تابعنا على

ومْض نار

نجاة ملايكي: ثنائية البرلمان والإرهاب

نشرت

في

استشهاد خمسة جنود أربعة منهم يوم أمس في انفجار لغم أثناء مرور عربتهم العسكرية بجبل مغيلة، و الخامس بالمستشفى العسكري بعد جرحه بالكاف على إثر عملية جدّت يوم 14 جانفي المنقضي، عمليات إرهابية تكبدنا خسارة ثلة من خيرة شبابنا اختارت الدفاع عن هذا الوطن العليل في أصعب وأخطر المواقع التي استوطنها أعداؤنا ليجعلوا منها منطلقا لعمليات غادرة تستهدف وطننا وأمننا وتدمي قلوب الوطنيين خصوصا منهم العائلات التي فُجعت في أبنائها.

نجاة ملايكي Najet Mlaiki
نجاة ملايكي

لقد أصبح مثل هذا المصاب الجلل بمثابة الخبر العادي الذي يتلقاه البعض ببرودة دم  تبعا لإديولوجيته  التي تعتبر العسكريين والأمنيين طاغوتا، و يمرّ بالنسبة للبعض الآخر مرور الكرام مثله مثل أي خبر مستهلك، وهذا ليس لزهدنا أو استهانتنا بالموت أو تحجر قلوبنا، وإنما بسبب كثرة الألم والمصائب و تواتر العمليات الإرهابية  على مدار السنوات العشر الأخيرة وتحديدا منذ سنة 2011، واستهدافها بالخصوص للعسكريين والأمنيين وأحرار البلاد ممن قرروا مناهضة الفكر المتطرف والدفاع عن الدولة المدنية وإحباط المشروع الرجعي الذي يراد لتونس.

ولطالما اقترنت العمليات الإرهابية التي حدثت ببلادنا بالصراعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث يتحرك الإرهابيون بالخصوص في أوقات الأزمات ويستغلون هذه الأوضاع لتنظيم صفوفهم وتكثيف أنشطتهم التخريبية. وكلنا يتذكر الأوضاع السياسية المتأزمة التي رافقت مجمل العمليات الإرهابية انطلاقا من أحداث الروحية في 2011 ثم أحداث جبل الشعانبي في 2012 ثم حادثة قبلاط و سيدي علي بن عون واغتيال الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي  والتفجير الانتحاري بأحد شواطئ مدينة سوسة  عندما فشل أحد الانتحاريين في اقتحام أحد النزل وتزامنت هذه الحادثة مع إحباط محاولة تفجير أخرى كانت تستهدف ضريح الزعيم الحبيب بورقيبة في 2013.

  لكن وفي إصرار واضح لضرب القطاع السياحي كأحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني عاد الإرهابيون واستهدفوا نزلا آخر بسوسة في جوان 2015، بعد أن هجموا على متحف باردو  خلال شهر مارس من نفس السنة، ثم شهدنا خلال شهر نوفمبر من سنة 2015 أيضا العملية الانتحارية التي استهدفت حافلة الأمن الرئاسي بقلب العاصمة وتلاها هجوم بن قردان في مارس 2016 ثم تواترت العمليات الإرهابية على مدار السنين الأخيرة إلى سنة 2020 عندما دهس إرهابيون عون أمن  وجرحوا آخر في سوسة.

ولئن أسفرت أغلب العمليات الإرهابية عن استشهاد عدد هام من الأبرياء من أبناء هذا الشعب وبخاصة منهم العسكريين والأمنيين، إلا أن مؤسستنا العسكرية والأمنية استطاعت القضاء على مئات الإرهابيين و تفكيك أغلب خلاياهم أينما وجدت ومثلت سدّا منيعا ضدّ مخططاتهم وأحبطت مساعيهم وقضت على أحلامهم المتمثلة أساسا في إقامة دولتهم الإرهابية.

لكن الحذر ثم الحذر فهؤلاء يتحركون في العفن و نحن نعيش اليوم على وقع أزمة اقتصادية خانقة و توتر اجتماعي خطير و مشهد سياسي مقزز في ظل برلمان غير مسؤول تحول إلى مصدر للعنف والهمجية و كل أشكال الانحدار الأخلاقي لما جمعه من عدد لا يستهان به من نواب آخر زمان ممن ينطبق عليهم المثل القائل “هات شاشيتك هات صباطك” أهملوا كل مشاكل البلاد و مشاغل المواطنين المستهدفين في قوتهم وقوت أبنائهم، وتفاقم أعداد المعطلين عن العمل والفقراء و المشردين، و انصرفوا لصراع الديكة وممارسة العنف اللفظي والجسدي بتواطؤ مفضوح من رئيس المجلس الذي شهدنا في عهده أسوأ الدورات النيابية خصوصا و قد اعتبر مجلس النواب امتدادا لحزبه و منطلقا للهيمنة على مفاصل الدولة.

وبات من الواضح من خلال تصريحاته الأخيرة  حول موقف رئيس الدولة من أداء  بعض الوزراء الجدد لليمين، أن حلمه هو الاستحواذ الكلي على السلطة في تجاهل تام للدستور حيث اعتبر أنه آن الأوان لنتحول إلى نظام برلماني كامل وأن حزب الأغلبية هو صاحب السلطة التنفيذية و أن الرئيس دوره رمزي.

ففي ظل هذه المخططات و التصريحات اللامسؤولة وهذه الصراعات المتواصلة ينتعش الإرهاب و يتحرك من جديد و لا يجب أن ننسى ما ذكره وزير الدفاع في البرلمان عندما أكد ضبط عدد من العناصر التكفيرية  و قد اندست في الاحتجاجات الأخيرة و كان بحوزتها أسلحة بيضاء و مولوتوف فمن الطبيعي أن تنشط هذه الخلايا في مثل هذه الأوضاع.

رحم الله الشهداء و رزق أهلهم جميل الصبر و السلوان.

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ومْض نار

برج السدرية … لتكن تونس خضراء بحق !

نشرت

في

تواصل جمعية السدرية للبيئة والتنمية المستدامة للأسبوع الثاني على التوالي جهودها الكبيرة لتشجير الحدائق المعدة لذلك وما يتطلبه بعث مساحات خضراء بالضاحية الجنوبية …

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari
محمد الزمزاري

وقد شملت الحملة شارع المغرب الممتد من المركب الجامعي إلى حدود شارع الجزائر الموصل إلى محطة الرياض للقطارات. و تم ذلك بفضل تدخل المصالح البلدية التي تفاعلت ايجابيا مع رجاءات المواطنين بغراسة الأشجار بالمساحات المعدة لذلك والتي كانت لسنوات ونظريا في حكم المناطق الخضراء غير أنها بقيت دون انجاز عديد السنوات كما ذكرنا سابقا، وظلت طويلا مناطق سوداء تغمرها المزابل و بؤر الناموس و ترتع فيها شتى الحشرات وحتى الزواحف احيانا.

كما تولت هذه الجمعية النشيطة التي تراسها السيدة فاطمة الزموري إنقاذ جزء من الأشجار ووضع التربة الصالحة وتم خلال يوم أمس غرس مساحة المفترق بين شارع المغرب و شارع تونس بالاشجار المتنوعة. كما كان للمؤسسات الخاصة حضورها مثلما حصل مع مسؤول إحدى المساحات التجارية القريبة الذي التزم برعاية الغراسات والعمل على سقيها دوريا …

وخلال نفس هذا اللقاء مع رئيسة الجمعية واعضاء مكتبها مع هذا المسؤول تم التطرق إلى مقترح متعلق بامكانية استغلال قطعة أرض تابعة لمحيط المساحة التجارية المذكورة لتركيز ملاعب للأطفال على حساب تلك الشركة واستعمالها مجانيا من قبل الأطفال الصغار المصحوبين باسرهم.

كما لا يفوتنا بأن هذه المبادرة الجمعياتية لم يخل طريقها من بعض الصعوبات البسيطة لكن المعطلة مثل أكداس الخردوات التي أعاقت المواصلة في غرس الأشجار كما شكلت تلوثا عاما سواء على حافة الشارع ككل او فوق أرضية المساحة المعدة للغراسة وترسيخ بيئة سليمة. ويقيننا أن المصالح البلدية النشيطة بسليمان ستسارع بإزالة هذه العقبة تشجيعا على جودة حياة المتساكنين واحتراما لجمالية المحيط

أكمل القراءة

ومْض نار

إلى متى الانتظار؟؟؟

نشرت

في

تعد الوقفة الاحتجاجية التي نظمها بعض أتباع حزب النهضة وعدد من نواب المجلس المجمد وأهاليهم أمام المسرح البلدي تحت مسمى العودة إلى المسار “الديمقراطي”  ودعوة الرئيس إلى التراجع عن القرارات الاستثنائية ليوم 25 جويلية التي احتفى بها  جل  أفراد الشعب التونسي، دليلا آخر على المحاولات اليائسة لهذه الشرذمة للدوس على خيارات شعب ملّهم ولفظهم بعد أن يئس منهم وأنهكته سياستهم الفاشلة وتدميرهم الممنهج لمقدرات البلاد وسمعتها.

نجاة ملايكي Najet Mlaiki
نجاة ملايكي

هؤلاء ورغم تجندهم لهذه الوقفة ومحاولاتهم التعبئة لها إلا أن عددهم كان هزيلا ودالا على أن الشعب الحقيقي الذي يحاولون التكلم باسمه ويسوّقون صورة له مخالفة لإرادته، هو في الواقع ذلك الذي انتفض ضدهم وقال لهم “ارحلوا دون رجعة”. فقد سعى هؤلاء للاستقواء بالأجنبي  رافعين لافتات مكتوبة باللغة الانكليزية والفرنسية تحمل عبارات من قبيل ” لنحمِ الديمقراطية والدستور” في محاولة منهم للفت نظر الخارج والتأليب ضد إرادة الشعب.

ومن المضحكات المبكيات أن قناة الجزيرة القطرية قد ركزت على هذه اللافتات بالذات في تغطيتها المباشرة والواسعة لما أسمته بـ “المظاهرات” ضد  الرئيس التونسي قيس سعيد ، وعنونته بالدعوات للعودة للدستور وللديمقراطية. وإمعانا من هذه القناة في الكذب وتزييف الواقع قسمت شاشتها “المباشرة” إلى قسمين قسم ركز على الواقفين على مدرجات المسرح البلدي ولافتاتهم المكتوبة باللغات الأجنبية فيما ركز القسم الثاني من الشاشة على مظاهرة قديمة جمعت أعدادا كبيرة من مناصري القضية الفلسطينية وقدّمتها القناة على كونها “مظاهرات حاشدة” ضدّ قرارات 25 جويلية وتم إغفال قطع صوت المتظاهرين الذين ينادون “عملاء الصهيونية هزوا يديكم ع القضية … التطبيع لا لا عودة….” ! كما حاورت القناة تونسيا إخوانيا يعيش في لندن قدمته على أنه محلل سياسي ذكر أن المشاركين في هذه الوقفة التي أسماها بالمظاهرة، يعدون بالآلاف… هذا وتجندت  هذه القناة الاخوانية المنحازة، لمواصلة بث برامج مناهضة لقرارات 25 جويلية أعلنت عنها في ومضاتها الاشهارية.

ولئن تجمع أيضا في الضفة المقابلة من شارع الحبيب بورقيبة بعض أنصار قرارات 25 جويلية  بصفة تلقائية تحت شعار لا للعودة إلى 24 جويلية الا أن المطلوب هو أن لا يستمر سكوت القصر وأن يحسم الرئيس الأمر لصالح الإرادة الشعبية ويقطع الطريق أمام الصائدين في الماء العكر الذين بدؤوا يستثمرون هذا التردد لصالحهم ويعتبرونه فرصة للعودة وللتأليب داخليا وخارجيا ودافعا لتقسيم الشعب، خصوصا وأن مرور ما يفوق الخمسين يوما عن قرارات 25 جويلية يعدّ فترة طويلة تثير قلق الذين ساندوا هذا التوجه وبدأت تشعرهم بالخوف على هذا المسار الجديد المستهدف من المتربصين بتونس ممن حكموا البلاد طيلة عشر سنوات وكانت حصيلتهم  دمار عقود من الزمن، إلى جانب الحالمين بدولة الخلافة الذين يحلمون بالتموقع  واستثمار هذا البطء  في اتخاذ القرار، والذي قد يفسر بكونه عجزا وضعفا.

أكمل القراءة

ومْض نار

مشيخة البرلمان تدار بعصا الشيخ … بقلم: نجاة ملايكي

نشرت

في

كان من المفروض أن يمثل مجلس النواب أهم سلطة تكرس الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وتبادل الآراء والمواقف والتشاور وتفرض الأمن والأمان وتعطي صورة ناصعة ومشرفة عن تونس، لكن أصبح هذا الهيكل وللأسف عبارة عن مؤسسة حزبية تتحكم فيها حركة النهضة وأتباعها بطريقتهم الخاصة وتحول بفعل ذلك إلى مرتع لمن لا صلة لهم بالمجلس سوى الولاء للأطراف العنيفة والمتشددة داخله.

نجاة ملايكي Najet Mlaiki
نجاة ملايكي

لقد أعطى البرلمان التونسي برئاسة راشد الغنوشي الفاشلة صورة قاتمة ومهينة ومخجلة عن تونس ليس فقط لدى التونسيين بل خاصة لدى من يتابع من بعيد نتائج ما سمي بالثورة، مثلما خيّب آمال الشعب التونسي الذي اعتقد  أنه انتفض لتحسين مؤسساته وتنمية اقتصاده وتطوير ظروف عيشه، لا ظروف عيش قيادات حزب النهضة وأتباعه ومواليه على حساب بقية أبناء الشعب المفقر واليائس، حتى أن أحد نواب المعارضة قد طالب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالتحقيق في مصادر نموّ الثروات لدى بعض النواب.

كما أصبح هذا البرلمان عبئا اقتصاديا ثقيلا على البلاد وعلى المواطنين لكثرة مصاريفه وكلفته العالية في مقابل هزالة نشاطه وكثرة ضجيجه وإساءته للبلاد وتغيّب الكثير من النواب عن أداء مهامهم  وواجباتهم وتعمدهم عدم إكمال النصاب لإسقاط العديد من الجلسات، فضلا عن تسبّبه في أزمات سياسية زادت في تعطيل الإصلاحات الاقتصادية وباتت تشكل خطرا على مستقبل البلاد.

وأدت خدمة رئيس البرلمان لمصلحته الحزبية الضيقة على حساب مصلحة الوطن وتقدم التشريعات والبرامج الإصلاحية التي تخدم البلاد، إلى تقسيم البرلمان إلى “هذا معي وهذا ضدي” وأصبح رئيس البرلمان محرّضا وشاهدا صامتا عما يحدث من عنف ممنهج داخل مبنى السلطة التشريعية بدليل  سكوته على زيادة منسوب العنف وترؤسه لمكتب مجلس أقصى من حضوره بالقوة، رئيسة كتلة الدستوري الحر مسخّرا في ذلك إداريين  في سابقة خطيرة مارست فيها رئاسة المجلس بالوكالة،  سياسة المليشيات والعصا الغليظة باستخدام موظفي الدولة ضد نائب شعب، في مشهد مقزّز لم يزد رئيسة الحزب الدستوري الحر إلا ثباتا وقوة واستقطابا للمزيد من الأنصار بدليل النجاح الكبير للقائها بأهل الجنوب في صفاقس  الذي أجرته مباشرة بعد حادثة تطويق كل مداخل مكتب المجلس بالإداريين ومنعها من أداء مهامها  ، ولم يزد شعبية رئيس البرلمان إلا انحدارا وسخطا من المتابعين الشرفاء لما يحدث في المجلس من عنف ضد المعارضة الحرة وضد المرأة فضلا عن عدم احترام الإجراءات وخرق القوانين.

و من المبكيات المضحكات، مشاركة رؤساء الكتل لرئيس المجلس في اتخاذ مجموعة من القرارات الرامية لإسكات زميلتهم رئيسة كتلة الدستوري الحر بمنعها من حضور مكتب المجلس ومنعها من أخذ الكلمة خلال ثلاث جلسات متتالية.

والغريب أن بقية النواب يشاركون بالصمت على هذه التجاوزات وكل منهم لا يتحرك إلا إذا مورس العنف ضده، فيجد نفسه ضعيفا في مواجهته، حتى أنهم لم يدافعوا بتاتا عن مقترحات الحزب الدستوري الحر الداعي إلى وجوبية التناصف بين الجنسين في تركيبة المحكمة الدستورية، وإلى فتح باب الترشح لكل من تتوفر فيه الشروط وليس لكل من تدعمه الكتل البرلمانية (مما يضع المترشح تحت رحمة الكتل)، وأن يدخل القانون حيز التنفيذ فور نشره بالرائد الرسمي وليس بعد استكمال الدورات القادمة التي لا تخدم سوى النهضة المدعومة بعناصرها المتوفرة في التركيبة الحالية.

لقد تحوّل البرلمان إلى مشيخة تدار بالعصا وبالقوة وبالعنف وتحولت فيه الكلمة الحق والصوت الناقد إلى عصيان يستوجب العقاب بالإخراس والبلطجة  واستعمال الإداريين ضد النواب وخلق الفتنة ونشر الكره، حتى وإن خالف ذلك النظام الداخلي للمجلس.

أكمل القراءة

صن نار