تابعنا على

منبـ ... نار

العنف في المجتمع … أساسه العنف المدرسي

نشرت

في

شاءت الاقدار ان تكون سنوات التسعينات بداية لضرب المنظومة التعليمية … و ذلك منذ تم إصدار و فرض ما يسمى بمجلة حقوق الطفل ذات المظهر البرّاق و المحتوى الناسف للمجتمع و مؤسساته و أولها المدرسة … مما جعل التلميذ على حق و لو أخطأ، و أصبحت حقوقه تحتل الاولوية على الدرس، و منع المربي من تحمل مسؤولية الردع و التربية … كما تحولت العلاقة الروحية بين المربي و التلميذ الى علاقة يحددها القانون و صار من لغو الكلام تسمية وزارة الإشراف بوزارة التربية …

غنجاء العريضي
غنجاء عريضي

بدأ العنف يتفشى بين التلاميذ و صار قويهم يعتدي على ضعيفهم و بعد أن كان التلميذ المتميز هو القدوة صار التلميذ المتمرد هو المثل يخشاه الجميع … و أصبح التلميذ المتخلق المجتهد يتعرض إلى شتى النعوت و الممارسات التي تهد من عزائمه فكانت أوضاعا لا يصمد لها إلا الأقلية … و يتدخل الأولياء سواء برد الفعل أو بالاستنجاد بالإدارة و صار من لا قدرة له على الدفاع عن نفسه يلجأ إلى أبناء حيه لرد الفعل و أحيانا يضطر الطفل إلى الانقطاع عن الدراسة دون علم والديه أو يلجأ إلى أدوات خطيرة ليدافع بها عن نفسه كالسكين أو ما شابهها …

بدأ العنف يتطور حتى طال المربي و لا تستطيع أن تنكر ما تعرض له المربون من عنف على يدي التلميذ أو الولي و كان هذا مؤديا الى تدهور العلاقة بمحاباة بعض التلاميذ و التقرب منهم وصلت إلى مجالستهم في المقاهي … و صار أكثر المشرفين على التعليم يمارسون سياسة سلّم تسلم  تفاديا للتصادم و صار المستهدف الوحيد هو المربي …

منذ سنوات طويلة أصبحت المدارس و المعاهد تحت المطرقة تهدم حجرة حجرة على مرأى و مسمع من  الجميع و كانت المواقف لا عين رأت و لا أذن سمعت  فلا المواطن دافع أو احتج أو دافع عن المدرسة و لا المسؤول اتخذ إجراءات توقف النزيف … منذ سنوات شنت حروب على المربي النزيه و استهدف المدير الجدي و التلميذ المتخلق و الولي الحريص على تربية أبنائه و القيم النبيلة …

تكاثرت “الإصلاحات” … و لكن الحصيلة أوكار فساد

فقد المربي هيبته و انهالت عليه السهام من كل جهة و أصبح التلميذ كائنا انتهازيا هدفه الحصول على العدد بأساليب شتى أهمها الغش و التحيل … هدمت أسوار المدارس و انتهكت حرمتها و تحولت هي و ما حولها الى أوكار فساد ليلا و أيام العطل … هجرت المكتبات المدرسية و فقدت حصص المراجعة لعدم توفر القاعات او قلة القيمين و ألقي بالتلميذ رغم صغر سنه في الشارع ليتدرب على الانحراف بالفرجة ثم بالممارسة، فهذا يفتك مصروف ذاك بالقوة و التهديد و ما أن تمر فترة حتى يندمج في منظومة العنف …

جعلنا من الكتاب المدرسي مادة استهلاكية تتغير من سنة إلى أخرى بدعوى الإصلاح التربوي فمرة نحذف محورا و مرة نعيده فكتب اللغة مثلا أصبحت لعبة بين أيدي (المصلحين) فهذا  يجمع و هذا يقسم و هذا يحذف درسا و ذاك يرجعه … صار التعليم بين شد و جذب و عندما تسأل تجاب بأننا نعمل و نصلح، لكن ماذا أصلحنا؟ تفشى العنف و عم الظلم بين التلاميذ و أهين المربي و انتشرت المخدرات و غابت المسؤولية و تخلينا عن القيم الإنسانية التي من المفروض أن تكون اللبنة الأولى لتربية التلميذ قبل تعليمه … تضخم عدد المنقطعين عن التعليم و غزا العبث  الشارع و نشأ الطفل على الانحراف فأصبح شابا تنخر جسمه المخدرات بأنواعها … و تخلى الآباء عن مراقبة أبنائهم المراهقين  بتوفير رغباتهم المادية معتقدين أن مهمتهم تنحصر في إرضاء الأبناء مهملين الجانب العاطفي و الرعاية و الرقابة و التربية على القيم السليمة 

