وهْجُ نار
مَن صنّع الطوفان… حماس أم طهران؟؟؟
نشرت
قبل دقيقتينفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
منذ أكثر من ثلاثين عاما لم أكتب في السياسة العالمية والعربية بالذات…أكتب اليوم لأني فوجئت كالجميع بالأحداث التي وقعت… فلا أحد، ولا حتى “الماما” ولا حتى “المسيو” بايدن الذي يعاني من كابوس بوتين وبيكين ليلا نهارا، كان على بينة وعلم بما تعدّه حركة حماس لمدللتها “إسرائيل” فلو علمت “الماما” لأعلمت مدللتها لأخذ كل التدابير اللازمة لدرء ما حصل…

ما فعلته حماس لم تسبقها إليه أية دولة عربية وأي جيش عربي أو أي تحالف عربي، ولن يكون ما بعد السابع من أكتوبر كما كان قبله أبدا، فلأول مرّة يصف الإعلام “الإسرائيلي” ما وقع لهم بوصمة عار، فحتى حرب أكتوبر كان الجميع ينتظرها رغم عدم علمهم بساعتها الصفر…وما أتاه رجال المقاومة كسّر قاعدة “الحروب الاستباقية” التي كانت تتميّز بها مدللة الماما “إسرائيل” فتاريخ الحروب العربية الإسرائيلية لم يشهد بدء العرب ومبادرتهم بالحرب ابدا إلا مرّة “يتيمة” وكانت خلال حرب السادات سنة 1973 فكل الحروب الأخرى كان العرب والفلسطينيون في وضع دفاعي عن ديارهم، وكانت “ربيبة” الماما هي المبادرة دائمة بــ”العدوان”…
كتائب المقاومة نجحت في ما لم تنجح فيه الجيوش العربية سابقا ابدا، فقد كشفت للعالم فشل كل منظومات الدفاع والترصّد الإسرائيلية، ونجحت مجموعاتها المسلحة في اختراق كل الحواجز العسكرية لجيش العدو من خلال خلق ممرّ آمن بين مستوطنات الغلاف وبين قطاع غزّة، وهو الأمر الذي مكّنهم من اختطاف وأسر العديد من الجنود والضباط والقادة العسكريين لجيش العدو الإسرائيلي دون أن تتفطّن تل أبيب إلى عدد من تمّ اسرهم وصفاتهم وحتى أين تمّ اقتيادهم…
إسرائيل لم تعش سابقا تجربة الدفاع عن النفس ونزول أمطار الصواريخ والقنابل بالآلاف على مستوطناتها ومدنها وقراها…لذلك تعيش اليوم ارتباكا كبيرا…فما أتته كتائب حماس أحدث صدمة كبيرة في نفوس المستوطنين وفي كل قوات الاحتلال…الأمر الذي أجبر نتنياهو على إعلان الحرب وهو الأمر الذي لم تعشه “إسرائيل” منذ حرب أكتوبر 73، فنتنياهو استغل الأمر أيضا لمحاولة الخروج من أزمته التي يعيشها مع حكومته وأراد ضرب عصفورين بحجر واحد واستغلال ما حدث لكسب تعاطف طيف سياسي كبير داخل الأراضي المحتلّة وتليين مواقف بعض مكونات الائتلاف الحاكم…لإطالة فترة بقائه على كرسي الحكم…
“طوفان الأقصى” وهو الاسم الذي أطلقته حماس على حربها التي فاجأت بها كل العالم، حقّق في ساعاته الأولى ما لم تحققه كل الحروب التي سبقت هذا الطوفان، فعدد القتلى من الجانبين يعتبر قياسيا مقارنة بما كان بعض القادة العرب يفاخرون به ويهددون ويولولون ويعدون برمي “اسرئيل” في البحر وهم لم يعلنوا عليها الحرب إلا مرّة واحدة حين أعلنها الرئيس المصري أنور السادات رحمه الله… “طوفان الاقصى” حقّق ايضا ما لم تحققه كل الحروب السابقة التي كانت تتميّز بكذب القادة العرب وافتخارهم بنصر وهمي لا شيء منه تحقّق منذ 1948 …كتائب حماس نجحت ولأول مرّة في خلق الصدمة والرعب في كل من استوطنوا ارضها وأرض أجدادها، ونجحت ولأول مرّة أيضا في أسر عدد كبير وكبير جدّا من الجنود الإسرائيليين وقياداتهم الميدانية وقد تطول مدّة اسرهم لسنوات إن لم يرضخ نتنياهو ومن معه ومن سيأتي بعده وبعدهم لشروط ومطالب حركة حماس، فأسرى “الطوفان” سيصبحون الورقة الأغلى في الصراع العربي الإسرائيلي أو بالأحرى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فالعرب أصبحوا غرباء عن هذا الملف، فلا دخل لهم في ما يقع غير بعيد عنهم وهم الذين طبّعوا مع “إسرائيل”، وهذا ما سيؤرق حكومة نتنياهو كثيرا في قادم الأشهر إن لم يصل الأمر إلى سنوات قادمة…
حماس نجحت في نقل الحرب إلى منطقة 18 مترا …عفوا إلى عمق الأراضي المحتلة وعقر مستوطنات العدو الإسرائيلي فأوجعتها أكثر من كل ما عاشته مدللة الماما سابقا من حروب وخسائر…فهي لن تجازف أبدا باحتلال قطاع غزّة خوفا من حجم الخسائر التي قد تتكبدها … فحرب الشوارع والحروب غير التقليدية ليست من اختصاص الجيش الإسرائيلي الذي لم يتعوّد كثيرا على حروب الشوارع وحروب الاستنزاف رغم ما عاناه من الانتفاضة الكبرى واستنزاف ما بعد حرب 1967 الخاطفة…كما أن دخول جيش الاحتلال غزّة سيوسع رقعة الحرب إلى شمال الأراضي المحتلة ليصبح نتنياهو وجيشه بين كماشتين تجيدان حرب الشوارع والاستنزاف ومدعومتين من ايران العدو الأكبر لمدللة “الماما” وهما كتائب القسام وكتائب حزب الله ومن يؤازرها في جنوب سوريا ايضا، وقد تعصف هذه الحرب بحكومة نتنياهو وكل المشهد السياسي في “إسرائيل”…
سقوط الائتلاف الحاكم برئاسة نتنياهو أمر قد لا يعجب العديد من البلدان العربية المجاورة والمطبّعة أو تلك التي هي في الطريق إلى التطبيع…فأول أهداف “طوفان الأقصى” تحقّق من خلال “فرملة” عملية التطبيع بين المملكة السعودية وتل أبيب فتوقيت هذا الطوفان غريب وعجيب أيضا، وكأني بطرف أكبر من حماس ومن حزب الله ومن كل “المتأبطين شرّا” بتل ابيب…فايران التي تصالحت أخيرا مع السعودية لن ترضى ولن تقبل بتطبيع المملكة مع تل ابيب ببساطة… ولن يرضيها الأمر كما يتصوّر البعض…وايران التي ستضطرّ للابتعاد شيئا ما عن الحوثيين واليمن إرضاء للسعودية تريد خلط الأوراق من جديد وتحقيق بعض المكاسب وربما فرض بعض الشروط على كل المشهد الشرق أوسطي خدمة لمصالحها ومصالح حلفائها…
ولا شكّ ان ايران وبالتنسيق مع حماس وحزب الله شمالا هي من اختار توقيت الطوفان ونزول الغيث المدمّر من الصواريخ على مستوطنات غلاف قطاع غزّة لغاية في نفس طهران ومن يساندها…ولا غرابة أن يكون قيصر روسيا طرفا في ما يحدث اليوم في الأراضي المحتلة…فتشتيت الدور الأمريكي والغربي عمّا يقع في أوكرانيا سيكسب بوتين العديد من النقاط وسيربك بايدن ومن معه… فإيران ومن معها من كتائب وحركات ستتكفل بإرباك المعسكر الغربي جنوبا في حين يكمل بوتين مهمته بأكثر أريحية ممكنة…هذا الأمر قد لا يكون للفلسطينيين دخل فيه لكنهم حُشروا فيه رغما عنهم، فهم العاصفة التي جاءت بالطوفان …وستقطف أجود ثمارها ايران ومن معها…
لكن ماذا ستكسب المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة بعد أن جعلوها “الطوفان” الذي حقّقوا به بعض مكاسبهم لو نجحت في كسب الحرب وفرض ما تريده؟ طبعا لن تخرج المقاومة بخفي حنين من هذا الطوفان بل ستكسب أولا شرعيتها في التواجد في المشهد القيادي الفلسطيني بخياراتها التي لم تتخل عنها منذ ولادتها…وقد تنجح في رأب الصدع الفلسطيني والمصالحة مع بقية الفصائل الفلسطينية… وقد تنجح حركة حماس في أن تصبح خنجر ايران الدائم والموجع في خاصرة إسرائيل جنوبا لتعيش مدللة “الماما” بين مطرقة حزب الله شمالا وسندان كتائب القسام جنوبا…خلاصة القول، هل نجحت ايران في صناعة طوفان فلسطيني قادر على إرباك تل أبيب وارغامها على القبول بشروطه دون الحاجة إلى العرب الذين يقفون صفّا يستجدون فتح باب “اتفاقيات ابراهام”…؟ وهل يخرج العرب باستثناء سورية من الملف الفلسطيني بعد أن “أكلوا الماء والملح” مع “إسرائيل” على مائدة واحدة دون دعوة الفلسطينيين لمأدبة نُظمت على أرضهم…؟؟
تصفح أيضا
وهْجُ نار
حكمة مهاتير محمد… و”فشّان العجالي” في بلادنا !
نشرت
قبل 7 أيامفي
3 أكتوبر 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
أظنّ أن أغلب القراء العرب يعرفون قصّة الزعيم الماليزي مهاتير محمد وما أتاه في حفل تخرّج مدارس “كوبانج باسو” في ماليزيا سنة 1974، ولمن لم يقرأ القصّة أرويها لكم بإيجاز فنحن نعيشها بشكل آخر في هذا البلد الموجوع...

حلّ مهاتير محمد ضيفا على حفل تخرّج مدارس كوبانج باسو في ماليزيا، وأثناء الحفل طلب إلقاء كلمة بالمناسبة فوقف مخاطبا المدرسين وقال “سادتي أريدكم أن تشاركوا جميعا في لعبة الحفاظ على البالون، وستكون من نصيب الفائز منكم جائزة قيّمة” استغرب الحضور من طلب مهاتير وسألوه عن هذه اللعبة وما الهدف منها… قاطعهم الرجل قائلا وهو يوزّع بالونات ملوّنة على كل المدرسين المشاركين في اللعبة “على كل مدرّس منكم نفخ بالونه ثم ربطه بأسفل رجله، ومن يحافظ منكم على بالونه سليما سيكسب الجائزة. سأعطيكم من الوقت دقيقة واحدة”. نفخ جميع المشاركين من المدرسين بالوناتهم وربطوها بأسفل أرجلهم وحينها أعلن مهاتير محمد بدء اللعبة…انقضّ المشاركون على بعضهم البعض يركلون أسفل أرجلهم بهدف تفجير بالونات بعضهم البعض… ونجحوا في تفجير بالوناتهم جميعا ولا أحد منهم حافظ على بالونه سليما…
ضحك مهاتير محمد ونظر إليهم ساخرا وحازما ومستغربا في نفس الوقت وقال “لم أطلب منكم أن تهاجموا بعضكم البعض ولا أن تركلوا بعضكم البعض وتفجروا بالونات بعضكم البعض بل طلبت من جميعكم فقط الحفاظ على بالوناتكم سليمة…جميعكم اخترتم السوء لبعضكم البعض ولا أحد منكم فكّر في مصلحة الجميع بالحفاظ على جميع البالونات… ألا يمكن الحفاظ على بالوناتكم دون تفجير بالونات الآخرين ؟؟ وكأن الحفاظ على بالونكم يمرّ حتما عبر تفجير بالون غيركم، ألم يكن من الأجدر ان تقفوا في اماكنكم جميعا وتحافظوا على بالوناتكم سليمة جميعا؟؟ لماذا أسأتم التفكير واخترتم الحلّ الأسوأ الذي أساء لكم جميعا… لا أحد منكم اليوم نجح في الحفاظ على بالونه، فماذا كسبتم بتفجير بالون الآخر؟؟ هل حافظتم بذلك على بالونكم؟؟ لا…خربتم كل شيء…كل شيء”…
ونحن في تونس ماذا فعلنا…أظنّ اننا لعبنا جميعا لعبة “فشّان العجالي” لبعضنا البعض…فجميعنا انطلقنا ليلة الخامس عشر من جانفي 2011 ومباشرة بعد ان علمنا بسفر بن علي لأداء مناسك الحجّ والعمرة، في حملة “فشّان عجالي” بعضنا البعض ولم نترك “عجلة” واحدة من عجلاتنا وعجلات الدولة والوطن سليمة…فخرجت الاعتصامات تجوب المدن والقرى وتغلق المؤسسات ومواقع الإنتاج …فلم يعتصموا بحبل الله جميعا كما وجب أن يفعلوا بل اعتصموا بحبل بعضهم ضدّ بعضهم البعض …فخرّبوا كل شيء اعترض سبيلهم…نسينا العاطلين والمعطلين وغيرهم ممن صرخوا طويلا بشعارات كانوا ينتظرون جني ثمارها…فخرج عليهم مغول العصر وتتاره وموظفو الدولة وجميع القطاعات يطالبون بالزيادات وتسوية الوضعيات وتنفيذ مرسوم العفو التشريعي العام…فخيّرت كل الحكومات الحفاظ على مواقعها بالانصياع لمطالب ما أقرّته “ماكينة” ساحة محمد علي التي أرادت بما أتته أن تفرض نفسها وصيّة على الدولة والشعب والوطن مفاخرة طويلا وبصوت عال أنها هي حاضنة الحراك ومن يسمونها “ثورة” وانقضّت على المؤسسات تطرد القائمين عليها بدعوى أنها موالية للمنظومة القديمة فضاعت كل الكفاءات في غياهب “التفقديات” التي تلعب دور “الثلاجات” المؤسساتية تحت شعار “ديقاج يا خمّاج”…وجاءت حكومة الباجي الأولى بعد ليلة بكى فيها محمد الغنوشي خوفا على البلاد والعباد…
أقول جاءت حكومة قائد السبسي بعد أن أخرجوه من أرشيف البلاد ليحكم في العباد فــ”فشّوا لها” كل عجلاتها…وذهب كل ما تركه بن علي من أموال في خزينة الدولة لدفع الزيادات وإرضاء الخارجين عن الدولة والقانون والمعتصمين بأبواب المؤسسات ومواقع الإنتاج لتنتفخ كتلة الأجور إلى ضعفي ما كانت عليه قبل ليلة سفر بن علي رحمه الله…ثم جاءت حكومات النهضة لترضي الغاضبين من أتباعها بانتدابهم وتسوية وضعياتهم حتى سنّ التقاعد…وكالعادة لا أحد من الاتحاد والحكومة والأحزاب فكّر في العاطلين عن العمل وفي المعوزين وفي المهمشين وفي الفقراء والمساكين…جميعهم وإرضاء للغاضبين من المعتصمين والمضربين والمعطلّين لآليات الإنتاج والمغلقين لمواقع الإنتاج دفعوا بالتي هي أحسن زيادات في الأجور وتسويات في الوضعيات وهدايا ثمينة عبر خطط وظيفية دون موجب ودون مقاييس شعارهم في ذلك “اعطهم ألف درهم يا علي”…وقبله كان الشعار “أعطهم ألف دينار يا حمادي”…
فوقعت استمالة اغلب موظفي الدولة من القطاعات الهامة إلى الحكام الجدد الخارجين من السجون للجلوس على كراسي الحكم وخنقت كل مفاصل الدولة والحكم وتحوّلت من الكفاءات إلى من أعلنوا البيعة والولاء للحكام الجدد خوفا على مصيرهم ومستقبلهم المهني…جميعهم لم يقرؤوا حسابا للدولة وللشعب وللوطن…جميعهم “فشّوا عجالي جميعهم”…ثم جاءت حكومة اعتصام الرحيل…حكومة المهدي جمعة لتنال نصيبها من الإضرابات والاعتصامات طبعا ليس بحبل الله لكن بخراب البلاد وتجويع العباد…وغلق مواقع الإنتاج…ومفاوضات الزيادة في الأجور…والتسميات بالمئات…هكذا أيضا نسينا مرّة أخرى العاطلين…والمهمشين والفقراء والمساكين…نسينا الوطن…والشعب والدولة التي تئن…
ثم جاءت الانتخابات الأولى والحكم التوافقي…فبدأ “فشّان العجالي” عبر مجلس لا دور له غير “الفشّان” و”الهزّان والنفضان” فلم تسلم أية حكومة من حكومتي تلك العهدة من “فشّان العجالي” ومن الخروج عن النصّ النقابي…فتجاوز عدد الإضرابات مئات الآلاف…وذبحت الدولة من الوريد إلى الوريد …واصبح ساكن ساحة محمد علي الحاكم بأمره وسلطان زمانه…فلا احد يمكنه تحريك حجر واحد من دار الباي أو من غيرها من مؤسسات الدولة دون تأشيرة ساكن ساحة محمد علي…وكالعادة لا أحد فكّر في من ينتظرون جني ثمار ما فعلوه حين جابوا البلاد طولا وعرضا يصرخون “شغل …حرية …كرامة وطنية” فلم يجنوا غير الإحباط والياس …والموت غرقا في المتوسط…
تواصل أمر “فشّان عجالي” كل الحكومات التي تداولت على “نفخ عجالي البلاد” بعد انتخابات 2019…إلى حدود مساء يوم 25 جويلية 2021 حين استفاق الشعب على حدث غريب يحدث لأول مرّة في تونس، عجلة دار الباي بالقصبة “مفشوشة” ومرمية جانبا ولا أحد يعلم اين هي…وعجلة “قصر الباي بباردو” مفشوشة ومرمية أمام الباب الخارجي دون حراك… ثم تواصلت الحملة الواسعة لــ”فشّان عجالي” مكونات كل المشهد السياسي الذي سبق 25 جويلية 2021…ولم تبق غير عجلة واحدة يقول البعض أنها من فئة عجلات الـــTubeless …لكن هل فكرتم في الوطن وكيف سيعبر إلى المستقبل…؟؟ فهل يمكن للوطن أن يعبر بعجلة واحدة طريقا مزروعة بالأشواك في زمن صعب كهذا الذي يعيشه كل العالم بعد وباء الكورونا وبعد حرب روسيا وربيبتها أوكرانيا…أم أن جميعكم تفكّرون في النوعية الجديدة التي ستنتجها ميشلان خلال الأشهر الأخيرة لسنة 2024 والتي يسمونهاMICHELIN Uptis وهي من الإطارات غير القابلة للثقب…والمستعملة لتقنية الـــAirless…ألا يكفينا “فشّان” …ألم يحن وقت “نفخان” في روح وطن موجوع يتألم…
وهْجُ نار
تعالوا نُعِدْ كتابة الفصل الأخير … من الرواية التي نعيش !
نشرت
قبل أسبوعينفي
26 سبتمبر 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
السؤال الذي وجب أن نطرحه جميعا على أنفسنا بعد ما غرقنا في وحل قد يصعب الخروج منه لو بقينا على حالنا هذه من التشظّي والحقد، والرغبة الجامحة في الانتقام من التاريخ لإعادة كتابته بصياغة مغايرة، تنصفنا وتجرّم غيرنا ممن سبقونا…

السؤال، ماذا فعلنا بأنفسنا حتى نقع حيث وقعنا؟ هل نحن على وعي تام بما وقع ويقع لهذا الشعب وهذه البلاد؟ لا أظنّ أبدا أننا واعون بما يقع معنا، فما وقع معنا سنة 2011 من محاكم شعبية وفايسبوكية يعاد اليوم ومنذ سنتين وأكثر مع تبادل للأدوار فقط، ودخول عناصر جديدة لمشهد يتفكّك ويتشظّى يوميا…فاليوم تتوسع الهوّة بين أفراد هذا الشعب وتُهتك الأعراض وتُسفك الدماء دون أن تسيل من أجساد أصحابها، ويموت البعض بالتقسيط الموجع دون أن نعلم أنه مات، ويفقد البعض عقله عن غير وعي منه ورغما عن أنفه وأنف من خلّفوه كما يقال…هكذا هو مشهدنا اليوم… فكل يوم يمرّ دون أن ننجز صالحا واحدا ينفع الناس تزيد وطأة قبضة الوجع والمأساة وتُخنق الكلمات في أفواه أصحابها… وتطعن الحرية والعدالة من خلف…
تعيش البلاد اليوم مرحلة انفرط عقدها… فكل الأرقام في ارتفاع مخيف… البطالة… الفقر… الأمية… الأسعار… التضخم… المديونية… الحقد… والرغبة الجامحة في الانتقام من بعضنا البعض… نحن في حقيقة الأمر نعيش عملا دراميا خلناه رومانسيا فانقلب إلى تراجيديا قد يموت فيها بعضنا وهو يشاهد الفصل الأخير وقد يموت بعضنا الآخر غرقا في المتوسط وهو يحاول الهروب من محرقة الحقد والانتقام وقد يتكفل أبطال الفصل الأخير بدفن من يمكن دفنه من هذا الشعب في مقبرة الأغبياء والمغفلين… فالانخفاض الوحيد الذي تعيشه البلاد اليوم هو في معدل الوطنية فالجميع يريد مغادرة البلاد… والجميع يريد ان ينجو بنفسه من حضور فصل لم يكن موجودا في النصّ الأصلي لهذا العمل الدرامي الذي تعيشه البلاد…
ألا يمكن أن نحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا التاريخ؟ ألا يمكن ان ندرك ولو بعد تأخير أننا اخطأنا الطريق وأننا قادرون على إصلاح ما يجب إصلاحه؟ أيجب أن نثأر من التاريخ كل ما جاءنا حاضر آخر… أيمكن بناء مستقبل أفضل وأجمل لأبنائنا دون الثأر من بعضنا البعض…؟؟
أتعلمون لماذا بعد أن ابتلانا الله بأناس لا يحملون في رؤوسهم أية فكرة عن الدولة… ولا عن مؤسسات الدولة… ولا كيف تدار شؤون الدولة… أعود لأقول أتعلمون بعد كل ذلك لماذا أخطأنا الطريق وسلكنا طريقا وعرة أوقعتنا في وحل مؤلم ونفق مظلم، لأننا وبكل بساطة لم نستمع إلى خطاب العقل والمنطق والحكمة واكتفينا بسماع من امتلأت صدورهم حقدا ومن خسروا كل معاركهم ولم ينجحوا في إيجاد موقع تحت الشمس وخرجوا اليوم بهدف تصفية حساباتهم… هؤلاء هم من أوقعونا في الخطأ وحوّلوا الدراما الرومانسية التي انتظرناها وصفقنا لها ظنّا انه في ختامها سيتزوج الأبطال، إلى تراجيديا قد يموت في ختامها الجمهور… فمن يوم صفقنا طويلا للفصل الأخير من العمل الذي خلناه دراميا رومانسيا وسعدنا به، لم نسمع كلمة واحدة يُخاطَب بها الشعب أو بعضه عن واجباته وحقوقه وانتظاراته وأوجاعه ومستقبله وما ينقصه… وكيف يصلحُ حاله…
لم نسمع خطابا واحدا يجمع شتات هذا الشعب الموجوع ممن أفقدوه نكهة العيش في هذا الوطن …فخطاب اليوم حوّلوا وجهته إلى حيث يحقّق البعض مآربه… فبعضهم يريد التخلّص من خصومه… وبعضهم الآخر يريد التقرّب عبر أحقاده من السلطة عساه يجد مكانا لم ينجح في الحصول عليه سابقا… وبعضهم الآخر يرى في هذا الفصل الأخير حبل نجاته من العيش في الظلّ … هكذا هي بلادنا اليوم… الكلّ يكيد للكل … وجميعهم يكيدون للوطن وهم لا يأبهون… فكل ما نحن فيه اليوم سببه تحويل وجهة خطابنا من خطاب جامع إلى خطاب يهدّد بالويل والثبور وعظائم الأمور… والخاسر الأكبر هو هذا الوطن الجريح…
هكذا أيضا عشنا السنوات الأولى بعد جانفي 2011 …ظلمنا كثيرا من الناس… وأوجعنا الكثير أيضا… سجن المئات… وقطعت أرزاق الآلاف … وهرب الكثير من محرقة الانتقام والثأر… ثم يوم اكتشفنا الحقيقة (التي أغمضنا أعيننا عنها حين ارتفع منسوب الحقد عند بعضهم) خرج بعضنا يريد الاعتذار ممن ظلموا… وممن ماتوا وهم يعانون وجع ووطأة الظلم… ممن سنعتذر يا ترى؟ من الذين شوهناهم وخلقنا الأكاذيب عنهم وعن حياتهم؟ أم من الذين هتكنا اعراضهم وتسببنا لهم في وجع لا يمكن بأية حال أن يشفوا منه… ممن يا ترى؟ ممن لم نسمح لهم بحضور جنازة والدهم أم ممن؟ ممن سجنّاهم ظلما لأن بعض الوشاة أرادوا ذلك تصفية لحساب قديم أم ماذا؟ ممن جوعناهم بعد ان حكمنا عليهم بالطرد من عملهم دون دليل واحد يثبت إدانتهم؟ أم من الذين ماتوا كمدا وحسرة مما عاشوه؟ هل سيعيد الاعتذار الحياة لمن ماتوا؟ هل سيجمّع الاعتذار العائلات التي شتت شملها ظلما وعدوانا؟ هل سيعيد الاعتذار احترام الأبناء لآبائهم الذي قيل فيهم ما لم يقله مالك في “السلتيا”؟ ألم يحن الوقت لخروج فارس المصالحة من بين أنقاض هذا الوطن الذي يئن رغم انكار البعض بأننا في أسوأ حال؟
ذات جانفي 1984 خرج علينا الزعيم بورقيبة رحمه الله بكلمته الشهيرة “نرجعوا وين كنّا” فانطفأت نار الحقد إلى حين… اليوم لا أقول قولة الزعيم… لكن أقول تعالوا نعمل معا ونتصالح من أجل هذا الوطن… تعالوا ندفن فاس الحرب كما يقول الهنود الحمر في بلاد العم سام… تعالوا ننتصر للعدل… تعالوا نكسر حلقة الثأر والانتقام والأحقاد… فإن لم نفعل فالأحقاد ستلاحق أجيالنا القادمة … ولن يسعدوا بحياتهم أبدا لأننا اورثناهم الأحقاد…
كلنا قرأنا قصة كسرى ملك الفرس الذي أرسل رسولاً لمقابلة خليفة المسلمين حينها عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وقد ظل رسول كسرى ماشياً في المدينة سائلا عن مكان قصر الخليفة، ولكن الناس دلوه على بيت شديد التواضع، حتى أنه كان أدنى من بيوت أفقر فقراء المسلمين في ذلك الوقت… وقد وجد رسول كسرى عمر بن الخطاب نائما تحت ظل شجرة مرتدياً ملابس بسيطة وقديمة، فاندهش أيما اندهاش وقال “أهذا هو البطل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الذي يرتعد لسماع اسمه أقوى وأعظم الملوك… أهو كذلك ينام على جنبه في الطريق في أمان دون حرس ودون أن ينتابه الخوف من مؤامرات أو أعداء؟؟؟”… بعدها قال رسول كسرى قولته الشهيرة “حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر“… تعالوا نحكم بالعدل… فنأمن على أنفسنا وننام كما نام عمر…
في الأخير لن أقول ما قاله الزعيم فبعضنا يصاب بالغثيان بمجرّد سماعها لكن سأقول فقط تعالوا “نرجعوا” لوقت كنّا فيه أحبابا… تعالوا إلى زمن لا حقد فيه… ولا ثأر ولا انتقام ولا حساب… فمن الفارس الذي سيرفع صوته ويقولها عاليا… ليصبح زعيم المصالحة… تعالوا نعيد كتابة الفصل الأخير من الرواية ليصبح رومانسيا… فالتراجيديا لا تليق بهذا الشعب… فبعضنا يفتقد الوطن… وبعضنا يفتقده الوطن… تعالوا…
وهْجُ نار
بين صوت العقل… وأصوات الحقد… من هو أصلح للبلد…؟؟
نشرت
قبل 3 أسابيعفي
19 سبتمبر 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashلليوم الثاني على التوالي يعترضني أمر غريب ومريب…الأول رجل في ريعان شبابه يتحدث مع نفسه…كنت أظنّ أنه يضع سماعة في أذنيه ويتحدث بالهاتف لكن تأكدت من الأمر ولم يكن كذلك…والثاني كهل في الخمسين يتحدث أيضا لنفسه ويصرخ في وجه نفسه…

هكذا أعاد القدر المشهد أمامي مرتين وفي يومين مختلفين وكأنه يقول لي هنا تكمن المأساة…هنا موطن الوجع…فما هذا الذي يحدث في تونس…وما الذي يعيشه هذا الشعب؟؟ هل نالت منّا الأزمة إلى هذا الحدّ وأصبحنا نتنقّل من مأساة إلى مأساة؟ ومن معاناة إلى أخرى؟ هل هو قدر هذا الشعب منذ 2011 أم ماذا؟ هل قدر هذا الشعب أن يغرق إلى هذا الحدّ على يد أبنائه وأهله؟ ما الذي يحدث في البلاد يا من تحكمون البلاد؟ هل أنتم على بينة مما يجري ومن معاناة ومأساة اغلب هذا الشعب أم لا تعلمون؟ إن كنتم على بينة فاين حلولكم التي وعدتم؟ وإن كنتم لا تعلمون فتلك مصيبة أكبر…وهنا وجب أن اسأل، هل من غادروا البلاد هربا بحرا لا يأبهون بما قد يقع لهم هربوا من هذا المصير الذي شاهدته مرتين في يومين مختلفين؟ هل هرب شباب البلاد وكهولها بحثا عن النجاة بأنفسهم من العته والجنون؟ ما الذي فعلوه بهذه الأرض الطيبة حتى يهجرها أهلها ويخيروا الموت غرقا على البقاء فريسة لليأس والإحباط والجنون فيها؟
هل أنجز كل من تداولوا على حكم هذه القطعة من الأرض ما وعدوا به شعبها المغلوب على أمره؟ هل نجحت بدائلهم التي لطالما صرخوا بها وتفاخروا في إخراج البلاد من الوحل الذي أوقعوها فيه؟ والسؤال الأهم والأخطر هل كنّا حقّا بالسوء الذي يجبرنا على هدم كل البناء الذي عانينا وعانى أهلنا وأجدادنا الكثير لبنائه وتشييده؟ ألم يكن الإصلاح حلاّ يقينا كل هذا الخراب؟ ماذا كسبنا؟ ماذا حققنا أكثر مما تمّ تحقيقه من طرف كل من حكموا البلاد قبلنا؟ هل أنجزنا منجزا واحدا يغفر لنا فشلنا في إخراج البلاد من مأساتها وتسكين أوجاعها؟ لا شيء…غير ارتفاع كل النسب الموجعة…نسبة الحقد فاقت نسبة الكريات الحمراء في دم الانسان…نسبة الفقر…نسبة البطالة…نسبة الأمية…نسبة مرضي العقل…نسبة الجرائم…نسبة مرضى السكري…نسبة العاجزين عن الحركة…نسبة العجز…نسبة التضخم…نسبة الخراب…نسبة الهاربين من جحيم المأساة والإحباط واليأس… نسبة الفشل في كل القطاعات…نسبة التداين الداخلي والخارجي…
كانوا يقولون ويفاخرون بأن دهر الوجع قاب قوسين أو أقل من الزوال…فإذا بدهر أكثر وجعا من الذي كان يدق الباب ويدخل دون استئذان…هل نحن حقّا واعون بما نحن فيه ام غلب وطغى تصفيق البعض على صراخ ووجع الأغلبية؟ اين نحن من ذلك الشعب المتآزر والمتضامن والمتحاب نسبيا؟ هل حقّا هذا ما نريده بهذه البلاد وشعبها أم هو الهروب إلى الأمام خوفا من تبعات ما فشلنا في تحقيقه؟
بلادنا مرّت بكل الحالات والأوجاع والنجاحات والأزمات، ولم تتوقف على جماعة أو دولة أو قبيلة…مرّت بالفقر المدقع…وعرفت الغنى الفاحش والقوّة والاستبداد…وعاشت الوجع والأمراض والأوبئة…وعاش شعبها المجاعة في العديد من الأزمنة والعهود…بلادنا تداول على حكمها الكثير من الأجناس والهويات والأعراق والدول…وعرفت الكثير من الديانات…وسكنها من أهلها وغير أهلها…وغزاها الكثير من جيوش العالم ومن شعوب المتوسط وغيرهم من شعوب العالم…لكنها لم تمرّ بما نحن فيه اليوم…فاليوم التقى عليها ثلاثي الخراب…الحقد والفقر والجفاف فكانوا العنوان الأبرز للسنوات العجاف…فالحقد هو اشدّ الأوبئة خطرا على الشعوب…فهل يعي اليوم من يحكم هذه البلاد أن الحقد هو أخطر مكونات الخراب على البلاد والعباد؟
على من يحكم البلاد اليوم أن يستمع أيضا إلى صوت العقل…الصوت الذي لا يبحث عن مكان تحت شمس السلطة والحكم بل يبحث عن إخراج البلاد مما هي فيه…فإخراج البلاد لا يكون أبدا بنشر الأحقاد…بل بمحاربتها…ولا يكون بالقطيعة بين الماضي والحاضر والمستقبل…الشعب محبط…وغلبه اليأس والخوف…الخوف من مصير لا احد يعلمه…والخوف من أن يأخذه الحقد إلى ما لا يريده ويتمناه…فالخطأ الذي وقعنا فيه اليوم هو أننا أردنا استعادة الدولة بنشر الحقد والتخلّص من كل الماضي ونسينا ان جميعنا من الماضي وأغلبنا من الحاضر وفلذات أكبادنا هي المستقبل…فاليوم لم يعد يجمع بين التونسيين غير نشيدهم الرسمي والعلم أحيانا…فشباب البلاد هرب بحرا بحثا عن وطن آخر وعلم آخر ونشيد رسمي لا يحفظه…وبعض كهولنا ومن فرط احباطهم وكآبتهم سلكوا نفس الطريق فغامروا بحرا بحثا عن حضن يسكّن أوجاعهم…فمن بقي بهذه البلاد يحميها ويسكن أوجاعها وينهي مأساتها…من؟؟
هل بهذه الحالة المعقّدة من الانقسام سنصلح حال البلاد…والعباد…وعلينا أن نختار بين صوت العقل…وأصوات الحقد…من هو أصلح للبلد…؟؟

مَن صنّع الطوفان… حماس أم طهران؟؟؟

تونس دائما مع القضيّة … برج مدينة الثقافة يضاء بألوان فلسطين

وزارة الدفاع الروسية … الأمريكان ينقلون أبحاثهم البيولوجية لإفريقيا

الاحتلال يعلن إخلاء 15 مستوطنة بشكل كامل

الخارجية الأمريكية … لا وجود لدليل على وقوف إيران وراء الهجوم الفلسطيني
استطلاع

صن نار
- تونسيّاقبل ساعتين
تونس دائما مع القضيّة … برج مدينة الثقافة يضاء بألوان فلسطين
- صحةقبل 14 ساعة
وزارة الدفاع الروسية … الأمريكان ينقلون أبحاثهم البيولوجية لإفريقيا
- صن نارقبل 15 ساعة
الاحتلال يعلن إخلاء 15 مستوطنة بشكل كامل
- صن نارقبل 15 ساعة
الخارجية الأمريكية … لا وجود لدليل على وقوف إيران وراء الهجوم الفلسطيني
- صن نارقبل 15 ساعة
انتقاما لهزيمته الشنيعة … الاحتلال يردّ الفعل على الأطفال والنساء والمدنيين
- صن نارقبل 15 ساعة
طوفان الأقصى … تساؤلات حول “شلل” سلاح طيران الاحتلال !
- تونسيّاقبل 15 ساعة
سفيران جديدان لتونس بباريس وروما
- رياضياقبل 18 ساعة
الرابطة 1 … باجة في ثوب البطل !