تابعنا على

وهْجُ نار

نحلم بألا نأكل …من أكداس القمـــامة يوما !

نشرت

في

وكأني بأتباع السلطان لا يعيشون معنا…وكأني بهم يعيشون في بلد آخر لا يشبه مأساة هذا البلد ووجع شعبه…غريب أمرهم وما يكتبون وما يزعمون…فنحن اليوم وأقصد أغلبية هذا الشعب الموجوع يبحث عن بارقة أمل واحدة تزيل عنّا ما تراكم من خوف واحساس بانعدام الأمن والأمان…وفقدان للعديد من مقوّمات الانسانية والعيش الكريم…فالتعليم من الكرامة …والصحة من الكرامة…والتعبير عن الرأي من الكرامة …والحرية من الكرامة…وعدم الحاجة من الكرامة…وأن نعيش في نظام ديمقراطي يحترم الاختلاف ويقبل بالآخر من الكرامة…فالكرامة ليست مجرّد كلمة تقال وسط حشد من الاتباع والأنصار…

محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش

يخرج علينا بعضهم يتباهى بــ”تيكاد8 ” وكأن هذا الحدث سيشبعنا وسيخرجنا من الوحل الذي انزلقنا إليه عن طيب خاطر وبإرادتنا…وكأن اليابان جاءت إلينا لتملأ بيوتنا سعادة…وأرصدتنا مالا…وبطوننا أكلا…وكأن اليابان تشعر بأوجاعنا وبآلامنا وتبكي حالنا أكثر منّا…وتستمع لأنين فقراء هذا البلد…لا شيء سيتغيّر بــ”تيكاد” أو بأكثر من مائة “تيكاد”…ولا شيء سيتغيّر بقمّة فرنكوفونية عرجاء سيغيب عنها نصف تركيبتها…ولا شيء سيتغيّر بالوعود الزائفة ما لم يتغيّر ما بأنفس حكامنا اليوم، فالخطب والتهديد والوعيد ورمي التهم مجانا على كل الخصوم، لن يصنع التنمية ولن يوفّر موارد الرزق ولن يجلب الاستثمارات…فلا توزعوا الأوهام على شعب فقد كل إحساس بالسعادة وغابت عنه لذّة البقاء في وطن أصبح غريبا عنه…

ليس غريباً أن تفقد السعادة في وطنك وليس أشد من ذلك غرابة أن تفقد حياتك وأنت تريد مغادرته… هربا من سطوته…ومن جبروته ومن أحقاده…ومن نكرانه لجميلك أنت الذي صنعت أمجاده… ففي وطن مثل تونس معلقة على جدران بيوت فقرائه صور المئات من الشباب الذي اختار الموت بحرا…ومئات المفقودين من شبابه الهارب من جحيم أكاذيب حكامه… وآلاف الحالمين بوطن أجمل يحميهم ويعوّض لهم ما خسروه في وطن بنوه …في تونس اليوم لن تجد عائلة واحدة لم تكتو بنار الفراق…فراق من ماتوا…ومن هاجروا…ومن تركوا وطنا خدعهم حكامه…وصادر أحلامهم وبدّد أمانيهم…وحكم عليهم بالموت…أحياء…

نعم هذا حالنا اليوم…ولا أحد ينتظر شيئا من دولة لا تعرف أي طريق تسلك…ولا تريد الاستماع لمن يدرك معنى المأساة… فهذا الشعب يعاني ومنذ 2011 من غياب الدولة واستقالة مؤسساتها، وغبي من يصدّق أن 25 جويلية جاء لإصلاح ما تمّ إفساده…وإعادة بناء ما تمّ هدمه…فهذا الشعب أو البلد أصبح فريسة أمام حكام لم يدركوا إلى يومنا هذا الطريق الاسلم لإخراج هذا البلد مما هو فيه…ولم يعرفوا إلى يومنا هذا كيف يضمدون جراحه…ويسكنون أوجاعه…بل زادوا على وجعه وجعا آخر…وجع اليأس والإحباط…

فكل حكوماتنا عجزت عن تسيير شؤون البلاد والعباد… وفشلت في ادارة المرفق العام للدولة … فالتعليم مشلول والخدمات الصحيّة مفقودة…والبعض من المرافق الحيوية تلاشى تماما…والاسعار ارتفعت لتخنق الشعب، والدولة غائبة …والوطن تحوّل الى غابة موحشة، لا تضبطها قوانين ولا قرارات …الحكومة تتهم التجار…بالاحتكار…والتجار يتهمون الدولة بضعف المخزون…والجميع يتلاعب بالسلع والخدمات وبقوت الشعب المسكين… ليتواصل طحن الفقير، ولتصبح مأساته كل يوم أكبر…وقد يصبح رغيف الخبز في قادم الأيام حلم أغلب سكان البلاد…وكأني به قرّر هو أيضا ان ينجو بنفسه من جحيم وطن لم يعد صالحا للحياة…افتقدنا الكثير من الأدوية وأصبحت قائمة الأدوية المفقودة أطول بكثير من قائمة الأدوية المتوفّرة… وخيّر بعضنا التعايش مع أوجاعه خوفا من أوجاع أسعار الدواء…

هذا هو حالنا اليوم…وهكذا هو حالنا بعد أن رسموا لنا مشهدا جميلا بــ”تيكادهم” وخطبهم العصماء وما كانوا ينتظرون…فنحن شعب نعيش تحت “سطوة” التنويم والتخدير منذ احدى عشرة سنة وبعض الأشهر…نحن شعب يُستنزف بالركض يوميا وراء حاجياته الأساسية ولا يجدها…نحن شعب يحرم من وسائل عيش أساسية…فلا سكن لائق…ولا رعاية صحيّة…ولا أسعار في المتناول…فيوم يحضر الماء يغيب الكهرباء، ويوم يغيب الماء يحضر الكهرباء…نحن شعب يستهلك عمره وأكثر في الجري وراء ضروريات العيش والبقاء على قيد الحياة…والاستماع إلى خطب “هوجاء” صباحا مساء…

نحن شعب أحلامنا بسيطة…ولم ننخدع أبدا بوعود حكامنا…لأننا خبرناهم…وخبرنا بدائلهم الجوفاء…وخطبهم المليئة بالهراء…أحلامنا لم تكن أكثر من العيش بكرامة…وحرية …وبأن نتذوّق العدالة الاجتماعية التي نسمع عنها في بلاد الغرب…أحلامنا هي ألا نأكل من أكداس القمامة يوما…وأن نسعد بأبنائنا بيننا، وألا نرمي بأبنائنا في البحر ليدفنوا في بطن حوت دون تأبين…ولا قراءة فاتحة ولا عزاء…أحلامنا هي أن نعيش دون وجع…ودون جرح يؤلمنا…أن نعيش لنسعد بأرضنا…لا أن نعيش نبحث عن كيف نغادر أرضنا…

اليوم فشلت دولة السلطان في توفير العديد من المواد الأولية…وفشلت في توريد الكثير من المواد الأساسية…فمخزوننا من المحروقات أشرف على النفاد …القمح مفقود…الزيت النباتي مفقود…السكر مفقود…القهوة مفقودة…وغدا قد يصبح الماء مفقودا…والهواء موؤدا…ونصف الشعب بالموت جوعا موعودا…افترستنا الأحقاد…وفرّق شملنا التعنّت والعناد…والخوف أن يصبح هذا الوطن غدا…بوجداننا مفقودا…مفقود…

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

وهْجُ نار

حتى لا نغنّي غدا … “حبّ ايه اللي انت جاي تقول عليه” !

نشرت

في

Peut être une image de 1 personne, enfant, position debout et plein air

يحتفل اليوم العالم بكل لغاته بعيد الحبّ…وسيخرج علينا بعضهم ليصرخ في وجوهنا عن أي عيد تتحدثون وبأي حبّ تحتفلون؟ وهنا وجب أن أقول …نعم بأي حبّ نحتفل؟ وبعض شعوب العالم يعيشون المأساة… يعيشون الوجع… يعيشون اليتم…

محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش

عن أي حبّ نتحدّث وبعضنا يأكل خُبزه من حاويات المزابل…وبعضنا يقطن القصور التي ألقت بفضلاتها في حاويات تلك المزابل…عن أي حبّ نتحدّث وبعضنا يموت تحت القصف…وبعضنا الآخر يموت تحت الأنقاض والركام…وبعضنا الآخر يموت جوعا…وبعضنا الآخر يموت غرقا…وبعضنا الآخر يبيع المساعدات التي كانت في طريقها لمن مات جوعا…

عن أي حبّ نتحدّث ومنسوب الحقد في هذا الوطن فاق الناتج الوطني الخام…عن أي حبّ نتحدّث ونحن اليوم ملل وطوائف…عن أي حبّ نتحدّث ونحن اليوم نكره بعضنا البعض…عن أي حبّ نتحدث وحكومتنا لا تحبنا…ورئيسنا يحقد علينا…عن أي حبّ نتحدّث والشعب لا يحب الشعب…عن أي حبّ نتحدّث وساكن قرطاج يهدّدنا كل يوم بالويل والثبور…عن أي حبّ نتحدّث وساكن قرطاج يتهمنا كل خطاب بالفساد والاحتكار…عن أي حبّ نتحدّث وبعضنا يسجن بلا سبب…عن أي حبّ نتحدّث وبعضنا يتهّم بعضنا بالعجب وبلا سبب…

عن أي حبّ نتحدّث وساكن قرطاج لم ينجز إنجازا واحدا مما وعد…عن أي حبّ نتحدث وساكن قرطاج لا يهتمّ بما نريد، رغم أنه رفع شعار الشعب يريد…فهل ما يأتيه منذ جلوسه على عرش قرطاج هو ما نريد؟ ألسنا نحن شعبه أم شعبه هو فقط من هو يريد؟ أيريد ساكن قرطاج أن نحبه…ولا يحبنا؟ أيريد حبّا من طرف واحد؟ ألا يعلم ان ذلك الحبّ لن يعمّر طويلا؟

لن نحبه …إن لم يحبنا…ولن نكون معه …إن لم يكن معنا…نحن لا نريد فقط خطبا ناسفة…ولا وعودا…ولا خطبا ملغومة…وإنجازا موءودا…ولا دساتير تكتب في الغرف المظلمة…نحن نريد عدلا…وكرامة…وانجاز وعود موعودة…نحن لا نريد صفوفا بالآلاف للفوز بعلبة حليب…ولا انتظارا بالساعات للعودة برطل من السكر…ولا عودة بخفي حنين دون زيت معلب…نحن لا نريد ميزا بين الناس…ولا ظلما لبعض الناس…ولا اقصاء للكثير من الناس…

نحن لن نحبك إن ظلمت بعضنا…ولن نحبك إن أقصيت بعضنا…ولن نحبك إن اتهمت بعضنا دون اثبات…خطبك الناسفة لن تشبعنا…وخطبنا الملغومة لن تروينا…وصراخك في وجوهنا لن يغنينا…أَعْدل سنحبك…اِرحم سنحبك…أنْجزْ سنحبك…وَحِّدْ سنحبك…صَالِحْ سنحبك…اِجمَع سنحبك…انْسَ سنحبك…ألم تر كيف فعل مانديلا…ألم تسمع كيف فعلت رواندا…دون ذلك سنغني جميعا…” حبّ ايه…اللي انت جاي تقول عليه” ….

أكمل القراءة

وهْجُ نار

لا أعرف إن كان الوقت قد فات … الوطن يغرق ولا أحد مدّ له حبل النجاة

رسالة إلى صانع التغيير الثاني…

نشرت

في

11.3 نسبة المشاركة في الدور الثاني للانتخابات التشريعية - RadioMed

أتدري يا سيادة الرئيس ماذا يعني أن تكون نتائج أول انتخابات تشريعية في عهدتك بهذا الضعف؟ يعني بكل بساطة أنك فقدت كل رصيدك الذي حصلت عليه في انتخابات 2019…

محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش

فقدت شرعيتك التي كنت بها تفاخر، ويعني أيضا أنها كشفت الحقيقة التي لا تريد سماعها، حقيقة أنك لم تكن تحصل على ذلك الرصيد في الدور الثاني من انتخابات 2019 لو لم يتوحّد المشهد السياسي كاملا ليقطع الطريق أمام خصمك، ليس حبّا فيك، أو ثقة في ما قد تأتيه، بل خوفا من تبعات انتخاب خصمك المتهم بشبهة الفساد…فأنت إذن من اختار توقيت الانتخابات… وتوقيت تبعات نتائجها…

أنت أيضا يا سيادة الرئيس من يتحمّل تبعات هذه النتائج الضعيفة جدا…فهل من المنطق أن تختار موعدا لانتخابات “تأسيسية” وأنت لم تنجح في منجز واحد منذ وصلت إلى الحكم…أتدري أيضا أنك أنت من أختار إقصاء كل من مدّوا لك يد العون في انتخابات 2019، فهل تنتظر منهم أن يدعموك ويغرقوا صناديق الاقتراع بأصواتهم من أجلك، وأنت من أخرجهم من المشهد واقصاهم وهدّدهم بالويل والثبور دون أي اثبات أو دليل واحد يؤكّد ما تتهمهم به في كل خطاب وكل خروج إعلامي للشعب…

خلاصة ما تعيشه البلاد يا سيادة الرئيس، هو أنك أنت من اختار تحمّل تبعات كل سياساتك بمفردك بعد أن أبعدت كل شركائك في الحكم…وأقصيتهم… وأكاد أجزم أن الانتخابات التشريعية التي مرّت أول أمس هي الفصل الأول من “ردّة فعل” الأحزاب مما فعلته بهم…ومن “ردّة فعل” الشعب مما يعانيه منذ انفرادك بحكم البلاد…فأنت إذن من اختار “نهايته” السياسية  متى تكون وكيف ستكون…وأنت أيضا من صنع ممن كانوا معه شركاء أعداء له…أتعلم يا سيادة الرئيس أن من يصنع الأعداء لن ينجح ابدا في صناعة الأصدقاء…وهنا وجب أن تعلم أمرا أعلم جيّدا أنك لا تقبله ولا تريد سماعه، ولا تهتم أصلا لسماعه…

هذا الأمر يهمّ كل من اجتمعوا حولك بعد أن أبعدت كل من أوصلوك إلى حيث أنت…هذا الأمر يا سيادة الرئيس هو أن جميعهم كذبوا ويكذبون عليك…جميعهم خدعوك ويخدعونك بالتصفيق والتمجيد…والثناء…فمن رفضوا اليوم الذهاب إلى صناديق الاقتراع هم في الحقيقة والخلاصة يرفضون مسارك…ويقولون لك “كفى”…وسيكبر عددهم مع الأيام…ومن يوهمونك بأن نسبة الإقبال الأضعف في تاريخ تونس والعالم كافية وزيادة لإبقائك حيث أنت، يخدعونك حفاظا على مواقعهم ومصالحهم…فلا تستغرب إن وجدت نفسك في قادم الأيام وحيدا…دون من هم حولك اليوم…فجميعهم سينفضّون من حولك يوم يعلمون أن البلاد غرقت وسيغرقون معها…سيقفزون من المركب ويتركونك وحيدا بعد أن خدعوك…واغرقوك بالثناء والتمجيد…سيهربون بجلدهم خوفا من تقاسم تبعات الفشل والسقوط معك…سيتركونك وحيدا أمام مسؤولياتك وتبعات فشلك…

سيادة الرئيس، ما الذي تريده بالضبط من وجودك حيث انت هناك في قصر قرطاج وعلى كرسي الرئاسة؟ ألم تقل إنك تريد خيرا بالبلاد والعباد؟ فاين هذا الخير؟ ألم تقل إنك جئتنا عادلا؟ فأين هذا العدل؟ ألم تقل إنك جئت موحّدا؟ فاين هذا التوحيد؟ ما الذي تريده من هذه الدولة التي تقودها وما تعريفك لها يا سيادة الرئيس؟ فأنا كغيري ممن عاشوا في هذه البلاد منذ ولادتهم يفتقدون اليوم ومنذ مجيئك لمن كانوا يعرفونها دولة سابقا، ننظر حولنا ولا نجد تلك الدولة التي نعرفها …تلك التي أحببناها …تلك التي عملنا بها ولها ومعها، اين الوطن الذي أقسمنا بان نخدمه ونصونه ولا نخونه؟ لم نعد نرى شيئا مما كنّا نعرفه عن الوطن والدولة…ونخاف غدا، ألا يعني لنا الوطن شيئا…

أتدري يا سيادة الرئيس أن الشعب ومنذ مجيئك إلى كرسي قرطاج تمزقه التفرقة السياسية والأيديولوجية، وتتقاذفه الأحقاد والكراهية، واليوم توسعت التفرقة لتصبح قبلية وجهوية…أتدري أن هذا الشعب اصابته لعنة الحقد وتغلغلت في صدره فأصبح يبحث عن الهروب بجلده من وطن لم يعد وطنه ولا حتى شبحا من ذلك الوطن الذي عاش فيه قبل مجيئك…رغم ما كان فيه… وما عاشه من خيبات…

أعترف أني لست من الذين يغرقون كثيرا في التشاؤم…ولا أزال أحتفظ ببعض الأمل بأن الحل قد يكون دونك…كما قد يكون معك أيضا، لو…لو مددت يدك للجميع…حتى من كنت معهم شريكا في الحكم…في الفشل…في أسباب ما نحن فيه…فأنت أيضا ساهمت بنصيبك في ما نحن فيه…ساهمت في وجعنا…في احباطنا…في بعض ما نحن فيه…مدّ يدك لمن كانوا معك ذات يوم فزت فيه يا سيادة الرئيس…مدّ يدك للجميع دون إقصاء لأحد إلا لمن أجرموا…مدّ يدك لمن يقول لك أخطأت يوم تخطئ …لمن يقول لك اصبت يوم تصيب…مدّ يدك للشعب…كل الشعب أيها الرئيس… قبل ان يأتي يوم، سيأتي لا محالة، لن تجد فيه ورقة تحمل اسمك في صناديق الاقتراع…أتدري يا سيادة الرئيس أن الجائع والمحبط واليائس والمظلوم لا يذهبون إلى مكاتب الاقتراع…فهذه المكاتب لا تستهويهم…وبطونهم خاوية وفلذات أكبادهم يموتون كل يوم يأسا وإحباطا وغرقا… لا اعرف يا سيادة الرئيس ان كان الوقت قد فات… فالوطن يغرق ولا أحد مدّ له حبل النجاة…

أكمل القراءة

وهْجُ نار

غدًا ذكرى ثورة الرجال…ثورة لم يكن فيها الدجّال والنذل والمحتال…

نشرت

في

18جانفي 1952 إنطلاق ثورة التحرير الوطني التونسية المسلحة ضد المستعمر  الفرنسي - موقع القومية التونسية

أتساءل ونحن نحتفل غدا بالعيد الأصلي لثورة أخرجت المستعمر…بِعيد من ماتوا وهم يدافعون عن ارض هذا الوطن وحرية شعب هذا الوطن…بعيد ثورة أعلنها بورقيبة ورفاقه على مستعمر وصف عهده عالي المقام بــ”الحماية”…

محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش

أتساءل كيف لمعارضة “عالي المقام” أمير البلاد أن تنجح وهي بهذه الحال…فالكل يكره الكل…والكلّ يظلم الكلّ…فرّقتهم المصالح والأطماع…شتتتهم الأكاذيب والترهات والشعارات الجوفاء…خطابهم شبيه بخطاب عالي المقام …خطابهم ليس أكثر من شيطنة للماضي فماضي البلاد أصبح كالحمار القصير…الكل يريد الركوب…فيكفي أن تشيطن أحد الأشخاص الذين كانوا في المنظومة القديمة حتى يصفّق لك الجميع اعجابا، وأعني بالقديمة منظومة بن علي رحمه الله…فأغلب أشباه رجال المعارضة يولون أهميّة أكبر لسبّ ما مضى وشتمه أكثر من أي برنامج آخر في خطابهم السياسي، والحال أنهم يعانون من حقد حاضرهم ما لم يعانوه من تاريخهم الذي يشتمون….فكل المنابر التلفزية ومنذ اثنتي عشرة سنة موجّهة فقط لشيطنة الماضي ونعته بالخراب والحال أنهم من الذين تعلّموا ودرسوا وكبروا وعملوا وتدرّجوا وكسبوا المال بين كل ذلك الخراب….

مجرّد رؤية أحد المسؤولين من الذين كانوا قبل 14 جانفي يجلسون على الكراسي يتقيأ البعض أو يصاب بمغص بأمعائه وكأنه شاهد لتوّه إبليس…والحال أنه كان يحاول جاهدا أن يفوز برضاه ولم يصل إلى مبتغاه….أتساءل لماذا تنسى معارضتنا الأشياء الجميلة ولا تذكّر غير السيء من الأحداث…لماذا لا تتوحّد وتنسى حقدها على الماضي…لماذا لا تتوحّد ضدّ حاضر اساء للبلاد والعباد…حاضر لم يستثن أحدا من ساسة البلاد…هل كانت البلاد كلها خرابا كما يزعمون…إن كانت كلها خرابا فلم بأرقامها ارقامهم يقارنون؟ أين كان هؤلاء إذن …أليسوا من أبناء هذا الخراب؟

أتساءل لماذا نوظّف الماضي حسب أجنداتنا فحين يجب الثناء على بورقيبة أو بن علي لغايات انتخابية نصيح ونصرخ بأعلى أصواتنا مترحمين عليهما، وحين نكون في جهة اخرى من الجهات التي قد تكون عانت من ظلم الزعيم نسبّ الزعيم إرضاء لأبناء تلك الجهة ومراودة لأصواتهم…أتساءل لماذا كل هذه الحرب على القديم؟ أأصبح فشلهم في تحقيق مثل ما تحقّق في الماضي مرضا؟ أأصبحت عقدة حاضرنا ماضينا؟ فهل حاضرنا اليوم أفضل من ماضينا…؟؟ لماذا نعيد كتابة المأساة مرّة أخرى؟ ماذا ينتظرون من الشعب؟ هل ينتظرون ان يخرج داعما لهم ومناديا بهم حكاما على البلاد وهم على نفس الأحقاد؟ كيف يريدون محاربة الحقد الذي يكتوون به من منظومة عالي المقام بمواصلة حقدهم على القديم ومن سبقهم في حكم البلاد؟ أسألهم جميعا…وبعضهم يرى في نفسه أنه المدافع الوحيد عن هذا الشعب والحال أنه سبب أوجاعه…أسألهم…ماذا فعلتم لهذا الشعب…ماذا حققتم لهذا الشعب…ماذا فعلتم لطالب الشغل الذي ينتظر موردا ينقذ به عائلته من الضياع والجوع…ماذا فعلتم لفقير ينتظر مساعدة تخرجه من الضيق الذي خنق أنفاسه….

ماذا فعلتم ليائس قرر الانتحار غرقا هربا من جنتكم الموعودة والتي لم ير منها غير الجوع والعطش والتشرّد….ماذا فعلتم لجهات مهمّشة انتظرت وعودكم ولم تأت…ماذا فعلتم لفقير لم يجد مالا ليداوي زوجته التي تموت يوميا….ماذا فعلتم لمشرّد لم يجد موردا يكفيه بناء بيت صغير يسكن فيه…ماذا فعلتم لمن ظلمتموهم بعد 14 جانفي وشردتم عائلاتهم حقدا وطغيانا…ماذا فعلتم لطالب مات أهله وتركوه عاطلا بشهادة لن تشبعه من جوع…ماذا فعلتم من أجل مئات الآلاف من العاطلين من الذين حلموا بمستقبل أفضل في ظلّ وعودكم الكاذبة….ماذا فعلتم لمن خسر شغله لأن بعضكم اعتصم أمام مورد رزقه يمنعه من الدخول…ماذا فعلتم وبعضكم يغلق مواقع العمل حقدا وبهتانا…ماذا فعلتم…وماذا حققتم من آلاف الوعود…وآلاف الشعارات التي رفعتموها…ماذا فعلتم وأنتم تطردون المستثمر الذي جاءكم راغبا في مساعدتكم…ماذا فعلتم وأنتم تعطّلون كل مفاصل العمل والشغل لتحقيق مصالحكم ومصالح عائلاتكم ومن بايعوكم على خراب البلاد…ماذا فعلتم وبعض الشعب ينام ليلته دون أن يسعد بلقمة بعد جوع أيام وأسابيع…ماذا فعلتم وبعض الشعب يموت كمدا وحسرة على رزق ضاع بسبب ما فعلتموه بالبلاد…ماذا فعلتم؟

خلاصة كلامي، وكلامي موجّه لمن حكموا خلال العشرية الأولى من عهد الخديعة وهم من يعارضون اليوم عالي المقام، وموجّه أيضا لمن يحكمنا اليوم بحجة تصحيح المسار والحال أنه حاد بالمسار عن المسار، وأخذ البلاد والعباد إلى حيث لا أمل في إصلاح حالها، فنحن اليوم نغرق في الوحل ولا خلاص لنا ومن يحكمنا يحقد على نصف شعبه، ويتهم النصف الآخر بالفساد والاحتكار ويهدّد الجميع بالويل والثبور… وليعلموا جميعا سلطة ومعارضة، هذا الشعب لا تهمه حروبكم إن لم تكن في صالحه وتخرجه مما هو فيه…ولا يهمه من يحكم…ولا يهمه من الوزير…ومن المدير…ومن السفير….الشعب يريد لقمة….وشغلا…وأمنا….واستقرارا فقده منذ جاء بعضكم كاذبا…رافعا لشعارات مات أهلها…

ماذا فعلتم….وبعض الشعب يموت كل يوم….وأنتم تفاخرون بما لم تنجزوه….ماذا فعلتم….لم تفعلوا شيئا…فقط وزعتم الإحباط…واليأس….في وطن كان أجمل قبل مجيئكم….وقبل خروجكم عليه بشعارات كاذبة…ألا تخجلون مما فعلتم…ومما أتيتم…لوطن كان أفضل …لا استثني أحدا…

أكمل القراءة

صن نار