تابعنا على

منبـ ... نار

في نماذج مستعملي الفايسبوك

نشرت

في

لن يكون هذا المقال تحليلا سوسيولوجيّا لظاهرة الإدمان على الفايسبوك الكونيّة (و معها كل مكوّنات الترسانة الرقمية المتحكّمة بالمجتمع العالمي اليوم أو ما يُصطلح عليها بمنظومة الغافام) و إنّما سيكون مجرّد محاولة لمسح أهم أصناف المستعملين لشبكة التفاعل الاجتماعي من جهة جوانب الطرافة و المسكوت عنه فيها مع الاعتذار سلفا لكل من سيكتشف بعض التشابه مع ملمحه الفايسبوكي الخاص أو مع شخصيات واقعية نتعايش معها على الشبكة.

moncef khemiri
منصف الخميري

وقبل المرور إلى عرض أهم الأصناف من المستعملين كما تراءت لي من خلال ما أقف عليه يوميا من تعليقات و منشورات و تدوينات، أشير إلى دراما وثائقية أخرجها “جيف أورلوفسكي” و تُبثّ على نتفليكس عنوانها “خلف شاشاتنا الدخانية” و التي تحاول تشريح النموذج الاقتصادي لكبريات الشركات الرقمية (فايسبوك و غوغل و تويتر و انستراغرام و يوتيوب) و تفكيك مفهوم “رأسمالية المراقبة” و مخاطر إدمان الشباب و الأطفال على مُنتجات عمالقة الويب اليوم … بالنسبة إلى من يرغب في كسب فهم عميق لكيفية اشتغال هذه المنظومات و طرق تأثيرها والتعرف على مخاطرها.

المُتعالي المُتوحّد:

هو فايسبوكي يكتب بانتظام ليُعبّر عن وجهات نظر مهمة نسبيا (وماسطة لاسطة أحيانا) له مريدين كُثر  وينتشي بعدد الجامات وتعليقات الإعجاب بما كتب. وهذا أمر طبيعي، لكن يستحيل أن تعثر لهُ على أثر أسفل تدوينات أصدقائه حتى من خلال وضع ذلك الاصبع الأزرق الساذج، لا يترحّم على الموتى ولا يفرح لفرح معارفه ولا يهنئ أحدا بنجاح أحد أبنائه في امتحان الباكالوريا. يَعتبر أنه غير مطالب بمجرد قراءة ما يكتبه الآخرون، بل إن هذا الآخر هو المطالب بتخصيص أفضل استقبال لما يَبيضُه هو في ديار زوكربارغ.

وحتّى عندما تستهويك منشوراته أحيانا وتُجازف بإبداء ملاحظة أو إعجاب، لا يكلف نفسه عناء التفاعل أو إشعارك بأنه تلقّى تفاعلك.

المرِحْ أو الزّهواني :

هو (أو هي طبعا) كائن إيجابي بصورة عامة لا ينشر إلا الطرائف والخوارق والعجائب والغرائب. لا ينشر إلا ما هو قادر على إسعادك أو إمتاعك أو جعلك تنسى لوهلة قتامة المشهد العام المحيط. هذا النموذج من الفايسبوكيين حتى عندما يحدث أن يعيش لحظات مؤلمة أو مزعجة، يختار الاختفاء والسكوت الى حين انقشاع الضبابة. هو باختصار متعهّد بإشاعة الضحك والبشاشة والفرح والحبور في “دوّار” الفايسبوك.

الفايس(بوخا)ئي أو الاحتفالي : 

هو صنف يجمع أناسا عاديون فيما يكتبون وينشرون، يهتمون بالشأن العام (والخاص أيضا ! ) متصالحون مع اختياراتهم الحياتية ويُصرّحون أنهم ليسوا على استعداد لتقديم تنازلات تحرمهم من الظهور بالمظهر الذي يريدونه. هم بصفة عامة كائنات مسائيّة يهيّؤون أفضل الطاولات ويعرضون أجود أنواع الخمر والنبيذ مُفضّلين تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية المباشرة…بدلا من كل الحيل البلاغية التي يلجأ اليها الكثيرون عندما يضطرون للحديث عن علاقتهم بـــ “أمّ الخبائث”.

الفايسبُكائي النّكدي:

هو شخص كثير التذمّر لا يعجبه العجب، عندما تهطل الأمطار يُسارع إلى صبّ جام غضبه على وزارة التجهيز والبلديات لعدم جهر المجاري والأودية، وعندما يشتد قيظ الصيف أول انطباع يحصل لديه هو التفكير بانقطاع الماء الصالح للشراب في المناطق الداخلية (وليس في الأحياء الحضرية ! ) ولمّا ينتصر الفريق الوطني لكرة القدم، لا ينتفض فرحا وتهليلا بمكسب رياضي من هذا القبيل بل يكتب مباشرة على صفحته “ما تفرحوش برشة مازال أمامكم فرق عتيدة”.

ويشمل هذا الصنف أيضا أولئك الذين يشكون دائما من شيء ما بشكل منتظم لكن لا يوضح أبدا ممّ يشكو تحديدا. ربما يفعلون ذلك بنية استدرار تعاطف الأصدقاء وتهاطل تعبيرات المجاملة من قبيل “باللطف عليك صديقتنا العزيزة”. 

الضّبع :

هو مستعمل للشبكة ينتمي الى فئة الضبعيّات المتميزة حسب المعاجم بـــ “امتلاك أقدام لا تتعب والتميز بنظر ثاقب وسمع قويّ وحاسّة شّم تُمكّنها من تحديد موقع اللحوم وتعتاش على أكل بقايا صيد وفرائس الحيوانات الأخرى”. 

وفي موضوع الحال، هذه الفصيلة من المستعملين يمكن اعتبارها من ذوي العوز والاحتياجات الخصوصية، متكوّنة من أفراد ليس باستطاعتهم إنتاج أي شيء مهم حتى ولو تعلّق الأمر بنقل طُرفة استمع إليها في إذاعة من الإذاعات. يتصيّدون تدوينات بعينها … يسطون عليها وينشرونها بأسمائهم دون حياء أو لياقة. والغريب في سلوك هؤلاء أنهم يعلمون جيدا كون صاحب التدوينة هو أول من سيطلع على ممتلكاته لديهم.

المُتلصّص أو حيوان الخلد :

هو فايسبوكي لا تراه أبدا، لا يبدي إعجابا أو اندهاشا أو حزنا أو تأثرا… لكنّه يقرأ كل شيء  ويطلع على كل التفاصيل ولا يتورّع أحيانا عن إثارة موضوع تدويناتك عندما تلتقيه.

الاستعراضي :

على نقيض المتلصّص، الكائن الاستعراضي يحب الظهور فينشر 10 مرات في اليوم لإعلامنا أنه فاز بتبحبيحة بحرية على الساعة السادسة صباحا ودبّج فطور غداءه بسمك المرجان ولم ينس أن يشتري بعض اللحوم لكلبه فوكس.

المؤذّن أو الدّيك والمكلّف بمأمورية :

هم أناس يعتقدون أنّهم مكلّفون بمهمة يومية تتمثل في التصبيح على الجميع وإلقاء السلام عليهم. ويعودون إليهم قبل أن يخلدوا للنوم ليقولوا  “أنا مرهق جدا، جميع أصدقائي وصديقاتي تصبحون على خير” !

المتخصّص :

شخصيا أنا مُعجب بهذا الصنف من الفايسبوكيين الذين صنعوا لأنفسهم “خطا تحريريا” لا يكتبون ولا ينشرون شيئا خارج سياقه. كأن يتخصص بعضهم في متابعة هجرة الكلمات بين اللغات وآخرون في عالم الفلك أو الإرث الأمازيغي أو كذلك الموسيقى الكلاسيكية الغربية والألحان العربية القديمة.

الصيّاد والتمساح والطّير الكاسر :

هذا الفريق من مستعملي الفايسبوك يشتغل مثل القنّاصة فوق سطح “حوش الفايسبوك”، يرصدون الوجوه النسائية الجميلة ويكتفون في مرحلة أولى بالجمجمة البريئة عليها ووضع علامات تفاعل مختلفة أسفل المنشورات المختلفة ثم يدعون في مرحلة متقدمة نسبيا (لعلمهم الاستراتيجي المسبق بضرورة أن يبقى حاضرا في ذهن من جمجم عليها) صاحباتهنّ داخل العلبة (إينبوكس) ليعبروا لهنّ في لغة ذئبيّة وديعة وليّنة عن إعجابهم وانبهارهم الكاذب بملامحهن ورفعة أذواقهن وشيئا فشيئا تتوطد العلاقة ويقتلعون موعدا غير افتراضي بالمرة.

المُسبّح :

هو  بصفة عامة كائن مقتنع بأن الله لم يهد سواه من العباد. لا يترك أي فرصة تمرّ دون محاولة إعطاء بعض النصائح ذات البعد الديني، ولما تعترضه مشاهد طبيعية غير معهودة أو جائحة مناخية يُسارع إلى تدوين “سبحان الله” واعتبار ذلك ابتلاء وعقابا من السّماء مستشهدا بآيات بيّنات من قبيل “قل للّذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد”.

تاجر الأثاث والأواني القديمة :

هو مستعمل مسكون بحنين لا يُقاوم للماضي، متخصّص في محاولة إعادة الحياة لأشياء وتفاصيل مهدّدة بالانقراض مثل محابر المدارس وفخاخ العصافير وريشة الحبر والمصابيح النفطية واسطوانات فودافون ذات الـــ45 دورة … متوّجا منشوره بالجملة القاتلة “هذه لا يعرفها إلا الجيل الذهبي”.

المردّد للكلام المستعمل (الفريب الأخلاقوي) :

هذا النوع من المستعملين يختار يوميا مقولات مستهلكة من قبيل “الفقر لا يصنع الثورة بل وعي الفقر هو الذي يصنعها” أو ” أعظم مجد لنا ليس في عدم السقوط أبدًا إنما في النهوض كل مرة نسقط فيها” أو ” اذا بَنيْت مدرسة أغلقت سجنا” أو “ملأى السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهنّ شوامخ”، إلخ …

الوجه المُزعج في سلوك هؤلاء هو عدم التحلّي بالحدّ الأدنى من ذكاء التعامل مع بعض الطرائف أو التخريجات البلاغية الناجحة فيُردّدها جميعهم وكأنها من إنتاجهم أو كأنهم أوّل من نقلها فسريعا ما تعُجّ بها الشبكة لتصبح عنوان ابتذال وقلة ذوق. فعلى سبيل المثال “يبدو أن التونسيين كلهم من أصل إغريقي لأنهم غارقون في الديون والفقر …” تعترضك عشرات المرات في اليوم الواحد خلال الفترة السابقة.

هذا دون الحديث عن الطبّاخين والسِّلْفيّين (الذين يصورون وجوههم في كل حالاتها دون أن يطلب منهم أحد ذلك) و المُعزّين و الاحتجاجيين و الكذّابين و المتصورين أن غزو العالم رهن عضلاتهم نساء كانوا أم رجالا و اللاعبين و الدّعاة و مناوئي الحكومات مهما كان لونها و الحمقى و المغفلين.

أكمل القراءة
2 تعليقان

2 Comments

  1. نجاح الحمداني

    23 نوفمبر 2020 في 16:39

    مقال طريف والمقصود بالطّرافة هو التّميّز فهو ليس موضوعا ممجوجا طرعا ليس غريبا عليك سي المنصف وأنت المبدع حتّى في إلقاء السّلام. لا يمكنني أن أقرأ وحدي سأمنح أصدقائي فرصة المتعة

  2. علي ابوسمره رام الله فلسطين

    23 نوفمبر 2020 في 17:15

    جميل ومعبر عن ذواتنا اليومية

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

منبـ ... نار

تكريما لروحك يا “جاد”… أعلِنُك رئيسا رمزيا

نشرت

في

Ouvrir la photo

توفيق العيادي:

كان جاد نصيرا للمرضى والعجّز والفقراء ولم يطلب يوْما نصرتهم لكسْب أو منصب أو مغنمٍ له، وقد هبّ الناس لتوديعه لأنهم أحسّوا فعلا بعظيم خسارتهم في موته.

Ouvrir la photo
توفيق العيادي

لم أعرف جاد الهنشيري إلا عن طريق الصدفة ومن خلال برامج تلفزية دُعِيَ لها ضيفا كممثل للأطباء الشبان، ولم ألتقه مطلقا، فقط استمعت إليه أكثر من مرّة وهو يُلقي بهمّه الذي هو همّ الفقراء على مسامع التونسيات والتونسيين، ويقطفُ من روحه أمَلاً يُرسِله لهم جميعا درْءً لأحزانهم التي فاقت كل معايير القيس وأدوات الأكيال والأوزان، وثـقُـل عليْهم حِمْلُ الهموم التي ناءتْ بها الأعناق، والمرارة على محيّا جادٍ بادية لا تُخطئها العين ويتدفّق الصدّق من بين موجات صوته المَغْصوص كَغُصَصِ كل الشباب الحالم على هذه الأرض، ولا تخلو غصّة جاد من معنىً يؤطّره مبدأ أساسيّ يشُدّ الحلم وينير الطريق ويُحفّز على المسير وتجشّم الصّعاب، مبدأ فحواه أنه : ” بمقدورنا أن نكون أفضل .. يجب أن نكون أفضل”، رغم الاستهجان والاعتراف بحجم الفساد الذي نخر معظم القطاعات والفئات في هذا الوطن.

لكَمْ نحن في حاجة ماسّة إلى شابّ جادٍّ كما “جاد” يتوهّج عزما وحبا وصدقا، ولسنا في حاجة إلى “عـتْـڤـة” قديمة كما بعض من فاق السبعين وغنِم من العهديْن ويريد اليوْم أن يستزيد … مات “جاد” رحمه الله وأغدق على أهله وصحبه الكثير من الصبر والسّلوى. لكنّ القِيَم التي حملها جادّ وحلُم بها وحمّلها لمنْ بعْدِه من الصّحْب والرّفقة، لا تزال قائمة، فأمثال جاد من الشباب الأوفياء والخلّص للوطن بكل مكوّناته سيّما البسطاء منهم، موجودون بالعشرات، بل بالآلاف وفي كل ربوعه، وما على الوطن إلاّ أن يَجِدّ في طلبهم والبحث عنهم وأن يُصدّرهم مواقع الريادة والقرار ،وإن حَجَبَهُمْ عنّا تعفّـفهم،

إذا كنا نريد فعلا المضيّ في الطريق المفضي إلى المشروع الحرّ وجبَ أن نغادر خصومات كسب العواطف واِستمالة الأهواء ونعراتِ التحامق، ونمضي في تسابق نحو كسب العقول وتهذيبها وتنظيفها من كل الشوائب العالقة بها لعهود .. ولذلك أقول للمشتغلين بالسياسة والمتكالبين على استدرار الشعب لتدبير شأنه العام والاستحكام برقابه، إن السياسيّ الناجح هو الذي يُبينُ للناس ما فيه من فضائل وما هو عليه من إقتدار وليس نجاح السياسي رهين عرض نقائص الخصم والتشنيع عليه وتعظيم مساوئه وإن كان له فيها نفع.

ونذكّر السياسي أيضا أن الجدارة بالحكم لا تتوقّف عند حدّ الفوز بالتفويض من الإرادة الشعبيّة عامة كانت أو مطلقة، كما أن النوايا الطيّبة لا تكفي لمزاولة السلطة، بل يبقى صاحب السلطة في حاجة إلى تأكيد شرعيّته بحسن إدارة الحكم الذي ينعكس وجوبا على أحوال الناس، وهذا لا يتمّ لهم بواحدٍ بل بكثيرين ومن أمثال “جاد الهنشيري” تضحية وصدقا ومروءة …

رحل جاد وبقي أثره فينا، وتكريما لروحك يا “جاد” واِنحيازا لكلّ قيَمِ الجدارة والصدق والإنسانيّة والجدوى، والتي مثّلتها باقتدار، أعْـلِنُـكَ “رئيسا” رمزيّا وشرفيّا بالغياب لهذا الوطن الحزين … ليطمئن السياسيون، فـ”جاد” لن ينهض من غيبته الأبديّة، وستكون قيمه تقضّ مضاجعكم كلّما اجتمعت لشخصٍ خشية أن يُبعثر حسابات الرّبح مِمّا تمِزّون من دماء الوطن.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي و تبحث عن مصادر بديلة؟ (2)

نشرت

في

Compétitivité des exportations en Afrique : La Tunisie classée 2 ème -  Tunisie

عرفت تونس أزمات اقتصادية ومالية متفاقمة بعيد ثورة 14 جانفي، وتتالت هذه الأزمات و امتدت آثارها السلبية الى اليوم رغم القطع مع المنظومة البائدة إثر حراك 25 جويلية.

فتحي الجميعي

إلا أن الانتهازيين و أصحاب المصالح والسابحين عكس تيار النهوض بالبلاد عطلوا عملية الإصلاح وعملوا على إفشالها وذلك بكل السبل، فبقيت تونس رهينة الديون المتراكمة والمجَدْولة، وسياسات الجذب الى الخلف كالتهريب والمضاربة وتبييض الأموال. غير أن الإرادة الصادقة، والإيمان القوي بضرورة تغيير حال البلاد إلى الأفضل جعلها لا تنحني إلى الابتزازات، ولا تخضع للشروط.

فرغم توصلها في أكتوبر 2022 الى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار، لكن الاتفاق النهائي تعثر تحت طائلة الشروط القاسية كرفع الدعم، خفض الأجور و بيع مؤسسات عامة متعثرة. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل تم وضع تونس ضمن القائمة السلبية لأول مرة من قبل هذا الصندوق، الأمر الذي صعب على بلادنا النفاذ الى الأسواق المالية العالمية.

وتفاديا للوقوع في صدمات اجتماعية واقتصادية، نجحت تونس بفضل تطور صادراتها، وعائدات السياحة، وتحويلات التونسيين بالخارج، وتنويع شركائها التجاريين إضافة إلى اعتمادها على الاقتراض الداخلي، والاكتتابات المتتالية لدى بورصة تونس، وانخراط التونسيين في هذه العملية، وهو نوع من الوعي الوطني والدفاع عن حرمة تونس، و نتيجة لذلك تحقق توازن مالي لدى البلاد هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أعطت درسا لصندوق النقد الدولي بإمكانية التخلي عن خدماته عند الاقتضاء وخاصة عند المساس بأمنها القومي.

ورغم أن الفضاء الطبيعي  لتونس هو الفضاء الإفريقي والعربي والأوروبي باعتبار أن ثلثي المبادلات التجارية معه، إلا أنها عبرت عن انفتاحها على كل الفرص التي تمكن من تسريع وتطوير مناخ الأعمال ونسق النمو في اشارة إلى مجموعة “البريكس”.

إن تونس  مازالت منفتحة على الحوار مع صندوق النقد الدولي لكن دون إملاءات أو شروط تهدد السلم الاجتماعي. وإن تعذر ذلك فتونس مستعدة للانضمام الى بريكس للحصول على التمويلات اللازمة.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي وتبحث عن مصادر بديلة؟

نشرت

في

تونس-صندوق النقد الدولي: السلطات التونسيّة تلتزم باحتواء كتلة الاجور في  حدود 15 بالمائة من الناتج في 2022 - إدارتي

رغم الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تفاقمت لأسباب معلنة وأخرى مجهولة، ما تزال تونس صامدة ورافضة لشروط صندوق النقد الدولي، موفية بالتزاماتها المالية تجاه دائنيها إذ بلغت نسبة خلاص الديون إلى موفى شهر جويلية 2023 48%. فهل يؤشر هذا على إرادة من تونس للتخلص من هيمنة القطب الواحد وانفتاحها في تعاملاتها المالية و التجارية على أسواق جديدة؟

فتحي الجميعي

يتأهب العالم لإرساء نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب بعد إزاحة نظام القطب الواحد والمتمثل في الهيمنة الامريكية المطلقة على جميع القطاعات ومعظم الدول وحليفها الاستراتيجي الاتحاد الاوروبي. وقد ساهمت الحرب الروسية- الاوكرانية الى حد بعيد في ظهور قطب اقتصادي وعسكري جديد، خاصة بعد بداية التقارب الروسي-الصيني والمضي قدما في تركيز “بركس” بنك التنمية الجديد والمكون من أسماء الدول الأكثر نموا اقتصاديا بالعالم وهي البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا.

وقد اتفق رؤساء هذه الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية الآنية، وتتالت اللقاءات على المستوى الأعلى لزعماء دول البركس BRICS منذ سنة 2008 قصد مزيد التشاور والتنسيق، وتواصلت الى سنة 2023 مع العلم ان مساحة هذه الدول تمثل 40% من اليابسة وعدد سكانها يقارب 40% من سكان العالم.

و بالعودة إلى تونس و رغم توقيعها مع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم لإرساء شراكة استراتيجية و شاملة، والتزام هذا الأخير بمساعدتها على بناء نموذج تنمية مستدام و غير إقصائي، و دعم ميزانيتها بمبلغ سيمنح كاملا بعنوان سنة 2023. وامام انفتاح روسيا على رفع نسق التبادل التجاري بينها ودول المغرب العربي، واعتماد مصر كبوابة لتنمية هذا التبادل مع اعتماد العملات المحلية بديلا عن الدولار، وإعراب تونس عن استيراد الحبوب من روسيا باسعار تفاضلية والتزام هذه الأخيرة بتسهيل المعاملات وتنشيطها هذا من ناحية، و من ناحية أخرى وبحصول الجمهورية التونسية على قرض ميسر بقيمة 1200 مليون دينار ومنحة بقيمة 300 مليون دينار من السعودية وسعيها إلى رفع قيمة صادراتها وفي مقدمتها مادة الفوسفات. هل تتخلى عن التعامل مع صندوق النقد الدولي في انتظار ارساء بركس وبداية التعامل معه كشريك اقتصادي ومالي؟ …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار