تابعنا على

جلـ ... منار

ما بعد عاصفة المنصة.. الرئيس الإداري!

نشرت

في

عند اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات في حادث المنصة الدموي يوم (6) أكتوبر (1981) بدا المشهد منذرا على المستويين الأمني والسياسي ومستقبل البلد معلق على مجهول.

عبد الله السنّاوي

في أجواء القلق المفرط طويت بسرعة فائقة صفحة السادات وأجري استفتاء على الرئيس الجديد يوم (12) أكتوبر.
حقائق القوة تحركت وحسمت اختيار حسنى مبارك لموقع الرئاسة رغم أن صورته العامة لم تكن موحية على أي نحو بقدرته السياسية على إدارة شئؤون البلاد.في
منتصف سبعينات القرن الماضي بدا اختياره نائبا لرئيس الجمهورية مفاجئا للرأي العام وله هو نفسه.
هناك فارق جوهري في توصيف الأدوار التىي حكمت قصة صعود وغروب “مبارك” بين ما هو عسكري وما هو سياسي.
ما هو عسكري يرتبط بدوره في حرب أكتوبر (1973) كقائد كفء لسلاح الطيران.
وما هو سياسىي تلخصه الأسباب التي أفضت إلى إطاحته من الحكم بتظاهرات مليونية لم يكن ممكنا تحديها في “يناير” (2011).

في ظروف ما بعد المنصة تمكن من السيطرة على الموقف في مواجهة التمردات المسلحة التي نشبت في أسيوط وأجواء الفزع التي سادت البيئة العامة خشية انفلات الأمن.
ثم تمكن من تخفيف الاحتقان السياسي الداخلي بالإفراج عن مئات المعتقلين السياسيين من جميع الاتجاهات الوطنية، الذين زج بهم خلف أسوار المعتقلات في سبتمبر (1981) قبل اغتيال السادات بشهر واحد.
من تحت نيران المنصة بدأ عصر جديد وجرى نسيان الصورة الباهتة والساخرة التي صاحبت الرئيس الجديد عندما كان نائبا.

لم يكن النائب سرا مغلقا في الولايات المتحدة، ولا في “إسرائيل”، ولا لدى جهات غربية عديدة تتابع ما يحدث في مصر.
كانوا يعرفون عنه بأكثر مما يعرف عنه في مصر، وكانوا يفضلونه على الرجل الذى وقع اتفاقية السلام المصرية ــ الإسرائيلية عام (1979).
لم تكن السياسة من شواغله، والأرجح أن السادات فضله على قيادات عسكرية أخرى من الذين لعبوا أدوارا بارزة في حرب أكتوبر أكثر مما لعب هو من أدوار، لأنه الأقل طموحا والأكثر انضباطا.
وعى أكثر من غيره، الحقائق الرئيسية في اختياره المفاجئ نائبا للرئيس، والذي يعنى ــ بحقائق السلطة في مصر ــ ترشيحه مستقبلا للرئاسة.

ساعده حذره الطبيعى في تجنب مطبات الصدام في كواليس الرئاسة وما حولها، أو احتمالات الخروج من دائرتها.
حرص بصورة مبالغ فيها على أن يذكر كلما أتيحت الفرصة أمامه أنه “تلميذ فى مدرسة السادات”!
لم تكن طبيعة شخصيته واهتماماته تسمح لتنظيم سرى كـ”الضباط الأحرار” بأن يغامر بمفاتحته في الانضمام إليه.
برواية الأستاذ “محمد فائق” وزير الإعلام في عهد جمال عبدالناصر، فإنه اقترب إنسانيا فى خمسينات القرن الماضي مع الضابط الشاب حسنى مبارك أثناء خدمتهما في معسكرين متجاورين بحى “حلوان” يذهبان ويعودان معا إلى “مصر الجديدة” الذي يقطنان به، فى سيارة واحدة.
سألته: “هل تصادف أنكما تحدثتما في شأن عام، أو تطرقتما في رحلة الذهاب والإياب الطويلة إلى أية قضية أو أزمة سياسية وتبادلتما الرأي فيها، أو اقترح عليك ذات مرة أن تجلسا معا في مكان عام لتبادل الحديث المستفيض كما يفعل الأصدقاء عادة؟”.
أجاب: “أبدا!”.

ساعدته صفاته وطبائعه في تجاوز مطبات “انتفاضة الخبز” (1977) و”كامب ديفيد” (1978) و”اعتقالات سبتمبر” (1981)، فهو في صف الرئيس دائما، قد تكون له وجهات نظر أخرى لكنه لم يفصح عنها على أية صورة.
توارى السياسى فيه ــ دائما ــ لصالح “الإدارى”.
صاحبته الصورة نفسها إلى مقعد الرجل الأول وحكمت تصرفاته على مدى ثلاثة عقود متأثرا بخبرته العملية التي أكدت ان صفة الإدارى مكنته من البقاء في السلطة العليا، بينما خرج منها منافسه القوى “منصور حسن”، الأقرب إلى السادات، حين بدا أنه مختلف مع بعض قراراته وتوجهاته في ملفات حساسة أدت إلى حادث المنصة الدامي.
أكسبه الدور الأمني، الذي تولاه في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي، معرفة دقيقة بعناصر القوة وتعقيداتها، ومكنه من السيطرة على مقاليد الحكم بعد اغتيال السادات.
كانت لديه خبرة عملية بخرائط الأمن وملفاتها الحساسة.
رجل الأمن تعنيه المعلومات الأمنية قبل أي شىء آخر للتعرف على مكامن الخطر.
خبرته طبعت عصره كله، فهو لا يسمع لغير الأمن، والاعتبارات الأمنية تجب عنده أية اعتبارات أخرى.
بعد المنصة تأكدت تلك النزعة في تغليب الاعتبارات الأمنية، مستخلصا من مشاهد النار أن الأمن هو أساس الحكم، وتصرف على هذا الأساس دوما.

للأمن ضروراته غير أن الإفراط فيه على حساب الوسائل السياسية أفضى بالضرورة إلى أزمات شرعية اكتسبت طابعها الرمزي في عربات الأمن المركزي، التي كانت تسد ميادين القاهرة وشوارعها الرئيسية في سنواته الأخيرة.
صفة “الحذر” لازمت قصة صعوده واستقرت في طريقة إدارته للشؤون العامة.
الحذر من صفات رجال الأمن المدربين، فالخطر قد يأتي من مأمنه، لكنه ــ في مجال مدح خصاله ــ “غير مؤذٍ”، كما كان يقول بعض وزرائه المقربين.

كان مستعدا لغض الطرف، وحتى التسامح، مع أعتى خصومه إذا لم يكن اختلافه السياسي يمثل تهديدا مباشرا لأمن نظامه، غير أنه لم يكن يتردد في ممارسة أشد أنواع القسوة إذا كان هناك مثل هذا التهديد.
التردد الذي تجده في حقول السياسة وملفاتها، لم تكن تجد مثيله، أو رديفه في مسائل الأمن.
كانت الصفات الشخصية، التي ساعدته على الصعود والبقاء في الحكم، جوهر معضلته الكبرى حيث أفضت غلبة التفكير الأمنى إلى تغييب السياسة وجمود النظام السياسي وتآكل شرعيته، كأنه نحر متواصل تحت قوائمه.
لم يكن يميل إلى “فكرة التغيير” إذا ما توافرت أسبابها ودواعيها، ويأخذ على السادات منهجه فى “الصدمات السياسية”.
قرر أن يكون “ساداتيا” بلا أساليبه، وبلا أدنى استعداد سياسي، أو شبه سياسي، لمراجعة سياساته من عند الجذور والتعرف على الأسباب الجوهرية خارج نطاق الأمن، التي أفضت إلى المنصة.

لم يكن معجبا بالرجل الذي عينه نائبا للرئيس، لكنه التزم بصميم توجهاته الاستراتيجية والاجتماعية التي أرساها.

كان السادات مناورا سياسيا فيما كان هو إداريا متحوطا أبقى على ما يعتقد أنه مستقر مادام يحفظ أمن النظام.
كان مستلفتا قدر التناقض بين سياساته وأقواله في جلسات مغلقة.
لمرات عديدة استمعت إليه، مع رؤساء تحرير آخرين، وهو يوجه انتقادات لاذعة لرئاسات أمريكية وإسرائيلية، دون أن ينعكس ذلك على سياساته ومواقفه.
لم يكن مستعدا لأي صدام محسوب، أو أية مراجعة للسياسات المتبعة وفق المصالح العليا للبلاد حتى لا تكون العلاقات الأمريكية تسليما بما يفرض عليه.
استولت عليه فكرة أن الصدام يؤدي إلى الحرب، وأن مصر ليس بوسعها أن تتحدى الولايات المتحدة.
كانت تلك الفكرة من موروثات العصر الذى سبقه.

تمكنت منه صورة “رئيس مجلس إدارة مصر” بتعبير بعض مقربيه من باب الولاء له لا انتقاده، مدحه لا ذمه.

غيبت فكرة “الرئيس الإدارى” السياسة والإدارة معا، فلا إدارة بلا أفق سياسي يحكمها ولا أمن إذا لم تتوطد قواعد الشرعية بالرضاء العام.

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

روسيا وغزة من المسافة صفر!

نشرت

في

ما أهمية الدعوة الروسية لعقد لقاء بين الفصائل الفلسطينية لإنهاء الانقسام؟ -  14.02.2024, سبوتنيك عربي

مرة بعد أخرى يطرح السؤال الروسي نفسه تحت وهج النيران فى غزة بحثا عن شيء من التوازن الدولي المفتقد منذ انهيار الاتحاد السوفييتي مطلع تسعينات القرن الماضي وانفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم والتحكم فى مصائره‫.‬

عبد الله السنّاوي
عبد الله السنّاوي

هناك الآن خشية واسعة من الانجرار المحتمل إلى حرب إقليمية واسعة تشمل إيران ودولا أخرى تتداخل معها المصالح الاستراتيجية الروسية‫.

ما طبيعة وحدود الدور الروسي إذا ما أفلتت كتل النيران من مكامنها؟

روسيا ليست الاتحاد السوفييتي هذه حقيقة يستحيل إغفالها قبل إصدار الأحكام والتحليق في فراغ التصورات.. لكنها لاعب جوهري لا يمكن تجاهله في العلاقات الدولية‫.‬

قوة كبرى، لكنها ليست عظمى في أوضاعها الحالية من اقتصاد مستنزف بأثر العقوبات المفروضة عليها وتراجع قدراتها على الإسناد الاستراتيجي فإنه من غير الممكن التعويل عليها فى ردع الدور الأمريكي‫.‬

حاولت السياسة الروسية منذ اندلاع الحرب أن تجد لنفسها دورا مؤثرا بقدر ما تطيقه أحوالها مدفوعة بمصالحها الاستراتيجية في أكثر أقاليم العالم أهمية وخطورة وتأثيرا على مستقبلها المنظور‫.‬

أدانت العدوان على غزة دبلوماسيا وسياسيا في المنتديات الأممية دون أن تدخل طرفا مباشرا في الأزمة المشتعلة بالنيران والمخاوف‫.‬

إذا ما نشبت حرب إقليمية واسعة يصعب أن يظل الدور الروسى في حدوده الحالية مكتفيا بإدانة العدوان على غزة، أو استخدام حق النقض في مجلس الأمن لإجهاض أية مشروعات قرارات أمريكية تعمل على إدانة المقاومة الفلسطينية، أو تمديد العدوان على غزة والتنكيل بأهلها‫.‬

وفق موسكو فإن مشروعات القرارات، التي دأبت الولايات المتحدة على طرحها، “مسيسة بشكل مبالغ فيه”‫.‬

عندما مررت الولايات المتحدة بالامتناع عن التصويت قرارا قدمته عشر دول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن ينص على وقف مؤقت للحرب خلال شهر رمضان، اغتالته في اللحظة نفسها باعتباره (غير ملزم)‬ ووفق واشنطن: المواقف الروسية غير بناءة في محاولة حل الصراع‫.‬

كانت تلك حدود المساجلة الاستراتيجية الأمريكية مع موسكو‫.‬ تركزت الإدانات الروسية على واشنطن أكثر من تل أبيب، على الطرف الداعم للحرب لا الطرف المباشر فيها‫.‬ إنها حسابات معقدة تحاول أن تتضامن مع غزة دون أن تلحق أضرارا تربك أية تفاهمات سابقة مع إسرائيل بشأن قواعد الاشتباك فى سوريا‫.

‬ لم يكن خافيا على أحد المكاسب الاستراتيجية المفاجئة التي جنتها روسيا بأثر اندلاع الحرب على غزة‫.‬

تراجعت أولوية الحرب الأوكرانية في الخطابين السياسي والإعلامي الدوليين، حتى كادت تنسى وسط طوفان المآسي الإنسانية في القطاع المعذب‫.

‬ رافقت حرب غزة بتداعياتها وأجوائها ومساجلاتها أوضاعا عسكرية مستجدة على الجبهة الأوكرانية لم تعد سيناريوهات كسب الحرب وإذلال موسكو واردة‫.‬

عاد الحديث عن حلول سياسية، أو الذهاب مجددا إلى التفاوض دون أن تبدي موسكو حماسا، فالوقت يعمل لصالحها وسيناريوهات تقليص تمويل الحرب غير مستبعدة‫.‬

إذا ما انتهت الحرب على غزة الآن فإن موسكو سوف تتصدر رابحيها‫.‬

كلما تأكد المأزق الأمريكي المزدوج في حربي غزة وأوكرانيا يستشعر الكرملين ثقة كبيرة في مستقبله المنظور، أن يكسب حربه فى أوكرانيا، يحفظ أمنه القومي عند حدوده المباشرة، ويفرض أغلب مطالبه على الحلفاء الغربيين‫.

‬ خسارة الحرب الأوكرانية قد تفضي إلى تفكك الدولة الروسية، وكسبها يساعد إلى حدود بعيدة في استعادة الأوزان الروسية السابقة، أو تأسيس نظام دولي جديد على أنقاض الهيمنة الأمريكية شبه المطلقة‫.‬

بصورة مباشرة تداخلت روسيا في ملف المصالحة الفلسطينية حتى تكون هناك إجابة أخرى عن سؤال اليوم التالي‫.‬

دعت إلى اجتماع في عاصمتها لفصائل المقاومة، شملت الدعوة الحكومة الفلسطينية، توصلت الاجتماعات إلى مخرجات تساعد على إنشاء حكومة فلسطينية من التكنوقراط وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بضم حركتي “حماس” والجهاد”، غير أن تلك المخرجات تقوضت تماما بإعلان سلطة رام الله حكومة جديدة دون تشاور مسبق‫.‬

الأوزان والأدوار كلها الآن على المحك إذا ما جرى الانجراف إلى حرب إقليمية واسعة‫.‬

المصالح الروسية عند المسافة صفر.. في مرمى النيران مباشرة‫.‬

انخراط روسيا فى أية حرب إقليمية مكلف وأثمانه لا تحتمل بالنظر إلى ما أصابها من إنهاك سياسي واقتصادي وعسكري في الحرب الأوكرانية‫.

‬ التجاهل شبه مستحيل وخسائره قد تفضى إلى هزائم استراتيجية لا قبل لموسكو على تحملها‫.‬ إنه مأزق استراتيجي محكم‫.‬

المثير هنا أن روسيا والولايات المتحدة لا تريدان، وليس من مصلحتهما بأي حساب، توسيع نطاق الحرب في غزة إلى صدامات إقليمية واسعة لا يعرف أحد كيف تنتهي‫.‬

إنه السؤال الأكثر إلحاحا من المسافة صفر وإجابته تتوقف على طبيعة وحجم الرد المنتظر على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق‫.‬

الرد قادم لا محالة، والأطراف كلها باستثناء الحكومة الإسرائيلية تتمناه محدودا رهانا على أنها تساعد “بنيامين نتنياهو” في بقائه على رأس الحكومة حتى لا يزج به خلف قضبان السجون بتهمتيى الاحتيال والرشى فضلا عن مساءلته في تقصيره الفادح يوم السابع من أكتوبر

في السياق يسعى “نتنياهو” إلى اقتحام رفح، لكنه واقع تحت ضغط الإدارة الأمريكية التي لا تكف عن طرح بدائل عليه، خشية أن يفضى ذلك الاجتياح إلى مجازر بشرية تنال من مليون ونصف المليون نازح في تلك المدينة الحدودية الضيقة‫.

‬ من وقت لآخر تتصاعد احتمالات اشتعال الجبهة اللبنانية بكاملها، أو نقل مركز المواجهات إلى الشمال بذريعة الأمن وعودة النازحين الإسرائيليين‫.‬

جر المنطقة كلها إلى حرب واسعة هو أخطر سيناريوهات التصعيد الإسرائيلي المحتملة‫.‬

والأمريكيون لم يتورعوا عن التهديد بالتدخل المباشر إذا ما تعرضت إسرائيل إلى الخطر‫.‬ هكذا فإن سيناريو الحرب الإقليمية الواسعة لا يمكن استبعاد الانزلاق إليه‫.‬

حسب التأكيدات الروسية فـ”إن أحدا لم يطلب منا أن نتدخل للتهدئة”‫.‬

كانت تلك إشارة مبطنة إلى إدراكها قدر ما يصيبها من أضرار استراتيجية إذا ما اندفعت كتل النيران إلى المنطقة كلها واستعدادها في الوقت نفسه للعب أية أدوار تمنع الحرب الإقليمية المحتملة‫.‬

ـ عن “الشروق” المصرية ـ

أكمل القراءة

جلـ ... منار

خالق الفرح

نشرت

في

Peut être une image de 2 personnes et bébé

اتصلت صديقتي غادة بي كي تطمئن عليّ:

ـ وينك ياست الحبايب؟

وفاء سلطان
وفاء سلطان

ـ مع الحبايب أجمع البيض!

يبدو أن أرنب الفصح كان غنيا جدا وكريما جدا هذا العام… نالني منه أربعة عشر بيضة، وجدتُ في داخلها ست دولارات وعشرين قطعة من الشوكولا (أول مرّة بناتي يدفعن لي بدلا من أن أدفع لهن)!

تفوقت علي جازي بأربع بيضات وست دولارات، أما بنجي فلم ينل إلا نصف ماحصلت عليه (لا يهم إذ لا يعرف قيمة الدولار بعد)!

……..

أمطرتني غادة بوعظة دينيّة طويلة جدا، تفوقت فيها على الشيخ الحويني، لقّنتني من خلالها درسا في العبادة وكيفية الاحتفال بالأعياد،

قالت:العيد ليس جمع البيض، العيد يعني ممارسة الصلاة والتعبد وزيارة الكنيسة!

واحتدم النقاش حتى اعترفت لي بأن اليهود (يخرب عمرهم لهم قرص في كل عرس!) قد حولوا كل الأعياد المسيحية لتجارة بالمطلق، وهم الذين اخترعوا سانتا كلوز وأرنب الفصح كي يسرعوا عمليات التسويق، ويصرفوا نظر الناس عن عبادة الله الحق!

فشعرت وكأنني أصغي للقرضاوي يقص علينا حكاية بني قريظة!

يبدو أن حتوتة الشجرة واليهودي الذي سيحتمي وراءها يوم القيامة قد طالت عقول بعض المسيحيين أيضا!

……..

يا سيدتي زرت عشرات بل مئات المعابد (من كلّ الأشكال والألوان)، ورأيت فيها الكثيرين من المنافقين والدجالين وتجار الدين، الذين أبعدوني عن الله سنينا ضوئية…

ياسيدتي أقدس بيت للعبادة بيتي وبيوت أولادي، فهي الأمكنة الوحيدة التي أضمن طهارتها من الفساد والرذيلة…

ياسيدتي من لم يرّ الله في سلة بيض الأرنب الذي يشرفنا في عيد الفصح، وفي قبعة سانتا كلوز الذي يزورونا في عيد الميلاد، لا يستطيع أن يراه في أي مكان آخر…

يا سيدتي لا أريد أحدا يفرض عليّ الهه وطريقة عبادته لذلك الإله…

ياسيدتي من لا يستطيع أن يُدخل الفرح على قلب طفل لا يعرف الله…

يا سيدتي من لا ينحني ويصلي للإله القابع في عيني حفيدي آدم، لم يمارس يوما الصلاة…

..أعتذر إن كان إلهي مغايرا لما يعنيه لكِ الإله….لم أفرض يوما إلهي على أحد، ولا أريد لأحد أن يفرض عليّ الهه، والطريقة التي يعبد بها ذلك الإله.

……..

أغلقت سماعة الهاتف، ولسان حالي يتضرع إلى الله: يارب لا تجعلني من عبادك “المؤمنين” فلقد ضقت ذرعا بهم!

بل اجعلني من عبادك الذين يَفرحون ويُفرحون، فالفرح هو أنت أينما حلّ..

اجعلني من عبادك الذين جاؤوا لنا بسانتا كلوز وبأرنب الفصح، وجعلوا حياتنا أسهل وأبهى بعلومهم ومعرفتهم.

……..

قرأت منذ يومين قولا للرئيس الفرنسي ديغول: كيف سأحكم دولة تنتج 246 نوعا من الجبن؟؟؟

وأنا أقول: لا حاجة لك أن تحكمها فالله وحده يحكمها،

الله وحده يتواجد حيث توجد النعمة والوفرة والعطاء…

أما الندرة والشح فتسود حيث تتحكم العقول العقيمة والمريضة!

……..

كل عيد فصح وأنتم وجميع أرانب الأرض بخير!

Coloriage Lapin de Pâques à côté d'un panier d'œufs - Dessin gratuit

أكمل القراءة

جلـ ... منار

بفلوسي!

نشرت

في

Images de Voleur Argent – Téléchargement gratuit sur Freepik

السيدة سهير موظفة في منتصف العمر وأم لثلاثة شياطين، وهي من الطراز الذي لا يتذوق الدعابة ولا يفهمها. علمتني الحياة أن أظرف وأروع الدعابات طرًا تأتي من هذا الطراز، فهم لا يفتعلون الظرف .. إنهم ظرفاء بالطبيعة. أسخف الدعابات تأتي غالبًا ممن يعتقدون أنهم ظرفاء، وأدعو الله ألا أكون منهم.

أحمد خالد توفيق

قرأت ملحقًا لإحدى الصحف الشهيرة مؤخرًا، فوجدته مليئًا بصور أشخاص ظرفاء يضحكون في استمتاع، مع نكات من نوع (اركبي قبل الحصان ما يشوفك).. (حماتي عملت مفاجأة وجت تقعد معانا شهر).. منتهى السماجة.

هذا ليس موضوعنا على كل حال. موضوعنا هو السيدة سهير.

سألتني السيدة سهير عن طبيب أنف وأذن وحنجرة جيد لأن أذنها مسدودة منذ فترة، فاقترحت عليها دكتور سيد الشماشرجي .. هذا رجل بارع يجيد عمله وصديق قديم. توكّلتْ السيدة على الله وذهبتْ له في العيادة ودفعت مبلغًا باهظًا من المال للكشف. تقول إنها دخلت لترى قزمًا مسنًا ينظر لها في كراهية من خلال المرآة التي تثبت على الجبهة إياها، فلما فتحت فمها لتقول:

ـ”إنها أذ………………………..”

أخرسها بشخطة، ودس منظارًا في أذنها فكاد يثقبها، ثم قال في عصبية وقرف:

ـ”شمع .. لابد من غسل الأذن”

وقبل أن تفهم كان يضع طبقًا معدنيًا تحت أذنها ويدس فوهة مسدس الماء في أذنها، فتصرخ ألمًا، ثم تشعر بطوفان من الماء الدافئ يدخل أذنها ويبدو أنه يبلل مخها ذاته ويخرج من الأذن الأخرى.

ثم قال لها بذات القرف:ـ”هناك قطرات للأذن .. استعمليها !”

خرجت من الغرفة شاعرة بالإهانة، كأنما تربص بها عشرة أبطال مصارعة فأوسعوها لكمًا وركلاً. وقبل أن تفهم ما يحدث انقض عليها الممرض الجالس في الخارج ليقول في قرف:

ـ”خمسون جنيهًا !”

ـ”ماذا ؟”

ـ”أتعاب غسل الأذن خمسون جنيهًا …

“إذن ففيم كان الكشف الباهظ؟

دفعت ما طلبه هذا القرصان وهي ترتجف غيظًا، كما أن أذنها كانت تؤلمها جدًا. ومشت في الشارع شاعرة بشعور السكير الذي يطردونه من الحانة بعد منتصف الليل لأنهم يريدون الإغلاق. قدماها غير ثابتتين ولا تفهم ما يحدث، دعك من أن زوال انسداد أذنيها جعلها تشعر بدوار وبرد غريبين.

لما عادت للبيت اتصلت بي لتنفجر في غل، شاتمة ذلك اللص النصاب الذي تقاضى كل هذا المبلغ في ثلاث دقائق. والأسوأ هو مبلغ الخمسين جنيهًا .

. كان يجب أن تكفي أتعاب الكشف لكل شيء.

بعد أشهر كانت تطالع الصحيفة فوجدت صورة عروسين .. المحاسب سمير سيد الشماشرجي تزوج المحاسبة هيام منصور .. الزفاف كان حلمًا من أحلام ألف ليلة وليلة وأقيم في فندق فاخر بالقاهرة. قالت لي في غيظ:

ـ”بفلوسي!! لقد زوج ابنه بمالي ذلك اللص!”

حكيت لها ذات مرة عن السيارة الفاخرة التي ابتاعها المهندس محمود سيد الشماشرجي ابن الطبيب الشهير، فصاحت في غل:

ـ”بفلوسي!!… يستطيع أبوه عمل أشياء كثيرة بالخمسين جنيهًا التي تقاضاها لغسل أذني!”

ذات مرة نشرت إحدى المجلات حوارًا مع دكتورة اسمها غادة تتحدث عن جولتها في اليابان ودول جنوب شرق آسيا. قالت في الحوار إنها زوجة واحد من أهم أطباء الأنف والأذن والحنجرة في مصر، وهو الدكتور سيد الشماشرجي.هنا صاحت السيدة سهير:

ـ”بفلوسي…!.. زوجته الشمطاء تجوب العالم كله بالخمسين جنيهًا”

رأيت أن الأمر تحول إلى هاجس أو وسواس قهري بالنسبة لها، فلولا ما في ذلك من مبالغة لطلبت من د. سيد الشماشرجي أن يرد لها مالها كي يتجنب هذه اللعنة السرمدية. لا شك أنه سيصاب بمرض عضال وينفق أضعاف الخمسين جنيهًا لعلاجه، لأن السيدة سهير – كما نقول في العامية – مش مسامحة!

العكس يحدث أحيانًا. الحكاية هي أنني منذ أعوام اشتركت في واحدة من مطبوعات اليونسكو الشهرية، والاشتراك ثلاثون جنيهًا في العام تقريبًا. ثم وجدت أن الأعداد تتكدس وأنا لا أطالعها… جاءت لحظة الحقيقة وقررت أنني لست بحاجة لهذه المطبوعة وكتبت خطابًا أعتذر فيه عن عدم الاشتراك لعام آخر.. أرسلوا لي يسألون عن السبب فلم أرد.

بعد أشهر قرأت في الصحف الخبر التالي (وهذا الكلام حقيقي على فكرة):

ـ”اليونسكو مهددة بالإفلاس لأن الولايات المتحدة خفضت مساهمتها في تمويل المنظمة”

طبعًا لم أحتج لأسئلة أكثر .. لقد تدهورت حالتهم المادية فعلاً عندما تركتهم، وعندما كففت عن دفع ثلاثين جنيهًا كل عام.

يبدو أن هذه المنظمة كانت تعتمد كلية على فلوسي.

قصة أخرى طريفة عندما كنت مدعوًا لمهرجان أدبي في قطر خليجي شقيق. كان طعام الفندق ممتازًا، وأنت تعرف عقدة البوفيه المفتوح. ربما هي فرصتك الأخيرة كي تجرب حساء التوم اليوم أو الباتاي أو القبوط أو الدجاج بالطريقة الإيرانية، أو حساء المنسيتروني وشرائح سمك الكنعد بالليمون.. ملعقة من كل شيء وسوف تكتشف أن الطبق مليء جدًا وأن ثيابك تضيق.

بعد ثلاثة أيام فتحت جهاز التلفزيون في الفندق، فوجدت أن حكومة البلد الثري مجتمعة لمناقشة الانهيار الاقتصادي الذي حدث مؤخرًا!.

شعرت بخجل شديد لأنني تجاوزت حدود الضيافة، وحاولت جاهدًا ألا أجرب سوى صنف واحد في الوجبة. إن شراهتي كفيلة بتدمير دولة فعلاً.

نعود للسيدة سهير التي أضناها التفكير في مالها…الحقيقة أنها ليست واهمة تمامًا. لا شك أن مالها ساهم بقدر ضئيل جدًا – كذرة في جسد – في نفقات رحلة آسيا.

هذا المفهوم ينطبق على الدول نفسها: عندما يعتدي عليك أمين الشرطة ويصفعك أو يطلق عليك الرصاص، أو يلفق لك قضية مخدرات بأحرازها مستعملأً قطعة البانجو في جيبه، فهو في الحقيقة يتقاضى راتبه من جيبك. حتى الرصاصة التي استقرت في رأسك أنت دفعت ثمنها.

المتظاهرون دفعوا بالكامل ثمن الغاز الذي يستنشقونه.

محصل الكهرباء الذي يخرب بيتك يتقاضى الراتب منك أنت.

هذا ينطبق على كل موظف في الدولة من أصغر رأس لأكبر رأس. كل المستشارين الذين يحصدون المليارات كل عام. من أين يحصلون على هذه المبالغ الفلكية؟ من جيبك طيعًا.

في الخارج يؤمنون أن رئيس الدولة نفسه موظف يتقاضى راتبه من جيوبهم، وعليهم أن يعرفوا ما فعل به، بينما في الدول العربية يسود المفهوم الأبوي القبلي الذي خرب بيوتنا:

أنت تعيش بما يجود به الحاكم عليك…

شيخ القبيلة الذي يقذف لك بصرّة من الذهب، بينما أنت في الواقع شاركت بقطعة نقدية في هذه الصرة.

السيدة سهير لم تبالغ في تصوراتها. هي فقط بالغت في أهمية الخمسين جنيهًا التي دفعتها

أكمل القراءة

صن نار