تابعنا على

جور نار

ورقات يتيم … الورقة رقم 10

نشرت

في

darbouka percussion instrument de le milieu est vecteur illustration  23736326 Art vectoriel chez Vecteezy

يوم وصلتني بطاقة الدعوة لاجراء مناظرة السيزيام لم ينتبني اي شعور بالرهبة او بالخوف … ولم اجد لحد يوم الناس هذا اي تفسير لحالتي العادية في جل امتحاناتي …

عبد الكريم قطاطة
عبد الكريم قطاطة

ليس معنى هذا اني كنت واثقا من نجاحي، ابدا فبعضها كانت بحق مناظرة مصير …الا اني هكذا ! … بل وصل بي التعنت احيانا الى مخاطر في بعضها (وللحديث بقية) …وكان اليوم الموعود، نهضت باكرا وكعادتي لم آكل شيئا في فطور الصباح فعلاقتي منعدمة تماما بالبيض والحليب والزبدة والسمن (ان وجدوت) وكل ما في الامر بقايا عشاء البارحة …وهو لا يغريني … الا ان امي لم تنفك تردد: “يا وليدي ماشي للامتحان على ريقك ؟؟؟ اشكون يعرف ادوخشي في (الكار) كول حويجة” … ولست ادري مالذي جعلها تخاف من الحافلة رغم اني لم امتطها من قبل الا في مناستين …يوم ذهابي الى المصور الزواري لاخذ صورة لبطاقة التعريف المدرسية للمناظرة المرتقبة ..او يوم ذهبت مع خطيب اختي الى السينما …

و في الحقيقة ولان قلب المؤمن خبيرو، هي على حق في نصيحتها لاني وبعد معاشرتي للحافلات خلال مرحلة تعلّمي الثانوي الاولى خاصة،كثيرا ما احسست بالدوار متى بالغ السائق في استعمال فرامله …بل واحيانا كنت انزل قبل محطتي بمحطات واكمل بقية الطريق ماشيا حتى اتفادى الدوخة … يومها رافقني ابي الى معهد الهادي شاكر طريق قابس (الليسيه) وكان اول عهدي بمعهد ثانوي بمثل تلك الضخامة المعمارية … يفجع … ولكني لم افجع …لا اتذكر بالضبط كم يوما قضيته في امتحان المناظرة، ولكن كل ما اذكره سؤال امي الذي لم ينقطع: “يا وليدي عديت بالباهي ؟” … واجابتي الدائمة:لا.باس …اميتها وشبه امية ابي ما كانت لتسمح لهما باسئلة اكثر تفاصيل … ورب ضارة نافعة اذ اني وعلى عكس اولياء هذا الزمن (اللي يسالوا على البسباس واللي كانلو غراس) الى حد الارهاق …

لم يكن هنالك اي اشكال من هذا القبيل من ناحيتهما …كنت احس بداخلي بوجع امي خاصة وهي الأم غير القادرة على نبش تفاصيل امتحان ولدها وهي التي ما انفكت تعبر عن عدم رضاها على مذاكرته لدروسه وكثرة نهمه لشتى انواع اللعب …ولقد لازمها هذا الوجع حتى يوم اعلان النتيجة …النتائج انذاك كانت تظهر فقط في الجرائد اليومية والتي كانت “الصباح” و”العمل” في نسختيها العربية والفرنسية، و”لابريس” …

يومها ولاول مرة اشترينا جريدة الصباح وثمنها 20 مليما (حق خبزة والخبزة ابجل اولا ثم لم يكن انذاك مكان للجريدة الا لدى بعض الكبايرية من مثقفين او من المتمظهرين بالعلم والثقافة) …وبدأت ابحث عن اسمي بين الاف الناجحين …لست ادري اي حدس انتابني يومها لاقلب نتائج التلاميذ الناجحين والموجهين في نفس الوقت الى معهد دون غيره ..حدسي جعلني ابحث عن اسمي في معهد الحي الزيتوني (15 نوفمبر حاليا)… و”اوريكا”! اسمي موجود … فرحت نعم …ولكن كانت فرحة عادية … بل واصبحت مشوبة بحذر شديد لان ابن عمي لم يحالفه النجاح …وحتى عندما دخلت الحوش كانت العائلتان تنتظران التلميذين بكل وجل والف سؤال يرتسم في اعين الجميع ..وكان من واجبي ان اعلن عن نجاحي بكل هدوء ورصانة حتى لا ابدو شامتا في فشل ابن عمي … وكذلك عائلتي … هو الفرح الصامت، وما اتعس الفرح الصامت …

كان هم امي وابي واختي الكبرى ان انجح حتى لا يتحول زواج اختي في اوت الى شبه مأتم …كيف لا والعائلة معلقة آمالها على ابنها ؟؟ كيف لا وهو سيكون اول ناجحي السيزيام في الحوش ؟؟؟ وحتى اختي التي حرمت من التعليم من اجلي كانت فرحتها كبيرة خوفا على مراسم زواجها … لو فشل عبدالكريم “يتعدالها عرس سلاطة” … وللامانة اصبحت منذ تلك اللحظة كسرى انو شروان … نحكم باحكامي … لقد رفعت راس العائلة وكنت في مستوى التضحيات الجسيمة (ماديا) التي قاست منها ميزانية العائلة من اجلي … لا تذهبوا بتصوراتكم بعيدا فعبارة كسرى انو شروان نسبية وعيارة تضحيات جسيمة لا تقل عنها نسبية …لان لعب الكرة ما زال ممنوعا ولان مخالطة اي كان ممنوعة ولان الحوش هو مقر سكناي ولعبي اي سجني … وحتى بعض هدايا العائلة لي بمناسبة نجاحي لا تتجاوز ڨازوزة بوڨا سيدر ، او بعض البسكويت القطعة الواحدة منه بمليم واحد اي الهدية 20 مليما … ثمنهما معا …

وكنت كلما عبرت عن رغبتي في “روبولوت” اي اعادة الزردة الڨازوزية، واجهتني امي باجابتها الحاضرة: “اه وليدي ماذا بيّا اما ما تنساش رانا قادمين على عرس وخيتك” … ولعله من ميزات العائلات في صفاقس انها ومهما كان مستواها المادي تستعد جيدا لكل المناسبات، بفضل حكمة وزيرة الاقتصاد والمالية التي عادة ما تكون الام … وهذا ما يحدث في عائلتي ..ابي كان “ترتاق” متاع فلوس، ولا يخبئ القرش الابيض لليوم الاسود …وهذا ما ورثته عنه في القليل الذي ورثته عنه …اما امي فهي وكاغلب الصفاقسية تحكم التصرف في الميزانية اذ لا عيد اضحى دون كبش العيد يعلف 4 اشهر قبل ذبحه، ولا عيد فطر دون حلوياته وحوت مالحه وشرمولته، ولا صائفة دون عولة (محمص وكسكسي وملثوث) اللي كتب من ربي كما تقول …فما بالكم وهي تستعد لزفاف ابنتها البكر ؟؟؟؟

هي منذ ان بلغت اختي الكبرى 14 سنة ووالدتي “تحَتْرف” طرف فلوس لتشتري كل مرة شيئا من جهازها، اي ملابسها لتحملها معها قبل عرسها الى بيت العروس … ودائما على عربة مجرورة ببغلين (الكارو) و فرقة فلكلورية تصحبها بالكورنيطة …وسيارتان او ثلاثا على اقصى تقدير مكتظة باهل البنت حتى التخمة (نساء) وهن المكلفات بترتيب جهاز العروسة بمنزل زوجها …كنت سعيدا بالحدث وكنت اترقب الاسبوع الاخير قبل اليوم الموعود لاستعرض عضلاتي في الدربكة والغناء كما يحدث في كل الاعراس … إذ قد حفظت من مذياع الجيران عديد الاغاني التونسية والشرقية وحان الوقت لاستعراضها …وطبيعي جدا ان يكون الاختيار على تلك التي احدثت “بيزززز” من جهة وعلى اغاني الافراح (من الغريب جدا اننا في عصرنا الحاضر نستمع الى مطريبن ومطربات يتغنون في حفلات الاعراس بـ “يا غدارة” او “يا خاينة” او ما شابههما في المعاني ..

المطربون الذين كان لهم صيت ذائع انذاك هم نعمة، علية، صفية شامية، الهادي القلال، الجموسي، احمد حمزة … علاوة على الاغاني الفلكلورية لجهة صفاقس والتي وقع تسجيلها في ما بعد مع افتتاح الاذاعة الجهوية بصفاقس (يمة لسمر دوني، يا رمانة، سيدي منصور…) اما من المشرقيين فكانت جل الاغاني التي تلاقي صدى لدينا من الطقطوقات (العصفورية والغاوي لصباح، بحلم بيك وبتلوموني ليه لعبد الحليم، انا قلبي ليك ميال لفائزة احمد، “اش لوننا” لشفيق جلال، على شط بحر الهوى لكارم محمود) … اي ان الفوندو من فصيلة ام كلثوم وعبدالوهاب لم نكن قادرين على فك رموز شفراته …وانا من الجيل الذي عرف ام كلثوم يوم التقائها بعبدالوهاب في “انت عمري” …

كنت اذن اتأهب لاكون في نفس الوقت درابكي الفرقة ومغنيها ومنشطها … وما ان حل الاسبوع الموعود حتى ابتليت بـ “بوجنيّب” في سبابة يدي اليسرى وهو نوع من الدمّل الذي يؤلم جدا … ولكم ان تتصوروا العازف على آلة الايقاع وهو يقضي العشية والسهرة يعزف ويغني ثم يؤوي الى فراشه كل ليلة وهو يبكي من الألم … السبابة تبات تنقّح، بثلاث نقاط على حرف القاف … وعبثا ان تحاول امي اثنائي عن العزف والغناء غدا …_النافع ربي … مما جعل الورم يزيد تعفنا و إيلاما ولم اشف منه الا بعد الزواج باسابيع …حتى ان آثاره ما زالت مرسومة علىي سبابتي ليوم الناس هذا …

حفل الزواج انذاك يخضع الى تقاليد وحيثيات هي في جلها معمول بها الى الآن … هناك الحمام ثم الحنة ثم البطالة ثم النزول ثم يوم العرس … وهنالك ايضا السبوع، اي مرور سبعة ايام بعد العرس وهي من التقاليد التي اصبحت نادرة جدا في صفاقس … الحيثيات الاولى لا تختلف في شيء عما يحدث الان من حيث المبدأ رغم اختلافها في جزئياتها … فالحمام مثلا كان في حمام عربي في المدينة العتيقة ولعل اشهرها “حمام بوعصيدة” واليوم اصبح “عند محاسن” …ولست ادري هل عرائس اليوم يستمتعن بنفس رائحة الحمام العربي ايام زمان …لست ادري لاني ببساطة وشيء من البلادة …لم احضر يوما حمام نساء … على عكس طفل “عصفور السطح” …اتصور فقط ان مثل هذه الحمامات العصرية يستحيل ان نجد فيها نكهة ايام زمان …

مما اذكره في مراسم النزول ان الفرقة نسائية بآلات ايقاع (دربوكة وطار وبنادر) …وكانت احدى تلك الفرق تترأسها امرأة متقدمة في السن تسمى “الدجيجة”وهي بالكاد ترى … وهي امرأة كثيرة الخصام مع بدء عملية الرشقان على العروسة …فاحداهن تدعي انها رشقت 5 دينارات والدجيجة تقسم انها رشقت 10د لانها ستاخذ نسبة من كل الآلاف التي يقع رشقها على جبين العروسة …ومن مآثر هذه البندارة (وهو اللقب الذي يطلق عليها من خلال مهنتها)، انها كانت لا تشرب الماء الا من حلابها الصغير (درجية) واننا كنا نتسرب خفية الى حرمها وهي غاطسة في التبندير ونقوم بسرقة الدرجية لاستفزازها حتى تقول جملتها الشهيرة:اشكون هز الدرجية يجعل كبدو مشوية! وذاك ما كنا نبغيه من فعلتنا …التمتع بتلك السمفونية التي “تخرج عسل” من فم الدجيجة …

يوم العرس كان في جله حفلا نهاريا اما بمنزل العروس ان كان يستجيب جغرافيا للحشد الكبير، او باحدى صالات الافراح ويتصدرها انذاك صالة الافراح البلدية (للدمادم ماديا) او صالة العموص وهي التي تقع في بودريار وكانت تؤمنها عادة فرقة نسائية بالبيانو واشهرها فرقة كسودية ثم فرقة ذيابة …ولا مجال لدخول اي رجل داخل الصالة (ذاك حرم نسائي لا ينتهك) وللرجال مكانهم في حديقة الصالة يتلصصون على هذه او تلك رغم ان تلصصهم لا يسمن ولا يغني من جوع، لان جل النساء متزوجات وصبايا بالسفساري … ماعدا “كعيبات” لا يتجاوز عددهن اصابع اليدين … لكن المهم ان لا تمر واحدة دون ان يتهامس الشبان اذا اعجبهم الجسد المكور داخل السفساري: “هذي زعمة من جماعة العروس والا العروسة ..؟؟؟ والله منظرها ما تخيبش” … ولست ادري اي منظر يقصدون ..؟؟؟ ام ان الرجل العربي في ذلك الزمن وربما لحد الان مغرم بالتربيع والتكوير ؟؟؟؟

يوم العرس كادت الامور تؤول الى ما لا يحمد عقباه …العائلتان اتفقتا على ان يضمن العروس يوم الزفاف (اي يوم قدومه لاخذ العروسة واهلها الى الصالة) … اتفقتا على ضمان خمس سيارات لنقل اهل العروسة …الا ان السيارات التي انتصبت امام باب الحوش كانت اربعا …وحملق الوالد وبدأ عرق النرفزة يتصبب ومباشرة صاح: “وينو علي ولد عمي ..؟؟؟ يا سي علي ولينا مسخرة نتفاهمو في خمسة تجيبلي اربعة …؟؟؟؟” ويربت سي علي على كتف ابي: “اه اها يا محمد وليدات احنا ؟؟؟؟” اما الخامسة تبلّعت في التراب متاع الزنقة (وفعلا زنقتنا، زنقة المظفر، كانت مضربا للامثال في ترابها _العيثة _ وكانت العديد من السيارات لا تغامر بولوج كثبان رمالها …_لا تبحثوا عنها كثيرا زنقة المظفر لانها اصبحت الان تتشهى رمالها بعد ان تربضت وكغيرها كل الزقاق) … زمانا كان في صفاقس بعض الارباض لا تعد حتى على اصابع اليد الواحدة كربض القائد وربض زنقة بن سعيد …والان …..ياااااااااااااااااااااااه لقد وأدوا الغابات والرمال وطوابي الهندي واصبحت صفاقس يتيمة منها .. اصبحت صفاقس ام الارباض ..

وهدّأ سي علي من روع ابي ووعده بان يعوضها له يوم السبوع …يوم السبوع هو يوم يحتفل به اهل العروس باهل العروسة ويتم كما تدل تسميته بعد اسبوع من حفل الزفاف تقديرا من العروس للعائلة التي انجبت عروسته وخاصة لاصالتها وتربيتها والمحافظة على شرفها حتى تصل بكرا الى زوجها وحتى تقدم عربون الشرف الى والديها من خلال ما تخبؤه العروس في احدى السلال المخصصة للغرض …دماء الشرف … وتقدمه بخجل وسعادة الى امها وكل من صاحبها من نساء عاقلات لا فتيات يسترقن السمع والنظر لما في السلة من كنز والكبريات ينهرنهن: “هذي امور خاطيتكم يززيو من التنسنيس” ….وما هي الا زغاريد الافراح تتعالى من جميع النساء …ويعلو البشر والفخر لدى الاب ولدى العريوس ايضا ..الاول افتخارا ببنت الاصول والثاني افتخارا برجولته والاصح بفحولته …التي قد تصل احيانا بالفحل الى حجز اقامة لدى بعض المستشفيات لانقاذ زوجته المسكينة من وحشيته …_طبعا ….تحبهم يقولو عليه موش راجل ؟؟؟؟ ضربة بموس ولا ها الشيء …

وبكل امانة مثل هؤلاء قد نجد لهم تبريرا لا عذرا لما يقترفونه في حق زوجاتهم من سلوك شنيع قد يؤثر على كل الحياة الزوجية بفعل الصدمة لان معظمهم لم يعرفوا يوما ان المرأة كيان انساني وان الرجولة الحقيقية في ان تكون انسانا معها لا وحشا كاسرا … في المقابل واذا حدث ووجد العريوس عروسته غير عذراء فانه وعلى عكس العديد من الجهات التي تصبح الحالة فيها مدمرة قد تصل الى القتل من قبل والدها لانها لوثت شرفه وشرف العائلة او من قبل العروس انتقاما لشرفه المهدور …فان ما يحكى عن مثل تلك الحالات في صفاقس وفي جلها هو ما تتداوله بعض الالسن الخبيثة من النساء وبعد مرور مدة طويلة على الحدث والتي تصل احيانا الى سنوات …ان فلان كلاها ورقد …مرتو ما لقاهاش بنية (وبنية هنا تعني عذراء) …وترد عليها اخرى امالا اش يعمل بنت عمو راهي ..اشبيك يلزمو يسترها ويستر العائلة الكل …هذا اذا كان الزواج زواج اقارب ..اما اذا كان من فصيلة اخرى فكثيرا ما تمضي النسوة في وصفها بابشع النعوت لعل اخفها وقعا عليكم كقراء: “اشبيك راهي العوبان كلاتلو عقلو ووكلتهولو في الزميت” (اي مسحور) “قللك وكلتلو ذيل ام البويا” (الحرباء) …

اولم يكن من الافضل دينا وفكرا واخلاقا ان يبتلع هؤلاء النساء الحرباوات لسانهن وان يسترن ما ستر الله ..؟؟؟ …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

هل ستقع المواجهة بين إيران والكيان الصهيوني؟

نشرت

في

الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين - هل تملك اسرائيل ان توجه  ضربتها الى إيران؟

لم تكن التهديدات من هذا الطرف او ذاك توحي بخطر شن حرب بين إيران و اسرائيل، ذلك ان طهران كانت عمليا تتفادى مواجهة مباشرة مع اسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة وتعي بان الكيان اللقيط لا يعدو أن يكون إحدى ثكنات القوة الأعظم.

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari
محمد الزمزاري

و لم يتهور الايرانيون المعروف عنهم العمل بصمت و عقلانية و تقبل بعض الخسائر المفترضة و المنتظرة مقابل تنويع مواطىء اقدامهم و تركيز مواقع قد تخدمهم لاحقا دون أي تسرع عاطفي ممثل في رد فعل غير محسوب الهدف او النتائج … لقد دفعت إيران قرابين كثيرة منذ التسعينات ضحايا لاغتيالات الموساد و المخابرات الأمريكية المتعاونة من تفجير مراكز نووية إلى اغتيال علماء او قيادات عسكرية هامة و الظاهر ان الإيرانيين يرسمون أهدافهم الاستراتيجية على المدى الطويل والتي يعتبرونها اهم بكثير من صراعهم مع الكيان الصهيوني… وقد نجحت لحد الان السياسة الإيرانية في تركيز اذرع في عدد من البلدان العربية ذات مكانة استراتيجية هامة مثل سوريا و العراق ولبنان و اليمن، وهي ساعية اليوم لغرس امتداد لها بالأردن، كما عمدت خلال هذه الأسابيع إلى دعم حكومة السودان ومدها بالطائرات المسيرة التي قلبت موازين المعارك ضد قوى الدعم السريع.

لكن الحدث الذي جد اخيرا و الذي تمثل في ضرب الصهاينة للقنصلية الإيرانية بسوريا والقضاء على واحد من اكبر القيادات الحربية و التنسيقية قد يؤجج ما كان كامنا بين الكيان وطهران. فإسرائيل ترغب منذ سنوات في توريط حلفائها الأمريكان في حرب ضد إيران وقد تراءت لنتنياهو فرصة سانحة للدفع نحو هذه الحرب المرغوب فيها اولا و لتمديد بقائه في الحكم و إتمام خططه النازية من تهجير و مجازر و تدمير لغزة و لاحقا للضفة الغربية، وهنا لم يبق لإيران بد من رد فعل قوي لحفظ ماء الوجه و تأديب الكيان الذي تجاوز الخطوط الحمراء و ضرب القنصلية الإيرانية التي تمثل سيادتها و صورة قوتها أمام الجميع وخاصة لدى اذرعها وأنصارها في المنطقة.

ومنذ ساعات أعلنت المخابرات الروسية عن تحديد ضربات او حرب خاطفة ممكنة الوقوع قريبا جدا و دعت مواطنيها لملازمة الحذر بالشرق الأوسط وخاصة بالكيان الصهيوني و منذ اكثر من ساعة دعت الولايات المتحدة مواطنيها في الأرض المحتلة وتل أبيب خاصة الى نفس الحذر. اذن فالوضع قابل جدا لوقوع حدث هام مدمر ليس باسرائيل فقط لكن أيضا بايران اعتمادا على ان الكيان الصهيوني يرغب فعليا في خلق مواجهة مع ظهران ستقودها الولايات المتحدة دون شك.

هل ستصدر الضربة الإيرانية انطلاقا من قاعدة احد اذرعها؟ هل سيكون الهدف محطة ديمونة النووية او ايلات او تل ابيب؟ اظن ان ضرب تل أبيب مستبعد مما يبعث على الظن بان الهدف المحتمل هو: إما إحدى السفارات الاسرائيلية في بلد خليجي او قصف إحدى المدن او المطارات الكبرى بالكيان الصهيوني. فيما يبدو أن الولايات المتحدة لا ترغب حاليا في خلق بؤرة حرب جديدة مكلفة قبل انتخابات نوفمبر القادم و لن تصل اية ضربة مهما كانت صدمتها إلى دفع بايدن إلى رد فعل ضد إيران …

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 25

نشرت

في

‫جمال عبدالناصر‬‎

عبد الكريم قطاطة:

الساقية مسقط رأسي في تلك الحقبة ومن خلال حانوت الحلاّق شكّلت في حياتي نواة لشلّة من الاصدقاء متنوّعة سنّيا، مهنيّا، تعليميّا … وفكريّا … وهذه ميزة كبرى في تجربتي مع الحياة ..

عبد الكريم قطاطة
عبد الكريم قطاطة

فاختلاط الفرد بهذه الشرائح على اختلافها هو الكفيل اولا برؤية انسانية بعيدة عن التمييز والتّنخْوب (محاولة اشتقاق من نخبة) ..وثانيا نتعلّم فيها ومنها اشياء لن نجدها في تعليمنا مهما تعلّمنا .. استحالة ….في تلك الشلّة كان هنالك التلميذ والمرمّاجي والحذّاء والبطّال والمهني ..وكانت لقاءاتنا يوميّة وفي كل المناسبات ..يوم الاحد مثلا كان للعب البولاط ومباراة او اثنتين في كرة القدم . في رمضان ننهي مشوار الافطار مع عائلاتنا في دقائق معدودة ونهرع الى حانوت الحلاق لسهرات حتى قرب موعد السحور… طبعا دون نسيان قلق عيّادة من خروجي المبكّر ودخولي المتاخر … وهل تصير تاكزة من غير فحمة ؟؟ ..

في فصل الصّيف نبحث كل ليلة عن حفلات الاعراس لـ “نهُدّ” على اصحابها ونقتحمها طوعا او كرها … وبعدها كنّا كثيرا ما نواصل السهرة حتى شروق الشمس على ضفاف شاطئ بحر سيدي منصور … في محطة قهوة حمزة حيث تلك البرّاكة الجميلة وسط البحر … نتوسّد “الضريع” أي حشائش البحر ..الارض بساطنا والسماء لحافنا وموسيقى خرير المياه تعزف ابهى التقاسيم ….امّا في عيدي الفطر والاضحى فتلك اطباق اخرى …. كنا نستعد لسهرة العيد استعدادا مادّيا فليلتها تعني ليلة القبض على السينما … قاعات السينما في مثل تلك المناسبات وفي اغلبها تبرمج 4 افلام لزوارها بمعدّل فيلمين في بداية السهرة وفيلمين في نهايتها . ازمنة .// deux grands films//..وكانت كل قاعة مختصّة بنوعية معينة من الافلام فقاعة الماجستيك كان اختصاصها الافلام الهندية… وقاعات الهلال والكوكب وبغداد والكوليزيه كانت تختص بالافلام المصرية فيما تبقى الافلام الغربية بانواعها الكاوبوي والبوليسية من مشمولات قاعات النور.. والراكس ..والاطلس ..

شلّتنا ونظرا إلى المستوايات التعليمية المتفاوتة كانت تنتمي الى القاعات الشرقية فاما افلام الثنائي فريد شوقي ومحمود الملّيجي او الافلام الغنائية وخاصة عبدالحليم وشادية او الافلام التاريخية من نوع صلاح الدين الايوبي ورابعة العدوية _وهذا الفلم ابكاني في ذلك الزمن لاوّل مرة في علاقتي بالافلام …وبالذات في فقرته الاخيرة عندما يحضر فريد شوقي في موت رابعة ويقول لها باعين دامعة (سامحيني يا رابعة) وتبدا رابعة او روحها كما صوّرها المخرج بغناء واحدة من اروع الاغاني الدينية لحدّ يوم الناس هذا (الرضاء والنور ) … ومن الافلام ايضا التي شدّتنا في تلك الحقبة وبدرجة مذهلة فلم عنتر وعبلة ..واصبحنا نردّد في كل فوز في البولاط او كرة القدم (عنتر حيّ)…

الحديث عن سينما ليلة العيد تسبقه اشياء … ليلة العيد بصفاقس تعني ثلاثة عناصر لتأثيثها .. السينما كما ذكرت ..كسكروت السهرة على بساطته واحيانا ببطاطا _مخنونة _.وخاصّة .. العنصر الاهم ..نهج الباي ..نهج الباي المنجي سليم حاليا هو اشهر نهج في المدينة العتيقة بصفاقس اولا لانه يربط بين المدينة العتيقة والمدينة العصرية اي من باب الجبلي الى باب الديوان، وثانيا لانه نهج يتكدّس فيه كل ما يحتاجه المواطن ليلة العيد من شراءات …احذية عطور وخاصّة ملابس … ومن العادات التي كانت تسود سكان اهالي صفاقس انهم يستعدّون فقط ليلة العيد لشراء ملابس والعاب الاطفال ..ليلة العيد دون غيرها ..ذلك يعني ان الازدحام ليلتها على اشدّه . … وتلك هي بغية جميع الشُلل ..كان بامكان اي واحد من ايّة شلّة تفادي الزحام عبر المرور بانهج اخرى . للوصول الى باب البحر (المدينة العصرية) _…لكن الم اقل لكم ان الزحام هدفنا ..عفوكم لم نكن يوما من شلّة اللصوص التي تغتنم ولحدّ الان مثل هذه الفرص … باش ادّوّر صوابعها … معاذ الله ..بل كنّا لصوصا من نوع آخر ..

كنا نطمع في تلك الزحمة بالالتصاق بعيدا عن العفوية باي جسد انثوي تضعه الاقدار امامنا … وكل واحد واش تهزّ مغرفتو في تلك الليلة …وكثيرا ما كنّا نُرجم بنظرات مرعبة من امرأة تنتبه الى افعالنا “الخايبة” وهي تحس بشيء ما يوقظ جسدها .من الخلف ….فكنّا نلتفت الى من وراءنا ونصيح فيهم (يزّيو من الدزّان) ثم نعود الى تلك المرأة المرعبة بنظراتها النارية لنقول لها في شبه حياء وكثير من الخبث (خاطيني راهم يدزّو فيّا) ..ولأن تلك المرأة قادرة على فك شفرة مقصدنا فانها تواصل زمجرتها وتصيح: “لا حتى انت حليّس مليّس ..يلعن بو هالفيّة” … وسعيد منّا من يجد امامه واحدة اما انها (عزوزة ما يهمّها قرص) او هي ايضا من عشّاق الزحام لانّها فرصتها الوحيدة (مرّتان في السنة) كي تعيش الزحام .ولذّات الزحام .. وينتهي مشوار نهج الباي وتنتهي فرصة الالتصاق القسري بين بعض “كلاب السوق” امثالنا وبين نساء مزمجرات مرعدات وبين اخريات راغبات متمتعات ..في اتنظار عيد آخر ..والتصاق آخر …

العلاقة مع الشلة لم تكن لتفصلني عن مكونات الساقية من اناس آخرين وسلوكياتهم خاصّة ..كانت العين الرقيبة فيّ حاضرة وبامتياز ..كنت استغرب جدا من احد بائعي المواد الغذائية بانواعها وهو وسخ الهندام ولحيته لا تعرف الحلاق الا مناسباتيا من صنف زوروني كل سنة مرّة .. مبالغة برشة ؟؟؟ طيب خليوها مرّتين ..وما انجمش نطيّح راني مسبّق راس مالي ..وما تلحّوش عليّا برشة …. لذلك كنّا عندما نذكر اسمه نردد فقط: “هاكة اللي يكيّل في الحليب حافي” … احد روّاد الساقية كان يشتغل بمخبزة اختصاصها رحي القمح والشعير وطهي حلويات رمضان في فرنه ..كان في كلمة “تكارّي” وهذه مشتقّة من تكروري ..كانت سيجارته الارتي لا تفارق مبسمه وكان نحيفا وكان ايضا رمادي الملامح من شدّة علاقته غير الودّية بالنظافة . هو.تماما كرماد فرنه ..مما يحكى عنه انه دخل ذات يوم على حين غفلة الى منزله فوجد احدهم باركا على زوجته … خرج مهرولا لاخيه الاكبر والقدوة والقاضي في العائلة اي في القبيلة وهو يشتكي له ما راى فما كان من اخيه الا ان اجابه: اش ماشي نقلّك النساء يعملو . زعمة حتى هو طايح من السلّوم ؟؟؟. ويضيف ..صبّر روحك وخي يخّي ربّي ما قالش كيدهنّ عظيم … فيجييه هذا رايك ؟؟ طأطأ اخوه راسه وقال استرها واستر روحك اما خير والا تعمل فضيحة في ام صغارك ..وبصوت مهموم اجاب صاحب الكوشة ..رايك والبركة ..اللي تقول انت اكهو ..وما ان خرج هذا المركوب على زوجته حتى نظر اليه اخوه واتبعه بتمتمة: “حتى انت اش من دغفة فقت بيها كان تو” …زعمة ثمة منها حكاية حرام المحارم ؟؟..

نفس صاحب الكوشة هذا شاهدته يوما في رمضان وهو يستقبل حرفاءه بصينيات الدرع والڨاطو والمقروض الاسمر لتاخذ مكانها في الفرن حتى تحلّي البيوت في عيد الفطر ..شاهدته وهو يستقبل فتاة بالكاد في ربيعها السادس عشر ولكنّها جسديّا “هسكة” وهي ترمق عينيه اللتين جحظتا في ما تحت وما فوق الميني جيب الذي ترتديه … وبخبث انثوي صبّحت عليه وقالت: “امّي مسلّمة عليك وقالتلك ارميهولي تو” …ما اخيب نيّنكم … راهي تقصد المقروض… الا ان صاحبنا كانت نيّته تماما كنيّتكم ..لم يشأ ان يرد عليها في صبيحة رمضانية و حشيشة الدخان ضاربتلو الطّاسة متاع مخّو … فادار وجهه مستعيذا من الشيطان (الذي بداخله) لان الشياطين في رمضان توصد الابواب في وجهها وتدخل في عطلتها السنوية … الا ان هسكتنا الجميلة جدا والمثيرة جدا والخبيثة جدا تصرّ على اعادة كليبها الصباحي بعد ان عرفت انه فعل فعلته في “رواشك” صاحب الكوشة …وكاد يسيل لعابه من فمه ومن هنالك .. ورددت الاسطوانة (قالتلك امّي ارميهولي تو) نظر اليها صاحبنا وانفجر بتمتمة: “يا بنتي امش على روحك خير ما الواحد يفطر عليك في سيدي رمضان الفضيل” …وحاولوا فقط معي ان تجدوا تفسيرا للعلاقة بين “نفطر عليك” و “سيدي رمضان الفضيل” …

من شقاواتنا كشلّة في تلك الحقبة وفي الساقية، اننا وبعد كل سهرة كنا نقف امام متجر صغير لنكمل السهرة هنالك ..ونختمها بالتبوّل في فتحة مدخل المفتاح (المجليق) ونذهب اليه في الغد ليشكو لنا همومه من كلاب السوق الذين كثيرا ما يعطرون متجره بعطورهم .. رحمه الله وغفر الله لنا تعطيرنا لحانوته ..واحد اخر كان ثريّا جدا (ما يعرفش طرف مالو وين) ولكنّه وكسائر الاثرياء كان واحدا من بخلاء الجاحظ.. وكنّا في فصل اللوز نستمتع جدا بالذهاب الى جنانه الكبير والبعيد عنه وعنّا 3 كلم لنسرق لوزه الفريك ودليلنا في السرقة ابن اخيه… ثم وفي ساعة متاخرة من الليل نذهب الى فيلّته الفاخرة بالساقية ونتربع على فيراندته لنفترس بشهيّة ما سرقناه ونترك له القشور مشتتة على الفيراندا … وقد يداهمنا احيانا اذان صلاة الفجر فنسرع في مغادرتنا المكان باعتباره من المواظبين على صلاتهم بالمسجد …وما ان يصل المؤذّن الى مقولة (الصلاة خير من النوم) حتى يردّ الواحد منّا (حتى النّوم فصيّل ما عندك ما تقول فيه) … وفي الغد ينتشر خبر سرقة جنان ذلك الثّري وخاصّة حرقته وهو يقول لكبار الساقية (لا ومازاهمش سرقوني جاو للفرندا متاعي وكملوا سهريتهم وخلّلاولي القشور.. الله لا تربّحهم اولاد الحرام …وكان كل ذلك يحفّزنا للروبولات او وكما يقول عبالعال (كماااااااااااااااااان) …

في الساقية ايضا عرفت انماطا اخرى من اناس طيبين للغاية… فعلاوة على سي المبروك حمّاصنا الطّيب رحمه الله هنالك الحاج البقلوطي، حائك السراويل التقليدية والبلوزات الرجالية ..هو.دائم الابتسامة وديع الملامح ولم نستطع يوما تحديد عمره… كان كلما سالناه عن عمره يبتسم ويقول 38 سنة ..ولم ندر لحد الان كم يبلغ من العمر ..كان هنالك صاحب كرّيطة، اي “كرارطي” بالمعنى الحقيقي للكلمة لا المجازي (والتي تعني زير نساء)… كان اسمه “الشنّة” ولقبه بربّة … وهما اسما ولقبا غريبان جدا ..لكن ميزته انه كان دائم الغناء وبصوت عال وطربي، لم اره يوما مهموما …ربما هو من القلائل الذين فهموا انه وعلى حد قول اندريه مالرو (الحياة لا تساوي شيئا ولكن لا شيء يساوي الحياة) …او وعلى حد تعبير شابّينا ابي القاسم (خذ الحياة كما جاءتك مبتسما … في كفّها الغار او في كفّها العدم) …

شخصيّة اخرى اشتهرت في الساقية ببّفائيتها ..هو “دلاّل” خاصّة في قطاع الغنم …تقدّم به العمر واصبح بالكاد ينافس السلحفاة في سرعتها …كان كلّما قام بالدلال على نعجة مثلا بدءا بـ”يا باب الله” وتدريجيا يرتفع الثمن من مشتر الى آخر … يحدث ان تمر بجانبه امرأة بسفساريها وتضع يدها على ظهر النعجة فتجده يابسا لا لحرمانها من كبشها بل لسنّها المتقدّم وربّما للاثنين معا فتشير الى صاحبنا الدلاّل بقولها: “تي هذي حطبة” …ويلتقطها من فمها وتصبح دلالته من نوع (راهي حطبة)… وقد ياتي اخر وينعتها بـ “هذي وافية ماشية تموت” … فيردد: “راهي وافية ماشية تموت” _…لماذا يفعل ذلك دون غضب لا من صاحب النعجة الذي امّنه على بيعها، ولا من شرذمة العابثين امثالنا ونحن نتصيّد الفرصة لابداء تعاليق تعدد عيوب بضاعته حتى يرددها بحذافيرها ..؟؟؟

هذه النماذج من متساكني ساقيتي رسّخت في شخصيّتي وفي فكري وفي اعمالي بعد سنوات متقدمة اشياء هامّة جدا… لعلّ ابرزها ان كل فرد ومهما كان سلوكه مهما كانت طبقته الاجتماعية مهما كان مستواه التعليمي هو مهم جدّا وعلينا ان لا نلغيه في كل ما نعمل …

في اواخر السنة الرابعة آدابا حدثان هامان اثّرا جدا على كُريّم ..نعم جدّا … اوّلهما نكسة جوان 67 …انا خرّيج معهد الحي الذي اغلب اساتذته قوميون ..نصحو يوما على الخبر الفاجعة ..هزيمة العرب وبالتحديد عبد الناصر في حرب جوان مع اسرائيل …كانت صدمة لا توصف… كانت مشاعرنا ممتزجة بألم انتصار اسرئيل على العرب ولكن خاصّة بخسارة عبدالنّاصر الريّس الذي كان بالنسبة لنا الزعيم الاسطوري ..خاصّة والاعلام الحربي المصري انذاك يبشّر برمي اسرئيل في البحر …. عبدالناصر ذلك القومي العروبي الى اخمص قدميه لم يتفطن إلى أن رئيس أركانه كان اثناء الهجوم الاسرائيلي في ملاهيه مع برلنتي مزطولا ..؟؟ ولم يتفطن إلى خيانة روسيا له وهي تجهزه بعتاد حربي فاسد .؟؟؟.. ياااااااااااااه كم هو مؤلم وكم كانت الصدمة قوية …

لم نستطع وقتها تحديد موقفنا ..هل ننتفض غضبا على من احببنا ام نشفق عليه ؟؟؟.. وهل باستطاعتنا ان نغضب و نلعن من نحب مهما فعل ..مهما فعل …مهما فعل ؟؟؟ … او هل نثمّن ما قاله بورقيبة في خطاب اريحا …ام نبقى دوما اعداء لبورقيبة حتى ولو كان على حق ؟؟ وبدأت المظاهرات في تونس ..الدستوريون ينددون بالريّس الطاووسي وغير الواقعي سياسيا مفتخرين بالآراء الحصيفة لبورقيبة ..والقوميون منددين باسرائيل وامريكا … دون المس من زعامة عبدالناصر ..اذكر يومها اني كنت من ضمن التلاميذ الذين خرجوا من معهد الحي (ضمن القوميين)واتجهنا الى الليسيه (معهد الهادي شاكر) لنخرج تلاميذه معنا الذين لا حس سياسي لهم انذاك مقارنة بنا نحن ابطال الحي الزيتوني … ولنتوجّه الى المدينة العصرية نجوب شوارعها ونهتف بسقوط اسرائيل وامريكا … وكان جلّ الرجال الكبار ينظرون الينا في صياحنا وهو يسخرون قائلين متهكمين: اش ثمّة ؟؟ اشبيهم هالفروخ يعيّطوا …؟؟؟ … اي انهم كانوا خارج سياق ما يقع في العالم ..وهذه طبيعة اغلب متساكني تونس عموما في تلك الازمنة …اهتمامهم بالسياسة “نيانتي” …مفقود تماما … واحيانا المفقود افضل من الموجود واعني به ذلك الموجود ، المزعج ..الغبي …الانفلاتي .. والمدمّر …

وعندما يخبرهم البعض عن اسباب تظاهرنا ..يواصلون: “وهذوما اش يفهمو فيها تي خ…….هم مازال في ص….. هم” … (صدقا كتبتها كاملة دون نقصان الاحرف ولكن وكقارئ وجدتها “ناتنة ذوقيّا” فاصلحت وحذفت بعض الاحرف ..المهم وصلت الفكرة) … لذلك انا واحد من الذين يتفهمون جيدا خروج تلاميذ المعاهد للتظاهر …في كل الازمنة … انه تدرّب لتكوين الذات ..لنحتها .. للقادم ..شريطة ان تخلو تلك المظاهرات من اي شكل من اشكال العنف، وذلك بتأطير من قادتها … وربّما ما خفّف علينا صدمة نكسة العرب خروج ملايين المصريّين للشارع عندما اعترف عبد الناصر بمسؤوليته الكاملة وبتخلّيه عن الحكم ..يومها خرجت مصر لتقول له انت الريّس وستبقى الريّس … وعاد الريّس ليهيّئ كما ينبغي لحرب العبور …والتي اخذ وسامها السادات …وبقطع النظر عن كل التحوّلات الجذرية التي حدثت لي في ما بعد ايديولوجيّا فاني اعتبر كلاّ من عبد الناصر وبورقيبة وبكل سلبياتهما واخطائهما من افضل الزعماء العرب ماضيا وحاضرا …

الحدث الثاني في اواخر سنتي الرابعة آدابا كان ….هو في الحقيقة لم يكن كان فقط بل هو كمّ هائل من الافعال الناقصة كان صار.. ليس … بات … وكما تعلمون من ميزات هذه الافعال انها ترفع المبتدأ وتنصب الخبر ..فما بالكم اذا كانت تجرّ المبتدا ويصبح الخبر في خبر اصبح … يتبع ؟؟ يتبع ونصف وثلاثة ارباع وخرّوبة …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 24

نشرت

في

رسم خط متواصل إبريق الشاي مطبخ الأجهزة, رسم الجناح, رسم الشاي, رسم المطبخ  PNG والمتجهات للتحميل مجانا | Continuous line drawing, Line drawing, Line  art drawings

المثل الشعبي عندنا يقول (اذا ولدك ناقص كلام دخّلو لحانوت حجّام) … نعم .. ساقية الداير انذاك كان بها مقهى واحد فقط ….وموقعه الجغرافي لم يكن وسط الساقية بل في احد اطرافها وهو ما جعل انتقالنا له يكاد يكون مفقودا . وحتى صاحبه لم يكن كيّسا ولا بشوشا ..ثم من اين لنا بثمن القهوة ..منين يا حسرة ..؟؟

عبد الكريم قطاطة
عبد الكريم قطاطة

لذلك كان حانوت الحلاق هو مقهانا ففيه يقوم “الزمبار” بطهي الشاي الاحمر الذي يترك بصماته الصفراء الداكنة في الكاس وطبعا في بطون شاربيه …لم اكن من حرفاء الشاي يوما ..الى ان حدث ان تذوقته يوما بعد افطار رمضان مصحوبا باوكسجين سيجارتي ..ويا والله عملة .. شدّ ما سيّب عمّك التاي .. اصبح يلازمني كل رمضان دون غيره من الايام ..ولانني لم اكن يوما اكولا ولن اكون فإن زوجتي تعرف عني اني ارغب يوميا طيلة شهر رمضان في ثلاثة اشياء فقط ..شربة بالحوت وبريكة بالحوت وكاس شاي يُطبخ على نار هادئة منذ الثانية بعد الظهر، حتى يصبح “تاي مرمّاجية” اي عمّال البناء … وينتهي الشاي الاحمر مع اخر يوم من رمضان ولن يعود الا في رمضان المقبل ….لذلك هي لا تجد منّي اي اشكال في كل ايام رمضان باعتبار اني لست من الذين يشتهون كثير الاشياء على المائدة واترك لها ولابنائي حرية اختيار موائد رمضان …

في حانوت احمد الفقي حلاقنا تُوكل مهمة الشاي الى الزمبار …الزمبار هو تونسي من اصل ليبي منقطع عن الدراسة ولاعب متميّز في كرة القدم (لعب في الاصناف الشابة للسي اس اس وانقطع عن اللعب)… وعن وجوده بصفاقس ورغم مستواه التعليمي المتواضع بعد قيام ثورة الفاتح عندما هاجر مع عائلته الى طرابلس فانه اصبح اطارا عاليا هناك …وانقطعت اخباره تماما عنّا حتّى فاجأني سنة 2004 بزيارة ليلية الى منزلي دون سابق اعلام …نظرت اليه مليّا وعرفت انه محمد الطرابلسي شُهر “الزمبار” … كان لقاء الدّموع والسعادة والذكريات… لم يبق طويلا معي في تلك الزيارة الخاطفة ووعدني بأختها ومازلت انتظر …وكلّ ما ارجوه في هذه الظروف العصيبة في ليبيا الشقيقة هو وكلّ اصدقائي ومستمعيّ هنالك ان يكونوا بخير يااااااااااااااا رب …

تلك الزيارة ذكرتني يزميل معي في الدراسة بمعهد الحي…عمران الطرابلسي… درسنا معا السنوات الثلاث الاولى من التعليم الثانوي ثم ومع ثورة الفاتح ايضا هاجر الى الجماهيرية العظمى …وكسائر المهاجرين الذين ترعرعوا في تونس ونهلوا من تعليمها قليله، اصبح عمران مدير بنك هنالك ..وذات يوم في نهاية التسعينات وانا باحد طرق صفاقس لمحت رجلا يمتطي سيارة ويقف وحده احتراما للضوء الاحمر ..انه هو عمران ذلك الزميل الطيب قليل الكلام كثير الابتسام الهادئ الوديع ..اسرعت الى حيث تقف سيّارته وتعمدت ان اقف امامها وانا ادير ظهري له حتى لا يعرف عن هذا الذي وقف امام سيارته شيئا..اشتعل الضوء الاخضر واصبح سي عمران ينبّه بمنبّه سيارته هذا العمود البشري الذي انتصب امام السيّارة كي يفسح له المجال للمضيّ في سبيل حاله …وكنت كلّما صدح صوت منبّه السيّارة اشير له باصبعي بـ”لا” …

تصوّروا فقط لو حدث مثل هذا الامر بعد نكبة 14 جانفي …كنت اكون مداسا ..في افضل الحالات …وايش كلام من تحت الحزام ..وايش وايش وايش …عمران يومها نزل من سيّارته بكل هدوء ورزانة وحكمة وسألني بكل احترام وادب: “خويا لاباس ؟؟” … لم انظر اليه حتى اتفادى ان يتعرّف عليّ واجبت: “مانيش لاباس” ..وكما عرفته ايّام الدراسة اقترب منّي وبصوت متعقّل قال: “اشبيه خويا حاجتك بحاجة ؟؟؟” وعلى عكسه تماما تصنّعت الغضب وصحت: “جيت نطّلب عليك …؟؟؟ من فضلك احترم روحك” …وانتفض بهدوئه دائما معتذرا: “لا وراس خويا ما قصدتش ..اما حبّيت نعرف علاش ما خلّيتنيش نتعدّى اكهو …ما تاخذش في خاطرك منّي” ..هو صدقا ليس كأولئك الاشقاء الليبين الذين يتفادون الدّخول في اشتباكات مع بعض اشقّائهم التونسيين الذين يرون في الليبين دغفا واحمرة ولا شيء في ادمغتهم ويسهل استبلاههم حتى يبتزوا اموالهم ..لذلك يتفادونهم بكثير من (ابعد عن الشر وغنّيلو)… وفي الجهة المقابلة نفس هؤلاء الاشقاء ينتظرون عودتهم الى بلدهم حتى ينتقموا كردّ فعل من اخوتهم التونسيّن ويعتبروهم عبيدا عندهم …ما ابشع هذه الصّور بين البعض من بلدينا الشقيقين وكم هي محزنة ومخجلة ..

اعود الى عمران .. كان هادئا لانه هو كذلك … منذ طفولتنا كذلك … لم يكن خوفا منه تجاهي او احترازا ..كان عمران بحق ..نظرت اليه وقلت ..يا سيدي انا واخذ في خاطري منّك وبرشة زادة موش شويّة وعيب عليك اللي تعمل فيه ومعايا انا بالذات … اندهش عمران وعرفت انّي غائب تماما على شاشة ذاكرته ..قال لي: “خويا العزيز والله ماني فاهم شيء ..ياخويا قللي اش عملتلك …؟؟؟” نظرت اليه وانطلقت بحماسة حميمة اسرد خطابي: “شوف يا سي عمران موش معناها انك ولّيت مدير بنك تحقر الناس” …ولم اتركه يعلّق واضفت .: “موش عيب عليك يا ولد الحيّ الزيتوني تنسى الماء والملح وتنسى صحابك وتولّي تفخفخ علينا بكرهبتك …ناخذ في خاطري منّك والا ما ناخوش ..؟؟” نظر اليّ عمران باعين واسعة وكلّها بريق فرح وسعادة وصاح: “عبدالكريم ؟؟ ما تبدلتش ….كيف ما خلّيتك … مرحبا مرحبا مرحبا …يااااااااااااااااااااااااااااااه بركان من الطبطبة ..بركان من الدّموع ..بركان من سعادة لا توصف وشريط طويل وبالالوان لذكرياتنا ..ما اروعك يا عمران وما اروع القدر الذي يمنحنا احيانا قليلة في عمرنا ذلك الكمّ الرهيب من التحليق …دون حاجة الى اجنحة ..دون حاجة الى عبّاس بن فرناس ليعلّمنا فنون الطيران …انه تحليق يسخر من كل تحليق …

الزمبار في حانوت الحلاق ونظرا إلى بعد المقهى عنه، كانت مهمته اليومية بعد تمارينه في السي اس اس كما ذكرت طهي الشاي ..كان من عائلة معوزة جدا وكان الجميع يضمنون له سجائره اليومية وكان يلقّب كل واحد منّا بما اشتُهر به… فانا كان يلقّبني بـ “عبدالكريم سهريّات” ..لانّي كنت كثير السهر قليل النّوم منذ فترة مراهقتي حتى زمن متقدّم جدا من عمري لا انام اكثر من 5 ساعات يوميا ..وكنت كثيرا ما تواجهني كبيرات الحوش امي وخالتي وامراة عمي في قيلولة الصّيف بـ “اللطف لا تناموا ولا تخليو شكون ينام … رتحوا عظام ربّي اش العزاء” …

في حانوت الحلاق احمد الذي بلقّبه الزمبار “بو احمص” كان الحرفاء الشبان عادة من مختلف الاعمار وكنّا نحن الشباب الفتيّ نختلط بهم لنتعلّم منهم كثيرا وخاصّة قلّة الحياء و”الغشّة” لنتفوّق فيما بعد عليهم .._ وخللي ولدك بحذا البهيم اللي ما يعلّموا النهيق يعلّموا الشهيق … ونحن ابدعنا في تعلّم النهيق والشهيق واضفنا الصهيل ..نعم كان في داخلنا صهيل حرارة المراهقة فكريّا وجسديّا ..وكنّا ننتظر بكثير من التنسنيس و الشوق والحاجة للمعرفة لاحد اولائك الشبان المتمرّسين في اشياء كم نرغب في الاستماع الى تفاصيلها ..هذا الشاب الذي يعمل قابضا بشركة النقل كان من ذوي المنتفعين بـ”ابونمون” اشتراك شهري بنهج الجم (المقر الرسمي لجامعة البغاء السرّي بصفاقس) ..فهو سفير دائم فوق العادة لتلك الديار …وكانت حكاياته لا تنتهي مع اخر اخبار المنتدبات الجديدات و”السيفي” الكامل لمؤهلاتهن جسدا ومعاملة للحرفاء ..وكنّا مبهورين بتفاصيل رواياته وفي داخلنا توق لا يوصف لنكون يوما من الحرفاء ..وكانت صور الافلام التي نشاهدها انذاك حاضرة في مخيالنا ..وبداخلنا الف سؤال وسؤال حول كيف سيكون لقاؤنا التاريخي الاول مع احداهن …

كنا نرى فيهن نادية لطفي وشادية ونجوى فؤاد وسامية جمال وبرلنتي عبدالحميد ونرى فينا (وما اقرب طز لشرّق) رشدي اباظة وعبدالحليم واحمد مظهر …كانت عمليّة تماه بين ما نراه في الافلام وما نحلم به …وكان الواحد منّا يكتم رغبته ومخططه لليوم الموعود …واكتشفنا في ما بعد ان العمليّة لا تعدو ان تكون دقائق معدودة في عمليّة ميكانيكية بحتة بعيدا عن المشاعر والاحاسيس والحب والغرام ..كان الثمن انذاك دينارا من اجل بضع دقائق ..اصبحنا بعدها نتندّر بما يحدث …ونقول عن بائعات اجسادهن وهي تنهرك وانت تمارس بقولها: “بعّد راسك شويّة خلّيني نشوف التلفزة “…. وتعود اليك صورة بطلات السينما وهن يخاطبن حبيبهن بكثير من الوجد والدّلع ..ممدوح على حدّ تعبير لبلبة ..ممدوح بكثير من الغنج ..يحرق قلبك يا حبيبي يا ممدوح …ولن تجد من ذلك اي شيء فبقدر ما تغريك الواحدة منهن بـ “ربع هدوم” وهي تنظر اليك بابتسامة اغراء حتى تطيح بك في شباكها، بقدر ما تتحوّل الى شبه بكماء صمّاء وهي (كدت اقول تقاسمك الفراش) ولكن وهي لا تقاسمك اي شيء …

بعد مرور سنوات عديدة اكتشفت ان تلك التجربة والتي عاشها جلّ شباب جيلنا في تلك الحقبة كانت وامام تكويننا اجتماعيا وفكريا ودينيا (اعني غياب الواعز الديني تماما) …كانت حتمية من جهة وفي نفس الوقت كانت سبب مأساة العديد منّا ..لانّ الرجل الذي تعوّد على ممارسة جنسية من ذلك النوع ولم يطوّر نفسه سيصبح بل واصبح من قوم بافلوف ..تعوّد على ممارسة ميكانيكية فاصبحت هي السائدة في حياته الزوجية فيما بعد، ونسي حاجة قرينته الى المتعة وهي حاجة انسانية ومنطقية وشرعية ..وكم من مآسي انجرّت عن ذلك …نحن في جلّنا لم نفهم ولم نحاول ان نفهم ان حقوق الطرف الاخر في العلاقة وتقصير اي طرف تجاه الاخر يعني حتما فشل العلاقة ..نحن لم نقرأ بتمعن سيرة الرسول الاكرم مع زوجاته ..نحن لم نفهم ما قاله كتاب الحق (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودّة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون ، سورة الروم آية 21) …

فكيف لعلاقة تنجح وفي اغلبها تتبخّر منها السكينة والرحمة والمودة … جلّنا يركب دابّته كثور ..؟؟؟ اين حقّ كل طرف ؟؟ اين واجب كلّ طرف ؟؟ هل فهمتم ما معنى ان يتعلّق الواحد منّا باغنيات العشق والحب والغرام .؟؟ بافلام العشق والغرام …؟؟؟ بمسلسلات العشق والغرام ؟؟؟ الستم معي في اننا جميعا نسقط عليها اما حرماننا او متعتنا …؟؟؟؟ ثمّ ماهي نسبة المحرومين مقارنة بالسعداء ؟؟؟ لست عالم اجتماع وليست لي وكالة سيغما لسبر الاراء ولكن صدقا ومن خلال ما عرفته وقرأته من بريد مستمعيّ ومن خلال علاقاتي بالعديد من الاصدقاء (من الجنسين) اؤكد لكم ان نسبة التعساء مهولة جدا ..نعم جدا … علما بان هذه التعاسة ليست محصورة فقط على هذا العامل ..ولكن هذا العامل يلعب اهم الادوار ..قد يتكوّر البعض منّا على مأساته ويغمس رأسه في تراب الايام ..قد ينتفض البعض وكل واحد باسلوب انتفاضته …وقد يستمر اخرون في حياة يومية رتيبة لا طعم لها لا لون فيها ولا شهية .. لان زادهم المعرفي مفقود مفقود مفقود ….”الناس حكايات” عبارة ترددها احداهن بكثير من الالم، والواقعية ….

اما انا فاقول ..نحن امة اقرأ وحرام ان لا نقرأ كل ما من شأنه ان يفتح بصيرتنا على كل ما يهم تفاصيل واسباب نكباتنا … عدا ذلك سنواصل رحلة التّوهان …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار