تابعنا على

جلـ ... منار

عبدالناصر في غزة.. الذاكرة والقضية

نشرت

في

الصورة لجمال عبد الناصر حسين في حرب فلسطين 1948 - في سبيل العروبة الحضارية  - Sur le chemin de l'arabité civilisationnelle

لم يكن بوسع الضابط الشاب، الذي تجاوز بالكاد الثلاثين من عمره، وهو يصل بقطار عسكري إلى غزة يوم (3) يونيو (1948) أن يتوقع، أو يمر بخاطره، أن تجربة الحرب في فلسطين سوف تحكم الخطوط العريضة لتوجهاته وتدفعه ــ بعد توقف معاركها والعودة للقاهرة ــ إلى إعادة بناء تنظيم “الضباط الأحرار” من جديد وتشكيل هيئته التأسيسية، التي أطلت على مسارح السياسة الملتهبة يوم (23) يوليو (1952).

عبد الله السنّاوي
عبد الله السنّاوي

لم تكن الحرب في فلسطين تجربة عابرة في التاريخ العربي الحديث.
تغير كل شيء بعدها، السياسات والخيارات والنظم.
تحت وهج النيران في فلسطين اكتشف “جمال عبدالناصر” هويته العربية، وأن مصير مصر يرتبط بما يحدث ويتفاعل في عالمها العربي.
تلك
حقيقة لا يمكن نفيها في ظل ما سجله في دفتر يومياته الشخصية، التي كتبها على مكتب فوقه لمبة جاز أثناء حرب فلسطين.

على مدى ستين سنة كاملة لم يتح لأحد من معاونيه ومقربيه وأسرته نفسها أن يدخل فى علمه أنه كتب يوميات أثناء الحرب، وأنها فى عهدة الأستاذ “محمد حسنين هيكل”، منذ عام (1953) حتى حصلت عليها ونشرتها عام (2009).
كانت الأجواء محبطة في ميادين القتال، والجاهزية العسكرية في أدنى درجاتها.

حشدت الوكالة اليهودية (81) ألف مقاتل معظمهم ضباط اكتسبوا خبرة عسكرية في سنوات الحرب العالمية الثانية، فيما كانت أعداد الجيوش العربية مجتمعة (37) ألف ضابط وجندي!
وكانت أعداد الطائرات التي فى حوزة القوات اليهودية (78) طائرة عند بداية الحرب فيما لم تتجاوز الـ(30) طائرة على الجانب العربي، حسب ما أورده “هيكل” في “العروش والجيوش”، وهو كتاب مرجعي من جزأين أهميته في قدر توثيقه، حيث يتضمن سجلا كاملا للبرقيات العسكرية المصرية أثناء الحرب.
“إن يومية الحرب هي في العادة أكمل مستند تاريخي لصورة ميدان القتال والخلفيات السياسية الواصلة إليه، ثم الاعتبارات الشخصية والإنسانية المتسربة بالضرورة إلى المواقف والتصرفات” ــ كما كتب أستاذ الوثائق الأول بلا منازع.

“كانت الحرب في جوهرها صداما بين مشروعين، مشروع صهيوني استكمل عناصر قوته يعمل على إعادة رسم خرائط المنطقة ومشروع قومي عربي تائه في كواليس الحكم وفوق مسارح الأحداث يبحث عمن يجسده لمواجهة طوارئ الأحداث المشتعلة بالنيران والمخاوف”.
هذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
“يوميات الحرب”، تأخر نشرها لعقود طويلة حتى قرب نهاية القرن العشرين، كما حدث تماما في يوميات عبدالناصر الخطية.
في المرتين احتفظ بودائعه قبل أن يقرر نشرها، المرة الأولى ــ بقرار منه حتى يضع وثائقها في عهدة التاريخ والباحثين.. والمرة الثانية ــ بإلحاح مني حتى تنجلي الصورة الكاملة، وكان ذلك من حسن الحظ حيث أحرق الأصل في ما جرى لبيته الريفي من تدمير نال من الوثائق المودعة فيه.

كان دخول الجيوش العربية حرب فلسطين بالطريقة التي جرت بها مقدمة هزيمة محققة.
وكان رأي الحاج “أمين الحسيني” ــ مفتي فلسطين والمتحدث الأول باسم شعبها ــ أن تُسند مهمة المواجهة العسكرية إلى جماعات المتطوعين ودعمها بالسلاح والمال، على أن تبقى الجيوش رابضة على الحدود متأهبة ومستعدة.
تثبت وقائع الحرب على غزة الجارية الآن صحة ما ذهب إليه الحاج أمين الحسيني حيث تدافع المقاومة بكل ما تملك من إرادة وسلاح لإثبات حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم بأنفسهم.
بدا درس الماضى حاضرا في الذاكرة الفلسطينية، لم يغادروا القطاع المحاصر، ولا وافقوا أيا كان ترهيب السلاح وأشباح الموت الماثلة على “التهجير القسري”، أو تكرار ما جرى عام (1948).

نسبت إلى رجلين، أكثر من غيرهما، مسؤولية الهزيمة العسكرية في تلك الحرب.
الأول ــ اللواء المصري “أحمد المواوي”، قائد حملة فلسطين، وقد نالته انتقادات حادة من الضابط الشاب فى دفتر يومياته.
بعد الحرب حاول المواوى أن يبرئ ساحته، كاشفا عن مخاطبات كتبها لقياداته يحتج فيها على إرسال القوات دون تدريب كاف، أو أسلحة لازمة.
والثانى ــ الجنرال الإنكليزى “جون باكوب جغالوب”، الذي أسندت إليه القيادة العامة للجيوش العربية، وكانت إدارته للحرب من عمان التزاما كاملا بالاستراتيجية البريطانية، لم يتجاوز خطوط التقسيم المنصوص عليها في قرار الأمم المتحدة، حين كان متاحا التقدم وكسب الأرض، فيما كانت الدولة العبرية الوليدة تتوغل في ما تستطيع أن تصل إليه دون اعتبار لأية قرارات دولية.

ما جرى بالضبط عام (1948) حرب إقليمية اقتصرت على بعض الدول العربية وإسرائيل، التي تأسست للتو.

شبح الحرب الإقليمية يخيم الآن على نطاق أوسع وأخطر، لا أحد يريدها، لكن حساباتها يمكن أن تفلت بسيناريو أو آخر.
الاختبار السياسي والعسكري والاستراتيجي هذه المرة أخطر وأفدح مما جرى قبل (75) عاما حيث يراد التصفية النهائية للقضية الفلسطينية دون جدوى.
إننا أمام انقلاب استراتيجي محتمل قد يغير كل معادلات الإقليم، حساباته ونظمه وموازين القوى فيه.
الصمود الأسطوري للمقاومة هو انتصار للقضية الفلسطينية وللضمير الإنسانى.
إحياء الذاكرة يساعد على فهم ما قد يحدث تاليا.

يوميات رجل “يوليو” تكتسب قيمة إضافية إذا ما قُرئت الأحداث التي توقّف عندها وأبدى غضبه بسببها في سياق واحد مع ما تكشف من وثائق وشهادات إسرائيلية، خاصة مذكرات “ديفيد بن غوريون” مؤسس الدولة العبرية.
بقدر حجم الأثر، الذي خلفته تلك الحرب، فإن مضاهاة الروايات بكل تقاطعاتها يكشف وينير القصة الكاملة ومدى ما خلفته من جراح عميقة في الوجدان العربي ما زالت ماثلة حتى الآن.

عندما صدرت للضابط الشاب أوامر الانسحاب من الخليل يوم الخميس (21) أكتوبر قبل أن يلغي ما كتب في دفتر يومياته:
“.. إن انسحابنا سيعرّض جميع السكان في عراق سويدان وبيت جبرين إلى التشريد”.
“تصورت منظر الأطفال والنساء والعائلات عند انسحابنا”.
نقف الآن أمام نفس المآسي الإنسانية بصورة مضاعفة آلاف المرات.
إذا كان هناك من يعتقد أن كل شيء سيعود إلى عهده القديم بعد توقف النيران فهو واهم.
ثم كتب بخط يده: “سنقاوم إلى آخر رجل.. لقد فقدنا الإيمان في قيادة الجيش.. وقيادة البلاد”..
في هذه اللحظة ولدت الثورة في قلب رجل واستقر عزمه على إعادة تأسيس تنظيم “الضباط الأحرار”.

تكاد تكون تلك العبارات الصريحة لضابط في ميدان قتال ــ بدواعي غضبها ــ البداية الحقيقية لقصته كلها، كأنها نقطة تنوير مبكرة في نص روائي طويل.
لا شيء يولد في التاريخ من فراغ.
إذا لم ندرك الحقائق كما هي نكون كمن يغالط نفسه بالأوهام المحلّقة.

ـ عن “الشروق” المصرية ـ

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

روسيا وغزة من المسافة صفر!

نشرت

في

ما أهمية الدعوة الروسية لعقد لقاء بين الفصائل الفلسطينية لإنهاء الانقسام؟ -  14.02.2024, سبوتنيك عربي

مرة بعد أخرى يطرح السؤال الروسي نفسه تحت وهج النيران فى غزة بحثا عن شيء من التوازن الدولي المفتقد منذ انهيار الاتحاد السوفييتي مطلع تسعينات القرن الماضي وانفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم والتحكم فى مصائره‫.‬

عبد الله السنّاوي
عبد الله السنّاوي

هناك الآن خشية واسعة من الانجرار المحتمل إلى حرب إقليمية واسعة تشمل إيران ودولا أخرى تتداخل معها المصالح الاستراتيجية الروسية‫.

ما طبيعة وحدود الدور الروسي إذا ما أفلتت كتل النيران من مكامنها؟

روسيا ليست الاتحاد السوفييتي هذه حقيقة يستحيل إغفالها قبل إصدار الأحكام والتحليق في فراغ التصورات.. لكنها لاعب جوهري لا يمكن تجاهله في العلاقات الدولية‫.‬

قوة كبرى، لكنها ليست عظمى في أوضاعها الحالية من اقتصاد مستنزف بأثر العقوبات المفروضة عليها وتراجع قدراتها على الإسناد الاستراتيجي فإنه من غير الممكن التعويل عليها فى ردع الدور الأمريكي‫.‬

حاولت السياسة الروسية منذ اندلاع الحرب أن تجد لنفسها دورا مؤثرا بقدر ما تطيقه أحوالها مدفوعة بمصالحها الاستراتيجية في أكثر أقاليم العالم أهمية وخطورة وتأثيرا على مستقبلها المنظور‫.‬

أدانت العدوان على غزة دبلوماسيا وسياسيا في المنتديات الأممية دون أن تدخل طرفا مباشرا في الأزمة المشتعلة بالنيران والمخاوف‫.‬

إذا ما نشبت حرب إقليمية واسعة يصعب أن يظل الدور الروسى في حدوده الحالية مكتفيا بإدانة العدوان على غزة، أو استخدام حق النقض في مجلس الأمن لإجهاض أية مشروعات قرارات أمريكية تعمل على إدانة المقاومة الفلسطينية، أو تمديد العدوان على غزة والتنكيل بأهلها‫.‬

وفق موسكو فإن مشروعات القرارات، التي دأبت الولايات المتحدة على طرحها، “مسيسة بشكل مبالغ فيه”‫.‬

عندما مررت الولايات المتحدة بالامتناع عن التصويت قرارا قدمته عشر دول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن ينص على وقف مؤقت للحرب خلال شهر رمضان، اغتالته في اللحظة نفسها باعتباره (غير ملزم)‬ ووفق واشنطن: المواقف الروسية غير بناءة في محاولة حل الصراع‫.‬

كانت تلك حدود المساجلة الاستراتيجية الأمريكية مع موسكو‫.‬ تركزت الإدانات الروسية على واشنطن أكثر من تل أبيب، على الطرف الداعم للحرب لا الطرف المباشر فيها‫.‬ إنها حسابات معقدة تحاول أن تتضامن مع غزة دون أن تلحق أضرارا تربك أية تفاهمات سابقة مع إسرائيل بشأن قواعد الاشتباك فى سوريا‫.

‬ لم يكن خافيا على أحد المكاسب الاستراتيجية المفاجئة التي جنتها روسيا بأثر اندلاع الحرب على غزة‫.‬

تراجعت أولوية الحرب الأوكرانية في الخطابين السياسي والإعلامي الدوليين، حتى كادت تنسى وسط طوفان المآسي الإنسانية في القطاع المعذب‫.

‬ رافقت حرب غزة بتداعياتها وأجوائها ومساجلاتها أوضاعا عسكرية مستجدة على الجبهة الأوكرانية لم تعد سيناريوهات كسب الحرب وإذلال موسكو واردة‫.‬

عاد الحديث عن حلول سياسية، أو الذهاب مجددا إلى التفاوض دون أن تبدي موسكو حماسا، فالوقت يعمل لصالحها وسيناريوهات تقليص تمويل الحرب غير مستبعدة‫.‬

إذا ما انتهت الحرب على غزة الآن فإن موسكو سوف تتصدر رابحيها‫.‬

كلما تأكد المأزق الأمريكي المزدوج في حربي غزة وأوكرانيا يستشعر الكرملين ثقة كبيرة في مستقبله المنظور، أن يكسب حربه فى أوكرانيا، يحفظ أمنه القومي عند حدوده المباشرة، ويفرض أغلب مطالبه على الحلفاء الغربيين‫.

‬ خسارة الحرب الأوكرانية قد تفضي إلى تفكك الدولة الروسية، وكسبها يساعد إلى حدود بعيدة في استعادة الأوزان الروسية السابقة، أو تأسيس نظام دولي جديد على أنقاض الهيمنة الأمريكية شبه المطلقة‫.‬

بصورة مباشرة تداخلت روسيا في ملف المصالحة الفلسطينية حتى تكون هناك إجابة أخرى عن سؤال اليوم التالي‫.‬

دعت إلى اجتماع في عاصمتها لفصائل المقاومة، شملت الدعوة الحكومة الفلسطينية، توصلت الاجتماعات إلى مخرجات تساعد على إنشاء حكومة فلسطينية من التكنوقراط وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بضم حركتي “حماس” والجهاد”، غير أن تلك المخرجات تقوضت تماما بإعلان سلطة رام الله حكومة جديدة دون تشاور مسبق‫.‬

الأوزان والأدوار كلها الآن على المحك إذا ما جرى الانجراف إلى حرب إقليمية واسعة‫.‬

المصالح الروسية عند المسافة صفر.. في مرمى النيران مباشرة‫.‬

انخراط روسيا فى أية حرب إقليمية مكلف وأثمانه لا تحتمل بالنظر إلى ما أصابها من إنهاك سياسي واقتصادي وعسكري في الحرب الأوكرانية‫.

‬ التجاهل شبه مستحيل وخسائره قد تفضى إلى هزائم استراتيجية لا قبل لموسكو على تحملها‫.‬ إنه مأزق استراتيجي محكم‫.‬

المثير هنا أن روسيا والولايات المتحدة لا تريدان، وليس من مصلحتهما بأي حساب، توسيع نطاق الحرب في غزة إلى صدامات إقليمية واسعة لا يعرف أحد كيف تنتهي‫.‬

إنه السؤال الأكثر إلحاحا من المسافة صفر وإجابته تتوقف على طبيعة وحجم الرد المنتظر على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق‫.‬

الرد قادم لا محالة، والأطراف كلها باستثناء الحكومة الإسرائيلية تتمناه محدودا رهانا على أنها تساعد “بنيامين نتنياهو” في بقائه على رأس الحكومة حتى لا يزج به خلف قضبان السجون بتهمتيى الاحتيال والرشى فضلا عن مساءلته في تقصيره الفادح يوم السابع من أكتوبر

في السياق يسعى “نتنياهو” إلى اقتحام رفح، لكنه واقع تحت ضغط الإدارة الأمريكية التي لا تكف عن طرح بدائل عليه، خشية أن يفضى ذلك الاجتياح إلى مجازر بشرية تنال من مليون ونصف المليون نازح في تلك المدينة الحدودية الضيقة‫.

‬ من وقت لآخر تتصاعد احتمالات اشتعال الجبهة اللبنانية بكاملها، أو نقل مركز المواجهات إلى الشمال بذريعة الأمن وعودة النازحين الإسرائيليين‫.‬

جر المنطقة كلها إلى حرب واسعة هو أخطر سيناريوهات التصعيد الإسرائيلي المحتملة‫.‬

والأمريكيون لم يتورعوا عن التهديد بالتدخل المباشر إذا ما تعرضت إسرائيل إلى الخطر‫.‬ هكذا فإن سيناريو الحرب الإقليمية الواسعة لا يمكن استبعاد الانزلاق إليه‫.‬

حسب التأكيدات الروسية فـ”إن أحدا لم يطلب منا أن نتدخل للتهدئة”‫.‬

كانت تلك إشارة مبطنة إلى إدراكها قدر ما يصيبها من أضرار استراتيجية إذا ما اندفعت كتل النيران إلى المنطقة كلها واستعدادها في الوقت نفسه للعب أية أدوار تمنع الحرب الإقليمية المحتملة‫.‬

ـ عن “الشروق” المصرية ـ

أكمل القراءة

جلـ ... منار

خالق الفرح

نشرت

في

Peut être une image de 2 personnes et bébé

اتصلت صديقتي غادة بي كي تطمئن عليّ:

ـ وينك ياست الحبايب؟

وفاء سلطان
وفاء سلطان

ـ مع الحبايب أجمع البيض!

يبدو أن أرنب الفصح كان غنيا جدا وكريما جدا هذا العام… نالني منه أربعة عشر بيضة، وجدتُ في داخلها ست دولارات وعشرين قطعة من الشوكولا (أول مرّة بناتي يدفعن لي بدلا من أن أدفع لهن)!

تفوقت علي جازي بأربع بيضات وست دولارات، أما بنجي فلم ينل إلا نصف ماحصلت عليه (لا يهم إذ لا يعرف قيمة الدولار بعد)!

……..

أمطرتني غادة بوعظة دينيّة طويلة جدا، تفوقت فيها على الشيخ الحويني، لقّنتني من خلالها درسا في العبادة وكيفية الاحتفال بالأعياد،

قالت:العيد ليس جمع البيض، العيد يعني ممارسة الصلاة والتعبد وزيارة الكنيسة!

واحتدم النقاش حتى اعترفت لي بأن اليهود (يخرب عمرهم لهم قرص في كل عرس!) قد حولوا كل الأعياد المسيحية لتجارة بالمطلق، وهم الذين اخترعوا سانتا كلوز وأرنب الفصح كي يسرعوا عمليات التسويق، ويصرفوا نظر الناس عن عبادة الله الحق!

فشعرت وكأنني أصغي للقرضاوي يقص علينا حكاية بني قريظة!

يبدو أن حتوتة الشجرة واليهودي الذي سيحتمي وراءها يوم القيامة قد طالت عقول بعض المسيحيين أيضا!

……..

يا سيدتي زرت عشرات بل مئات المعابد (من كلّ الأشكال والألوان)، ورأيت فيها الكثيرين من المنافقين والدجالين وتجار الدين، الذين أبعدوني عن الله سنينا ضوئية…

ياسيدتي أقدس بيت للعبادة بيتي وبيوت أولادي، فهي الأمكنة الوحيدة التي أضمن طهارتها من الفساد والرذيلة…

ياسيدتي من لم يرّ الله في سلة بيض الأرنب الذي يشرفنا في عيد الفصح، وفي قبعة سانتا كلوز الذي يزورونا في عيد الميلاد، لا يستطيع أن يراه في أي مكان آخر…

يا سيدتي لا أريد أحدا يفرض عليّ الهه وطريقة عبادته لذلك الإله…

ياسيدتي من لا يستطيع أن يُدخل الفرح على قلب طفل لا يعرف الله…

يا سيدتي من لا ينحني ويصلي للإله القابع في عيني حفيدي آدم، لم يمارس يوما الصلاة…

..أعتذر إن كان إلهي مغايرا لما يعنيه لكِ الإله….لم أفرض يوما إلهي على أحد، ولا أريد لأحد أن يفرض عليّ الهه، والطريقة التي يعبد بها ذلك الإله.

……..

أغلقت سماعة الهاتف، ولسان حالي يتضرع إلى الله: يارب لا تجعلني من عبادك “المؤمنين” فلقد ضقت ذرعا بهم!

بل اجعلني من عبادك الذين يَفرحون ويُفرحون، فالفرح هو أنت أينما حلّ..

اجعلني من عبادك الذين جاؤوا لنا بسانتا كلوز وبأرنب الفصح، وجعلوا حياتنا أسهل وأبهى بعلومهم ومعرفتهم.

……..

قرأت منذ يومين قولا للرئيس الفرنسي ديغول: كيف سأحكم دولة تنتج 246 نوعا من الجبن؟؟؟

وأنا أقول: لا حاجة لك أن تحكمها فالله وحده يحكمها،

الله وحده يتواجد حيث توجد النعمة والوفرة والعطاء…

أما الندرة والشح فتسود حيث تتحكم العقول العقيمة والمريضة!

……..

كل عيد فصح وأنتم وجميع أرانب الأرض بخير!

Coloriage Lapin de Pâques à côté d'un panier d'œufs - Dessin gratuit

أكمل القراءة

جلـ ... منار

بفلوسي!

نشرت

في

Images de Voleur Argent – Téléchargement gratuit sur Freepik

السيدة سهير موظفة في منتصف العمر وأم لثلاثة شياطين، وهي من الطراز الذي لا يتذوق الدعابة ولا يفهمها. علمتني الحياة أن أظرف وأروع الدعابات طرًا تأتي من هذا الطراز، فهم لا يفتعلون الظرف .. إنهم ظرفاء بالطبيعة. أسخف الدعابات تأتي غالبًا ممن يعتقدون أنهم ظرفاء، وأدعو الله ألا أكون منهم.

أحمد خالد توفيق

قرأت ملحقًا لإحدى الصحف الشهيرة مؤخرًا، فوجدته مليئًا بصور أشخاص ظرفاء يضحكون في استمتاع، مع نكات من نوع (اركبي قبل الحصان ما يشوفك).. (حماتي عملت مفاجأة وجت تقعد معانا شهر).. منتهى السماجة.

هذا ليس موضوعنا على كل حال. موضوعنا هو السيدة سهير.

سألتني السيدة سهير عن طبيب أنف وأذن وحنجرة جيد لأن أذنها مسدودة منذ فترة، فاقترحت عليها دكتور سيد الشماشرجي .. هذا رجل بارع يجيد عمله وصديق قديم. توكّلتْ السيدة على الله وذهبتْ له في العيادة ودفعت مبلغًا باهظًا من المال للكشف. تقول إنها دخلت لترى قزمًا مسنًا ينظر لها في كراهية من خلال المرآة التي تثبت على الجبهة إياها، فلما فتحت فمها لتقول:

ـ”إنها أذ………………………..”

أخرسها بشخطة، ودس منظارًا في أذنها فكاد يثقبها، ثم قال في عصبية وقرف:

ـ”شمع .. لابد من غسل الأذن”

وقبل أن تفهم كان يضع طبقًا معدنيًا تحت أذنها ويدس فوهة مسدس الماء في أذنها، فتصرخ ألمًا، ثم تشعر بطوفان من الماء الدافئ يدخل أذنها ويبدو أنه يبلل مخها ذاته ويخرج من الأذن الأخرى.

ثم قال لها بذات القرف:ـ”هناك قطرات للأذن .. استعمليها !”

خرجت من الغرفة شاعرة بالإهانة، كأنما تربص بها عشرة أبطال مصارعة فأوسعوها لكمًا وركلاً. وقبل أن تفهم ما يحدث انقض عليها الممرض الجالس في الخارج ليقول في قرف:

ـ”خمسون جنيهًا !”

ـ”ماذا ؟”

ـ”أتعاب غسل الأذن خمسون جنيهًا …

“إذن ففيم كان الكشف الباهظ؟

دفعت ما طلبه هذا القرصان وهي ترتجف غيظًا، كما أن أذنها كانت تؤلمها جدًا. ومشت في الشارع شاعرة بشعور السكير الذي يطردونه من الحانة بعد منتصف الليل لأنهم يريدون الإغلاق. قدماها غير ثابتتين ولا تفهم ما يحدث، دعك من أن زوال انسداد أذنيها جعلها تشعر بدوار وبرد غريبين.

لما عادت للبيت اتصلت بي لتنفجر في غل، شاتمة ذلك اللص النصاب الذي تقاضى كل هذا المبلغ في ثلاث دقائق. والأسوأ هو مبلغ الخمسين جنيهًا .

. كان يجب أن تكفي أتعاب الكشف لكل شيء.

بعد أشهر كانت تطالع الصحيفة فوجدت صورة عروسين .. المحاسب سمير سيد الشماشرجي تزوج المحاسبة هيام منصور .. الزفاف كان حلمًا من أحلام ألف ليلة وليلة وأقيم في فندق فاخر بالقاهرة. قالت لي في غيظ:

ـ”بفلوسي!! لقد زوج ابنه بمالي ذلك اللص!”

حكيت لها ذات مرة عن السيارة الفاخرة التي ابتاعها المهندس محمود سيد الشماشرجي ابن الطبيب الشهير، فصاحت في غل:

ـ”بفلوسي!!… يستطيع أبوه عمل أشياء كثيرة بالخمسين جنيهًا التي تقاضاها لغسل أذني!”

ذات مرة نشرت إحدى المجلات حوارًا مع دكتورة اسمها غادة تتحدث عن جولتها في اليابان ودول جنوب شرق آسيا. قالت في الحوار إنها زوجة واحد من أهم أطباء الأنف والأذن والحنجرة في مصر، وهو الدكتور سيد الشماشرجي.هنا صاحت السيدة سهير:

ـ”بفلوسي…!.. زوجته الشمطاء تجوب العالم كله بالخمسين جنيهًا”

رأيت أن الأمر تحول إلى هاجس أو وسواس قهري بالنسبة لها، فلولا ما في ذلك من مبالغة لطلبت من د. سيد الشماشرجي أن يرد لها مالها كي يتجنب هذه اللعنة السرمدية. لا شك أنه سيصاب بمرض عضال وينفق أضعاف الخمسين جنيهًا لعلاجه، لأن السيدة سهير – كما نقول في العامية – مش مسامحة!

العكس يحدث أحيانًا. الحكاية هي أنني منذ أعوام اشتركت في واحدة من مطبوعات اليونسكو الشهرية، والاشتراك ثلاثون جنيهًا في العام تقريبًا. ثم وجدت أن الأعداد تتكدس وأنا لا أطالعها… جاءت لحظة الحقيقة وقررت أنني لست بحاجة لهذه المطبوعة وكتبت خطابًا أعتذر فيه عن عدم الاشتراك لعام آخر.. أرسلوا لي يسألون عن السبب فلم أرد.

بعد أشهر قرأت في الصحف الخبر التالي (وهذا الكلام حقيقي على فكرة):

ـ”اليونسكو مهددة بالإفلاس لأن الولايات المتحدة خفضت مساهمتها في تمويل المنظمة”

طبعًا لم أحتج لأسئلة أكثر .. لقد تدهورت حالتهم المادية فعلاً عندما تركتهم، وعندما كففت عن دفع ثلاثين جنيهًا كل عام.

يبدو أن هذه المنظمة كانت تعتمد كلية على فلوسي.

قصة أخرى طريفة عندما كنت مدعوًا لمهرجان أدبي في قطر خليجي شقيق. كان طعام الفندق ممتازًا، وأنت تعرف عقدة البوفيه المفتوح. ربما هي فرصتك الأخيرة كي تجرب حساء التوم اليوم أو الباتاي أو القبوط أو الدجاج بالطريقة الإيرانية، أو حساء المنسيتروني وشرائح سمك الكنعد بالليمون.. ملعقة من كل شيء وسوف تكتشف أن الطبق مليء جدًا وأن ثيابك تضيق.

بعد ثلاثة أيام فتحت جهاز التلفزيون في الفندق، فوجدت أن حكومة البلد الثري مجتمعة لمناقشة الانهيار الاقتصادي الذي حدث مؤخرًا!.

شعرت بخجل شديد لأنني تجاوزت حدود الضيافة، وحاولت جاهدًا ألا أجرب سوى صنف واحد في الوجبة. إن شراهتي كفيلة بتدمير دولة فعلاً.

نعود للسيدة سهير التي أضناها التفكير في مالها…الحقيقة أنها ليست واهمة تمامًا. لا شك أن مالها ساهم بقدر ضئيل جدًا – كذرة في جسد – في نفقات رحلة آسيا.

هذا المفهوم ينطبق على الدول نفسها: عندما يعتدي عليك أمين الشرطة ويصفعك أو يطلق عليك الرصاص، أو يلفق لك قضية مخدرات بأحرازها مستعملأً قطعة البانجو في جيبه، فهو في الحقيقة يتقاضى راتبه من جيبك. حتى الرصاصة التي استقرت في رأسك أنت دفعت ثمنها.

المتظاهرون دفعوا بالكامل ثمن الغاز الذي يستنشقونه.

محصل الكهرباء الذي يخرب بيتك يتقاضى الراتب منك أنت.

هذا ينطبق على كل موظف في الدولة من أصغر رأس لأكبر رأس. كل المستشارين الذين يحصدون المليارات كل عام. من أين يحصلون على هذه المبالغ الفلكية؟ من جيبك طيعًا.

في الخارج يؤمنون أن رئيس الدولة نفسه موظف يتقاضى راتبه من جيوبهم، وعليهم أن يعرفوا ما فعل به، بينما في الدول العربية يسود المفهوم الأبوي القبلي الذي خرب بيوتنا:

أنت تعيش بما يجود به الحاكم عليك…

شيخ القبيلة الذي يقذف لك بصرّة من الذهب، بينما أنت في الواقع شاركت بقطعة نقدية في هذه الصرة.

السيدة سهير لم تبالغ في تصوراتها. هي فقط بالغت في أهمية الخمسين جنيهًا التي دفعتها

أكمل القراءة

صن نار