تابعنا على

منبـ ... نار

مفارقات تونسية (2)

في الجدل المتجدد حول التعليم النموذجي في تونس [1]

نشرت

في

         “كل ما تفعله من أجلي بدوني، أنت تفعله ضدي” ـ غاندي

صدر خلال الأسبوع الماضي بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، قرار من وزير التربية مؤرخ في 19 أفريل 2022 ، يتعلق بضبط طاقة الاستيعاب بالمعاهد النموذجية للسنة الدراسية 2022/2023.

د. مصطفى الشيخ الزوالي

لاحظنا بهذه المناسبة، وعبر صفحات الويب  ووسائل التواصل الاجتماعي، تجدد الجدل السائد في تونس منذ سنوات حول التعليم النموذجي. في هذا الجدل، عادة ما تستميت فئة أولى في الدفاع عن المؤسسات التربوية النموذجية ومناظرتي “السيزيام” و” النوفيام”، وتدعو إلى “عدم المس بالمعاهد النموذجية”، تتحدث عن “المدرسة العمومية التونسية والتميز”[2] ،  وترفض ما تعتبره ’’المقترحات السخيفة“ الداعية إلى إلغاء الإعداديات والمعاهد النموذجية، أي مقترحات الفئة الثانية في الجدل المذكور.  وذلك تحت شعار ’’الجدية والصرامة في مقاومة الرداءة”. و”الدفاع عن الجدارة والجودة”.. [3]

من ناحية أولى، رأينا في العبارات الساخرة المستخدمة من الفئة الأولى، موقفا “استبداديا”، لا يعترف بوجهة نظر الفئة الثانية المخالفة لموقفها. وهذا ما يعكس، في تقديرنا، نزعة نخبوية متعالية، ميزت ولا تزال، قطاعات هامة من النخب التونسية في علاقتها بمجتمعها منذ نشأة الدولة الوطنية. كما يعكس أيضا استمرارا لمنطق الوصاية الذي تعودت على ممارسته تلك النخب “المتعالمة” لعقود طويلة، رسالتها الضمنية أو الخفية تقول: “انتم قاصرون، ونحن فقط المسؤولون على سعادتكم رغم أنوفكم’’.

من ناحية أخرى، وعبر الاطلاع على ما يتم تداوله إعلاميا، وكذلك انطلاقا من معايشتنا للنظام التربوي لسنوات طويلة، مدرسا ثم مستشارا في الاعلام والتوجيه المدرسي والجامعي، وباحثا في علم اجتماع التربية، يمكننا القول إن الفئة الأولى أقل عددا مقارنة بالفئة الثانية.  فغالبية التلاميذ والمربين والاولياء والمهتمين بالشأن التربوي، يجمعون على ضرورة ” إيقاف نزيف إفراغ المعاهد من التلامذة المتميزين”، والذين يمكن أن يلعبوا  دور”المحركات” الدافعة بالأقسام نحو تحقيق أفضل النتائج الدراسية. كما يجمعون على أن المعاهد النموذجية “ليست نموذجية في شيء”، إذ هي تعتمد نفس البرامج والطرق البيداغوجية وملامح المدرسين وعدد التلاميذ بالفصل الواحد والموازنات الأسبوعية ونظام الامتحانات….” وحسب عباراتالمهدي الشريف في كتابه: ’’تأملات تلميذ غير خاضع: مساهمتي في الإصلاح التربوي’’: “هنالك فقط زيادة في عبء العمل المطلوب من تلاميذ النموذجي. حيث لا يتم اعداد نخب فكرية، تحتاج الى مهارات خاصة للتفكير والتحليل، بل إعداد بهائم العمل والتخزين في الذاكرة” [4]

وفي دراسة أخرى منشورة بموقع نواة في 30 أوت 2021 ، تحت عنوان ’’الوجه الخفي للمعاهد النموذجية’’ لفريال تراس، وهي طالبة ومن قدماء المعهد النموذجي بأريانة . وشملت الدراسة 800 تلميذ من تلاميذ المعاهد النموذجية خلال الثلاثين سنة الماضية، بحثت في أصلهم الاجتماعي واتجاهاتهم إزاء تجربتهم الشخصية بالمعاهد النموذجية، وجدت أولا أن غالبية الملتحقين بهذه المعاهد ينحدرون من عائلات مرفهة وذات دخل مرتفع. وهو ما يؤكد أن سر التفوق الدراسي وضمان الالتحاق بالمؤسسات التربوية النموذجية والنجاح فيها، يعتمد أساسا على حجم الدروس الخصوصية ونوعيتها.  وبالتالي فإن المعاهد النموذجية نفسها كمنظومة فرعية داخل المنظومة التربوية إنما هي فقط، أداة لتكريس اللامساواة وعدم تكافؤ الفرص بين التونسيين. .

النتيجة الثانية التي خلُصت إليها الدراسة تأكيد غالبية التلاميذ المستجوبين على سلبية تجربتهم الشخصية بالمعاهد النموذجية من نواح مختلفة، حيث تحدث التلاميذ عن مناخ علائقي غير ملائم لنمو شخصية متوازنة، سواء تعلق الامر بعلاقة تلاميذ النموذجي فيما بينهم أو في علاقتهم بزملائهم من المعاهد ’’العادية’’ او في علاقتهم بالمدرسين أو الإداريين أو بالمجتمع عموما. تحدث المستجوبون عن ’’التوتر النفسي الدائم  و’’ العمل تحت الضغط’’، و’’المنافسة المرضية’’ والضيق العاطفي’’ والإحباط ومعاملة التلميذ ’ كـ “روبوت’’ وعن ’’مصنع النخبة الذي يؤذي من التحق به، كما يؤذي من لم يلتحق به’’. [5]

من جهتها تساءلت التلميذة سناء السلايمي، في مقال بعنوان ’’المعاهد النموذجية في تونس: بناءات حديثة ولكن غير نموذجية’’: ’’ كيف نأمل في تكوين نخبة نموذجية من دون توفير المحيط النموذجي الذي سيحتضنها؟’’، مبرزة مسألة ’’إهمال التكوين الثقافي في المعاهد النموذجية’’ والحاجة إلى: ’’ أن يكون التعليم النموذجي تعليما يصنع الإنسان وينمي الانتماء وهذا ما ينقصنا ويجب أن يتطور وأن ننشط في المسرح المدرسي وأن تكون لنا قاعة موسيقى نحتاج أن نكون في معاهد نموذجية في الثقافة والعلم’’. [6]

استنادا إلى ما سبق ذكره من شهادات حية ونتائج دراسات ميدانية مختلفة، نتساءل:

  •  أليس من المفارقات أن يتواصل العمل بمنظومة التعليم النموذجي في تونس، مع التذكير بأنها غير موجودة أصلا في أية دولة أخرى في العالم؟،
  •   أليس من المفارقات أيضا، أن  يواصل بعض التونسيين دفاعهم المستميت عنها؟  

يبدو أن هؤلاء يشكلون نخبة وازنة في تونس، وأن أصواتهم مسموعة أكثر من غيرهم.  لعل مقالاتهم، المكتوبة في الغالب باللغة الفرنسية، مع شيء من التنميق اللفظي والتشدق بالعبارات والمفاهيم الصعبة غير المتداولة عادة، لعلها أكثر جاذبية في المشهد الإعلامي، وقد تكون أكثر  استمالة للرأي العام، وربما هي أكثر الهاما لأصحاب القرار  في تونس.  لذلك، نضم صوتنا إلى عديد التونسيين المطالبين بضرورة إلغاء التعليم النموذجي، ونقترح المرور العاجل بمرحلة انتقالية، نتدرج بها نحو هذا الإلغاء التام: بأن يُبعث في كل معهد فصل واحد أو فصلان للنوابغ والمجتهدين، يكونون مثالا لتلاميذ الفصول الأخرى الذين يستحقون مجهودا إضافيا للحاق بالمتفوقين. نعتبر هذا المقترح، حلا وسطا بين طرفي الجدل المتجدد سنويا، بين المدافعين عن التعليم النموذجي والمطالبين بإلغائه.


هوامش:

[1] سبق أن تناولنا في جلنار بتاريخ 17 نوفمبر 2021، مفارقة تونسية أولى تحت عنوان “تساؤلات حول دور النقابات في تونس زمن الانتقال الديمقراطي’’ ونعتقد أن السياق التونسي زاخر بالمفارقات التي تم كشفها في بعض البحوث والدراسات الأكاديمية،  لكنها تظل محدودة الانتشار وتحتاج الى اختصارها وتقديمها للجمهور الواسع . لمزيد التفاصيل حول رأينا في التعليم النموذجي يمكن الرجوع إلى دراستنا المنشورة بالعدد 323 من مجلة الحياة الثقافية، سبتمبر 2021 تحت عنوان  “حول جدل مناظرتي ’’السيزيام والنوفيام’’ والتعليم النموذجي في تونس”.

[2]  ورد  هذان العنوانان بالمجلة الالكترونية ليدرز باللغة الفرنسية. ويمكن الرجوع إليهما، الأول Tunisie: Ne touchez pas à nos lycées pilotes’’

أما الثاني  : Ecole publique Tunisienne et excellence

كان ذلك في صيف 2018 عندما احتد الجدل مباشرة بعد صدور نتائج دورتي السيزيام والنوفيام 2018

[3]  استخدمت هذه العبارات وغيرها في سياق جدل صيف 2018. ومن العناوين الإضافية التي يمكن الرجوع اليها على الويب :

 Collèges et lycéesUne proposition vraiment saugrenue

QUI CHERCHE A CONSACRER LA MÉDIOCRITÉ               .


[4] CHERIF Mehdi(2017).  Réflexions d’un élève insoumis : Ma contribution à la réforme de l’Éducation

[5]  يمكن الاطلاع على أكثر تفاصيل حول هذه الدراسة، بالرجوع إلى المقال بموقع نواة بتاريخ 30 /08/2021

La face cachée des lycées pilotes en Tunisie

[6]  المقال منشور بتاريخ 9 جانفي 2019 بموقع منظمة ’’المفكرة القانونية’’ الذي فتح النقاش حول المعاهد النموذجية في تونس ومنح هذه الفرصة للتلميذة سناء السلايمي عندما كانت مرسمة بالسنة ثالثة ثانوي بالمعهد النموذجي بحمام الأنف.


أكمل القراءة
تعليق واحد

1 Comment

  1. إبراهيم الحاج حسن

    30 أبريل 2022 في 01:32

    ألغاء المعاهد النموذجية يجب أن يكون مطلب النخب الفكرية تعمل على تحقيقه حفاظا على مكاسب المدرسة العمومية و إيقاف نزيف ميزانية الوزارة في ذلك الاتجاه ورافة بأبنائنا الذين يعاملون كآلات في الدروس الخصوصية علاوة على الفساد المستشري في انتداب الأساتذة… موضوع نستطيع أن نتعاون فيه باعتباري أشرفت على المعهد النموذجي بحمام الانف لثلاث سنوات

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

منبـ ... نار

تكريما لروحك يا “جاد”… أعلِنُك رئيسا رمزيا

نشرت

في

Ouvrir la photo

توفيق العيادي:

كان جاد نصيرا للمرضى والعجّز والفقراء ولم يطلب يوْما نصرتهم لكسْب أو منصب أو مغنمٍ له، وقد هبّ الناس لتوديعه لأنهم أحسّوا فعلا بعظيم خسارتهم في موته.

Ouvrir la photo
توفيق العيادي

لم أعرف جاد الهنشيري إلا عن طريق الصدفة ومن خلال برامج تلفزية دُعِيَ لها ضيفا كممثل للأطباء الشبان، ولم ألتقه مطلقا، فقط استمعت إليه أكثر من مرّة وهو يُلقي بهمّه الذي هو همّ الفقراء على مسامع التونسيات والتونسيين، ويقطفُ من روحه أمَلاً يُرسِله لهم جميعا درْءً لأحزانهم التي فاقت كل معايير القيس وأدوات الأكيال والأوزان، وثـقُـل عليْهم حِمْلُ الهموم التي ناءتْ بها الأعناق، والمرارة على محيّا جادٍ بادية لا تُخطئها العين ويتدفّق الصدّق من بين موجات صوته المَغْصوص كَغُصَصِ كل الشباب الحالم على هذه الأرض، ولا تخلو غصّة جاد من معنىً يؤطّره مبدأ أساسيّ يشُدّ الحلم وينير الطريق ويُحفّز على المسير وتجشّم الصّعاب، مبدأ فحواه أنه : ” بمقدورنا أن نكون أفضل .. يجب أن نكون أفضل”، رغم الاستهجان والاعتراف بحجم الفساد الذي نخر معظم القطاعات والفئات في هذا الوطن.

لكَمْ نحن في حاجة ماسّة إلى شابّ جادٍّ كما “جاد” يتوهّج عزما وحبا وصدقا، ولسنا في حاجة إلى “عـتْـڤـة” قديمة كما بعض من فاق السبعين وغنِم من العهديْن ويريد اليوْم أن يستزيد … مات “جاد” رحمه الله وأغدق على أهله وصحبه الكثير من الصبر والسّلوى. لكنّ القِيَم التي حملها جادّ وحلُم بها وحمّلها لمنْ بعْدِه من الصّحْب والرّفقة، لا تزال قائمة، فأمثال جاد من الشباب الأوفياء والخلّص للوطن بكل مكوّناته سيّما البسطاء منهم، موجودون بالعشرات، بل بالآلاف وفي كل ربوعه، وما على الوطن إلاّ أن يَجِدّ في طلبهم والبحث عنهم وأن يُصدّرهم مواقع الريادة والقرار ،وإن حَجَبَهُمْ عنّا تعفّـفهم،

إذا كنا نريد فعلا المضيّ في الطريق المفضي إلى المشروع الحرّ وجبَ أن نغادر خصومات كسب العواطف واِستمالة الأهواء ونعراتِ التحامق، ونمضي في تسابق نحو كسب العقول وتهذيبها وتنظيفها من كل الشوائب العالقة بها لعهود .. ولذلك أقول للمشتغلين بالسياسة والمتكالبين على استدرار الشعب لتدبير شأنه العام والاستحكام برقابه، إن السياسيّ الناجح هو الذي يُبينُ للناس ما فيه من فضائل وما هو عليه من إقتدار وليس نجاح السياسي رهين عرض نقائص الخصم والتشنيع عليه وتعظيم مساوئه وإن كان له فيها نفع.

ونذكّر السياسي أيضا أن الجدارة بالحكم لا تتوقّف عند حدّ الفوز بالتفويض من الإرادة الشعبيّة عامة كانت أو مطلقة، كما أن النوايا الطيّبة لا تكفي لمزاولة السلطة، بل يبقى صاحب السلطة في حاجة إلى تأكيد شرعيّته بحسن إدارة الحكم الذي ينعكس وجوبا على أحوال الناس، وهذا لا يتمّ لهم بواحدٍ بل بكثيرين ومن أمثال “جاد الهنشيري” تضحية وصدقا ومروءة …

رحل جاد وبقي أثره فينا، وتكريما لروحك يا “جاد” واِنحيازا لكلّ قيَمِ الجدارة والصدق والإنسانيّة والجدوى، والتي مثّلتها باقتدار، أعْـلِنُـكَ “رئيسا” رمزيّا وشرفيّا بالغياب لهذا الوطن الحزين … ليطمئن السياسيون، فـ”جاد” لن ينهض من غيبته الأبديّة، وستكون قيمه تقضّ مضاجعكم كلّما اجتمعت لشخصٍ خشية أن يُبعثر حسابات الرّبح مِمّا تمِزّون من دماء الوطن.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي و تبحث عن مصادر بديلة؟ (2)

نشرت

في

Compétitivité des exportations en Afrique : La Tunisie classée 2 ème -  Tunisie

عرفت تونس أزمات اقتصادية ومالية متفاقمة بعيد ثورة 14 جانفي، وتتالت هذه الأزمات و امتدت آثارها السلبية الى اليوم رغم القطع مع المنظومة البائدة إثر حراك 25 جويلية.

فتحي الجميعي

إلا أن الانتهازيين و أصحاب المصالح والسابحين عكس تيار النهوض بالبلاد عطلوا عملية الإصلاح وعملوا على إفشالها وذلك بكل السبل، فبقيت تونس رهينة الديون المتراكمة والمجَدْولة، وسياسات الجذب الى الخلف كالتهريب والمضاربة وتبييض الأموال. غير أن الإرادة الصادقة، والإيمان القوي بضرورة تغيير حال البلاد إلى الأفضل جعلها لا تنحني إلى الابتزازات، ولا تخضع للشروط.

فرغم توصلها في أكتوبر 2022 الى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار، لكن الاتفاق النهائي تعثر تحت طائلة الشروط القاسية كرفع الدعم، خفض الأجور و بيع مؤسسات عامة متعثرة. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل تم وضع تونس ضمن القائمة السلبية لأول مرة من قبل هذا الصندوق، الأمر الذي صعب على بلادنا النفاذ الى الأسواق المالية العالمية.

