تابعنا على

منبـ ... نار

الكامور، بين الاتفاق و النفاق

ماذا لو لجأت الحكومة إلى القوة الشرعية؟ و ماذا لو سقط ضحايا نتيجة ذلك؟ من سيتحمل المسؤولية؟

نشرت

في

انطلقت أزمة الكامور في أفريل ـ ماي 2017 في عهد يوسف الشاهد … وقتها حاولت الدولة أن تتصرف بمنطق القانون و القوة الشرعية وأعلن المرحوم الرئيس الباجي قائد السبسي منابع و مسار النفط منطقة عسكرية و كلف الجيش بحمايتها بالقوة، فماذا حصل وقتها؟

د. الصحبي بن فرج*


تدخلت قوات الحرس الوطني لفض الاعتصام و نتج عن ذلك وفاة شاب فقامت القيامة في تونس و لم تقعد و وجدت وزارة الداخلية ـ و الحكومة ـ نفسها وحيدة بلا سند إعلامي و
لا سياسي و لا حزبي،  بل انطلق في الخفاء تأسيس التنسيقيات “الجهوية إستعدادا لتأطير “الهبّة” الشعبية المنتظرة و استغلالها لإسقاط حكومة الشاهد المترنحة وقتها تحت ضربات حافظ قائد السبسي و حلفائه والقوى المعارضة و المتربصة بها

،
نتذكر جيدا كيف تم قطع زيارة يوسف الشاهد إلى تطاوين، و مغادرته مقر الولاية و خروجه تحت هتافات “ديڨاج”، وتحت حماية الامن الرئاسي الذي تفادى سيناريو كارثيا كان مبرمجا لإهانة الوفد الحكومي( مع التحفظ عن التفاصيل)
لم يُنقذ الحكومة وقتها من السقوط سوى الإيقاف المفاجئ لشفيق جراية الذي أعطى يوسف الشاهد زخما و دعما شعبيا وسياسيا و إعلاميا مكٌنه من الصمود لأشهر إضافية


في هذه الأثناء تراجعت قوات الجيش الوطني عن قرار حماية “الفانة” بالقوة العسكرية، و صرح أحد القادة الميدانيين بأن الجيش “تجح في تامين غلق الفانة بحرفية”

 
في هذه الظروف، و أمام السقوط المهين لخيار “هيبة” الدولة و “هيبة” القانون و تخاذل كل القوى السياسية و تنصلها من الموضوع و انتهازيتها، و أمام لا مبالاة الشعب و النخب، وقعت الحكومة تفاق الكامور الذي يقضي بفتح الفانة مقابل سلٌة من الوعود (تنمية، استثمار، بستنة، وظائف في الشركات البترولية…) و هو تقريبا نفس الاتفاق الذي أمضت حكومة المشيشي على تنفيذه أمس


طبعا، لم تنفذ حكومة الشاهد و لا حكومة الفخفاخ ، تعهدات الدولة المكتوبة و بقي أغلبها حبرا على ورق طيلة أربع سنوات و هو ما أدى الى إعتصام الكامور 2 و إعادة غلق الفانة


الآن، من يلوم حكومة المشيشي على إمضائها إتفاق الكامور و إهانتها لهيبة الدولة و تفريطها في سلطة الدولة على ثرواتها، على هؤلاء أن يجيبوا بكل أمانة و بكل هدوء عن بعض الأسئلة البسيطة:


أولا، ماهي الخيارات الأخرى المتاحة أمام حكومة المشيشي؟ فرض سلطة الدولة بالقانون و القوة العامة؟ و هي السلطة التي تواطأت جميع القوى السياسية على التفريط فيها إما بالصمت و إما بالتآمر و إما بالتخاذل و إما بعدم تنفيذ تعهدات الدولة، و ذلك طيلة أربع سنوات و ربما أكثر


ثانيا، ماذا لو التجأت حكومة المشيشي الى تطبيق القانون بالقوة الشرعية؟ و ماذا لو سقط ضحايا نتيجة استعمال القوة الشرعية؟
من سيتحمل المسؤولية يومئذ؟
من سيقف مع الحكومة من الأحزاب و القوى السياسية ؟ و من منهم سيقف مع شرعية الدولة؟ و من منهم سيصطف وراء مشروعية التحركات؟   
من منهم سيبتزّها؟ من منهم سيتنصل منها؟ من  منهم سيزايد عليها؟ من منهم سيحاول التخلص منها؟


ثالثا، هل ستساند النخب الحكومة في قرارها بتطبيق القانون بالقوة ؟ ما هي النخب أو القوى المدنية و الإعلامية و الحقوقية التي ستحمي قرار الحكومة و ما هي التي ستتحرك ضدها
من سيدفع الثمن؟ و لا أتحدث عن الثمن السياسي و إنما عن الثمن القانوني الفادح


رابعا، من كانت  له مصلحة في الدفع إلى عدم الاتفاق و تأجيج الأوضاع و السير بها نحو المواجهة؟

 

و أخيرا، متى  سنخرج من حلول البستنة و البيئة و شراء السلم الأهلي بالشغل الهش و الحلول الترقيعية؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نائب سابق و طبيب

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

منبـ ... نار

تكريما لروحك يا “جاد”… أعلِنُك رئيسا رمزيا

نشرت

في

Ouvrir la photo

توفيق العيادي:

كان جاد نصيرا للمرضى والعجّز والفقراء ولم يطلب يوْما نصرتهم لكسْب أو منصب أو مغنمٍ له، وقد هبّ الناس لتوديعه لأنهم أحسّوا فعلا بعظيم خسارتهم في موته.

Ouvrir la photo
توفيق العيادي

لم أعرف جاد الهنشيري إلا عن طريق الصدفة ومن خلال برامج تلفزية دُعِيَ لها ضيفا كممثل للأطباء الشبان، ولم ألتقه مطلقا، فقط استمعت إليه أكثر من مرّة وهو يُلقي بهمّه الذي هو همّ الفقراء على مسامع التونسيات والتونسيين، ويقطفُ من روحه أمَلاً يُرسِله لهم جميعا درْءً لأحزانهم التي فاقت كل معايير القيس وأدوات الأكيال والأوزان، وثـقُـل عليْهم حِمْلُ الهموم التي ناءتْ بها الأعناق، والمرارة على محيّا جادٍ بادية لا تُخطئها العين ويتدفّق الصدّق من بين موجات صوته المَغْصوص كَغُصَصِ كل الشباب الحالم على هذه الأرض، ولا تخلو غصّة جاد من معنىً يؤطّره مبدأ أساسيّ يشُدّ الحلم وينير الطريق ويُحفّز على المسير وتجشّم الصّعاب، مبدأ فحواه أنه : ” بمقدورنا أن نكون أفضل .. يجب أن نكون أفضل”، رغم الاستهجان والاعتراف بحجم الفساد الذي نخر معظم القطاعات والفئات في هذا الوطن.

لكَمْ نحن في حاجة ماسّة إلى شابّ جادٍّ كما “جاد” يتوهّج عزما وحبا وصدقا، ولسنا في حاجة إلى “عـتْـڤـة” قديمة كما بعض من فاق السبعين وغنِم من العهديْن ويريد اليوْم أن يستزيد … مات “جاد” رحمه الله وأغدق على أهله وصحبه الكثير من الصبر والسّلوى. لكنّ القِيَم التي حملها جادّ وحلُم بها وحمّلها لمنْ بعْدِه من الصّحْب والرّفقة، لا تزال قائمة، فأمثال جاد من الشباب الأوفياء والخلّص للوطن بكل مكوّناته سيّما البسطاء منهم، موجودون بالعشرات، بل بالآلاف وفي كل ربوعه، وما على الوطن إلاّ أن يَجِدّ في طلبهم والبحث عنهم وأن يُصدّرهم مواقع الريادة والقرار ،وإن حَجَبَهُمْ عنّا تعفّـفهم،

إذا كنا نريد فعلا المضيّ في الطريق المفضي إلى المشروع الحرّ وجبَ أن نغادر خصومات كسب العواطف واِستمالة الأهواء ونعراتِ التحامق، ونمضي في تسابق نحو كسب العقول وتهذيبها وتنظيفها من كل الشوائب العالقة بها لعهود .. ولذلك أقول للمشتغلين بالسياسة والمتكالبين على استدرار الشعب لتدبير شأنه العام والاستحكام برقابه، إن السياسيّ الناجح هو الذي يُبينُ للناس ما فيه من فضائل وما هو عليه من إقتدار وليس نجاح السياسي رهين عرض نقائص الخصم والتشنيع عليه وتعظيم مساوئه وإن كان له فيها نفع.

ونذكّر السياسي أيضا أن الجدارة بالحكم لا تتوقّف عند حدّ الفوز بالتفويض من الإرادة الشعبيّة عامة كانت أو مطلقة، كما أن النوايا الطيّبة لا تكفي لمزاولة السلطة، بل يبقى صاحب السلطة في حاجة إلى تأكيد شرعيّته بحسن إدارة الحكم الذي ينعكس وجوبا على أحوال الناس، وهذا لا يتمّ لهم بواحدٍ بل بكثيرين ومن أمثال “جاد الهنشيري” تضحية وصدقا ومروءة …

رحل جاد وبقي أثره فينا، وتكريما لروحك يا “جاد” واِنحيازا لكلّ قيَمِ الجدارة والصدق والإنسانيّة والجدوى، والتي مثّلتها باقتدار، أعْـلِنُـكَ “رئيسا” رمزيّا وشرفيّا بالغياب لهذا الوطن الحزين … ليطمئن السياسيون، فـ”جاد” لن ينهض من غيبته الأبديّة، وستكون قيمه تقضّ مضاجعكم كلّما اجتمعت لشخصٍ خشية أن يُبعثر حسابات الرّبح مِمّا تمِزّون من دماء الوطن.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي و تبحث عن مصادر بديلة؟ (2)

نشرت

في

Compétitivité des exportations en Afrique : La Tunisie classée 2 ème -  Tunisie

عرفت تونس أزمات اقتصادية ومالية متفاقمة بعيد ثورة 14 جانفي، وتتالت هذه الأزمات و امتدت آثارها السلبية الى اليوم رغم القطع مع المنظومة البائدة إثر حراك 25 جويلية.

فتحي الجميعي

إلا أن الانتهازيين و أصحاب المصالح والسابحين عكس تيار النهوض بالبلاد عطلوا عملية الإصلاح وعملوا على إفشالها وذلك بكل السبل، فبقيت تونس رهينة الديون المتراكمة والمجَدْولة، وسياسات الجذب الى الخلف كالتهريب والمضاربة وتبييض الأموال. غير أن الإرادة الصادقة، والإيمان القوي بضرورة تغيير حال البلاد إلى الأفضل جعلها لا تنحني إلى الابتزازات، ولا تخضع للشروط.

فرغم توصلها في أكتوبر 2022 الى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار، لكن الاتفاق النهائي تعثر تحت طائلة الشروط القاسية كرفع الدعم، خفض الأجور و بيع مؤسسات عامة متعثرة. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل تم وضع تونس ضمن القائمة السلبية لأول مرة من قبل هذا الصندوق، الأمر الذي صعب على بلادنا النفاذ الى الأسواق المالية العالمية.

وتفاديا للوقوع في صدمات اجتماعية واقتصادية، نجحت تونس بفضل تطور صادراتها، وعائدات السياحة، وتحويلات التونسيين بالخارج، وتنويع شركائها التجاريين إضافة إلى اعتمادها على الاقتراض الداخلي، والاكتتابات المتتالية لدى بورصة تونس، وانخراط التونسيين في هذه العملية، وهو نوع من الوعي الوطني والدفاع عن حرمة تونس، و نتيجة لذلك تحقق توازن مالي لدى البلاد هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أعطت درسا لصندوق النقد الدولي بإمكانية التخلي عن خدماته عند الاقتضاء وخاصة عند المساس بأمنها القومي.

ورغم أن الفضاء الطبيعي  لتونس هو الفضاء الإفريقي والعربي والأوروبي باعتبار أن ثلثي المبادلات التجارية معه، إلا أنها عبرت عن انفتاحها على كل الفرص التي تمكن من تسريع وتطوير مناخ الأعمال ونسق النمو في اشارة إلى مجموعة “البريكس”.

إن تونس  مازالت منفتحة على الحوار مع صندوق النقد الدولي لكن دون إملاءات أو شروط تهدد السلم الاجتماعي. وإن تعذر ذلك فتونس مستعدة للانضمام الى بريكس للحصول على التمويلات اللازمة.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي وتبحث عن مصادر بديلة؟

نشرت

في

تونس-صندوق النقد الدولي: السلطات التونسيّة تلتزم باحتواء كتلة الاجور في  حدود 15 بالمائة من الناتج في 2022 - إدارتي

رغم الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تفاقمت لأسباب معلنة وأخرى مجهولة، ما تزال تونس صامدة ورافضة لشروط صندوق النقد الدولي، موفية بالتزاماتها المالية تجاه دائنيها إذ بلغت نسبة خلاص الديون إلى موفى شهر جويلية 2023 48%. فهل يؤشر هذا على إرادة من تونس للتخلص من هيمنة القطب الواحد وانفتاحها في تعاملاتها المالية و التجارية على أسواق جديدة؟

فتحي الجميعي

يتأهب العالم لإرساء نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب بعد إزاحة نظام القطب الواحد والمتمثل في الهيمنة الامريكية المطلقة على جميع القطاعات ومعظم الدول وحليفها الاستراتيجي الاتحاد الاوروبي. وقد ساهمت الحرب الروسية- الاوكرانية الى حد بعيد في ظهور قطب اقتصادي وعسكري جديد، خاصة بعد بداية التقارب الروسي-الصيني والمضي قدما في تركيز “بركس” بنك التنمية الجديد والمكون من أسماء الدول الأكثر نموا اقتصاديا بالعالم وهي البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا.

وقد اتفق رؤساء هذه الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية الآنية، وتتالت اللقاءات على المستوى الأعلى لزعماء دول البركس BRICS منذ سنة 2008 قصد مزيد التشاور والتنسيق، وتواصلت الى سنة 2023 مع العلم ان مساحة هذه الدول تمثل 40% من اليابسة وعدد سكانها يقارب 40% من سكان العالم.

و بالعودة إلى تونس و رغم توقيعها مع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم لإرساء شراكة استراتيجية و شاملة، والتزام هذا الأخير بمساعدتها على بناء نموذج تنمية مستدام و غير إقصائي، و دعم ميزانيتها بمبلغ سيمنح كاملا بعنوان سنة 2023. وامام انفتاح روسيا على رفع نسق التبادل التجاري بينها ودول المغرب العربي، واعتماد مصر كبوابة لتنمية هذا التبادل مع اعتماد العملات المحلية بديلا عن الدولار، وإعراب تونس عن استيراد الحبوب من روسيا باسعار تفاضلية والتزام هذه الأخيرة بتسهيل المعاملات وتنشيطها هذا من ناحية، و من ناحية أخرى وبحصول الجمهورية التونسية على قرض ميسر بقيمة 1200 مليون دينار ومنحة بقيمة 300 مليون دينار من السعودية وسعيها إلى رفع قيمة صادراتها وفي مقدمتها مادة الفوسفات. هل تتخلى عن التعامل مع صندوق النقد الدولي في انتظار ارساء بركس وبداية التعامل معه كشريك اقتصادي ومالي؟ …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار