تحركت فإلى الوراء أو إلى ما تحت الصفر كما تنطق به مؤشرات النموّ …
شمشون و دليلة
أما أهم ما أفصحت عنه الساحة الوطنية فهو الحضور المتنامي للحزب الدستوري الحرّ، الذي نجح في شحذ همم الدساترة و التجمعيين و عديد الشرائح الاجتماعية في عمق البلاد … و ذلك بفضل خطاب قوي مقنع واضح و صراع مباشر مع العنوان الأوضح للخلطة السياسية القائمة … و هذا يمكن تسجيله ضمن مفارقات التاريخ و غرائب الأمور … فبدهاء لا نظير له، نجح حزب الدستور (ذو التوجه اليميني طول عمره) في استبطان مقولات اليسار التي فشل اليسار في إقناع الناس بها … و نجح في تعلّم أصول اللعبة الديمقراطية (رغم ماضيه الاستبدادي الطويل) التي سقطت في امتحانها جميع الأحزاب و الشخصيات ذات الرصيد النضالي الديمقراطي … و نجح في تقديم خطاب متماسك ثابت يقطع مع الخطابات المزدوجة و حالات تقلّب المواقف التي طغت على طبقتنا السياسية و أفقدتها احترام الشارع التونسي … لذلك توصّل دساترة ما بعد 2011، إلى التأقلم و الإقناع دون حاجة إلى وسائل السلطة كما كان قبل 2011 … بل يمكن القول بأنهم تجاوزوا كبواتهم القديمة بشجاعة نادرة، و كأنهم يستعيدون وهج أسلافهم في النصف الأوّل من القرن العشرين …و لعل هذا ما يفسّر حشدهم لشعبية حقيقية تضعهم في أعلى نوايا التصويت طبقا لآخر عمليات سبر للآراء …
. يبقى اللغز الكبير متعلقا بالحزب الأكثر استفادة من 2011 و الأرسخ قدما في السلطة و على جانبيها … حركة النهضة كانت تمثل حلاّ و أملا بالنسبة إلى قطاع هامّ من الناخبين … و قد نجحت لحد الآن في حصد جل نتيجة اقتراع مهما كان حجمها … مما يحمّلها المسؤولية الأكبر في سير البلاد إن خيرا أو شرّا، و يعطي لما يحدث في دواخلها أبعادا وطنية و حتى إقليمية لما قد يتولّد عن ذلك من تداعيات … لهذه الأسباب يقلق التونسيون و هم يلاحظون بوادر تآكل مستمر و انقسام صلب هذه الحركة التي تستعد لتنظيم مؤتمرها قبل نهاية السنة … و ذلك في ظل خلافات حادة قد تعصف بالحركة التي شهدت في الفترات الأخيرة استقالة العديد من قياداتها … كما يثار داخلها جدل عنيف تحوّل إلى العلن، و يتعلق بعدم التمديد لرئيس الحركة طبقا لنظامها الداخلي، أو ديمومة بقائه على رأسها، كما يرغب في ذلك الشيخ و أنصاره و مقرّبوه …
تصفح أيضا

تروي الحكاية الفرنسيّة أن رجلا يدعي “بانورج ” كان في رحلة بحريّة على متن سفينة. وكان على نفس السفينة تاجر الأغنام “دندونو” ومعه قطيع من الخرفان المنقولة بغرض بيعها.

كان “دندونو” تاجرا جشعا يمثل أسوأ ما في هذا العصر وهو غياب الإنسانية. و حدث أن وقع شجار على سطح المركب بين “بانورج” والتاجر “دندونو” صمم على أثره “بانورج” أن ينتقم من التاجر الجشع ، فقرّر شراء خروف من التاجر بسعر عال، وسط سعادة دوندونو بالصفقة الرابحة. وفي مشهد غريب أمسك “بانورج” بالخروف من قرنيه وجرّه بقوة إلى طرف السفينة ثم ألقى به في البحر ، فما كان من أحد الخرفان إلاّ أنْ تبع خطى الخروف الغريق ليلقى مصيره ، ليلحقه الثاني فالثالث والرابع وسط ذهول التاجر وصدمته ، ثم اصطفت الخرفان الباقية في “طابور مهيب” لتمارس دورها في القفز.
جُنّ جنون تاجر الأغنام “دندونو” وهو يحاول منع القطيع من القفز بالماء ، لكنّ محاولاته كلها باءت بالفشل ،فقد كان”إيمان”الخرفان بما يفعلونه على قدر من الرسوخ أكبر من أن يُقاوم … وبدافع قوي من الجشع اندفع “دندونو” للإمساك بآخر الخرفان الأحياء آملا في إنقاذه من مصيره المحتوم ، إلّا أن الخروف “المؤمن” كان مصراً على الانسياق وراء الخرفان ، فكان أنْ سقط كلاهما في الماء ليموتا معا غرقا.
هذه القصّة للكاتب الفرنسي فرانسوا رابليه جعلت تعبير “خرفان بانورج” مصطلحا شائعا في اللغة الفرنسية ويعني انسياق الجماعة بلا وعي أو إرادة وراء آراء أو أفعال الآخرين.
ليس أخطر على المجتمع من تنامي روح القطيع لديه ليس أخطر ممن ينظر إلى الحقائق بعين واحدة ، من لا يفكّر أو لا يحاول أن يفكّر خارج الصندوق خارج الوعي الجمعي و الاندفاع القطيعي … فأن تكون مع المجموعة منضبطا لنواميسها مندفعا مع نظرتها و أحكامها، أسهل من أن تتجشّم عبء التّفكير الفردي و خطر المغامرة في محاولة الفهم و التفكيك و تقليب الأمور من كلّ جوانبها، و عدم الاكتفاء بالصورة التي يقدمها الآخرون
فالله وهبك عقلا لتحسن التفكير و تدبّر الأمور لا لتسمح للآخرين بتوجيهك و التفكير بدلا عنك، و خلقك حرّا لتستطيع أن تكون أنت و لا تكون مجرّد تابع للآخرين، و منحك قلبا و ضميرا لترتقي بمشاعرك و لتترفّع عن الشماتة و الحقد و التّشفيّ
إنّ الهستيريا الجماعية هذه الأيام فرحا بالإيقافات، و ما نطالعه من عبارات و مواقف يجعلنا نتساءل أين العقل و الضمير و الحرّية في كلّ ما يحصل؟ تعطّش للدّماء و حفلات شواء و رقص على جثث الموقوفين والمسجونين و المطرودين … و النّار مازالت تطالب بالمزيد و الجماهير تصفق فرحة جذلى داعية إلى حلّ الأحزاب و الجمعيّات و إغلاق المؤسسات الإعلاميّة و سجن من كانوا في الحكم و في المعارضة على السّواء و حتى طرد السفراء و الدبلوماسيين. و قد أنستهم الّخميرة أنّ نار الحقد المستعرة ستحرق الجميع وأنّهم يمهدون السبيل أمام الطغيان و التّجبّر …
متى يدرك الشّعب أنّنا منذ 12 سنة نكرّر نفس الخطاب النّاقم و نفس أخطاء المحاسبة و أنّ ممارسات اليوم لا تختلف كثيرا عن ممارسات هيئة بن سدرين، و أنّ الحساب فردي و ليس جماعيّا، وأنّ القانون يجب أن يطبّق على الجميع مساندين و معارضين، و أنّ المحاكمات يجب أن تتمّ وفقا للأدلّة و البراهين و في فضاء القضاء النّزيه المستقل وفي كنف القانون و على أسس المحاكمة العادلة، لا في الشوارع و المقاهي و فضاءات التواصل الاجتماعي حيث نصّب الكلّ نفسه خصما و حكما في نفس الوقت، و الويل كلّ الويل لمن يطالب بالتعقّل واحترام القانون و توفير ظروف محاكمات عادلة، سيندفع نحوه القطيع شاتِما، متّهِما، مخوِّنا وقد نسي الجميع كلّ مشاكل البلاد و لم يعد لهم من همّ إلا رؤية الآخرين وراء القضبان
فمن مازال اليوم مثلا يناقش شروط قرض صندوق النقد الدولي، و تنقيح القانون عدد 9 لسنة 1989 المتعلّق بالمساهمات و المؤسسات و المنشآت العمومية للتمهيد لخوصصة المؤسسات العمومية والانصياع لطلبات الصندوق؟ و ما دمنا نتحدّث عن الـ “آف آ مي” و في علاقة بطرد النّقابية الأوروبية يوم أمس من بلادنا للحفاظ على سيادتنا الوطنية و رفضا للتدخّل في شؤوننا، أ لا يحقّ لنا أن نتساءل أين السيادة الوطنية و نحن نتسوّل لتمويل الميزانية ؟ و أين السيادة الوطنيّة و بلدنا يخضع لأحكام المؤسسات المالية العالمية؟ أين السيادة الوطنيّة و نحن نمتثل لقرارات الاتحاد الأوروبي و نشتغل بالمناولة حرّاسا للحوض الجنوبي للبحر الأبيض المتوسّط ؟ أين السيادة الوطنية و شبابنا يقف طوابير أمام أبواب السّفارات الأجنبيّة ؟ أين السيادة الوطنيّة و مواطنونا يُهَرسلون في الحدود الجزائرية ؟ أين السيادة الوطنية و أبناؤنا من الحارقين يُرَحَّلون مخدّرين مغلولين ؟ …..
لقد نجحت السّلطة طيلة الأسبوع الماضي في إخراس أصوات الشعب المتململ من طوابير الانتظار و في توجيه اهتمامه نحو الإيقافات الحاصلة و لكن إلى متى ستتواصل هذه السّياسة؟ و حتى متى ستستمرّ مواجهة الفشل الاقتصادي بتحويل وجهة الرأي العام و ضرب الخصوم، و كيف ستُدارَى الخيبات الاقتصاديّة بعد إفراغ الساحة و القضاء على كلّ المعارضين و إخراس أصوات كلّ المناوئين؟ و هل سيستطيع الشّعب بعد ذلك أن يرفع صوته للمطالبة بحقوقه؟ و هل سيستطيع أن يعبّر عن رفضه لبعض القوانين والسياسات؟ و هل سيجد يومها من يدعمه و يقف معه أمام غطرسة السّلطة و جبروتها؟

سُعدت جدّا بالدعوة التي وجّهتها اليّ دار الثقافة ابن رشيق بتونس العاصمة احتفاء باليوم العالمي للاذاعة يوم 13 فيفري 2023 …

سعادتي كانت مزخرفة بالوان عديدة .. اوّلها انّ المشرفة على التظاهرة السيّدة عربيّة بدات رحلتها معي وهي تلميذة بالخامسة ثانوي بمعهد الحمامات كمستمعة ومراسلة لبرامجي في بداية الثمانينات باذاعة صفاقس ..وها هي اليوم نبتة صالحة تعمل بوعي وجدية في الميدان الثقافي ..هنيئا لي بك عربية وشكرا لك ولدار الثقافة ابن رشيق على هذه الدعوة … اللون الثاني تمثّل في اللقاء مع مجموعة من الزملاء الاعلاميين _اذاعة وصحافة مكتوبة مارسنا معا العمل منذ اكثر من 40 عاما سواء بالاذاعة الوطنية وفروعها في الاذاعات الجهوية او في جريدة الايام ذات سنوات في بداية الثمانينات والتي بقيت اصداؤها لحدّ الان كتجربة فريدة من نوعها في تاريخ الصحافة المكتوبة ..كنا انذاك عصابة من الاعلاميين المشاغبين جدا جمعنا رئيس التحرير الزميل نجيب الخويلدي .. وكتبنا وحبّرنا عديد الصفحات بمنطق ذلك الذي لا يجامل ولا يعادي …
اللون الثالث كان في لقاء مع مجموعة من الاسماء تواصل عملها سواء اذاعيا او تلفزيا ..وكان السؤال المحوري في مداخلتنا (الاذاعة بين الامس اليوم) وتداول على المصدح وبتنشيط من زميلي حبيب جغام العديد ..الا انّي وبعد كل ما استمعت واسمعت يومها اخترت في هذه الخواطر ان اطرح السؤال الاهمّ في تقديري وهو (الاذاعات الى اين ؟) هو سؤال مأتاه ما تعيش الصحافة المكتوبة من صعوبات جمّة لمواصلة التواجد مما ادّي البعض منها الى الانقراض …وبالتالي وامام المتغيرات التي شهدتها وسائل الاتصال كيف يمكن للاذاعات مقاومة هذا الواقع الجديد وهل هي قادرة على ضمان ديمومتها في الوجود ؟؟
الاذاعي بطبيعة انتمائه لهذا العالم السحري يرفض حتى مجرّد طرح السؤال ويعتبر انقراض الاذاعات سؤالا عبثيا .. ..وبشيء من هدوء الاعصاب ها انا اصرّ على طرحه وبشكل مباشر ..امام الواقع الاتصالي الجديد هل اصبح غد الاذاعة مهددا ؟؟ الواقع الاتصالي الذي نعيشه اثبت انّه بامكان ايّ كان ان تصبح له اذاعته الخاصة ..واكبر دليل على ذلك عديد المحطات الاذاعية وخاصة تلك الموجودة على الويب وهي اذاعات لا علاقة لها بالمفهوم العلمي مهنيّا لماهيّة الاذاعة . هي في جلّها نزوات فردية يمكن حوصلتها في (هيّا نعملو اذاعة ؟؟ ايه نعملو وعلاش ما نعملوش ..يخخي هي علم اليدُن ؟؟؟) …
نعم الاذاعة علم وموهبة تصوّرا واعدادا وتنفيذا ومتابعة ….ثمّ ودائما مع الاذاعات الخاصة هل ستبقى قادرة على ديمومتها وهي تعتمد اساسا على مداخيل الاشهار لتضمن خلاص اهل الدار ؟؟ وحتى اذاعات المرفق العمومي والتي تشتغل بفيالق بشرية مهولة جلّها لا شغل لها …هل هي قادرة على ديمومتها في ظلّ منافسة الاذاعات الخاصة لها رغم اسبقيتها التاريخية في احتلال المشهد السمعي ؟؟ وامام هذه التساؤلات هل سيواصل معهد الصحافة وعلوم الاخبار مسيرته كمّا وكيفا بعد ان اصبحت الاذاعات بكلّ انواعها تعتمد في جزء كبير من المنتجين والمنشطين بها على اناس لا صلة لهم لا بالصحافة ولا بالعمل الاذاعي ؟؟؟
بتساؤل يلخّص كلّ هذه التساؤلات: هل الاذاعات اصبحت مهددة تهديدا جدّيا في وجودها ؟؟ اجيب ودائما في تقديري الخاص ..نعم …. العديد من الاذاعات وخاصّة الخاصّة منها اصبحت في حاجة اكيدة للبحث عن حلول جذرية لواقعها المادّي اي لموارد جذيدة ..دون ذلك ستبقى مهدّدة في وجودها ..لانّ كعكة الاشهار المقسّمة على الجميع لا تفي بحاجة ذلك العدد المهول من الرخص المسندة من قبل الهايكا للخواص والتي اصبحت مشكلتها الشائكة توفير الحدّ الادنى من رواتب لافواه ارانبها لضمان حدّ ادنى من مقوّمات العيش الكريم …
فيما تبقى اذاعات المرفق العمومي بحاجة ملحّة لترشيد العامل البشري وتقليصه على مراحل للنصف على الاقلّ…
16 فيفري 2023
جور نار
للحبّ عيدٌ واحدٌ… وللعدوانيّة والشّتيمة أعياد وأمجاد !
نشرت
قبل 6 أيامفي
13 فبراير 2023من قبل
منصف الخميري Moncef Khemiri
كأنني بالحبّ في ربوعنا رهن الأسر والاحتجاز منذ بداية وجودنا ككيان ثقافي وحضاري مستقل له طقوسه وتقاليده ونظرته للعالم والإنسان والأشياء. مجالات التعبير عنه محدّدة بجملة من التقييدات والتّضييقات بالشكل الذي يجعله يسقط مباشرة في المحظور، إن هو تجاوز مربّع الإفصاح عنه بشكل صريح ومباشر تجاه الوالدين والبنين والوطن… أحيانا.

تسكننا خشية تلقائية نتناقلها جينيّا جيلا بعد جيل عندما نهمّ بالتعبير عن مشاعر الحبّ والمودة تجاه شخص ما، فنسارع إلى استدعاء كلمات تشير إلى الحبّ ولا تقوله أو توحي به وترمز إليه وتغمز نحوه ولا تصرّح به وكأننا اتفقنا جميعا على الاحتفاظ ببيت واحد من مدوّنة الشعر العربية العاتية للشاعر نزار قباني عندما تحدّث عن الحب منشدا “كلماتنا فى الحب تقتل حبّنا، إن الحروف تموت حين تُقالُ“.
أعتقد أن تعابير من قبيل المحبّة والمعزّة والمودّة والتعاطف والتراحم والتعاشر في لغتنا اليومية كأننا ابتدعناها خصيصا لعدم الوقوع في فخّ “الحب” الذي لا يُحيل في مخيالنا الحر الأصيل إلا على المهالك والمفاسد.
“إن الاحتفال بعيد الحب هو من البدع المحرّمة، إذ لا أصل له في الشريعة الإسلامية، ويترتب عليه العديد من المفاسد والمحظورات كالتبرّج، والاختلاط المحرّم بين الرجل والمرأة، والعلاقات غير الشرعية، ولا يجوز بيع وشراء الهدايا والورود إذا كانت مخصصة للاحتفال بهذا اليوم…” هذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمجلس الإسلامي للإفتاء – بيت المقدس… وعليه فلا يجوز إظهار الفرح والاحتفال والتهنئة فيها أو الإعانة عليها بأي شيء سواء بالهدايا أم البيع والشراء أم تقديم الطعام وغيره، لأن ذلك من قبيل التعاون على الإثم.
إن مثل هذه الفتاوى حيال التعبير عن الحب في قاموس شيوخنا إثمٌ، والحب نفسه خطيئة والاختلاط محرّم والورود المشبوهة مَفسدة… في نبرة تقريرية باتّة لا تترك أية مساحة للتّنسيب أو التلطيف أو طلب التفهّم لهذه السلوكات في سياق معولم ألغى الحدود والاستثناءات الثقافية.
ما الذي يُزعج حماة الأخلاق في بلادنا عندما يقدّم شابّ لصديقته التي ستتحوّل (في أحيان كثيرة) إلى زوجته وأما لأبنائه، باقة من الزهور المُنعشة للقلب وللروح وخلايا الدماغ؟ وأي وجه للإساءة أو انحدار الأخلاق حين يجتهد ويكدّ الزوج المحبّ لزوجته والمقدّر لعمق أواصر “العِشرة الطيبة” بينهما من أجل تقديم ما تيسّر من عرابين المودّة ونبل المشاعر التي تجمعهما؟ وأيّ المشهدين ألطف وأجمل وأعذب في سياق التعبير عن سُمك المشاعر وعمقها: مشهد الرسائل الغرامية (نكاد نعتذر عن استعمال مثل هذه التوصيفات المسكونة بكل الدلالات الحافّة المُعيبة) التي يبذل في صياغتها كاتبها كل ما أوتي من قدرة على الترقّي والتأثير واستدرار الإعجاب من متلقّيها، أم مشهد الذبائح الفاخرة لأجود أنواع المواشي وأكوام السلاسل والخواتم والمجوهرات الذهبية التي لا يقدر عليها سوى المترفون؟ وأيّة توازنات يمكن أن تختلّ بفعل مظاهر الابتهاج في يوم يتيم في السنة تتطاير فيه القلوب الحمراء يتبادلها المحبّون ويزهو به العاشقون، مقابل باقي أيام السنة المنذورة للنّكد والتشاؤم والاكتئاب الوطني؟
هناك تقليد وطني محلي صرف يُحمل ظاهريا على الحب والمودة، ويتمثل في حصول الزوجة التونسية على ما يُعرف بـ “حقّ الملح”، وهي هدية ذهبية أو فضيّة يقدّمها الزوج لزوجته تكريما لها لقاء التعب الذي بذلته طيلة شهر رمضان في إعداد وجبات الإفطار والسّحور. هذا التقليد على نُبله الظاهري لا صلة حقيقية له بالحبّ ولا بالمشاعر ولا بطيب المعشر وإنما هو مجرد تعويض مادّي وكأنها تعويضات عن أضرار وخسائر جسيمة حصلت أثناء الحرب، لأن الزوجة-الأم ليست مُطالبة لوحدها بتحمّل مشاق الطهي والإعداد والترتيب وغسل الصحون وتحضير القهوة والمحليّات ومستلزمات السّحور… فلو يتم احتساب عدد الساعات التي تقضيها المرأة في مطبخها خلال شهر رمضان لكانت كافية لإعاشة ثكنة عسكرية بأكملها في الأيام العادية. والوضع الطبيعي هو أن يتمّ تقاسم الأعباء وتوزيع الأدوار حتى يخِفّ الحِمل … لا أن يكرس الاستعباد العائلي الزوجي ثم نبحث له عن مسوّغات وإفتاءات.
نحن ضليعون في قاموس الكراهية والاستعداء
كثيرا ما نخلط نحن العرب بين علاقتنا بالشعوب الأخرى وموقفنا إزاء دولها التي استباحت ومازالت تستبيح أراضينا وخيراتنا، وكثيرا ما نزُجّ بالعنصر الثقافي والديني في حكمنا على الآخر وبلورة موقفنا منه خاصة إذا انطلقنا من بداهات زائفة تحاول ترسيخ فكرة أننا أفضل شعوب الأرض، فنصِفُ كل أولئك الذي لا يتقاسمون معنا نفس الطقوس بالكفّار والفُجّار الذين لا يحلّ لنا “أن يقع في قلوبنا محبة ومودّة نحوهم”. وحتى في علاقاتنا بعضنا ببعض، فإن خطاب الحقد والضغينة أعلى صوتا من خطاب المحبة والمودّة وباتت الشماتة رياضة ممتعة يتعاطاها الناس وكأنهم لم يفطموا على سواها، وأقلامنا وألسنتنا مدرّبة تدريبا جيدا على الإساءة وهتك الأعراض لا على احترام الناس والاحتراس من الاقتراب من مربّعات حميميّتهم وحياتهم الخاصة. ويبلغ سيْل الحقد أحيانا حدّ الشماتة في شعوب أخرى تضربها الأعاصير والزلازل وسائر الكوارث الطبيعية ومحاولة تفسير ذلك بكونه عقاب من الله لمرتكبي المعاصي والآثام.
وحتى عندما نغادر “فيراج” الفايسبوك على سبيل المثال نحو مساحات أخرى يصنف أصحابها أنفسهم على أنهم صفوة القوم ويُفترض فيها أن تكون مُحكِّمة للعقل الهادئ ومترفّعة عن السّباب والشتيمة، تكتشف أن الخطاب المستعمل لا يخرج عن نطاق التلبيس الأخلاقي والإحالة على أكثر الدلالات عفنا واتساخا.
وعليه، فإن الاحتفال بمناسبة مستجدّة أفرزها التطور الطبيعي للمجتمعات يسمونها عيدا للحب (مثل دخلة الباكالوريا التي لم نكن نعرف مثيلا لها في الماضي وحفلات أول السنة الجامعية وسهرات توديع العزوبية قبل الزفاف …) أفضل من الانتشاء بخبر “فضيحة” علقت بفنانة أو صحفية أو أية شخصية إعلامية أو سياسية معروفة. والاحتفال بعيد الحب لا يُنبئ بأية أضرار قد تلحق المحتفلين والمستعدين لإحيائه.
إن أجمل الأغاني وأعذب النصوص وأكبر الروايات وأمتع القصص وأحلى الأفلام تغنّت بالحب ورفعت رايته ووضعته في مكانة “الماء الذي يروي عطش العالم” كما يقول الشاعر رامبو، وفي المقابل لا نجد أثرا إبداعيا واحدا يحتفي بالعنف والكراهية ونبذ الآخر (باستثناء بعض الأركان الخفيّة في المنظومات العقائدية المختلفة عندما يرتؤون استدعاءها من أجل تبرير عنف أو تشريع قتل أو إيجاد ذرائع للتنكيل بالخصوم) .
أقول أيضا إن الحب طاقة حيوية ثمينة تُبقينا دائما على قيد الأمل في أناس نركن إلى أحضانهم زمن الشدائد، وأناس من حولنا لا نخشاهم وأصدقاء- إخوة يُوسّعون دائرة عائلاتنا الصغيرة وأناس، يلجؤون إلينا فنُبهجهم ونخفف آلامهم ونُيسّر مبتغياتهم ما استطعنا. فلا شيء يُضاهي في تقديري فرحا – مهما كان بسيطا-ـ نهبُه للآخرين وطمأنة ننثرها من حولنا وذراعا حاضنة نفتحها أمام التائهين.
صن نار
- جور نارقبل 46 دقيقة
تخميرة شعب …
- ثقافياقبل 9 ساعات
جربة…تظاهرات متنوعة لتنشيط السياحة الشتوية
- قبل 10 ساعات
46 سنة بعد عملية مماثلة قبيل أحداث جانفي 78 … طرد مسؤولة نقابية دولية من تونس
- اجتماعياقبل 14 ساعة
بشير العكرمي يحال إلى الرازي
- ثقافياقبل 16 ساعة
عبد النور حسن يتألّق في مصر
- رياضياقبل يوم واحد
جلمة … النسر يحلق عاليا، و يتوج ببطولة الخريف
- جلـ ... منارقبل يوم واحد
بين منتجي الحضارة ومستهلكيها
- داخلياقبل يومين
انطلاق أشغال “مجسم الثورة” بقيمة تناهز المليون دينار