وتفاديا للوقوع في صدمات اجتماعية واقتصادية، نجحت تونس بفضل تطور صادراتها، وعائدات السياحة، وتحويلات التونسيين بالخارج، وتنويع شركائها التجاريين إضافة إلى اعتمادها على الاقتراض الداخلي، والاكتتابات المتتالية لدى بورصة تونس، وانخراط التونسيين في هذه العملية، وهو نوع من الوعي الوطني والدفاع عن حرمة تونس، و نتيجة لذلك تحقق توازن مالي لدى البلاد هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أعطت درسا لصندوق النقد الدولي بإمكانية التخلي عن خدماته عند الاقتضاء وخاصة عند المساس بأمنها القومي.

ورغم أن الفضاء الطبيعي  لتونس هو الفضاء الإفريقي والعربي والأوروبي باعتبار أن ثلثي المبادلات التجارية معه، إلا أنها عبرت عن انفتاحها على كل الفرص التي تمكن من تسريع وتطوير مناخ الأعمال ونسق النمو في اشارة إلى مجموعة “البريكس”.

إن تونس  مازالت منفتحة على الحوار مع صندوق النقد الدولي لكن دون إملاءات أو شروط تهدد السلم الاجتماعي. وإن تعذر ذلك فتونس مستعدة للانضمام الى بريكس للحصول على التمويلات اللازمة.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي وتبحث عن مصادر بديلة؟

نشرت

في

تونس-صندوق النقد الدولي: السلطات التونسيّة تلتزم باحتواء كتلة الاجور في  حدود 15 بالمائة من الناتج في 2022 - إدارتي

رغم الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تفاقمت لأسباب معلنة وأخرى مجهولة، ما تزال تونس صامدة ورافضة لشروط صندوق النقد الدولي، موفية بالتزاماتها المالية تجاه دائنيها إذ بلغت نسبة خلاص الديون إلى موفى شهر جويلية 2023 48%. فهل يؤشر هذا على إرادة من تونس للتخلص من هيمنة القطب الواحد وانفتاحها في تعاملاتها المالية و التجارية على أسواق جديدة؟

فتحي الجميعي

يتأهب العالم لإرساء نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب بعد إزاحة نظام القطب الواحد والمتمثل في الهيمنة الامريكية المطلقة على جميع القطاعات ومعظم الدول وحليفها الاستراتيجي الاتحاد الاوروبي. وقد ساهمت الحرب الروسية- الاوكرانية الى حد بعيد في ظهور قطب اقتصادي وعسكري جديد، خاصة بعد بداية التقارب الروسي-الصيني والمضي قدما في تركيز “بركس” بنك التنمية الجديد والمكون من أسماء الدول الأكثر نموا اقتصاديا بالعالم وهي البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا.

وقد اتفق رؤساء هذه الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية الآنية، وتتالت اللقاءات على المستوى الأعلى لزعماء دول البركس BRICS منذ سنة 2008 قصد مزيد التشاور والتنسيق، وتواصلت الى سنة 2023 مع العلم ان مساحة هذه الدول تمثل 40% من اليابسة وعدد سكانها يقارب 40% من سكان العالم.

و بالعودة إلى تونس و رغم توقيعها مع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم لإرساء شراكة استراتيجية و شاملة، والتزام هذا الأخير بمساعدتها على بناء نموذج تنمية مستدام و غير إقصائي، و دعم ميزانيتها بمبلغ سيمنح كاملا بعنوان سنة 2023. وامام انفتاح روسيا على رفع نسق التبادل التجاري بينها ودول المغرب العربي، واعتماد مصر كبوابة لتنمية هذا التبادل مع اعتماد العملات المحلية بديلا عن الدولار، وإعراب تونس عن استيراد الحبوب من روسيا باسعار تفاضلية والتزام هذه الأخيرة بتسهيل المعاملات وتنشيطها هذا من ناحية، و من ناحية أخرى وبحصول الجمهورية التونسية على قرض ميسر بقيمة 1200 مليون دينار ومنحة بقيمة 300 مليون دينار من السعودية وسعيها إلى رفع قيمة صادراتها وفي مقدمتها مادة الفوسفات. هل تتخلى عن التعامل مع صندوق النقد الدولي في انتظار ارساء بركس وبداية التعامل معه كشريك اقتصادي ومالي؟ …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار