تابعنا على

وهْجُ نار

يا طابور قلي رايح على فين…

نشرت

في

فيديو: طوابير طويلة في تونس لشراء الخبز بسعر مضاعف في رمضان | Euronews

بالأمس كانت حرارة الشمس تدريبا بسيطا على يوم الحشر لبعضنا أو ربما لأغلبنا…فالحرارة المرتفعة التي نعيشها منذ أيام أو ربما أكثر من أسبوع تجعلنا نتخيّل كيف سيكون الطقس غدا في دار جهنم؟ خاصة وأنه يمنع منعا باتا هناك استعمال المكيّفات أو فتح الشبابيك…

محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش

قمت باكرا جدّا كعادتي لأني مطالب بحلّ العديد من المشكلات المنزلية والذهاب إلى عديد الأماكن لقضاء بعض الشؤون أو شراء بعض المقتنيات الغذائية وغيرها…قصدت مخبزا ليس بعيدا عن المنزل في درجة حرارة تفوق الثلاثين، وجدت طابورا بأكثر من عشرين نفرا ينتظرون دورهم للعودة برغيف أو أكثر إلى منازلهم، أخذت مكانا آخر الطابور حسب القاعدة المتعامل بها وانتظرت دوري للمثول امام المكلّف ببيع الخبز…

حين وصلت أول الطابور نظر لي صاحبنا والاسف يعلو محياه وقال “الله غالب يا حاج كملوا الخبزات استنوا نصيّف ساعة” … ضحكت وقلت لا يهمّ سأقصد مخبزا آخر لا يبعد كثيرا عن الأول، وكانت الساعة تشير إلى الخامسة صباحا، قصدت المخبز الثاني على أمل كسب الرهان، وحين اقتربت من المخبز اعترضني طفل لا يتجاوز العاشرة من عمره وقال “عمّي، عمّي تشري بلاصة في الصفّ بخمسة دنانير…” ضحكت وأجبته بالرفض وانضممت إلى الطابور لم أكن أعلم أن الطابور سيكون بذلك الحجم وأنا أغني أغنية سيدي علي الرياحي رحمه الله بتصرّف “شدّ الصفّ يلا قابلني”…خلاصة القول لم يكن حظّي هنا أحسن من حظّي مع الخباز الأول …

قررت الذهاب إلى مخبز ثالث يقع خارج المدينة، قبل وصولي إلى المخبز الريفي لاح لي من بعيد حجم الكارثة طابور بأكثر من ثلاثين مترا وأغلبهم يحمل بيده قفّة من سعف النخيل، هذا يعني ان حظّي هنا سيكون أسوأ مما عشته مع من سبق من الخبّازين، قلت سأحاول الانتظار هذه المرّة… مع الساعة السادسة والنصف كان لي شرف الاحتفال برغيفين ليس أكثر حسب تعليمات صاحب المخبزة بعد أن اشتكى بعضهم من تجاوز البعض للحدّ الأقصى من عدد الأرغفة…

خرجت سعيدا بهذا الإنجاز ممنيا النفس بالرجوع سريعا إلى المنزل لتناول فطور الصباح…مهمتي الثانية كانت غذائية أيضا عليّ ان أبحث عن نصف رطل من القهوة قصدت أحد الدكاكين التي علمت أنها وفرت كمية معتبرة من هذه المادّة، وصلت وكان الطابور الرابع في انتظاري بعد طوابير الخبز التي عشتها…وقفت مكاني خلف الطابور حتى وصل دوري وكأن التاريخ يعيد نفسه مرتين في اليوم نظر لي الدكاكيني نظرة أسف وقال “غدوة نجيبوا كميّة أخرى يا حاج…” أجبته “ان شاء الله نحجّوا” وخرجت منسحبا من الطابور…نظرت إلى ساعتي لأجد أن الوقت مناسب للذهاب إلى البنك قصد سحب بعض المال، وللمرّة الخامسة اجد نفسي في ذيل طابور قد لا ينتهي … بعد نصف ساعة خرجت من البنك سعيدا بما سحبت من مال، واتجهت نحو مقرّ البلدية لإمضاء بعض الوثائق قبل التفرّغ لما بقي من مشكلات المنزل، هناك أيضا كان الطابور السادس في انتظاري والتزمت مكاني في الطابور حتى قضيت مأربي وخرجت سعيدا غارقا في بحر من العرق…

نظرت يسار البلدية فتذكّرت أني مطالب بدفع معلوم استهلاك الماء أيضا فأسرعت خوفا من طابور سابع، لكن وما تشاؤون إلا أن يشاء الله، وقفت في الطابور حتى قضيت شأني وخرجت متوجها إلى شركة الكهرباء لدفع ما علي من معلوم استهلاك، وهناك أيضا كان الطابور الثامن في انتظاري لكن ولأن التاريخ يعيد نفسه اكثر من مرّة في اليوم وحين وصل دوري للدفع بالتي هي أحسن انقطع التيار الكهربائي في مقرّ استخلاص معاليم الكهرباء…ضحكت وخرجت وقلت لعل الشركة لم تدفع ما عليها !…

 رنّ جرس هاتفي لتذكرني السلطة المنزلية الدائمة طبعا وغير المؤقتة بضرورة جلب رطل من السكر إن وجد وكيلوغرام من الفرينة إن حالفني الحظّ…هكذا هي تعليمات آخر ساعة…عبر الواتساب طبعا…توجهت نحو فضاء تجاري كبير لأجد طابورا في انتظاري يلهث وراء رطل من السكر…اي نعم الطابور التاسع أخذت مكاني ذيله إلى أن وصلت ليفاجئني المكلف بالبيع بإعلان نفاد الكمية المعروضة اليوم للبيع واعدا بأن غدا سيكون يوما آخر…خرجت سعيدا بالعهد السعيد الذي نعيشه…وتوجهت إلى فضاء آخر ابحث عن كيلوغرام من “الفرينة” دخلت لأجد طابورا آخر في انتظاري سألت فقال بعضهم “فرينة” وقال الآخر “سكر”، قلت لا بأس سأنتظر ولم يكن انتظاري طويلا ليأتي أحد العاملين بالفضاء ليبشرنا بنفاد الكميّة والاعتذار لنا…

وقفت لحظة أنشّط ذاكرتي لأعرف ماذا سيكون مأربي القادم وتذكرت “الزيت” وما أدراك ما الزيت وتذكرت ان أحد الأصدقاء قال إن عمّ الشاذلي وكنيته “زحلوقة” له كميّة كبيرة سيعرضها للبيع في منزله اليوم، توجهت إلى منزل “زحلوقة” ممنيا النفس بلتر أو أكثر من الزيت المدعّم، قبل حوالي مائة متر من منزل عمّ الشاذلي فوجئت بطابور طويل مكوّن من الرجال فقط استغربت أمره…اقتربت من ذيل الطابور وسألت كهلا يقف امامي وقلت “عالزيت؟”…فأجاب “هاني شاد الصفّ”، قلت لابأس سأنتظر ولم لا فأنا لم أغنم لترا من الزيت منذ رمضان…بعد حوالي ربع ساعة وكأني بالأمر كان سريعا نوعا ما…أقول بعد ربع ساعة وصلت إلى آخر الطابور لأجد نفسي مطالبا بتقديم العزاء لأبناء عمّ الشاذلي رحمه الله ” وأنا الذي كنت أمنّي النفس بلتر من الزيت…فالطابور كان للعزاء …فحين سألت من كان أمامي قائلا “عالزيت” ظنّ أنني سألته “عزيت” وأقصد هل قام بواجب العزاء أم لا … هكذا انتهى بي مطاف الطوابير إلى واجب العزاء…

خرجت وأنا أتمتم أغنية عبد الوهاب بتصرّف “يا طابور قلي رايح على فين…” فالبلاد كلها تقف منذ 2019 ذيل طابور لا أحد يعلم أين سيأخذها…رجعت مسرعا إلى المنزل وأنا أفكّر في أمر أقضّ مضجعي…بماذا سنحتفل اليوم هل بعيد الجمهورية أم بعيد مجهول الهويّة؟ وهل ستطول مدّة وقوفنا ذيل الطابور…؟؟

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

وهْجُ نار

أنا وجورجيا ودي بروين وفان دام… ومذكرة التفاهم… وفوزي الغبّار !

نشرت

في

Peut être une image de 1 personne, cheveux blonds et sourire

تابعت كغيري من التونسيين حفل توقيع مذكرة التفاهم حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين تونس والاتحاد الأوروبي…وتناقشنا أنا و”الشلّة” بكسر الشين قليلا في جدواها وما قد ينفع البلاد والعباد من هذه المذكّرة…

محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش

لكن أغلب نقاشنا دار حول الستّ ميلوني…عفوا جورجيا ميلوني عالية المقام فلا أحد منّا تناول محتوى المذكرة بجدّية وتعمّق لأننا تعودنا على مثل هذه المذكرات ونعلم جدواها جيّدا وأغلب من كانوا معنا قالوا قولتهم الشهيرة “كي بيها كي بلاش مذكّرة متاع تسكيت وايجا منّا عيّش ولدي”…جميعنا تناول جمال جورجيا أطال الله عمرها وأظافرها…فهذا يقول “محلاها” والآخر يقول” ملاّ ساقين عليها” والثالث يقول” اش خصّ لوكان نسلّم عليها”…لا أحد منّا تحدث عن أورسولا اندرس….عفوا فان دام… عفوا فون دير لاين كما لا أحد تفطّن لوجود “الهصك” مارك روته معهم …بعد أن دام مدحنا لجسد جورجيا وقوامها وشعرها الأصفر وابتسامتها (حليلي نا!) ووقفتها “الجرمانية” نسبة إلى طائر الجرمان، قررنا العودة إلى منازلنا حالمين بجورجيا على مقاس كل واحد منّا…

افترقنا قبل مائة متر من وصولي إلى المنزل وكعادتي وجدت “فوزي الغبّار” أمام الدار يشاكس عمود الكهرباء ويراوده على نفس من لفافة لا أحد يعلم محتواها…اقتربت منه ونهرته وأمرته بالمغادرة إلى منزله فضحك طويلا وبصوت عال وطالبني كالعادة بمقاسمته ما بقي من “لفافة” صنعها بتركيبة محليّة في أيام الأزمات ونقص السيولة…رفضت …وهممت بدخول المنزل فالتحق بي وأقسم براس أمه أن اقاسمه ما بقي من اللفافة…ولأني أعرف علاقته بأمه ومدى تعلقه بها رضخت لمشيئته ولثمت شفتاي طرف لفافته لأجد نفسي في عالم آخر لا أحد يعلم اين سيأخذني…

وكأني بجرس الهاتف الأرضي يرنّ…تحاملت على نفسي واقتربت منه ورفعت السماعة لأضعها قبالة اذني وقلت “آآآآلو شكون معايا؟” وإذ بصوت أنثوي جذّاب هزّني إلى فوق وأعادني وفي رواية أخرى (خبطني) حيث كنت حين صرخ قائلا “Ciao, amore mio Hamma” أجبت “شنهو؟…اش تقولي؟ اموري ميو؟

أي أي أنا أمورك ميو…أنا حمّة نحيلي الغمّة 

وابتدأ المشوار…عفوا الحوار..

أنا: شكون أنت يا منجوهة؟ منين تكلم في؟ تي تكلمي يعطك كيّة…

جورجيا: أنا جورجيا حمّة …نسيتني فيسع…نكلم من فمّي…

أنا: جورجيا؟؟؟ جورجيا شكون يعطك يخذة…ما تقوليليش جورجيا ميلوني ؟؟

جورجيا: Esattamente io Meloni… موش قتلي كلمني كي تخلط لروما وردي بالك على كعبات المحشي اللي بعثتهم معاك…شبيك نسيت حبيبي؟؟

أنا: حبيبك….شنوة قلت عاودها…حبيبها…يا دين الزكش شبكنا الحكومة حمّة ماشي لروما…لوكان يسمع السبتي ولد خالتي مغلية…لما ينتحر هو والبهيم متاعه…جو…

جورجيا: شنوة رايك حبيبي في المذكرة اللي صححناها في تونس ؟ شنوة رايك في تكمبيصي حبيبي راني حفيدة موس الليني؟


أنا: لتوة ما قريتهاش وصلتني امخر يا وزفة…اخطانا مالمذكرة احكيلي اش تعشيت واش لابسة يا جورجيا…أنا حفيد موس بوسعادة؟

جورجيا: وهي تضحك… sei il mio amore …لا لا توه نهار آخر نحكيلك احكيلي عالمذكرة حبيبي…

أنا: قلي جورجيا…الشراكة باهية لينا أحنا…واش معناها الشاملة حبيبتي؟

جورجيا: طبعا باهية حبيبي… شاملة معناها فيها الفلاحة الطماطم والفقوس والدلاع والكرنب وحتى اللحم…وفيها الزيت…وكل شيء روحي..

أنا: روحي…شنوة قلت جورجيا …روحي…(غيبتك يا سبتي، جورجيا ومندراك طيحتها جت تدور تتكربص من غير بخور وعصبان)…معناها باش ترخص الدنيا عندنا…وكل شي يولي متوفر…وتجيبولنا البطاطا باسوام باهية…وزيت الحاكم يا جورجيا غلب عليّ عندكم زيت حاكم غادي؟؟

جورجيا: أحنا عندنا الزيت وحدو…والحاكم وحدو…كل شيء باش يولي متوفر حبيبي…وباش تغلى شوية الدنيا على خاطر “الشاملة”…أما تهنى كل شيء موجود…حتى الفلفل الحار…والزنجبيل…والخبز باش يولي خبز طليان حبيبي…تعرفوا خبز طليان…طويل وخشين…وحتى الفقوس يا حبيبي يولي عندكم أنواع…وباش تولي سلعتنا وسلعة فغانسا وسلعة ألمانيا وسلعة بلجيكيا وسلعة الشانغان الكل تتباع عندكم…وتشيخوا بالشكلاطة…وبفلفل برّ العبيد…

أنا: الشانغان جو معناها الفيزا تولي ساهلة هي والطماطم…والزيت…أي أي والشكلاطة يا سبتي ايجا شوف حمة شكّل أوروبا الكل …وشنوة أحنا باش نعملولكم مقابل هالجو يا جورجيا التحفونة…يعطك كيّة محلى صوتك يشبّه لصوت حبيبة مسيكة كي تغني “على سريرالنوم دلعني”…
جورجيا: أنتم …لا… حاجة خفيفة…هوكة منين تشوفوا واحد من افريقيا جنوب الصحراء ماشي لإيطاليا تضيفوه عندكم وتوكلوه وتشربوه …وتغدوه …وكان لزم تداووه…وبعد مدة تركبوه في طيارة ولبلادو ترجعوه…وهوكة أحنا نخلصوا تساكر الطيارة…

أنا: شنوة معناها عساسة عندكم أحنا؟؟ ما تحشمش جورجيا…يكبّ سعدك وسعد فان دام اللي جات معاك…ودي بروين زادة…

جورجيا: تضحك ملء شدقيها وشفتيها وأنفها وكل شيء …لا لا موش فان دام… فون دير لاين…وموش دي بروين متاع مانشستر سيتي …معزّك قداش فحل وضامر وتضحّك حمّة…وموش عساسة هذاكه يدخل في اطار الكلمة الأخرى: الاستراتيجية…فهمتني روحي…

أنا: روحها…أنا روحها…وفحل…جو الحكاية بدات تتطور نحو المياه العميقة…تي لا علينا…توّه فهمت الشاملة معناها باش ناكلوا الطماطم والخبز والزيت…الزيت أكهو موش زيت الحاكم…والفلفل …والفقوس…والاستراتيجية يعني دفاع مشترك …نشوفو مامادو متعدي يتبختر في المتوسط انادوه ونوكلوه ونشبعوه واذا مرض نداووه…وبعد نقولوا فيها وووووه…ولبلادو نرجعوه…ايه والدنيا عندنا ترخص روحي ميلونتي الغالية؟؟؟

جورجيا: لا…لا…تغلى المدّة الاوله وبعد طااااف تطيح التالي….

أنا: معناها ترقص…يا ام الشعر اصفر طيح التالي…قلت تطيح التالي جورجيا…والا شنوة معناها…(زعمة كي نطلبها في خشيم “بوسة” تحسبها استراتيجية والا شاملة؟ اش خصّ لوكان تحسبها استراتيجية شاملة فرد مرّة ونزيدوا نردكوها بمذكرة تفاهم استراتيجي شاملة)…

جورجيا: لا لا تغلى أول مرّة وترخص بعد مدّة…عزيزي…بحكم السلع متاعنا باش تغرق السوق متاعكم…

أنا: والحكاية هذي الكل قداش باش تعطونا على خاطرها عزيزتي؟؟ أولادنا ينجموا يسافروا عندكم من غير فيزا ويخدموا بحذاكم…

جورجيا: تي هو بيناتنا روحي…هوكه عطيناكم 150 مليون أورو…وبعد يعمل الله…تو نكملولكم قروض بعد التشاور مع صندوق النكد الدولي…يعمل الله…أما أولادكم هما أولادنا…احنا متهنين بيهم في تونس باش يقوموا بالمهمّة…بالاخص كل شيء باش يولي متوفر…مالطماطم للفقوس…حتى الباذنجان حمّة…حتى البطاطا تو نبعثوهالكم فريت مقلية في الزيت…يا روحي…

أنا: يا روح حمّة… (شبي أمها هي ضربة ضربتين تجبدلي عالفقوس يعجبكشي ملا ملقوطة)  يعمل الله…فهمت…معناها تجيبوا سلعكم تبيعوها عندنا في اطار الشاملة…ونعسولكم على جماعة افريقيا جنوب الصحراء باش ما يوصلوكمش في اطار الاستراتيجية…وتغلى الدنيا في اطار الشراكة…معناها أحنا اللي نرخصوا في اطار المذكّرة…قلي عزيزتي…وكرامتنا باش تبقى محفوظة في إطار التفاهم زعمة؟؟

جورجيا: حمّة حبيبي …تي انتم باش تكثر عندكم الخبز والبطاطا والطماطم والبصل والزنجبيلل…والفقوس البعلي…شنوّة تعملوا بالكرامة …الكرامة من الكماليات عزيزي…وهو مازال وقت كرامة ؟؟

أنا: كيفاه يا روح أمك…ونهبط عليها بداودي على وجهها…وأنا نقول Ti odio, Georgia …وفي تلك اللحظة استمعت إلى صرخة زوجتي …وهي تقول ” شبيك ضربتني حمّة اش عمتلك…؟؟”

التفت إلى مصدر الصوت وعرفت أني كنت تحت تأثير لفافة فوزي الغبّار “الله يهلكه” ونظرت إلى زوجتي وقلت ضاحكا…كنت أحلم أني كنت مع جورجيا ميلوني وتخاصمنا حول شؤون شاملة بنت المذكرة واستراتيجيات كاملة متاع التفاهم…”برّي الله يهلكك يا جورجيا…ان شاء الله راجلك يروّح سكران ويرقد عليك بطريحة نباش القبور…ويطلقك ويعرضك فوزي الغبّار يهزك معاه لمشهد صالح تموت بالعطش برّي يكب سعدك وسعد اللي ما يقولش سعدك”…

نظرت إلى زوجتي بعد أن قالت “سعدك” وقالت “جورجيا منهي هذه زادة اللي تحلم بيها؟ …تعرف كيفاه هاني في دار أهلي جيب اهلك يرضوني…” صرخت وقلت “جرتك يا ميلوني يعطك كيّة من فوزي ولد برنية عركتيني أنا والمرا…” وهممت بالخروج حينها تذكرت أن أهلي تحت التراب واهل زوجتي تحت التراب الله يرحمهم…وقلت في خاطري “هات اش باش يسلكها خربقتها جورجيا ودخلتنا في بعضنا وروحت…” وخرجت وأنا أتمتم…”الزح حتى خشيم ما خذيتاش منها…الزح بوسة كانت ترجعني عشرين عام التالي نلقى روحي في عهد بن علي نتفرج في شوفلي حلّ…الله يهلك الشاملة والاستراتيجية نَسِتْنِي في واجباتي الزوجية مع ميلوني…شنوة الزوجية …شبيني وليت تخلوض…واجباتي الديبلوماسية”

خلاصة الأمر أضعت البوصلة بسبب استراتيجية جورجيا ومذكرة فان دام عفوا دي بروين…لا لا فون دير لاين …وتفاهم “الهصك” الهولندي الآخر…ثالث الجماعة…


أكمل القراءة

وهْجُ نار

“اسألوا عن حبايبكم، مش كل الناس موجودة بكرة” !

نشرت

في

قد لا يعرف بعض أبناء جيل “حوماني” ومثيلاتها من أغاني الثوار الاشاوس الذين فتحوا مكّة والحجاز وأرض نجد وشرّدوا التتار والوندال…أقول قد لا يعرف جهابذة الفنّ السوقي الذي نسمعه اليوم الفنان علاء عبد الخالق، وقد لا يعرفون حتى رفيق دربه الذي بكاه طويلا حميد الشاعري…

محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش

الفنان علاء عبد الخالق توفي منذ أسبوع تاركا وراءه حزنا ولوعة في قلوب كل من عرفوه وعاشروه وعرفوا فنّه وإن لم يكن في حجم العباقرة الذين سبقوه…علاء عبد الخالق ترك وصية قبل وفاته بسنتين تقريبا على حسابه الخاص فايسبوك يقول فيها: “اسألوا عن حبايبكم، مش كل الناس موجودة بكرة “…نعم هكذا كتب علاء وكأني به أدرك انه لن يكون قريبا من الموجودين “بكرة” وان موعد مغادرته لن يطول انتظاره كثيرا…وجاء “بكرة” ومات علاء…

تعالوا لنلتقي مرّة واحدة في ما نفكّر وما نقول وما نضمر…تعالوا لمرّة واحدة نتّفق في كلمة وجب قولها قبل فوات الأوان…هل نحن شعب يتواصل…يسأل عن بعضه البعض…ويحنّ إلى رؤية بعضه البعض…؟؟ لا وألف ألف لا…هل نحن ذلك الشعب صاحب “وينك” و”شنية أحوالك” و”هالغيبة” و”امتى تطلّ” و”توحشناك” و”ربي يخليك لي يا غالي”…لا سادتي نحن اليوم من الخوارج أولئك الذين خرجوا عن اخلاق دينهم وأمتهم وأهلهم وأجدادهم…نحن شعب دينه الحقد والحسد وإضمار السوء…نحن شعب لا نعترف بنهاية المطاف…بالمغادرة…بلقاء الربّ…بالحساب…

تعالوا نقول حقيقة غفلنا عن قولها خوفا من بعضنا البعض…هربا من كلام هذا وتنمّر الآخر ووشاية هذا وهاتف الآخر وعلاقة هذا بابن شقيق صاحب السلطة، والجالس على كرسي الحكم…وصديق الآمر الناهي وصاحب الظلم المتناهي…هل نحن شعب واحد حقّا كما يقول دستورنا الحالي ومن سبقه من دساتير البلاد؟ لا…نحن أكثر شعوب العرب تشتتا وانقساما رغم وحدة مذهبنا…نحن الشعب الذي يقول في بعضه البعض ما لم يقله اليهود في محمّد عليه الصلاة والسلام، حتى وإن كان بعضنا يعاني سكرات الموت الأخيرة…

ولحظة سماعنا بوفاته ننزع عنه جبّة الوسخ والقذارة التي أغرقناه فيها طوال حياته بما أشعناه عنه وفيه وكتبناه عنه، واتهمناه به، لنجعل منه هكذا بين آخر ثواني الحياة ولحظة الموت الرجل الطيب والانسان الذي ترك اثرا لن يمّحي، ونقرأ عليه سورة الفاتحة ألف مرّة ومرّة مع فاصل موسيقي راقص، ونبكي طويلا امام قبره ونحضن اطفاله ونحن نصرخ وجعا على فراقه وعيننا الحولاء “الوسخة” تنظر رغبة لأرملته التي لا تزال فارعة الطول وممشوقة القوام، وقد نصبح شعراء بعد موته فنقول فيه ما قاله أبو نواس في الخمرة…ولا تستغربوا بعضنا إن شربوا كاس نبيذ على نخب موته…

ما أكذبنا وما اقذر ما نفعله …هكذا نحن ولأنه يعرف أن كل العرب سواسية في أحقادهم وما يضمرون… أراد علاء عبد الخالق أن يترك وصيّة لنا جميعا، فهو يعلم أن كل العرب يكرهون كل العرب وأن أمّة العرب يتمنون الشرّ لكل العرب…وأن أمة العرب هي امة الحقد والحسد…علاء قال “اسألوا عن حبايبكم، مش كل الناس موجودة بكرة” وكان أول من غابوا صباح “بكرة”…

نحن في تونس ذاكرتنا قصيرة إلى ابعد حد…بورقيبة مات رحمه الله ولم نتعّظ…ولم نسأل عن “حبايبنا” كما أوصانا علاء… لكن بورقيبة ترك من بكاه طويلا وخلّد ذكراه…مزالي مات رحمه الله ولم نقرأ الدرس…ولم نسأل عن “حبايبنا” كما أوصانا علاء… لكن مزالي أيضا ترك من بكاه وخلّد البعض من ذكراه…بن علي مات رحمه الله ولم نتعّظ…ولم نسأل عن “حبايبنا” كما أوصانا علاء…لكن بن علي أيضا ترك من بكاه ومن يذكره إلى يومنا هذا وخلّد ذكراه…أتدرون ان بعض هذا الشعب اليوم يتمنى الموت لبعضه الآخر…أتدرون اليوم ان بعضنا يتمنى ذبح البعض الآخر من الوريد إلى الوريد…أتدرون لماذا؟ لا شيء بيننا…فقط حقدنا على بعضنا البعض… وحقدنا لماذا يا ترى؟؟ لا شيء غير “السياسة” عليها اللعنة…

فالسياسة هي العاهرة التي أغوت كل الإخوة وراودتهم فانقلبوا على بعضهم البعض…هي التي اغوتنا وأغرتنا بالكرسي…الكرسي الذي يتآكل كل ما كثر وطال ظلم الجالسين عليه…لا شيء غير الكرسي عليه اللعنة…لا شيء غير المصالح الضيقة عليها اللعنة…أي نعم عليهم جميعا اللعنة…ونحن أيضا نستحق كل لعنة…فنحن اللعنة التي اصابتنا…فهل سنجد نحن غدا من يبكينا حين نفارق…ونحن الذين لم نجد اليوم ونحن على قيد الحياة من يسأل عنّا…ألسنا للبعض حبايب؟ ألسنا للبعض الآخر أقارب…ألسنا للبعض الآخر أصدقاء وطلاب مآرب…

لنعترف ونقًلْ إننا سنرحل غدا… أو بعد غد… أو بعد بعد يوم آخر …نعم سنرحل جميعا… سواء كنّا من الأغنياء او أصحاب الجاه أو من المتسولين…أو حتى الملوك والسلاطين… والرؤساء والأمراء وعباد الله الصالحين…لكن لماذا لم نتوقّف عن الحقد…رغم علمنا بالمغادرة وبالوداع القريب لا يزال بعضنا يؤذي بعضنا…ولا يزال بعضنا يظلم بعضنا…لن يشفع لنا مالنا…وجاهنا…وحاشيتنا…وعسسنا…وجلادنا…وقد لا نجد من يبكينا وينزل دمعة لأجلنا…

سادتي …أو “حبايبنا” كما كتبها علاء عبد الخالق…أتعلمون أن رحلة المغادرة ستكون فردية مهما عرفت من أصدقاء ومهما جالست من أصحاب سلطة وجاه…مهما ازدحم حولك الناس…غدا ستقف وحيدا أمام الخالق…هل تعلم بكل ذلك…؟؟ إن كنت تعلم فلم ظلمت…ولم وشيت…ولم أخطأت في حق الناس…ولم شمتّ… ولم أغضبت…ولم اعتديت…ولم اتهمت زورا…ولم شهدت زورا…ولم أبكيت…ولم أحبطت…ولم خذلت…ولم أوجعت؟؟؟

لماذا نبحث دائما عن أخطاء بعضنا البعض ونحن من أخطأ أكثر…لمَاذا لمْ نلتمس الأعذار لبعضنا ونحن من يطلب التماس الأعذار؟ لماذا نصرّ إلى يومنا هذا أن البقاء للأقوى فنأتي ما يفعله الأقوياء والجبابرة…أليس البقاء الحقيقي للألطف…للأحنّ… للخيّر… لمن هو أحسن عملا وأجمل أثرا…أليس البقاء لمن صنع خيرا ولم يحقد ولم يفتن ولم يكذب…؟ أليس البقاء لمن يملك مشاعر الإنسانية ويعامل الناس بها…أليس البقاء لمن يبتسم في وجه الناس ويخدم الناس ويرأف بحال الناس …لماذا إذن البقاء للأقوى وجميعنا مغادرون؟ فمن يا ترى سيبقى في ذاكرة الناس وقلوبهم…الظالم أم المظلوم…الكاذب أو الصادق…الجلاد أو الضحية…الخائن أم الوفي؟؟

لماذا حين نمتلك القدرة على فعل الخير لا نفعل الخير…؟؟ ولماذا حين يعطينا الله القدرة على نفع الناس، لا ننفعهم؟؟ ولماذا حين يمكننا من إعادة الأمل وابعاد اليأس والإحسان للناس لا نبادر بفعل ذلك؟؟ في الخلاصة…نحن شعب لا يريد أن يترك أثرا جميلا…ولا يريد ان يسعد من يحب ولو كان بابتسامة…نحن شعب لا يؤمن بالعطاء…بالودّ…ولا يؤمن حتى بالمنع عند الحاجة…فالمنع عطاء أيضا…فستر عيوب الناس واسرارهم عطاء…وكفّ اللسان عن الناس عطاء…وكتمان الغضب عن الناس عطاء…أتدرون ما قاله الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه؟ قال: إِنّ القُلوبَ إذا تنافر ودُّها شِبْهُ الزُجَاجَة ِ كسْرُها لا يُشْعَبُ…يا هؤلاء؟؟؟ “الدنيا فيها الموت…الدنيا فيها الموت”…

أكمل القراءة

وهْجُ نار

نحن من ساهم في الخراب !

نشرت

في

تونس اليوم ومنذ 14 جانفي 2011 تئن تحت وطأة ثقل أجسام أغلب ساستها ومن اختاروهم شركاء معهم في الحكم …فوضع بلادنا ليس في حاجة إلى إعلامي ومحلّل جهبذ وقارئ فذّ وعقل نادر لقراءة ما وصلنا إليه من خلل وانكسار...

محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش

تونس اليوم كذلك الملاكم الذي يتهاوى وهو يتلقى اللكمات والضربات دون انقطاع…هذا حالنا اليوم مع من خرجوا علينا تحت عنوان قادة المرحلة وأصحاب البدائل…تونس اليوم تئن…وتترنح…وتتمايل وجعا مما فعله بها ساستها…وبدائلهم الغريبة العجيبة منذ أن جعلوا من سكير حرق نفسه رمزا لمستقبل شباب البلاد …ساستنا الذين صدموا بواقع حكم لم يألفوه ولم يتصوروه بتلك الصعوبة هم سبب مصائبها…هؤلاء وببساطة لم يأتونا ببدائل ولا هم يحزنون…هؤلاء وببساطة تصرفوا مع شؤون البلاد كغنيمة تم الاستحواذ عليها ووجب الاستئثار بأكبر جزء منها قبل فوات الأوان…وقبل أن يخسروا كراسيهم في أول استحقاق انتخابي…

فهؤلاء الذين يعتبرهم بعضنا ساسة لا علاقة لهم بالسياسة ولا هم لها وبها يفقهون…هم أقرب إلى الانتهازيين…بل هم كذلك وأكثر…هؤلاء فقدوا أدنى درجات الحياء والخجل…وسيخجل من ذكرهم التاريخ… هؤلاء لم يعرفوا معاناة الشعب… ولم يعيشوا ولو بعضا من آلام أفراد هذا الشعب… لا يمكن بأي حال اعتبار هؤلاء من الساسة والقادة …فهؤلاء أقرب إلى “المجموعات” التي تتفق على أهداف تعمل على تحقيقها بكل الطرق، دون أدنى خجل ودون أدنى رادع من ضمير قد يغرق في سبات عميق…هؤلاء لا همّ لهم غير ما يمكن أن يستحوذوا عليه من غنائم …ولا همّ لهم غير الوصول إلى كراسي الحكم لـــ”شرعنة” ما يفعلون….

لا بد من الاعتراف أننا نحن ولا أحد غيرنا يتحمل مسؤولية ما وصلت إليه البلاد…فباختيارنا لهم وتصديقنا لوعودهم ساهمنا دون أن نقصد في هذا الخراب الذي شهدته البلاد….وساعدنا هؤلاء على “الاستحواذ” على مقدّرات البلاد سياسيا واقتصاديا بصمتنا على من أصبح شريكا بأكثر من النصف في حكم البلاد، يفعل ما يريد متى يريد وكما يريد ولم نتفطّن أنه هو سبب ما حلّ بالبلاد والعباد …لذلك فنحن اليوم في حاجة أكيدة إلى الوعي الكامل بأهمية المرحلة وخطورتها والحرص على اختيار الأقدر في عملية تأثيث المرحلة القادمة…نحن في حاجة إلى وعي مجرّد من العواطف الحزبية والعقائدية والإيديولوجية والمنظماتية…والأهمّ وعي أعمق وأقدر على قراءة ما يجب الإتيان به في مرحلة قد تكون الأخطر في تاريخ تونس…فنحن وأعي ما أقول… نحن ودون أن نقصد، ساهمنا في “صنع” خراب الأمس الذي يؤلمنا اليوم وقد يؤلمنا غدا إن واصلنا التعويل على من كانوا جزءا من الخراب بعنوان الشراكة الكاملة في الحكم…

أكمل القراءة

صن نار