  مجتمعنا في ورطة

ها نحن في ورطة اجتماعية كبرى … شباب منحرف سدت أمامه كل السبل و فقد السيطرة على نفسه يعيش إدمانا يدفعه إلى الاعتداء على غيره فيسطو و يقتل و يغتصب  الصغار و الكبار و حتى العجائز لم تسلم من شره … صحيح مدرستنا تنتج بعض النخب بفضل حرص المربين و الأولياء و هؤلاء معظمهم يهاجر إلى دول أخرى محبطا و قد خاب أمله في بلاده …

و لكن أي نوع آخر أي جيل هذا الذي يحطم مقدساته؟ أي جيل هذا الذي يقتل و يذبح؟  أي جيل هذا الذي يرتمي بين أحضان الإرهاب؟ أي جيل هذا الذي يلقي بنفسه في البحر و هو يعرف أن أمله في النجاة قليل جدا؟  أي جيل هذا الذي يقتل أحد أبويه من أجل المال؟ أي جيل هذا الذي ينجب و يهمل؟ أي جيل هذا الذي يصب على جسده البنزين ثم يشعله؟

؟أية تربيه مارسناها؟ ماذا فعلنا بالطفل و الشاب؟ أين إنسانيته؟ …  أليس الطفل بذرة المستقبل فأية عناية تلقّاها

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

منبـ ... نار

تكريما لروحك يا “جاد”… أعلِنُك رئيسا رمزيا

نشرت

في

Ouvrir la photo

توفيق العيادي:

كان جاد نصيرا للمرضى والعجّز والفقراء ولم يطلب يوْما نصرتهم لكسْب أو منصب أو مغنمٍ له، وقد هبّ الناس لتوديعه لأنهم أحسّوا فعلا بعظيم خسارتهم في موته.

Ouvrir la photo
توفيق العيادي

لم أعرف جاد الهنشيري إلا عن طريق الصدفة ومن خلال برامج تلفزية دُعِيَ لها ضيفا كممثل للأطباء الشبان، ولم ألتقه مطلقا، فقط استمعت إليه أكثر من مرّة وهو يُلقي بهمّه الذي هو همّ الفقراء على مسامع التونسيات والتونسيين، ويقطفُ من روحه أمَلاً يُرسِله لهم جميعا درْءً لأحزانهم التي فاقت كل معايير القيس وأدوات الأكيال والأوزان، وثـقُـل عليْهم حِمْلُ الهموم التي ناءتْ بها الأعناق، والمرارة على محيّا جادٍ بادية لا تُخطئها العين ويتدفّق الصدّق من بين موجات صوته المَغْصوص كَغُصَصِ كل الشباب الحالم على هذه الأرض، ولا تخلو غصّة جاد من معنىً يؤطّره مبدأ أساسيّ يشُدّ الحلم وينير الطريق ويُحفّز على المسير وتجشّم الصّعاب، مبدأ فحواه أنه : ” بمقدورنا أن نكون أفضل .. يجب أن نكون أفضل”، رغم الاستهجان والاعتراف بحجم الفساد الذي نخر معظم القطاعات والفئات في هذا الوطن.

لكَمْ نحن في حاجة ماسّة إلى شابّ جادٍّ كما “جاد” يتوهّج عزما وحبا وصدقا، ولسنا في حاجة إلى “عـتْـڤـة” قديمة كما بعض من فاق السبعين وغنِم من العهديْن ويريد اليوْم أن يستزيد … مات “جاد” رحمه الله وأغدق على أهله وصحبه الكثير من الصبر والسّلوى. لكنّ القِيَم التي حملها جادّ وحلُم بها وحمّلها لمنْ بعْدِه من الصّحْب والرّفقة، لا تزال قائمة، فأمثال جاد من الشباب الأوفياء والخلّص للوطن بكل مكوّناته سيّما البسطاء منهم، موجودون بالعشرات، بل بالآلاف وفي كل ربوعه، وما على الوطن إلاّ أن يَجِدّ في طلبهم والبحث عنهم وأن يُصدّرهم مواقع الريادة والقرار ،وإن حَجَبَهُمْ عنّا تعفّـفهم،

إذا كنا نريد فعلا المضيّ في الطريق المفضي إلى المشروع الحرّ وجبَ أن نغادر خصومات كسب العواطف واِستمالة الأهواء ونعراتِ التحامق، ونمضي في تسابق نحو كسب العقول وتهذيبها وتنظيفها من كل الشوائب العالقة بها لعهود .. ولذلك أقول للمشتغلين بالسياسة والمتكالبين على استدرار الشعب لتدبير شأنه العام والاستحكام برقابه، إن السياسيّ الناجح هو الذي يُبينُ للناس ما فيه من فضائل وما هو عليه من إقتدار وليس نجاح السياسي رهين عرض نقائص الخصم والتشنيع عليه وتعظيم مساوئه وإن كان له فيها نفع.

ونذكّر السياسي أيضا أن الجدارة بالحكم لا تتوقّف عند حدّ الفوز بالتفويض من الإرادة الشعبيّة عامة كانت أو مطلقة، كما أن النوايا الطيّبة لا تكفي لمزاولة السلطة، بل يبقى صاحب السلطة في حاجة إلى تأكيد شرعيّته بحسن إدارة الحكم الذي ينعكس وجوبا على أحوال الناس، وهذا لا يتمّ لهم بواحدٍ بل بكثيرين ومن أمثال “جاد الهنشيري” تضحية وصدقا ومروءة …

رحل جاد وبقي أثره فينا، وتكريما لروحك يا “جاد” واِنحيازا لكلّ قيَمِ الجدارة والصدق والإنسانيّة والجدوى، والتي مثّلتها باقتدار، أعْـلِنُـكَ “رئيسا” رمزيّا وشرفيّا بالغياب لهذا الوطن الحزين … ليطمئن السياسيون، فـ”جاد” لن ينهض من غيبته الأبديّة، وستكون قيمه تقضّ مضاجعكم كلّما اجتمعت لشخصٍ خشية أن يُبعثر حسابات الرّبح مِمّا تمِزّون من دماء الوطن.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي و تبحث عن مصادر بديلة؟ (2)

نشرت

في

Compétitivité des exportations en Afrique : La Tunisie classée 2 ème -  Tunisie

عرفت تونس أزمات اقتصادية ومالية متفاقمة بعيد ثورة 14 جانفي، وتتالت هذه الأزمات و امتدت آثارها السلبية الى اليوم رغم القطع مع المنظومة البائدة إثر حراك 25 جويلية.

فتحي الجميعي

إلا أن الانتهازيين و أصحاب المصالح والسابحين عكس تيار النهوض بالبلاد عطلوا عملية الإصلاح وعملوا على إفشالها وذلك بكل السبل، فبقيت تونس رهينة الديون المتراكمة والمجَدْولة، وسياسات الجذب الى الخلف كالتهريب والمضاربة وتبييض الأموال. غير أن الإرادة الصادقة، والإيمان القوي بضرورة تغيير حال البلاد إلى الأفضل جعلها لا تنحني إلى الابتزازات، ولا تخضع للشروط.

فرغم توصلها في أكتوبر 2022 الى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار، لكن الاتفاق النهائي تعثر تحت طائلة الشروط القاسية كرفع الدعم، خفض الأجور و بيع مؤسسات عامة متعثرة. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل تم وضع تونس ضمن القائمة السلبية لأول مرة من قبل هذا الصندوق، الأمر الذي صعب على بلادنا النفاذ الى الأسواق المالية العالمية.

وتفاديا للوقوع في صدمات اجتماعية واقتصادية، نجحت تونس بفضل تطور صادراتها، وعائدات السياحة، وتحويلات التونسيين بالخارج، وتنويع شركائها التجاريين إضافة إلى اعتمادها على الاقتراض الداخلي، والاكتتابات المتتالية لدى بورصة تونس، وانخراط التونسيين في هذه العملية، وهو نوع من الوعي الوطني والدفاع عن حرمة تونس، و نتيجة لذلك تحقق توازن مالي لدى البلاد هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أعطت درسا لصندوق النقد الدولي بإمكانية التخلي عن خدماته عند الاقتضاء وخاصة عند المساس بأمنها القومي.

ورغم أن الفضاء الطبيعي  لتونس هو الفضاء الإفريقي والعربي والأوروبي باعتبار أن ثلثي المبادلات التجارية معه، إلا أنها عبرت عن انفتاحها على كل الفرص التي تمكن من تسريع وتطوير مناخ الأعمال ونسق النمو في اشارة إلى مجموعة “البريكس”.

إن تونس  مازالت منفتحة على الحوار مع صندوق النقد الدولي لكن دون إملاءات أو شروط تهدد السلم الاجتماعي. وإن تعذر ذلك فتونس مستعدة للانضمام الى بريكس للحصول على التمويلات اللازمة.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي وتبحث عن مصادر بديلة؟

نشرت

في

تونس-صندوق النقد الدولي: السلطات التونسيّة تلتزم باحتواء كتلة الاجور في  حدود 15 بالمائة من الناتج في 2022 - إدارتي

رغم الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تفاقمت لأسباب معلنة وأخرى مجهولة، ما تزال تونس صامدة ورافضة لشروط صندوق النقد الدولي، موفية بالتزاماتها المالية تجاه دائنيها إذ بلغت نسبة خلاص الديون إلى موفى شهر جويلية 2023 48%. فهل يؤشر هذا على إرادة من تونس للتخلص من هيمنة القطب الواحد وانفتاحها في تعاملاتها المالية و التجارية على أسواق جديدة؟

فتحي الجميعي

يتأهب العالم لإرساء نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب بعد إزاحة نظام القطب الواحد والمتمثل في الهيمنة الامريكية المطلقة على جميع القطاعات ومعظم الدول وحليفها الاستراتيجي الاتحاد الاوروبي. وقد ساهمت الحرب الروسية- الاوكرانية الى حد بعيد في ظهور قطب اقتصادي وعسكري جديد، خاصة بعد بداية التقارب الروسي-الصيني والمضي قدما في تركيز “بركس” بنك التنمية الجديد والمكون من أسماء الدول الأكثر نموا اقتصاديا بالعالم وهي البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا.

وقد اتفق رؤساء هذه الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية الآنية، وتتالت اللقاءات على المستوى الأعلى لزعماء دول البركس BRICS منذ سنة 2008 قصد مزيد التشاور والتنسيق، وتواصلت الى سنة 2023 مع العلم ان مساحة هذه الدول تمثل 40% من اليابسة وعدد سكانها يقارب 40% من سكان العالم.

و بالعودة إلى تونس و رغم توقيعها مع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم لإرساء شراكة استراتيجية و شاملة، والتزام هذا الأخير بمساعدتها على بناء نموذج تنمية مستدام و غير إقصائي، و دعم ميزانيتها بمبلغ سيمنح كاملا بعنوان سنة 2023. وامام انفتاح روسيا على رفع نسق التبادل التجاري بينها ودول المغرب العربي، واعتماد مصر كبوابة لتنمية هذا التبادل مع اعتماد العملات المحلية بديلا عن الدولار، وإعراب تونس عن استيراد الحبوب من روسيا باسعار تفاضلية والتزام هذه الأخيرة بتسهيل المعاملات وتنشيطها هذا من ناحية، و من ناحية أخرى وبحصول الجمهورية التونسية على قرض ميسر بقيمة 1200 مليون دينار ومنحة بقيمة 300 مليون دينار من السعودية وسعيها إلى رفع قيمة صادراتها وفي مقدمتها مادة الفوسفات. هل تتخلى عن التعامل مع صندوق النقد الدولي في انتظار ارساء بركس وبداية التعامل معه كشريك اقتصادي ومالي؟ …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار