تابعنا على

منبـ ... نار

عشر سنوات من الخبز و الماء

نشرت

في

كل عام و في نفس الفترة ترجع التساؤلات حول ما حصل في تونس منذ ديسمبر 2010.. هل كان ثورة أم لا و تختلف الإجابات و لكل فريق رأيه و حججه… في الحقيقة لست مؤهلة للإجابة عن سؤال كهذا و لا أرى أحدا يمكنه الجزم في الموضوع لكن يمكن أن نطرح مجموعة من الأسئلة في ذكرى الأحداث التي ارتفعت فيها شعارات من نوع “خبز و ماء و بن علي لا” و صارت هذه المفردات مثل الاقانيم الثلاثة فإذا كان أمر بن علي محسوما حيث غادر تونس منذ عشر سنوات و توفي و دفن في منفاه و للتاريخ أن يحكم له أو عليه..، فماذا عن الخبز و الماء؟؟

عبير عميش

إن المتأمل في هذا الشعار يدرك أن ليس الخبز و الماء هما المقصودين في ذاتهما… خاصة إذا ما ربطناه بشعار ثان لطالما تمّ تداوله هو أيضا : ” شغل حرية كرامة وطنية” أين تسبق المطالبة بالشغل باقي المطالب الأخرى و ذلك بعد أن ارتفعت أعداد العاطلين عن العمل في العشرية الأخيرة من حكم بن علي الشغل باعتباره سبيل تحقيق الذات و الاستقرار و الشعور بالمواطنة و الانتماء الحقيقي و الفاعل للبلاد و لكن هل تحقق مطلب التشغيل هذا الذي كان في أعلى سلّم أولويات من خرجوا للتظاهر حينها؟ ؟

كل الإحصائيات و الأرقام تؤكد ما نراه على أرض الواقع من تزايد لأعداد العاطلين عن العمل و تضاعف لأرقام البطالة بمختلف أنواعها في هذه العشرية الأخيرة… فهلا تساءلنا ما الذي حصل و لمَ أخفق كل من تناوبوا على الحكم في تحقيق هذا المطلب المادي الهام؟؟ لماذا تضاعفت أعداد العاطلين بدل أن تتقلّص؟؟ هل التفتنا فعلا إلى تشغيل الباحثين عن عمل أم تكالبنا على تحقيق الامتيازات و الزيادات و التعويضات و التسويات لغيرهم؟؟

نعود إلى بقية أقانيم شعارنا الأول “خبز و ماء و بن علي لا” فأما الماء فقد تضاعف سعره عشرات المرات و تغير طعمه و ساءت رائحته و اصطبغ بلون ألم الشعب و انكساره ـ هذا إن وُجِد الماء طبعا ـ فعدد الانقطاعات في السنوات الأخيرة فاق كل المعدلات المعقولة و صارت مدن كاملة تقضي أياما و أسابيع دون قطرة ماء حنفية و أما الخبز… فقد صار مرا مغمّسا بمعاناة الشعب و بعضهم لم يعد قادرا حتى على توفيره في ظل هذه الأزمة الخانقة و لكم في أعداد البرباشة و المشردين و المتسولين خير دليل هذا إن وقفنا عند حدود الخبز و الماء دون حديث عن الصحة و التعليم و النقل، و غيرها من أساسيات حياة المواطن…

إن ما يطلق عليها “ثورة” قد عادت بنا إلى الوراء فتقهقر ترتيب تونس درجات و درجات من كل النواحي العلمية و الاقتصادية و التنموية و حتى في مؤشر السعادة لم نخلف وراءنا من الدول الا ما يعد على أصابع اليد الواحدة … إن الثورات في مفهومها الحقيقي هي سعي و توق نحو الأفضل و بناء يرتقي بالفرد و المجتمع… فهل ما عشناه يعتبر ثورة؟؟ سيقول بعضهم أن أكبر غنم حصلنا عليه هو الحرية و أنه لولا ذلك لما استطعت الكتابة و التعبير عن رأيك… و لكن يبقى السؤال : هل ما نلناه هو الحرية الحقيقية بما فيها من وعي و ثقافة و مسؤولية… أم هي حرية الفوضى و التخريب و الاضرابات و الاحتجاجات و الاعتصامات و البراكاجات و تعطيل الإنتاج و تشويه الخصوم و تهديد المكتسبات و إغلاق الفانات عن البلاد و العباد. هل الحرية غاية أم أسلوب حياة؟؟

و هل الديموقراطية هدف ننتهي عنده أم ننطلق منه؟؟ هل تحقق الديموقراطية التنمية أم تزدهر و تنتعش بالتنمية ؟ هل تطوّر الحرية الاقتصاد أم أن الاقتصاد القوي هو الذي يعزز أركانها ؟ إن المتأمل في التاريخ يدرك أن الثورات الحديثة في العالم مهدت لها منظومة فكرية رائدة تأسست على قيم العلم و العمل و احترام الانسان فهل للفكر أهمية عندنا و هل للعلم و العمل قيمة لدينا و هل للانسان مكانة عند حكامنا حتى نتحدث عن ثورة حقيقية؟؟ انتفض الشعب المظلوم فانقضّ على انتفاضته قوم من الانتهازيين الجوعى لهفوا مقدرات البلاد و تركوا الشعب يتخبط في الأزمات و عملوا على إلهائه بمسائل خلنا اننا تجاوزناها منذ عقود.

فتقهقروا بنا مئات السنوات إلى الوراء و لم يتحقق من الشعار إلا ” بن علي لا” أما الخبز و الماء فقد صدرت في حقهما برقية تفتيش منذ عشر سنوات و أما الكرامة الوطنية فقد انتحرت على مراكب الحراقة اللذين ” هجّوا ” بعد أن اكتشفوا زيف أحلامهم.

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

منبـ ... نار

تكريما لروحك يا “جاد”… أعلِنُك رئيسا رمزيا

نشرت

في

Ouvrir la photo

توفيق العيادي:

كان جاد نصيرا للمرضى والعجّز والفقراء ولم يطلب يوْما نصرتهم لكسْب أو منصب أو مغنمٍ له، وقد هبّ الناس لتوديعه لأنهم أحسّوا فعلا بعظيم خسارتهم في موته.

Ouvrir la photo
توفيق العيادي

لم أعرف جاد الهنشيري إلا عن طريق الصدفة ومن خلال برامج تلفزية دُعِيَ لها ضيفا كممثل للأطباء الشبان، ولم ألتقه مطلقا، فقط استمعت إليه أكثر من مرّة وهو يُلقي بهمّه الذي هو همّ الفقراء على مسامع التونسيات والتونسيين، ويقطفُ من روحه أمَلاً يُرسِله لهم جميعا درْءً لأحزانهم التي فاقت كل معايير القيس وأدوات الأكيال والأوزان، وثـقُـل عليْهم حِمْلُ الهموم التي ناءتْ بها الأعناق، والمرارة على محيّا جادٍ بادية لا تُخطئها العين ويتدفّق الصدّق من بين موجات صوته المَغْصوص كَغُصَصِ كل الشباب الحالم على هذه الأرض، ولا تخلو غصّة جاد من معنىً يؤطّره مبدأ أساسيّ يشُدّ الحلم وينير الطريق ويُحفّز على المسير وتجشّم الصّعاب، مبدأ فحواه أنه : ” بمقدورنا أن نكون أفضل .. يجب أن نكون أفضل”، رغم الاستهجان والاعتراف بحجم الفساد الذي نخر معظم القطاعات والفئات في هذا الوطن.

لكَمْ نحن في حاجة ماسّة إلى شابّ جادٍّ كما “جاد” يتوهّج عزما وحبا وصدقا، ولسنا في حاجة إلى “عـتْـڤـة” قديمة كما بعض من فاق السبعين وغنِم من العهديْن ويريد اليوْم أن يستزيد … مات “جاد” رحمه الله وأغدق على أهله وصحبه الكثير من الصبر والسّلوى. لكنّ القِيَم التي حملها جادّ وحلُم بها وحمّلها لمنْ بعْدِه من الصّحْب والرّفقة، لا تزال قائمة، فأمثال جاد من الشباب الأوفياء والخلّص للوطن بكل مكوّناته سيّما البسطاء منهم، موجودون بالعشرات، بل بالآلاف وفي كل ربوعه، وما على الوطن إلاّ أن يَجِدّ في طلبهم والبحث عنهم وأن يُصدّرهم مواقع الريادة والقرار ،وإن حَجَبَهُمْ عنّا تعفّـفهم،

إذا كنا نريد فعلا المضيّ في الطريق المفضي إلى المشروع الحرّ وجبَ أن نغادر خصومات كسب العواطف واِستمالة الأهواء ونعراتِ التحامق، ونمضي في تسابق نحو كسب العقول وتهذيبها وتنظيفها من كل الشوائب العالقة بها لعهود .. ولذلك أقول للمشتغلين بالسياسة والمتكالبين على استدرار الشعب لتدبير شأنه العام والاستحكام برقابه، إن السياسيّ الناجح هو الذي يُبينُ للناس ما فيه من فضائل وما هو عليه من إقتدار وليس نجاح السياسي رهين عرض نقائص الخصم والتشنيع عليه وتعظيم مساوئه وإن كان له فيها نفع.

ونذكّر السياسي أيضا أن الجدارة بالحكم لا تتوقّف عند حدّ الفوز بالتفويض من الإرادة الشعبيّة عامة كانت أو مطلقة، كما أن النوايا الطيّبة لا تكفي لمزاولة السلطة، بل يبقى صاحب السلطة في حاجة إلى تأكيد شرعيّته بحسن إدارة الحكم الذي ينعكس وجوبا على أحوال الناس، وهذا لا يتمّ لهم بواحدٍ بل بكثيرين ومن أمثال “جاد الهنشيري” تضحية وصدقا ومروءة …

رحل جاد وبقي أثره فينا، وتكريما لروحك يا “جاد” واِنحيازا لكلّ قيَمِ الجدارة والصدق والإنسانيّة والجدوى، والتي مثّلتها باقتدار، أعْـلِنُـكَ “رئيسا” رمزيّا وشرفيّا بالغياب لهذا الوطن الحزين … ليطمئن السياسيون، فـ”جاد” لن ينهض من غيبته الأبديّة، وستكون قيمه تقضّ مضاجعكم كلّما اجتمعت لشخصٍ خشية أن يُبعثر حسابات الرّبح مِمّا تمِزّون من دماء الوطن.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي و تبحث عن مصادر بديلة؟ (2)

نشرت

في

Compétitivité des exportations en Afrique : La Tunisie classée 2 ème -  Tunisie

عرفت تونس أزمات اقتصادية ومالية متفاقمة بعيد ثورة 14 جانفي، وتتالت هذه الأزمات و امتدت آثارها السلبية الى اليوم رغم القطع مع المنظومة البائدة إثر حراك 25 جويلية.

فتحي الجميعي

إلا أن الانتهازيين و أصحاب المصالح والسابحين عكس تيار النهوض بالبلاد عطلوا عملية الإصلاح وعملوا على إفشالها وذلك بكل السبل، فبقيت تونس رهينة الديون المتراكمة والمجَدْولة، وسياسات الجذب الى الخلف كالتهريب والمضاربة وتبييض الأموال. غير أن الإرادة الصادقة، والإيمان القوي بضرورة تغيير حال البلاد إلى الأفضل جعلها لا تنحني إلى الابتزازات، ولا تخضع للشروط.

فرغم توصلها في أكتوبر 2022 الى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار، لكن الاتفاق النهائي تعثر تحت طائلة الشروط القاسية كرفع الدعم، خفض الأجور و بيع مؤسسات عامة متعثرة. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل تم وضع تونس ضمن القائمة السلبية لأول مرة من قبل هذا الصندوق، الأمر الذي صعب على بلادنا النفاذ الى الأسواق المالية العالمية.

وتفاديا للوقوع في صدمات اجتماعية واقتصادية، نجحت تونس بفضل تطور صادراتها، وعائدات السياحة، وتحويلات التونسيين بالخارج، وتنويع شركائها التجاريين إضافة إلى اعتمادها على الاقتراض الداخلي، والاكتتابات المتتالية لدى بورصة تونس، وانخراط التونسيين في هذه العملية، وهو نوع من الوعي الوطني والدفاع عن حرمة تونس، و نتيجة لذلك تحقق توازن مالي لدى البلاد هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أعطت درسا لصندوق النقد الدولي بإمكانية التخلي عن خدماته عند الاقتضاء وخاصة عند المساس بأمنها القومي.

ورغم أن الفضاء الطبيعي  لتونس هو الفضاء الإفريقي والعربي والأوروبي باعتبار أن ثلثي المبادلات التجارية معه، إلا أنها عبرت عن انفتاحها على كل الفرص التي تمكن من تسريع وتطوير مناخ الأعمال ونسق النمو في اشارة إلى مجموعة “البريكس”.

إن تونس  مازالت منفتحة على الحوار مع صندوق النقد الدولي لكن دون إملاءات أو شروط تهدد السلم الاجتماعي. وإن تعذر ذلك فتونس مستعدة للانضمام الى بريكس للحصول على التمويلات اللازمة.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي وتبحث عن مصادر بديلة؟

نشرت

في

تونس-صندوق النقد الدولي: السلطات التونسيّة تلتزم باحتواء كتلة الاجور في  حدود 15 بالمائة من الناتج في 2022 - إدارتي

رغم الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تفاقمت لأسباب معلنة وأخرى مجهولة، ما تزال تونس صامدة ورافضة لشروط صندوق النقد الدولي، موفية بالتزاماتها المالية تجاه دائنيها إذ بلغت نسبة خلاص الديون إلى موفى شهر جويلية 2023 48%. فهل يؤشر هذا على إرادة من تونس للتخلص من هيمنة القطب الواحد وانفتاحها في تعاملاتها المالية و التجارية على أسواق جديدة؟

فتحي الجميعي

يتأهب العالم لإرساء نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب بعد إزاحة نظام القطب الواحد والمتمثل في الهيمنة الامريكية المطلقة على جميع القطاعات ومعظم الدول وحليفها الاستراتيجي الاتحاد الاوروبي. وقد ساهمت الحرب الروسية- الاوكرانية الى حد بعيد في ظهور قطب اقتصادي وعسكري جديد، خاصة بعد بداية التقارب الروسي-الصيني والمضي قدما في تركيز “بركس” بنك التنمية الجديد والمكون من أسماء الدول الأكثر نموا اقتصاديا بالعالم وهي البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا.

وقد اتفق رؤساء هذه الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية الآنية، وتتالت اللقاءات على المستوى الأعلى لزعماء دول البركس BRICS منذ سنة 2008 قصد مزيد التشاور والتنسيق، وتواصلت الى سنة 2023 مع العلم ان مساحة هذه الدول تمثل 40% من اليابسة وعدد سكانها يقارب 40% من سكان العالم.

و بالعودة إلى تونس و رغم توقيعها مع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم لإرساء شراكة استراتيجية و شاملة، والتزام هذا الأخير بمساعدتها على بناء نموذج تنمية مستدام و غير إقصائي، و دعم ميزانيتها بمبلغ سيمنح كاملا بعنوان سنة 2023. وامام انفتاح روسيا على رفع نسق التبادل التجاري بينها ودول المغرب العربي، واعتماد مصر كبوابة لتنمية هذا التبادل مع اعتماد العملات المحلية بديلا عن الدولار، وإعراب تونس عن استيراد الحبوب من روسيا باسعار تفاضلية والتزام هذه الأخيرة بتسهيل المعاملات وتنشيطها هذا من ناحية، و من ناحية أخرى وبحصول الجمهورية التونسية على قرض ميسر بقيمة 1200 مليون دينار ومنحة بقيمة 300 مليون دينار من السعودية وسعيها إلى رفع قيمة صادراتها وفي مقدمتها مادة الفوسفات. هل تتخلى عن التعامل مع صندوق النقد الدولي في انتظار ارساء بركس وبداية التعامل معه كشريك اقتصادي ومالي؟ …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار