تابعنا على

جلـ ... منار

يا زمان الوصل

نشرت

في

Peut être une image de texte

أشهد أن العرب لم يضيعوا وقتهم هدرًا خلال القرون التي عاشوها في إسبانيا. فقد أنتج الاندماج العربي الأوروبي صنفًا من البشر ليس له مثيل في أي مكان.

محمود السعدني

فأية بنت إسبانية ستجد لها ألف بنت تشبهها في طنجة وتونس والإسكندرية وبغداد والشارقة وصنعاء. والشعر المرخي على الأكتاف، والعينان اللتان تطلقان رصاصًا في القلوب، والقوام الذي هو شيء بين غصن البان وعصا الخيزران.واللغة العربية لا تزال باقية. وكل كلمة إسبانية تبدأ ﺑ (ال) التعريف هي كلمة عربية أصابها بعض التحريف، لكنها بقيت عربية على كل حالٍ. فالقاضي هو (الكالدي)، والزيت (الثيت)، والزيتون (الزيتونث)، والثور (الطورس)، والوادي (الجوادي)، والحجارة (اليخارا)، والقصر (الكازار)، والحمراء (الهمبرا). و(التروبيدور) معناها الطرب يدور، و(الفلامنغو) معناها فلاح مغنٍّ؛ أو المطرب الشعبي بلغة هذه الأيام، و(أوليه) هي الله باللغة الإسبانية، وألوف من الكلمات العربية تجري على ألسنة أفراد الشعب الإسباني دون أن يدركوا حقيقتها.

ولكن الإسبان للأسف الشديد يشعرون بمرارة نحو العرب، ويقولون: إن العرب فتحوا إسبانيا مرتين، مرة بقيادة طارق بن زياد، ومرة بقيادة فرانكو !

وأصل الحكاية أنه عندما نشبت الحرب الأهلية الإسبانية، كان فرانكو قائدًا عامًّا للفرقة الإسبانية في المغرب. وعبر الجنرال فرانكو البحر إلى إسبانيا بقواتٍ مغربية، وعندما تحقق له الانتصار أباح لجنوده المغاربة مدينة مدريد لمدة أسبوع. ولا يزال الأحياء من أهل مدريد يذكرون تلك الأيام ككابوس ثقيل. وحفظ فرانكو الجميل لهؤلاء، فاحتفظ بالفرقة المغربية كحرسٍ خاص حتى يوم وفاته. وكان أهم قادة الجيش الإسباني مغربيًّا يُدعى محمد مزيان، وظل في منصبه حتى بلغ الثامنة والسبعين، ولم يترك منصبه إلا بالموت!

وتجولت طويلا في الأرض التي كانت عربية، أطوف بعواصم المجد القديمة، قرطبة، وطليطلة، والأندلس، ومجريط (مدريد في لغة أهل الأندلس). ولا تزال قصور العرب القديمة شاهدة على حضارتهم العظيمة، ولا تزال جامعاتهم ومعاهدهم الموسيقية تحكي للأجيال قصة المجد الذي كان. مساكين القيسية واليمنية من أهل ذلك الزمان، تحاربوا بالسيوف حتى تكسرت، وبالرماح حتى تحطمت، وبالنبال حتى تكدست، ثم تجاذبوا بالشعور والأظافر والأسنان!

يُحكى أن حاكم الأندلس يوسف بن فهري، كان له أعداء ينافسونه على السلطة، ولكنه تمكَّن منهم أخيرًا، وذبحهم جميعًا، ثم أمر بأن يمد له السماط على جثث لم تبرد بعد. ويقال إنه تناول طعامه وهو جالس على الجثث الغارقة في الدماء، وإنه تجشأ بعدما انتهى من طعامه، وقال قولة شهيرة: “والله ما ذقت طعامًا أهنأ من هذا قط!”

وقفت أتفرج عل أطلال مدينة توليدو (طليطلة)، وفي العين دمعة، وفي القلب حسرات!

لقد رأيت مثل هذا المنظر كثيرًا: في القاهرة القديمة، وفي بغداد القديمة، وفي دمشق القديمة؛ الهندسة والرسوم والأطلال ذاتها! وكدت أركع، وأقبِّل الأرض التي صافحَتْها أقدام أبطال العرب القدامى عندما كانوا رجالا، وأمعنوا غربًا إلى أن وصلوا إلى ميناء طولون الفرنسي، ثم عادت أقدامهم فانسحبت من الأرض عندما تحوَّل أحفاد هؤلاء الأبطال إلى أشباه رجال، وظلوا ينسحبون منها في كرم زائد إلى أن خرجوا منها في مشهد ذليل، ولم يخلفوا لنا إلا الذكريات البغيضة مكللة بالعار!يا للأيام التعيسة الحزينة التي عشتُها في الأندلس، أكاد أبكي على المجد الذي ولى، والعصر الذهبي الذي ضاع!

من هذه النافذة التي فتحها العرب، تعلمت أوروبا الموسيقى ونقلت (ألف ليلة وليلة) ودرست تعاليم ابن رشد، وتتلمذت على الفارابي وابن الهيثم وابن خلدون!

تصوروا … لو بقيت شبه جزيرة أيبيريا — إسبانيا والبرتغال — عربية حتى يومنا هذا فأي عزٍّ لنا، وأي ظهر نستند إليه؟ وليتنا نتعلم من أخطائنا! ولكن فلسطين ضاعت منا كما ضاعت الأندلس

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

صديق اسمه العالَم

نشرت

في

منذ أكثر من 25 سنة جاري الأمريكي قرر أن يترك كاليفورنيا ويهاجر الى ولاية أخرى، وكان في الستين من عمره.سألته: في هذا العمر ستترك اصدقاءك وراءك، وستكون وحيدا في غربتك؟ رد على الفور: بل عندي مئات الأصدقاء هناك الذين لم أقابلهم بعد!

وفاء سلطان
وفاء سلطان

ما أجمل أن يعيش الإنسان منفتحا على الكون ومؤمنا أن له أصدقاء في كل أنحاء الأرض. ولأنني تبنيت عقليته منذ يومها وأنا أعيش تجارب غارقة في لغزيتها. كان آخرها تجربة عشتها في رحلتي الأخيرة إلى الساحل الشرقي في أمريكا، ولم أشأ أن أكتب عنها احتراما لخصوصيات أبطالها، رغم أنها كانت من أجمل تجاربي وأكثرها دفئا!

لي صديق على الفيس، مع الزمن ومن خلال الرسائل المبادلة أصبحنا صديقين حميمين.

علي رجل فلسطيني، زوج وأب لستة أطفال، ومن خلفية إسلامية سنيَة، لكنه متحرر من أغلال الأديان.عاش قصة عذاب ونضال لا تصدقها لو رأيتها في الأفلام.

لاختصر القصة، عرف أنني سأزور المدينة التي يسكن بها فأصر بعزم على أن نتقابل. في البداية أحسست بالحرج وخفت من اللقاء مع زوجته، فالنساء بصورة عامة هن الأكثر تعلقا بأغلال الدين.تواعدنا في الفندق. جاء وتعانقنا كأخوة لم يروا بعضهم البعض منذ عقود!

تفاجئت بأنه جلب كل العائلة معه في سيارتين، واصر على أن نركب معه، ورحب بأصدقائنا الذين رافقونا من كاليفورنيا.

جمعتنا طاولة واحدة في مطعم فلسطيني، وراحت الأطباق تملأ الطاولة أمامنا، وأنا مشغولة بالحديث مع السيدة زوجته، حاملة الماجستير من جامعة بغداد، وغصنا في أحاديث لنخرج منها وجهين لعملة واحدة.

لا أعرف سرّ المشاعر الجميلة التي استعمرتني أثناء العشاء. الأولاد أحاطوا خصري وكأنني خالتهم التي لم يروها من سنين،والصغيرة تتوسل خذيني معك أرجوك.

نعم لك اولاد واقارب واحفاد وبنات أخت في مكان ما من هذا العالم، فكن منفتحا على الكون كي تلتقي بهم.

قصة السيد علي وعائلته تجرح شغاف قلبك، لكن نهايتها السعيدة تحلق بك إلى رحاب الله. لقد وجدوا في هذا البلد أيادٍ رحيمة أعادتهم إلى مستوى انسانيتهم. اتفقت مع علي والسيدة زوجته أن استقبل كل ولد من اولاده بعد حصوله على الثانوية العامة للدراسة في جامعات كاليفورنيا، ومع الوقت ينتقلون كلهم وذلك بسبب معاناتهم مع الطقس القاسي هناك، فلمدة ثمانية اشهر الثلوج تغمر المدينة، وطفلان من أطفاله يعانون من الربو. نشتغل الآن على أكبرهم سنا لارا التي نالت الثانوية.

اليوم قرأت بوستا على صفحته يحكي عن لقائنا، فتشجعت أن أكتب عن هذا اللقاء!

أقسم لكم أشعر وكأنني تركت ورائي طفلا من أحشائي، وأحلم بعودته إلى حضني.

عدت وتتملكني رغبة حارقة أن أساعد والدين رائعين للارتقاء بأطفالهم إلى حيث يوجد أولادي الآن.

تجاوزوا أحقادكم، ومهما اختلفتم مع شخص لا تسقطوه دون مستوى انسانيته! لا تدعوا دينا ولا فكرا ولا سببا يحجبكم عن اخوتكم في الإنسانية.

أنت الله عندما تصادق

أكمل القراءة

جلـ ... منار

على الخط

نشرت

في

علاقاتي طيبة مع القراء لكنها لا تتعمق أكثر من اللازم، وهذا عائد لطبيعتي الخجـول المتحفـظة نوعًا. غير أن المرء من حين لآخر يتلقى صـفعة على كبريائه تجعله يتمنى لو كان أكثر حذرًا.

أحمد خالد توفيق

منذ عام أرسلت لي تلك الصديقة المراهقة رقم هاتفها. قالت إن عيد ميلادها غدًا وهي تريد أن أقول لها هاتفيًا كل عام وأنت بخير. تأثرت من هذا الطلب جدًا، وفي الموعد المحدد اتصلت بها. ردت علي سيدة متشككة لتسألني بخشـونة:

من أنت؟ (واضح أنها الأم) لماذا تسأل عن ابنتي؟

ـ”أنا فلان”

.فلان من؟

لم تسمع حرفًا عني من قبل. صوتها يزداد خشـونة. أقول:

ـ”أنا فلان الكاتب”

كاتب ماذا؟ أي أنك تكتب؟

الشـك يتزايد. أنا أعاكـس ابنتها أو أعبـث بها. في الحالين أنا وغـد. بدأ العرق يتصبب مني وأنا أشرح لها القصة منذ البداية. عندما تشرح هذه الأمور تبدو سخــيفًا جدًا. عندما انتهت المكالمة اللـعينة أغلقت الهاتف وأقسمت ألا أكون ودودًا بعد اليوم.

اتصلت بي الفتاة مرارًا بعد ذلك فلم أرد.

فتاة أخرى أكثر نضجًا وتعمل في منصب مهم، اتصلت بي ذات مرة وقالت إنها حصلت على رقم هاتفي بصعوبة. قالت إنها تحب كتاباتي جدًا، ونشأت بيننا صداقة عبر الهاتف. أعتقد أنها كانت المتصلة في كل مرة. طبعًا أنت تثق بي وتعرف أن الأمر لم يزد على صداقة متحفظة جدًا. ولو لم يكن كذلك لما حكيت لك هذه القصة. هل تجد مبررًا يجعلها تتصل بي ذات مرة وهي تبـكي لتقول:

ـ”خطيبي متضايق جدًا، وهو يطلب منك مسح رقم هاتفي وعدم الاتصال بي ثانية!. سلام. كليك!

“ظللت رافعًا حاجبي نصف ساعة، وأنا أتحسس موضع الصفعة الرمزية على خدي. كل ما فعلته من ذنب هو أنني كنت ودودًا. لا أكثر ولا أقل.

بعد أعوام قابلتني، وقالت إنها تريد أن أتعامل معهم في مجال عملها الجديد!.

نظرت لها في صمت، ثم قلت لها إنني صنفت إهانتها ضمن أسوأ عشر إهانات تلقيتها في حياتي. من فضلك أرجو أن تمسحي رقم هاتفي ولا تتصلي أبدًا.

أكمل القراءة

جلـ ... منار

الولد البرتغالي … واجتياح قارّة

نشرت

في

suffisant Collègue épingle les colonies portugaises Matériel musical  Réveiller

لا يمكن مهما قلْت ومهما رغيت أن أصف لكم أفريكيا … ولا شيء يمكن أن يُطلعك على أفريكيا أبدًا، لا الكتابة ولا الأفلام ولا التصاوير، وإنما شيء واحد فقط هو الذي يستطيع أن يفعل ذلك، هو أن تأخذ ذيلك في أسنانك وتجري على أفريكيا!

محمود السعدني

هو مَنظر لو فاتك — يا عبد الله — رؤيته فأنت لم يُكتَب لك المرور على دنيا الناس! فلا أوروبا بجمالها ولا آسيا بأسرارها تستطيع أن تقف إلى جانب أفريكيا في معرض القارات!ستجد هناك جمالًا فشر جمال أوروبا، وألغازًا تصبح إلى جانبها أسرار آسيا مجرد فوازير ونكت بايخة! وناس أفريكيا ما أحلاهم وما أطيبهم وما أبسط وأجمل حياتهم! ولكَم تمنيْت أن أفرش حصيرة أفريكاني حلوة، وما أحلى الحصير الأفريكي وما أغناه، تمنيْت أن أفرش حصيرة أفريكي على الساحل وأتسلطح على ظهري لا أهش ولا أنش، إذا عطشْت أمد إيدي وأكسر جوزة هند في حجم البطيخة المجيدي الحلوة، أشرب وأتكرَّع وأتبغدد، وإذا جعْت فلا أمد إيدي ولا حاجة، أنتظر فقط حتى يسقط من على الشجرة قفص منجة ألفونس في حلاوة جاتوه أخونا جروبي، ألتهم القفص وأتبهنس! فإذا أردتُ أن أغسل يدي فالسماء كفيلة بكل شيء. ستمطر حتمًا إذا كنا في الصيف، وإذا كنا في الشتاء فلسوف تمطر أيضًا.

هذا إذن هو ساحل غانا الذي لا أستطيع وصْفه. الساحل الساحر الذي اكتشَفه يومًا ما ولد برتغالي صايع كان يتمخطر في عرض البحر بمركب جربانة، ولكن عليها مدافع جبارة، وفوق المَدافع علَم في حجم ملاية السرير مرسوم عليه صليبٌ مسنون ومدبب في كل ناحية من نواحيه الأربعة، كأن كل حافة فيه حربة!

ولكن قبل مجيء هذا الولد البرتغالي الصايع، مرَّت من قبلُ مراكب أخرى جبارة ولكن بعيدًا عن الساحل، تخترق بحر الظلمات في طريقها إلى عالمٍ مجهول ومسعور لم يصل إليه كائن حي من قبل. كانت سفُن البرتغال تُجرب حظها، تحاول الوصول إلى أرض الكنوز في الهند.

كانت البرتغال وقتئذٍ بلدًا فتيَّة مفتريَّة، لديها مراكب كما الصواريخ الآن في روسيا. وعلى المراكب مَدافع تُطلق النار فتُبيد الغلابا المنكسرين الذين يهجمون على الأسُود بسِكينة بصل ومطوة مصدية! وكان لديها بحَّارة ولا الشياطين الحمر، عليهم شقاوة ولا العفاريت الزُّرق، طَموحون اغتنوا وأغنوا بلادهم، مغامرين مات نصفهم في رحلات الكشف، ومات النصف الآخر في رحلات اللهْف والخطْف!

وعندما جاء الولد البرتغالي الصايع بمركبته كان شاطئ غانا هادئًا وديعًا كما قطة … أشجار جوز الهند ملفوفة كما بنات حلوين في ملايات حرير سودة. وأشجار الأناناس تتمخطر مع الريح كأنها أعلام ملك الغابة نشرها على الساحل في يوم عيد … وولدٌ أفريكي طيب يتسكع عند الشاطئ يصطاد سمكةً بحرية، ويقطف جوزة هند بخشبة زانٍ أطول من قلع المركب. وربما كان هناك قرد يصرخ وكلب يعوي ونسر جبار يُحلِّق في السماء السابعة بحثًا عن ميِّت فخيم يحطُّ عليه ويأكله!

المهم أن الولد البرتغالي الصايع دخل شاطئ أكرا وطوى قلوعه وألقى مراسيه وطقطق مدفعين من عنده تحيةً للشاطئ المجهول. ولكن المدفع — يا للهول على رأي يوسف وهبي — جعل النسر يُحلِّق في العلالي والقرد يشطح نحو الغابة، والولد الأفريكي الطيِّب يُسدِّد حربته التعبانة نحو المركب وينطلق يجري في داخل أكرا، وقد تأكَّد لديه أن القيامة قامَت، وأن المَدافع هي جرس إنذار لتستعد الناس وتتهيأ!

لم تكن القيامة قد قامَت ولا أي حاجة، وربما انتهى الأمر بالولد الأفريكي الطيِّب إلى الجنون أو الموت … لا يهم، فالمهم عندنا هو الولد البرتغالي الصايع الذي رسا على ساحل أكرا ذات صباحٍ جميل منذ خمسة قرون، عاش الولد على الشاطئ أيامًا، ثم عاد، ولكنه حمل معه في رحلة العودة ثمارًا وفواكه وحفنة تراب من أكرا وأحلامًا واسعة بالسيطرة على هذه الأرض. وبعد شهورٍ عاد من جديد في عمارةٍ بحرية شديدة الهول، ومعه مرسوم من ملك البرتغال بأن يكون كل ساحل غانا تابعًا لأملاكه. ولم لا وقد صار ملك البرتغال ملك زمانه وأوانه ووحيد عصره!

الأسطول المصري العظيم تحطَّم مع أسطول البندقية في معركةٍ بحرية ضد أسطول البرتغال. وعندما استقر حطام آخِر سفينةٍ مصرية في قاع البحر كان ملك البرتغال قد أصبح هو الحاكم بأمره، وأصبحَت كل الكرة الأرضية مِلك يدَيه لولا دولة أخرى تجاوره على الخريطة وتزاحمه في البحر هي إسبانيا، وهي قصة خلاف مؤسفة مُكسِفة — من الكسوف — جعلَت البابا شخصيًّا يتدخل في الأمر، فيحكم بأن نصف الدنيا جنوب خط عرض كذا تابع لملك البرتغال، ونصفها الآخر شمال الخط إياه تابع لملك إسبانيا،

ومن ذلك اليوم الأغبَر بدأَت أغرب وأعجب عملية نهبٍ عرفها التاريخ. لم يلبَث ساحل غانا أن سقط في يد شركة الهند الشرقية، ولكن ذلك اليوم لم يكن قد حان بعد عندما وفدَت عمارة الولد البرتغالي الصايع على شاطئ أكرا هدفها التجارة وهداية الناس السود إلى طريق الرب! ولذلك جاءت العمارة البحرية وعليها مَدافع، ومع المدافع حفنة من رجال الكهنوت! واستقرَّت البعثة عند الشاطئ في صمتٍ وفي هدوء. لا تتكلمُ مع أحد ولا يتكلم معها أي أحد. بدأ عهد التجارة الصامتة. البيع والشراء يتم على طريقة شارلي شابلن في أفلامه القديمة! العيال البرتغال يضعون خرزًا أحمر وأصفر ومطاوي مسنونة وسيوفا تلمع. ويأتي الأفريكي فيلهف ما تركه العيال البرتغال، ويترك مكانه ذهبًا وتوابل وأشياء أخرى يسيل لها اللعاب.

أكمل القراءة

صن نار